أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الهادي مهداوي - خصوصية الثقافة المغربية : التنوع الاثني















المزيد.....


خصوصية الثقافة المغربية : التنوع الاثني


عبد الهادي مهداوي

الحوار المتمدن-العدد: 3730 - 2012 / 5 / 17 - 22:02
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


خصوصية الثقافة المغربية : التنوع الاثني
تقديـــــــم:
الإثنية هي ظاهرة تاريخية تعبر عن هوية اجتماعية تستند إلى ممارسات ثقافية معينة ومعتقدات متفردة والاعتقاد بأصل وتاريخ مشترك وشعور بالانتماء إلى جماعة تؤكد هوية أفرادها في تفاعلهم مع بعضهم ومع الآخرين. وقد ظهر هذا المفهوم في الأساس للتحايل على الدلالات اللغوية المباشرة لمفهوم الأقلية التي تشير إلى القلة العددية، وكذلك على ميراثه التاريخي الذي يشير ولو بطريقة لا شعورية في التراث الغربي إلى مفهوم التعصب العنصري بمعنى إعلاء شأن من يمثل الأصل القومي والتمييز ضد من لا يمثله والتشكيك من ثم في صدق انتمائه.
ومنذ استخدام مفهوم الجماعة الإثنية لأول مرة في عام 1909، فإنه صار أحد أكثر المفاهيم خلافية حيث تردد مضمونه بين التعبير عن جماعة فرعية أو أقلية، والتعبير عن جماعة أساسية أو أمة أو الجمع بين المعنيين باعتبار أن من الشعوب من يملك كل خصائص الأمة ومقوماتها وإن لم تكن له دولته المستقلة فالجماعات الفرعية الأيرلندية واليونانية والإيطالية في المجتمع الأمريكي على سبيل المثال ليست في حقيقتها إلا أمما بذاتها وإن لم يعترف المجتمع لها بحقها في التمايز عنه من منطلق استيعابه لمختلف الأقليات وصهرهم في بوتقة واحدة.
جاءات كلمة اثنية او كما يطلق عليها بالإنجليزيىة Ethnicity من الكلمة اليونانية Ethno والتي تعني شعب أو قبلية ، و قد تم استخدام هذه الكلمة لأول مرة في اللغة الإنجليزية في القرن الرابع عشر و ظلت تستخدم للاشارة إلى الأفراد المهمشين أو المكروهون. وتجدر الاشارة أيضا إلى أن كلمة الاثنية قد استخدمت في كتابات العهد الجديد (الانجيل) و ذلك للتفرقة بين الحوارين و بني اسرائيل . وقد استخدمت هذه الكلمة في الأدبيات الحديثة سنة 1935 في الأدبيات الأمريكية لوصف المهاجرين إلى الأرض الجديدة، و استخدم مفهوم الإثنية في الأدبيات الأوروبية لتحليل أسباب قيام الحرب العالمبة الأولة و الثانية حيث المد القومي على امتداد التاريخ الأوروبي و الذي كان يرتكز في الأساس على المقومات الإثنية مثل النازية الألمانية و نظريات التفوق العرقي التي درجت ي تلك الفترة ، و قد كان لظهور هذه النظريات القومية الإثنية Ethnic Nationalism الأيديولوجية القومية في اندلاع الحربين العالميتين في عامي 1914 و1939، الأمر الذي أسفر عن قيام الدول الأوروبية بنبذ القومية الإثنية على أثر ذلك، وتوجهها نحو عصر ما بعد القومية، حيث تم تدشين الاتحاد الأوروبي، و نسيان التمايزات العرقية الدينية و كذلك التاريخية.

الهوية المغربية: زخم إثنيات عديدة في المجتمع المغربي:
يبلغ عدد السكان بالمغرب حوالي 33مليون وأربعة وسبعون ألفا نسمة ، ويوجد به تنوع إثني على المحور اللغوي الثقافي : أغلبية عربية حوالي 66% وأقلية بربرية حوالي 33%ويشترك البربر مع العرب في المغرب في المتغيرات الثلاث : الدين - المذهب – السلالة. ولم يكن الإختلاف الإثني بين العرب والبربر ذا دور كبير في التأثير على العلاقة بين المجموعتين تاريخياً وحتى عندماً حاولت فرنسا أن تخلق شقاقاً بينهما فإنها لم تنجح. وقد ظل المغرب بفضل موقعه الجغرافي المتميز وامتداد سواحله البحرية ومجاورته لإفريقيا السوداء، والتلاقحات الإثنية والثقافية التي تمت على أرضه، يشكل شخصية متميزة طيلة تاريخه. إنها هوية مركبة ومتعددة الأبعاد والجذور والمرجعيات: أمازيغ وعرب وأفارقة وأندلسييين ويهود وعلوج نصارى في الأصل. جاءت العروبة مع الفتح الإسلامي والهجرات المتوالية للبدو من الجزيرة العربية، وجاء البعد الأفريقي والنصراني والأندلسي بفعل الجغرافيا، فالمغرب بلد أفريقي ومتوسطي، أما الديانة اليهودية فإن جذورها سابقة على الإسلام في بلاد المغرب الأقصى. تعايشت هذه الأبعاد جميعها وفق الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي كان المغرب يعيشها على مدى القرون الماضية. كانت العربية والأمازيغية لغتين تتداولان في قصور السلاطين ومساجد المملكة ومحاكم البلاد، كما في كتابات الفقهاء وأدب الشعراء وحكايات الرحالة والمؤرخين. وظلت القبائل العربية والأمازيغية تتعايش بشكل طبيعي، حتى إن هناك قبائل عربية أصبحت أمازيغية وأخرى أمازيغية تعربت (وهذا هو الغالب) بفعل الهجرة وبفعل سلطة لغة القرآن وهيمنة الثقافة العربية المكتوبة على الثقافة الأمازيغية الشفهية. يفرز إذن الواقع العرقي المغربي تعددية ملحوظة أبرزها العرق الأمازيغي، والعرق العروبي بعد الفتح الإسلامي، ثم العرق الزنجي، إضافة الى الهجرات من الأندلس بعد سقوطها والتي حملت من بين من هاجروا عددا من الأسر والعائلات العربية واليهودية وكذا الإبيرية التي دخلت الإسلام (المولدون). نضيف إلى كل هذا الخليط عددا كبيرا من المصاهرات المختلطة بين الأعراق المتعددة إما لدواعي دينية أو لأسباب سياسية واقتصادية، وهو ما أفرز اختلاط الدماء وأعطى العنصر المغربي طابعا متفردا يميزه عن باقي الشعوب الأخرى. هذا الواقع الديمغرافي واللسني المتعدد يجعل من الصعب الحديث عن بعد قومي عربي ويلغي باقي الإثنيات الأخرى. إن المغرب شكل منذ فجر التاريخ مجالا جامعا لثقافات وحضارات وقيم وأديان مختلفة بلا شك تركت بصماتها فيما ندعوه اليوم بالخصوصية المغربية، سواء على المستوى السيكولوجي العام، وعلى مستوى الابتعاد عن بعض المؤشرات الثقافية والحضارية للفكر الغيبي في مقابل الارتباط بالفكر العقلاني (كما يذهب إلى ذلك محمد عابد الجابري ).
يعود تعمير المغرب إلى فترة موغلة في القدم، تميزت على مدى قرون عديدة، باستقرار مجموعات بشرية متنوعة في مختلف جهات البلاد. فكانت أهم العوامل التي شكلت التشكيلة العامة للسكان المغاربة، وجعلت من التنوع أحد مميزاتهم الأساسية. ويتحدث هنين (الجاسوس الاسباني بالبلاط المغربي خلال مطلع القرن السابع عشر) عن مختلف الفئات التي تكون المجتمع المغربي، فيميز بالنسبة للمسلمين بين العرب والأندلسيين والبربر والأفارقة، كما يميز من حيث التراتب الاجتماعي بين البيض والسود. ويتوقف عند اليهود الذين يصفهم بالوصولية والجبن، وعند الأجانب الذين يعيشون في المغرب يبين نوع الأنشطة التي يزاولونها. قرنين بعد ذلك سيقوم جاسوس إسباني آخر بالبلاط الملكي المغربي، وهو علي باي، بتقسيم شبيه بالنسبة للعناصر المسلمة التي توجد في البلاد. وسيخصص لليهود حيزا واسعا في مذكراته، حيث يقدم وصفا دقيقا عن حياتهم والحيف الاجتماعي الذي كانوا عرضة له.
أ- البربر
يعتبر البعض المغرب بأنه دولة أمازيغية-عربية. ويصر آخرون على الهوية الأمازيغية-الافريقية للمملكة المغربية. حوالي 75٪ يعترفون بالهوية الأمازيغية، وان لكثيرين آخرين أصل أمازيغي. يُحدد الامازيغ أساسا باللغة، ولكن أيضا عن طريق العادات والتقاليد والثقافة مثل الموسيقى والرقص المتميز. الامازيغ لا يعتبرون انفسهم من روابط الدم. تنتمي الامازيغية لغويا إلى مجموعة اللغات أفروأسيوية، ولها لهجات ومتغيرات كثيرة. اللهجات الأمازيغية الرئيسية الثلاثة المستخدمة في المغرب هي تاشلحيت، تاريفيت والتامزيغت (كما يُسميها المتحدثين بها). تُعرف هذه اللهجات مجتمعة، في العربية المغربية بأنها "شلحة" وبالامازيغية" باللغة العربية الفصحى المستخدمة في الشرق الأوسط. مصطلحات "امازيغية"و "شلحة".
تاشلحيت ،التي تعرف أحيانا بانها "سوسية" أو ("شلحة") تحدث في وسط غرب المغرب في منطقة تقع بين سيدي إفني في الجنوب والشمال في اغادير ومراكش والوديان درعة/سوس في الشرق. تامازيغت يتكلمها في الأطلس المتوسط، بين تازة الخميسات، وأزيلال والراشدية. تاريفيت يتكلم في منطقة الريف شمال المغرب في مدن مثلالناظور، الحسيمة، أجدير، وتاوريرت طنجة، العرائش وتازة. يعتبر البربر (الأمازيغ) السكان الأوائل للمغرب. وهم كما سبقت الاشارة الى ذلك ينقسمون إلى ثلاث مجموعات تتوافق مناطق تموضعهم إجمالا مع مجالات جغرافية عرفت حدودها الحقيقية تقلبات على مدار التاريخ.. تعتبر صنهاجة ومصمودة وزناتة أهم المجموعات الأمازيغية بالمغرب، بحكم ما قامت به من أدوار في تاريخ المغرب وتأسيسها لدول تحولت إلى إمبراطوريات واسعة. صنهاجة : كانوا يعيشون على الترحال (في الصحراء) أو الإنتجاع (الأطلس المتوسط) أو نمط الاستقرار (في منطقة الريف). تمكنت إحدى مجموعاتهم من تأسيس الدولة المرابطية في القرن الحادي عشر بفضل يوسف بن تاشفين مؤسس مدينة مراكش ( 1070 م ). وقد أشار المؤرخ البكري إلى بعض عاداتهم المتمثلة في استعمال اللثام وأسلوبهم في التغذية ( اللحم المجفف واستهلاك الحليب)، بجانب الاعتماد على الإبل في التنقل.
مصمودة : كانوا مستقرين في البداية بالأطلس الصغير. نجحوا بدورهم كذلك بفضل محمد بن تومرت- مؤسس حركة سياسية ودينية وعسكرية (توفي 1130 م) - في تكوين دولة الموحدين في القرنين الثاني عشر والثالث عشر وتحويلها إلى إمبراطورية واسعة. زناتة : كانوا رعاة ماشية ورحل في السهول العليا وهضاب المغرب الشرقي، وكانوا مشهورين بفروسيتهم. اندفعوا بدورهم للاستيلاء على السلطة، فتمكنوا من تأسيس دولة المرينيين بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر، وهم الذين شيدوا مدينة فاس
ب:العرب
يظهر توزيعم من خلال توزيع العربية الدَّارجة بتنوعاتها الثلاثة: المدينية، وهي لغة التَّجمُّعات الحَضَرية كالرباط وفاس ومكناس ومراكش وتطوان، والعروبية، وهي اللهجات البدوية التي أدخلتها قبائل بني هِلال إلى السُّهول الأطلسية، والمرتفعات الجبلية شمال غرب المغرب، ثم الحسَّانية أو لغة المناطق الصَّحراوية التي أدخلتها قبائل بني معقل. وقد هاجر العرب إلى المغرب عبر دفعات متعاقبة: الفاتحون ابتداء من القرن السابع والثامن الميلادين، بنو هلال وأحلافهم خلال القرن الثاني عشر الميلادي، بنو معقل خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلادي. وينقسم هؤلاء العرب الوافدون على المغرب إلى قبائل مختلفة نذكر أهمها: بنو مالك، سفيان، بنو موسى، بنو عامر، الوداية، الرحامنة والشراردة، بنو حسان...
- العرب الفاتحون: جاؤوا بالإسلام منذ القرن السابع الميلادي وشاركوا البربر المغاربة في غزو شبه الجزيرة الإيبيرية في ( 711 م )، منهم الفهريون، ثم الأدارسة فيما بعد.
- العرب الهلاليون وحلفاؤهم: لم يستقر السكان العرب بالمغرب بأعداد مهمة إلا منذ سنة 1187 م، بعد الترحيل الإجباري الذي قام به الموحدون للقبائل الهلالية من إفريقية (تونس الحالية)، وجعلوهم يستقرون بالخصوص في السهول الأطلنتية ومنطقة الغرب ومنطقة جبالة (العرائش ومحيطها).
- العرب من بني معقل وحلفاؤهم: تلا الهلاليين قدوم مجموعات عربية أخرى كقبائل بني معقل التي حلت من الشرق العربي نحو المناطق الجنوبية للمغرب واستقروا بشرق المغرب والصحراء جنوبا.
ت:الأندلسيون:
- الأندلسيون الأوائل: قدموا من الأندلس على مراحل، والتجأوا في أغلبهم إلى المغرب، حيث استقروا بالخصوص بمدينة فاس وسلا والرباط وتطوان وشفشاون. واشتهرت من بينهم عدة أسر.
- الموريسكيون المطرودون من الأندلس: هم من مسلمي الأندلس (منهم العرب والمولدون الإسبان)، كانوا قد قبلوا بعد سنة 1492 م - بهدف الاستمرار في العيش بالأندلس - ارتدادا مقنعا عن الإسلام واعتناقا للمسيحية. لكن نتيجة صدور قرار طردهم في سنة 1609 م بسبب اكتشاف اعتناقهم السري للإسلام والخطر الذي كانوا يشكلونه في نظر المسيحيين الإسبان في حالة قيام حرب مع المغرب أو الإمبراطورية العثمانية، اضطروا إلى الهجرة بالخصوص نحو تطوان (آل المنظري وآل النقسيس) والرباط
ج:اليهود:
- اليهود القدامى: يعتبرون أنفسهم من السكان المحليين. هم أحفاد يهود الشتات بعد قيام الإمبراطور تيتوس (Tutus) بهدم هيكل سليمان في القدس سنة 70 م. لكن هناك عدة افتراضات تشير إلى أن حلول اليهود بالمغرب يعود إلى تاريخ أقدم. وقد استقروا بين القبائل الأمازيغية وتعايشوا معهم منذ القدم.
- اليهود البلديون: تعود أصولهم إلى يهود فاس الذين اعتنقوا الإسلام. فمن بينهم انبثق قسم هام من النخبة التجارية الفاسية التي تعاطت للتجارة عبر البحارمن أمثال عبد السلام جسوس وأحمد ميارة.
- اليهود الأندلسيون (Les Meghorashim) هم الذين طردهم الملوك الكاتوليك من شبه الجزيرة الإيبيرية مع الموريسكيين بعد سنة 1492 م. استقروا في عدة مدن (مثل فاس ومكناس ومراكش وسلا)
خ:السود:
ارتبط استقرارهم التدريجي بالمغرب بقدم العلاقات التي كانت تربط البلاد مع إفريقيا ما وراء الصحراء، وتسلل سكان "السودان" (حاليا مالي وشمال النيجر) نحو توات وواحات أخرى بالجنوب وتافيلالت ووادي درعة ووادي سوس وطاطا ومراكش. تزايد حضورهم في عهد السعديين (حملات السلطان أحمد المنصور الذهبي، توفي سنة 1603 م.)، وظهرت من بينهم فئة الحراطين. برز دورهم خلال عهد السلطان العلوي المولى إسماعيل الذي حاول أن يجعلهم المكون الأساسي للجيش (جيش البخاري).
ح-العلوج:
هم من أصول المسيحيين الذين أسرهم قراصنة البحر في تطوان وسلا وآسفي، والذين اعتنقوا الإسلام واستقروا وتناسلوا بالمغرب. وتنطبق نفس الحالة على الهاربين من الثكنات العسكرية الإسبانية في سبتة ومليلية ومن جيش إفريقيا واللفيف الأجنبي المستقر بالجزائر. (أنظر المغرب: لمحة تاريخية عن تعمير المغرب وسكانه ، الدكتور محمد كنبيب، الموقع الإليكتروني لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب).
خـــاتمة:
إن التنوع الاثني الذي يزخر به المجتمع المغربي جعله مطمع المستشرقين في شطرهذا البلد إلى إثنيات مختلفة غير متجانسة: العرب من جهة والبربر من جهة أخرى، اليهود والموريسكيون من جهة والعروبيون والبربر من جهة أخرى، الصحراويون من جهة وسكان الشمال من جهة أخرى الريفيون من جهة وسكان الداخل من جهة أخرى.وقد حاول المستعمرالفرنسي بث النعرة البربرية والتفرقة بين البربر والعرب، ولذا نجد الجنرال برمون Brémond ينادي بوجوب تجريد البربر من الإسلام وفرنستهم. وكانت تعليمات الكابتن لوغلي Le Glay إلى معلمي اللغة الفرنسية وسائر العلوم: "علموا كل شئ للبربر ما عدا العربية والإسلام"، وآخر كتب: يجب أن يحذف تعليم الديانة الإسلامية واللغة العربية من مدارس البربر. وهذا يدخل في ظاهرة تحامل الغرب وحضارته المنحازة ضد الإسلام والساعية إلى التفرقة بين أبناء الوطن المغربي المتلاحم متى لم يحس أحد أعضائه بالإقصاءوالكيل بمكيالين.
إن إصرار بعض المستشرقين مثلا على فرضية "البقايا الحضارية المجوسية (شعالة عاشوراء) والوثنية (الطقوس المصاحبة لعيد الأضحى) والرومانية المسيحية (في بعض النقوش) لم يكن الهدف منه سوى الرجوع بالبربر إلى ما قبل الإسلام وترسيخ فكرة أن هذا الموروث ربما يكون أحسن مما جاء به الدين الإسلامي،. وقد ارتبط هذا الفكر الإستشراقي وطروحاته، على نحو لا لبس فيه بالكولونيالية.ومع ذلك فان بعض المستشرقين،أسدوا خدمات جليلة للمجتمعات المغاربية، فما كتب عن تاريخ المغرب ومعتقداته القديمة واختياراته السياسية خلال الفترة الكولونيالية تجاوز بكثير ما كتب عن المغرب خلال قرون خلت، هذا بالإضافة إلى إدخال أدوات متطورة في التحليل التاريخي والأنتربولوجي والاجتماعي . إننا حين نطرح مسألة الإثنيات نسعى إلى إبراز الاختلاف طبعا، لكننا عوض تكريس التفرقة ولا تجانس، نؤكد على التكامل الذي يغني المجتمع المغربي ويسير به نحو قبول الآخر وتغليب خيار الثقافة المتعددة الأبعاد. هذا التنوع والإختلاف بالنسبة لنا ثروة وغنى يجب أن نستغله من أجل تطور مجتمعنا وليس من أجل ضرب إثنية بأخرى كما قد يفهم لأول وهلة. إن الشخصية المغربية ذات أبعاد متعددة: هناك بعد أمازيغي ضارب في القدم، هناك بعد عربي وإسلامي عمر قرونا متتالية، هناك بعد أفريقي زنجي، هناك بعد أندلسي وآخر يهودي وآخر مسيحي أوربي .لا يجب القفز على أي بعد من هذه الأبعاد، فهي تمثل كلا مجتمعا لا يتقبل عزلا ولا تزكية لبعضها على بعض. كما أنه لن تكون في المغرب تنمية ولا تطور ولا حداثة ولا ديمقراطية ما لم يعي النظام المغربي أن اللعب على تناقضات الإثنيات ليس سوى لعبة مكشوفة لن تفيد المغرب ولا المغاربة.
المراجع:
معضلة الجماعات الإثنية في الوطن العربي المفهوم وأبعاد المشكلة من إعداد: رشا إبراهيم مقدم : لمجموعة الدراسات الجيوستراتيجية



#عبد_الهادي_مهداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- تونس: هجوم بسكين على عنصر أمن نفذه شقيق مشتبه به في قضايا إر ...
- مقتل عنصري أمن في اشتباكات بحمص بين إدارة العمليات العسكرية ...
- نتنياهو يضع عقبة جديدة أمام التوصل لصفقة تبادل للأسرى
- زلزال عنيف يضرب جزيرة هونشو اليابانية
- موزمبيق.. هروب آلاف السجناء وسط أعمال عنف
- الحوثيون يصدرون بيانا عن الغارات الإسرائيلية: -لن تمر دون عق ...
- البيت الأبيض يتألق باحتفالات عيد الميلاد لعام 2024
- مصرع 6 أشخاص من عائلة مصرية في حريق شب بمنزلهم في الجيزة
- المغرب.. إتلاف أكثر من 4 أطنان من المخدرات بمدينة سطات (صور) ...
- ماسك يقرع مجددا جرس الإنذار عن احتمال إفلاس الولايات المتحدة ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد الهادي مهداوي - خصوصية الثقافة المغربية : التنوع الاثني