|
نعش السياحة... وإحيائها مرة ثانية
علاء كنه
(ِAlaa Kana)
الحوار المتمدن-العدد: 3744 - 2012 / 5 / 31 - 09:20
المحور:
الادارة و الاقتصاد
الكثير من العراقيين يتصورون أن أولى بوادر تدمير العراق بدأت بعد فترة هروب البطل المهندس الفريق الركن الدكتور العلامة الجبار حسين كامل خارج العراق، وماتلا تلك الفترة من كشف لأسرار العراق العسكرية والإستراتيجية، والتي كان لتلك المعلومات اليد الطولى في تدمير العراق وإقتصاده. ولكني أقول إن أولى بوادر ضعف العراق وتحطم إقتصاده وصناعته بدأت فعلياً عندما بدأ يسيطر على قطاعات الدولة الحيوية ويتربع على عرشها أشخاص أميون منافقون لا ناقة لهم فيها ولا جمل في كيفية بناء دولة! وتجلى ذلك بشكل واضح وخاصة عند البدء بنظرية إلغاء الوزارات وشطبها مع كوادرها في ظرف لحظات وبدون دراسات جدوى مسبقة. وهنا أقول للتاريخ بأنه قد ظلمنا ذلك المسكين المهندس الفريق الركن الذي لم يكمل الإبتدائية عندما أقدم على إلغاءه أهم وزارة إلا وهي وزارة التخطيط بعد مشاجره مع وزيرها السابق، وأن هناك الكثير من المنافقين الأبطال غيره من الذين سبقوه بإختراع تلك النظرية الفذة! ومن الذين أسهموا وبشكل فعال في تحجيم العراق والتقليل من شأنه وتدمير أركان إقتصاده، واليوم سأذكر أبناء بلدي بنموذج آخر من الذين تركوا بصمة واضحة في تدمير العراق وإقتصاده. الجميع يعلم بأن قطاع السياحة في العراق هو من أهم القطاعات المهمة والتي شملها التدمير، حيث بلد يزخر بأكثر من 15000 موقع أثري تحلم الكثير من البلدان أن يكون لها مثل هذا الكم الهائل والخزين من الأثار لحضارات والتي يمتد عمرها لأكثر من سبعة الآف سنة يكفي أن يضعه في مصاف دول العالم سياحياً، والتي من الممكن أن تصبح المورد الثاني والثروة الثانية له بعد النفط مستقبلاً، ويكفي العراق فخراً إنه يحتضن مدينة أور الأثرية العريقة موطن نبي الله إبراهيم الخليل "عليه السلام"، والتي رغب بابا الفاتيكان (يوحنا بولص الثاني) بزيارتها في منتصف التسعينيات، ولكن للأسف تلك الزيارة لم تحدث بسبب أن القيادة الحكيمة وعلى رأسها القائد الضرورة ومنافقيه..عفواً أقصد (مستشاريه!) في وقتها أرادوا إستغلال تلك الزيارة لأسباب سياسية، ولو حدثت تلك الزيارة في وقتها لكان نصف سكان الكرة الأرضية اليوم يعرف مدينة الناصرية العريقة. مع كل إحتراماتي للخبرات والكفاءات والمثقفين من العراقيين الشرفاء، ومن المؤلم حقاً إن العراق كان قد إبتلى في عهد القائد المنصور! بكفاءات وخبرات لامثيل لها في عالم اليوم، وأحدى تلك الخبرات الفريدة أولئك الذين تربعوا على عرش هذا القطاع المسكين، ولايستغرب البعض مما أكتبه فتارةً يترأسه شخص من دائرة التصنيع العسكري وتارة يترأسه قائد عسكري كما حدث عندما ترأسهُ الفريق محمد عبد القادرعبد الرحمن، وتارة يرأسه ذلك الرفيق الجاهل عبد الكريم مكي الذي لايجيد سوى ملاحقة موظفات هيئة السياحة وقضاء يومه بلعب البليارد في جزيرة بغداد السياحية، والطرب على رقص الكاوليات، والذي لاعلاقة له لا من قريب ولا من بعيد بهذا القطاع، وعلى الأقل هو أهون حالاً من الذي سبقه والذي كان عسكرياً! وهلم جرا غيرهم من الذين تناوبوا على إدارة هذا القطاع المهم...إلا ان أكثرهم خبرة ونباهة في العمل السياحي كان الرفيق المدعو (خالد طبرة) الذي كان رئيساً للمؤسسة العامة للسياحة في ثمانييات القرن الماضي، والذي شاع صيته آنذاك بــ(خالد أبو طبر)، "وجميع العراقيين يعرفون جيداً ذلك السفاح القاتل (أبو طبر) وقصته الشهيرة التي أرقت لياليهم في سبعينيات القرن الماضي". ذلك الرفيق الذي طبر وقصم ظهر المؤسسة العامة للسياحة ولم تعد لها قائمة من ذلك اليوم وهو الذي دق المسمار الأخير في نعشها ومنحها وبكل جدارة شهادة الوفاة، ذلك العبقري الفذ الذي دفعه حسه الوطني العالي والمرهف وأن يسطر أروع ملاحم النفاق والدجل عندما قابل القائد المنصور في عام 1987 ومن على شاشات التلفاز، ليقترح له إلغاء المؤسسة العامة للسياحة، ياسلام شوفوا الوطنية العالية! يقترح لسيادته! إلغاء المؤسسة التي يرأسها هو تطبيقاً للمقولة الشهيرة (البعثي..أول من يضحي وآخر من يستفيد!). تلك المؤسسة المسكينة ذات الباع الطويل والمشرق للعراق والعراقيين، والتي أسست بقانون في عام 1977، والتي أنفقت عليها الدولة ملايين الدولارات من بناء عمراني وملاكات سياحية مهنية كانت السباقة في دول المنطقة. وبالفعل أتخذ القائد المنصور! قراره التاريخي في نفس اللحظة بالغاءه تلك المؤسسة بموجب قرار مجلس قيادة الثورة المشؤوم المرقم(410) والصادر في العاشر من شهر حزيران من عام 1987، وإستحداث مديرية السياحة العامة بدلاً عنها تمهيداً لتصفيتها وإلغائها بعد سنة، وتشكلت في وقتها لجنة خاصة (لتفليشها!) وتشريد ملاكاتها، لانه كما يعلم الجميع كانت قرارات القائد المنصور! فورية ولا تتحمل النقاش والتأخير وبنفس الوقت تاريخية!، وكما قال سيادته في أحدى إجتماعاته مع الرعية بأن (القانون هو شخطة قلم، بيدنا نُخطه وبيدنا نُشطبه). بعد جهد جهيد علمت من بعض الأصدقاء المقربين إن المدعو خالد (أبو طبر!) يقبع اليوم في أحدى دول الجوار مزاولاً منها مهنة الصيرفة ومنذ سنين، متنعماً بتحويل الأموال والدولار الأخضر ما بين العراق ودول العالم ممارساً بذلك مهنة السياحة مرة ثانية من باب الصيرفة!! بعد أن كانت مزاولة تلك المهنة في عهد الطاغية من المحرمات الأولى على العراقيين وكان يعاقب على من يزاولها بقطع الأرقاب والأيادي... مستحقاً ذلك الرفيق أن يطلق عليه وبشرف مقولة (البعثي أول من يستفيد... وآخر من يضحي). إن السياسات الحكومية اليوم في مجال السياحة لاترقى لمستوى الطموح ولا يمكن من خلالها تسويق المنتوج السياحي بشكله المطلوب نظراً الى الهشاشة التي يعاني منها هذا القطاع على مستوى البنى التحتية وعدد المرافق السياحية وكيفية توزيعها الغير متناسب على محافظات القطر وخاصة الجاذبة للسياح منها، وعلى الحكومة متمثلة بقطاع السياحة التوجه نحو سياسات ترقى نحو السياحة العالمية، تلك السياسات التي تفرض علينا المواكبة مع التطور الحاصل عالمياً من خلال خلق والأستثمار في مشاريع سياحية تنموية وبناء إقتصاد قوي بحكم إن بقية الصناعات هي صناعات داعمة للقطاع السياحي، محاولين بذلك إنعاش ذلك القطاع مرة ثانية والبدء بإعداد الكوادر المهنية اللازمة له وتأهيل الموجودة منها داخل القطر مرة ثانية لتتناسب مع المعايير السياحية والفندقية العالمية الحديثة، والتحضير لإعداد المهرجانات والإحتفالات في المواقع الأثرية والتاريخية مع إطلاق حملة أعلامية للتعريف بالعراق وحضارته داخل العراق وخارجه. كما إن فكرة إعادة تأهيل مدينة أور الأثرية في هذا الوقت بالذات ودعمها بكل المستلزمات الضرورية التي يحتاجها السائح المحلي والأجنبي ماهي إلا أحدى تلك الفرص الأستثمارية المهمة التي من شأنها التعريف بالعراق محلياً وعالمياً، والتهئية لدعوة بابا الفاتيكان لزيارتها سيكون لها الوقع الكبير على العراق والعراقيين والعالم من الناحية السياسية والدينية، والتي ستعتبر بمثابة حدث روحي وإنساني وله أبعاد تاريخية كبيرة، وبنفس الوقت بادرة سلام ينتظره هذا الشرق الذي يتمايل في ظل ربيع قررت شعوبه أن تعيش بحرية وكرامة في ظل نظام عادل يحفظ حقوق الجميع على مبدأ المساواة والمحبة والإحترام المتبادل.
#علاء_كنه (هاشتاغ)
ِAlaa_Kana#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ممارسات تربوية شاذة ... -كاد المعلم أن يكون رسولا-
-
السلفيين ... وإعدام الكحول
-
أوباش ليبيا... والمقبرة البريطانية
-
جهاز الآي باد.... وأشبال صدام
-
رَفع الآذان...وكرة القدم
-
السياحة في العراق....ماضي مؤلم ومستقبل واعد
-
وصايا القائد... والمنافقين
-
صاروخ العابد ..... والطماطة
-
إكرامية الزواج...... وجرحى الإنتفاضة
-
الحسناء (ساجدة) وحمايتها ....والوحش (النجيفي) وسائقه
-
حليب الكيكوز... ومنال يونس الآلوسي... والقوات الأمريكية
المزيد.....
-
إسرائيل تفرض عقوبات اقتصادية متعلقة بتمويل حزب الله اللبناني
...
-
-أفتوفاز- الروسية المالكة لعلامة -لادا- تحدد هدفا طموحا للعا
...
-
أرباح -لولو للتجزئة- ترتفع 126% في الربع الثالث
-
سعر الذهب اليوم الخميس 21-11-2024.. اشتري شبكتك دلوقتي
-
الدولار يرتفع وسط ترقب لسياسات ترامب وقرارات الفيدرالي
-
الذهب يواصل مكاسبه مع احتدام الحرب الروسية الأوكرانية
-
-إنفيديا- تكتب التاريخ.. إلى أي مدى يُمكن أن تواصل طفرتها؟
-
سعر البتكوين يتخطى 97 ألف دولار للمرة الأولى
-
بعثة صندوق النقد تختتم زيارتها لمصر لإجراء المراجعة الرابعة
...
-
اليابان.. 141 مليار دولار حزمة تمويل جديدة لتحفيز الاقتصاد
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|