|
سياسة فرق تسد (نظره تاريخيه)............
هشام الهبيشان
الحوار المتمدن-العدد: 4343 - 2014 / 1 / 23 - 16:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اولآ اعرف المفهوم السياسي لمفهوم ( فرق تسد )هو مصطلح سياسي عسكري أقتصادي الأصل اللاتيني له"divide et impera". ويعني تفريق قوة الخصم الكبيرة إلى أقسام متفرقة لتصبح أقل قوة وهي غير متحدة مع بعضها البعض مما يسهل التعامل معها كذلك يتطرق المصطلح للقوى المتفرقة التي لم يسبق أن اتحدت والتي يراد منعها من الاتحاد وتشكيل قوة كبيرة يصعب التعامل معها. وسياسة فرق تسد ليست بسياسة جديدة بل هي قديمة قدم السياسة نفسها حيث طبقها السومريون والمصريون واليونانيون القدماء لتفكيك قوى أعدائهم وتحييد هذه القوى من خلال توجيهها داخليا واحدة ضد الأخرى. والاستعمار في شكله الحالي ومنذ نشأته في بداية سبعينات القرن التاسع عشر طبق هذا الأسلوب القديم في السياسة لنفس الأغراض والأهداف ومن أجل إضفاء الشرعية على احتلاله لبلد ما من خلال الظهور. ويبدو أن سياسة فرق تسد تأتي بعد مرحلة فرق تغزو، لأن استعباد شعب ما والاستيلاء على أراضيه وثرواته يتطلب أولاً إنهاك قواها العسكرية والاقتصادية لغرض تسهيل العملية وتقليص تكاليفها. وهذا يتم عادة من خلال إثارة الفتنة الطائفية والتحريض على العنصرية ونشر روح الانتقام بين الطوائف والطبقات المكونة لهذا الشعب وإشعال حروب داخلية وخارجية تنتهى بإنهاك قوى كافة الأطراف.صدر قبل فتره من الزمن كتابان يتحدثان عن هذا المفهوم وسياسة الغرب الاستعماري في توثيق هذا المفهوم في الدول المستعمره والمؤلفان بريطانيان لكنّ لكل منهما رأياً يتناقض مع الآخر في هذه السياسة ولمعرفة السبب لا بد من بعض المعلومات عنهما، فالأول مارك كيرتيس هو الصحفي والمستشار الذي عمل سابقاً زميلا في المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام) ففي كتابه (شؤون سرية) الصادر في عام 2010 الذي كرسه لفضح (تواطؤ بريطانيا مع الاسلام الاصولي) ردد كثيراً الاشارة الى سياسة بلده (فرق تسد) وأدانها ادانة كاملة، وله من قبل كتابان في قائمة الكتب الاكثر مبيعاً هما: (شبكة الخداع/ دور بريطانيا الحقيقي في العالم) و(اللاشعب/ الإساءات البريطانية السرية لحقوق الانسان)، والمؤلِّف الآخر السير أليك كيركبرايد ففي كتابه «قعقعة الشوك/ خبرات في الشرق الاوسط) الصادر في عام 1956 اتهم الحليفة(!) فرنسا بانتهاج هذه السياسة وذكر أنها كانت تعتمدها في التفريق بين الطوائف في لبنان وسوريا خدمة لاغراضها .. وكيركبرايد هذا هو ضابط الاستخبارات الذي أُرسل ليلتحق مع لورنس بجيش الامير فيصل عام 1918 ثم امضى معظم حياته في خدمة السياسة الاستعمارية إذ عيّنه المندوب السامي في فلسطين التابع لوزارة المستعمرات كمعتمد بريطاني في شرق الاردن، وفي عام 1946 اصبح وزيرا مفوضا فوق العادة لدى المملكة الاردنية الهاشمية تابعاً لوزارة الخارجية البريطانية وفي عام 1951 نقل الى ليبيا.. وبذلك يتضح أن سبب التناقض بين الكاتبين ليس المرحلة والزمان انما سياسة قائمة على الهدم والتقسيم الذي يسبق البناء
فمثلا الحجر العظيم من الصعب السيطرة علية او حمله او استعماله دون ان نقسه ونهدمه الى اجزاء صغيره
وذلك من اجل بنائة من جديد وفق منهج الذي قام بتحطيمه............
ومن هنا فهو يعني تفريق قوة الخصم الكبيرة إلى أقسام متفرقة لتصبح أقل قوة وهي غير متحدة مع بعضها البعض مما يسهل التعامل معها نعم إن سياسة الاستعمار هي كذلك، ولا يخفى ذلك على أحد. ومع هذا ينطلي ذلك على الشعوب وتقبل به، وتبدأ بالمطالبة به. أي أن البلد تمزق إلى أقليات كما يسمونها، ومن ثم تقوم الدول المستعمرة بتحريض هذه المجموعات البشرية على المطالبة بما يسمى بحقوق الأقليات التي أفرزتها هذه الدول ومنها حق تقرير المصير. ويمدون هذه المجموعات البشرية التي سميت بالأقليات بالسلاح والمال والخبراء، وبالعملاء والجواسيس، وبالخبرات وبالقيادات العميلة، ويدعمونها بالدعاية والإعلام والمؤتمرات الإقليمية والدولية... وإصدار القرارات في الأمم المتحدة وفي مجلس الأمن وفي المؤسسات الدولية الأخرى، وممارسة الضغوطات على البلد الذي سيجزأ، وفرض الحصار عليه ومقاطعته، وتهديده بالتدخل، و القيام بتجميد أمواله وممتلكاته، وإيقاف المساعدات والقروض عنه، وإغلاق أجوائه أمام تحليق الطيران، وإلى غير ذلك من وسائل وأساليب الحرب. ويؤسسون لتلك المجموعات البشرية التي يهيئونها لأن تسمى أقلية الأحزاب القومية والوطنية، ويصنعون لها القادة العظام الملهمين! ويحيون لها لغاتها التي ربما تكون ميتة ويطورونها ويخطون خطوطها وأحرفها ويقعدون قواعدها، ويختلقون لها تراثاً ثقافياً وفلكلوراً أو رقصاً شعبياً كما يسمونه، ويبرزون عاداتها وتقاليدها كأنها أعمال مقدسة، ويحيون طقوسها الدينية، ويكتبون لها تاريخاً حافلاً بالأمجاد القومية! ويخطون لها حدوداً جغرافية، ويوزعون الخرائط على المدارس وعلى المحافل والمؤسسات الدولية والإعلامية، ويرسمون لها علماً بألوان زاهية، ويؤلفون لها نشيداً وطنياً ويختارون لها موسيقى القرب أو ما يشبهها لتعزف كلما ارتحل أو حط قائدها الرمز أو الفعلي! ومن ثم يقولون إن هذا الشعب شعب آخر يجب أن يأخذ استقلاله وهويته، فلزم أن تعطوه حق تقرير مصيره.وبالنهايه للاسف اقول ان هذا هو الواقع المتجسد لهذا المفهوم.
#هشام_الهبيشان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سايكس- بيكو (2) وبارند لويس.......(الجزء -الاول)
-
القوميه العربيه بين المد الفكري ...والتقلص العددي .
-
سوريا ..في وجه اجرام العالم .........ستبقى صامده.
-
مابعد الاحتلال الامريكي بعقد .......العراق اليوم بمرمى النار
...
-
ملفات جنيف (2)والتسويات المقبله .............
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|