أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف التحرش الجنسي ضد المرأة في الدول العربية - بمناسبة 8 آذار/ مارت 2013 عيد المرأة العالمي - خيري حمدان - المرأة - عبق الورد وشوكه















المزيد.....

المرأة - عبق الورد وشوكه


خيري حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 4023 - 2013 / 3 / 6 - 17:04
المحور: ملف التحرش الجنسي ضد المرأة في الدول العربية - بمناسبة 8 آذار/ مارت 2013 عيد المرأة العالمي
    


لا شكّ بأنّ الكبت الجنسي في العالم العربي عامّة قد أدّى إلى فهم خاطئ للعلاقة ما بين الجنسين. العلاقة بين الرجل والمرأة شأن طبيعي وفيزيائي وكلّما ارتفعت وتائر الضغط الاجتماعي لوضع أطر مختلفة لتحديد هذه العلاقة قسريًا، تشوّهت أوجه تطبيقاتها لتصبح المرأة للأسف هدفًا جنسيًا وسلعة يتربّص بها الرجل بحكم موضعه الاجتماعي في العالم العربي الذي يتّسم بالرجولة، وهناك تطبيقات مماثلة في الغرب المتطور يتمثل بإجبار النساء على ممارسة رقص الإغراء وتسويق محاسن المرأة مقابل المال عدا عن الرقّ الأبيض المنتشر بكثافة، حيث تقع فتيات أوروبا الشرقية ضحايا لشبكات المافيا، التي تتمكن بدورها من جمع ثروات هائلة تفوق موازنات حكومات بأكملها، لكن يبقى القرار في نهاية المطاف بين أيديهنّ لممارسة ذلك مقابل إخضاع المرأة العربية لإرادة الرجل عن سبق الإصرار والترصّد.

العالم العربي ذكوريّ بحكم التربية والنشأة، حيث تراجع دور المرأة إلى مستوى كبير مقابل تسامي دور الرجل بغضّ النظر عن مقوماته ومؤهلاته، ويمكن لأيّ رجل في عالمنا العربي أن يسوق من خلفه ما تيّسر من النساء متسلّحًا بما حصل عليه من حقوق وأولويات، بدلا من توخّي أسس وأصول المحبة والتكافؤ مع الجنس الآخر، في الوقت الذي أثبتت فيه المرأة قدرتها على تحدّي الفضاء الخارجي وقمّة "إفرست" والفوز بالجوائز العلمية إثر الاكتشافات والدراسات التي حققت تقدّمًا حصاريًا خدم الإنسانية لعقود طويلة من الزمن، وماري كوري أكبر إثبات ودليل على ذلك. لذا فإن تراجع دور المرأة في العالم العربي يبدو أمرًا مبرمجًا عبر التاريخ، ويحتاج تعديله لجهود هائلة لإقناع طبقات وفئات المحتمع بعدم جدوى هذا النهج.

النظم السياسية على كافّة أشكالها تشارك عمليًا في ترسيخ عملية تهميش دور المرأة، وكأنّ تنشيط حضورها أمرٌ خطر قد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه في المجتمعات العربية، علمًا بأنّ الدول الغربية تلجأ لتعيين رؤساء وزراء من النساء في الأوقات العصيبة والأزمات، لأنّ المرأة كما تبيّن قادرة على اتخاذ قرارات حكيمة للصالح العام، وأنوثتها ضرورية لسلامة المجتمع فهي القادرة على استمرار البشرية من كافّة الجوانب البيولوجية والمادّية. كما من الملاحظ بأنّ معدّل النساء الغارقات في الفساد المالي محدودًا مقابل الفساد الذي نجده في ممارسات الرجال المتمكنين من السلطة، لذا يصبح دور المرأة هامًا في مراحل الإنقاذ الوطني للدول المشرفة على الإفلاس والتي تعاني كذلك من عجز مالي وعدم استقرار.

الأوضاع المهينة للمرأة في العالم العربي، تعكس حالة من العداء التي يكنّها الرجل العربي للمرأة وكأن هناك ثأر قديم ودائم وعدائية غير مبرّرة تجاهها. أمّا العلاج المرجو فيحتاج إلى تغيير جذري لرفع مستوى الوعي لدى الرجل كي يقتنع بكفاءة المرأة وقدرتها على احتلال مركز متقدّم في المجتمع، وأصرّ على إدراج مفهوم القناعة لأنّ استخدام أساليب أخرى في هذا المجال غير مجدي وقد تؤدي إلى نتائج عكسية ولردود فعل عنفوية. أرى بأنّ الرجل كذلك ضحيّة لهذه المفاهيم فعدائه للمرأة يعني الوقوف في وجه الأم والأخت والحبيبة والزميلة، وهذا لن يزيد من رجولته ولن يرفع من معدلات التستيرون في شرايينه.

العلاج المرجو يتطلب آليات جديدة في التربية وتغيير أنماط الثقافة والتعليم، لأنّ التعامل المهين للمرأة يبدأ مع ولادتها وحتى اللحظة الأخيرة من حياتها إلا من امتلك ضميرًا واسعًا ووعيًا متفتّحًا، وهم ليسوا قلّة في العالم العربي. تجدر الإشارة إلى أن الفصل بين الجنسين في مراحل الدراسة المختلفة تؤدّي إلى تكريس صورة غير حقيقية عن المرأة، وتخلق لدى الرجل والمرأة حالة من الشهوة والإشتهاء الكامنة قد يتغلب عليها الرجل من خلال غزواته، لكنّ المرأة تواجه عقابًا قد يصل حدّ الموت إذا ما حاولت أن تشبع هذه الغريزة، الأمر الذي يتنافى جملة وتفصيلا مع شأن العدالة الاجتماعية في العالم العربي. لذا فإن خلط الجنسين في المدارس سيساعد على كسر هذا الحاجز غير المرئي، وسيساعد على تكامل فئتي المجتمع ونموّه وتطوره، كما سيعمل على رفع مستوى الثقافة وإيجاد الأسس التي تكفل بناء حضارة راقية تليق بإنسانيتنا.

من الملاحظ بعد تنامي الصحوة الدينية في العديد من الدول العربية، إجبار النساء على ارتداء الحجاب والملابس الفضفافة للغاية وتلفيعهن بالسواد، هذه المسالك ليست أدوات عملية لحفظ الشرف كما يدعي الكثيرون في الأنظمة الجديدة، لأنّ عمليات التحرّش بالمرأة لم تشهد تراجعًا بل ازدادت في الآونة الأخيرة، ما يدلّ على أنّ تغييب حضور المرأة يزيد من تشيئتها وتحويلها لسلعة مادية، حتى وإن كانت تملك روحًا في جسد، لأنّ هذه الروح قد روّضت عمليًا لصالح الرجولة في العالم العربي، الذي ما يزال يصرّ على إنكار حقوق المراة ويتعامل معها باعتبارها طرف قاصر وغير عاقل. أعتقد بأنّ هذه التوجهات تتنافى مع التعاليم الإسلامية وقد كانت المرأة تتمتع بحريّة أكبر خلال الحقبة الأولى من الإسلام مقابل المعاناة التي تشعر بها في الوقت الراهن، من إصرار مستمر على إجبارها للإنزواء وعدم المشاركة في المسيرة الاجتماعية والمساهمة في دفع العجلة الاقتصادية إلى الأمام.

الغريب في الأمر أن الكثير من النخب الحاكمة في العالم العربي تفضّل الصمت حيال هذا الواقع لأنّه وفي نهاية المطاف تصرّف ونهج مريح للغاية. مواجهة هذه المهانة المتناقلة عبر العقود الماضية يعني كسب غضب القبائل والفئات المتحفظة التي تمثّل الغالبية العظمى في هذا المجتمع. لذا فإنّ التغيير يحتاج لتضحيات جمّة وسوف يصاب الكثيرون بالصداع إذا ما حاولوا الوقوف ضدّ التيار الرجعي اليميني في عالمنا العربي، وقد يواجهون تحديّات وتهديدات مباشرة ضدّ حياتهم ووجودهم الفيزيائي. لكنّ رحلة الألف ميل تبدأ دائمًا بخطوة واحدة. يبقى السؤال قائمًا على أيّة حال "من يملك الشجاعة للقيام بالخطوة الأولى نحو تحرير المرأة من عبودية الرجل، ليتحرّر بذلك الرجل نفسه؟" حان الوقت لوقف أوجه ابتزاز المرأة وعدم تحميلها فوق طاقتها، بعد أن أنعم الله عليها بأجمل مسحات الطبيعة وهي الأنوثة الخلاقة، التي يسكن إليها الرجل كلّما راق له ذلك، لكن يتوجب على هذا الرجل بأن يدرك بأنّ لهذه الأنوثة حقوق ونصيب من الحرية المطلقة التي يتمتع بها ليتمكن عالمنا العربي من التخلّص من التخلّف والظلامية، وتحقيق العدالة الاجتماعية على كافة المستويات.



#خيري_حمدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجنوبيون
- الطريق إلى دينيتاس
- الجدران الوهمية
- برتقال أبو صرّة
- أحمقٌ يقود قطيعًا
- أعطني عامًا من عمرك
- المعذرة – رفعت الجلسة
- عِشْقٌ وانْتِظار
- تمرّد الكمانُ فغنّى القلبُ ثملا
- سَبَقَ لي يا وَقْتُ
- رحيل القصيدة
- الطبقة العاملة والإنتاج
- العلمانية هي أقصر الطرق إلى أنسنة المجتمع
- واقع المرأة ما بعد الربيع العربي
- المجتمعات العربية ومعضلة البحث عن هوية
- هل يصلح العطّار ..
- القصيدة العارية
- ظلّ النورس
- أورهان باموق يتحدث عن الحياة والأدب
- حفل تشريح جثة مثقف عربي قتل متلبسًا بالحياة


المزيد.....




- فرنسا: إنقاذ 66 مهاجرا غير نظامي أثناء محاولتهم عبور المانش ...
- مصر.. والدا الرضيعة السودانية المقتولة بعد هتك عرضها يكشفان ...
- السعودية.. عمليات انقاذ لعالقين بسيول والدفاع المدني يحذر
- الغرب يطلق تحذيرات لتبليسي مع جولة جديدة من الاحتجاجات على ق ...
- فيديو: صور جوية تظهر مدى الدمار المرعب في تشاسيف يار بأوكران ...
- في الذكرى الـ10 لمذبحة أوديسا.. اتهامات لأجهزة استخبارات غرب ...
- ترامب يعلق على أحداث -كولومبيا- وينتقد نعمت شفيق
- نيبينزيا: مجلس الأمن الدولي بات رهينة لسياسة واشنطن بالشرق ا ...
- -مهر-: رئيس جامعة طهران يعين زوجة الرئيس الإيراني في منصبين ...
- ‏مظاهرات حاشدة داعمة لفلسطين في عدة جامعات أمريكية والشرطة ت ...


المزيد.....



المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف التحرش الجنسي ضد المرأة في الدول العربية - بمناسبة 8 آذار/ مارت 2013 عيد المرأة العالمي - خيري حمدان - المرأة - عبق الورد وشوكه