أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اسامه يسرى - الحريات الدينيه بعد ثورة يناير















المزيد.....

الحريات الدينيه بعد ثورة يناير


اسامه يسرى

الحوار المتمدن-العدد: 3325 - 2011 / 4 / 3 - 23:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عام 1761 في مدينة تولوز بفرنسا قام أب متهور بقتل ابنه لأنه أراد أن يتحول من البروتستانتية و هي عقيدته الأصلية إلى الكاثوليكية فيما يسمى بحادثه " كالاس Calas " و قد اهتم " فولتير" كثيرا بهذه القضية مبينا ضرورة التسامح الديني و الحريات الدينية قبل ان تزدهر هذه القيم و تنتشر في فرنسا و تدعهما قوانين ما بعد الثورة لتي حفظت الحريات الدينية للمواطنين و وضعت العقل على رأس المبادئ الأساسية لبناء الدولة الفرنسية ألحديثه.
و لا يمكننا أن ننكر أبدا أننا بالرغم من مرور نحو قرنين و نصف على حادثه كالاس فإننا مازلنا نفتقد و بشده قيم التسامح الديني في مصر التي اختفت تدريجيا منذ منتصف القرن الماضي حتى الآن و رغم الكثير من المحاولات لوضع و ترسيخ مفهوم التسامح الديني إلا أنها تاهت وسط موجات من التعصب الديني التي تأتى من خارج مصر محمله في عقول المصريين العائدين من دول تحتضن هذه الأفكار التعصبية و أصبح من الصعب جدا على المفكرين مقاومة هذه السيطرة الدينية الجارفة.
و لهذا أيضا ارتباطه بالسياسة و النظام السابق الذي كان يقمع المفكرين و المثقفين الغير متفقين مع سياساته مما ترك الساحة خاليه أمام التيارات الدينية السلفية Salafists و التي لا تتدخل في الشئون السياسية - و لديها مبرراتها الدينية التي تبعدها تماما عن شئون السياسة – و قد ساعدت هذه التيارات الدينية في تغييب المواطن المصري عن الواقع الذي يعيشه و أعطت الحاكم شرعيه للقمع و التسلط و كان لصعود هذه التيارات السلفية أثره في تضييق الحريات الدينية في مصر لما تحويه هذه التيارات من أفكار تدفع إلى التضييق على الأخر و الانغلاق و التشدد.
و مما لاشك فيه أن يحدث صدام بين الأفكار التي تحملها هذه التيارات و بين الأفكار التنويرية التي تعقب الثورات عادةً, و لقد كان شعور فلاسفة النهضة الفرنسيين بالعداوة تجاه الدين و الكنيسة هو نتيجة طبيعيه لسيطرة الكنيسة على المجتمع و ما يدور في فلك أفكاره بل و تواطئها في هذا الوقت مع نظام استبدادي سلطوي
ولتفادى هذا الصراع في مصر الذي سيكون محتدما إذا حدث يجب علينا أن ننتقل تدريجيا بالدين داخل العقل المصري من موقعه الحالي إلى مكانته الطبيعية, و تصعيد العقل و العقلانية لتصبح هي مصدر الأفكار و أساس المعاملات و القوانين المنظمة لها و قد كتب ديدرو في مقاله عن العقل ( أننا أناس قبل أن نكون مسيحيين ) و على المصريين أن يدركوا أنهم أيضا أناس قبل أن يكونوا مسيحيين و مسلمين و بمعنى أخر فان "الاعتقاد الديني هو مسألة فرديه"
الإيمان بهذا المفهوم - أن الاعتقاد الديني هو مسألة فرديه - هو أول الخطوات التي ستضعنا مباشراً أمام دوله مدنيه انطلاقا من حرية الكل في الاعتقاد طالما أنها مازلت مسألة فرديه و لا تتعرض للعلاقات أو التعاملات و لهذا أيضا ارتباطه بالحريات الاجتماعية لما للدين من تأثير على علاقات البشر بعضهم و بعض و تحديد سقف للحريات الاجتماعية لذلك فان ما أن يفهم الدين و الاعتقاد الديني على انه "مسألة فرديه" هنا فقط يستطيع القانون أن يحل محل الدين ليحدد هو سقف الحريات و طبيعة السلوك و المعاملات بين المواطنين و من ثم ينظم القانون هذا المفهوم عن طريق تشريعات أولا تحفظ الحرية الدينية لصاحبها و تحميها و ثانيا تنظم الحريات الاجتماعية انطلاقا من مفهوم أخر لهذه الحريات غير مبنى على الدين.
طه حسين, احد رواد النهضة المصرية في أوائل القرن العشرين كتب احد أكثر الكتب إثارة للجدل في مصر عام 1926 (في الشعر الجاهلي) و اتفق معه البعض كما اختلف معه البعض الآخر, رغم أن الكتاب يحمل وجهة نظر دينيه تخالف كل السائد في هذا الوقت, إلا انه وجد مناصرين و منتقدين و احتدم النقاش على صفحات الكتب وقتها و في جلساته الفكرية حول هذا الكتاب, و إن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن المصريين لديهم قبول واسع للأخر و ليسوا عشاقاً للقمع الذي تركه في نفوسهم النظام السابق.
فالمصريين ليسوا متعصبين دينيا بطبيعتهم و قد شهدت مصر سنوات من الحرية الدينية و كانت على مدار قرون تحتضن كل الأشكال العقائدية, و لتعدد الالهه عند القدماء المصريين مدلوله لمدى تقبل المصريين لفكرة الاختلاف الديني و لكنه و للقمع الغير مسبوق الذي مورس على المصريين في الفترة ألأخيرة و على المتدينين منهم ممن لديهم آراء تزعج النظام السابق كان المصريين يقومون بما يشبه الهجرة في التاريخ داخل العقل لما هو أفضل من وجهة نظرهم و لما يعطى لهم من بريق للهويه المفقودة في الواقع الذي يعيشونه و لما يعطى لهم أيضا من كرامه سلبت منهم في عهد النظام السابق و ربما أيضا لأن الحلم بالحياة الأخرى و التي هي بالتأكيد الجنة هو أفضل من معايشة واقع اليم فرضه القدر عليهم
إذن هم هربوا من الواقع إلى حاله من التدين و قد ساعد على هذا صعود التيارات الدينية الأصولية و أفكارها القادمة من الجزيرة العربية لما تشكله من محفز لهذا التدين و وقود له و هذه الأفكار صاحبتها أفكار تعصبيه ضد الأخر مما خلق نوع من الأنانية و التعنت الديني, و للخروج من هذه المعضلة لابد لنا أولا أن نعيد للعقل مكانته لدى المصريين فالعقل هو الدافع الحقيقي وراء التسامح الديني و ليس الدين و لا يمكن أبدا السيطرة على الأخر باسم الدين لأنه سيؤدى بالضرورة للانتقاص من حريته.
بالرغم من سطوة رجال الدين أحيانا و قمعهم للأفكار إلا أن الأفكار لا تقمع و لا تموت أبدا و لقد كان الحرق العلني لكتاب ( رسائل فلسفيه ) لفولتير عام 1734 بحجه انه مخرب و انتهك حرمة المقدسات كان سببا في نجاح الكتاب بشكل قوى و دفع فولتير إلى كتابة المزيد من الكتب المشابهة و كذلك كتاب ( عن الروح ) لهلفتيوس و الذي احرق علانية من قبل الكلية اللاهوتية فزادت شعبية الكتاب بشده و ترجم إلى كل اللغات الأوروبية.
و هناك الكثير من الكتاب و المفكرين المصريين الذين دعوا إلى الحرية الدينية و تبنوا ما يطلق عليه "الإسلام الليبرالي" أمثال "محمد عبدو" و "طه حسين" و "فرج فوده" و لقد هوجمو فيما بعد لأفكارهم الليبرالية و قتل احدهم لنفس السبب ( فرج فوده ) و لكن الأفكار تعيش للأبد و لا تموت و لا تسقط إلا بأفكار مضادة لها.
لا مفر من تكريس هذه المفاهيم في نفوس المصريين باستخدام كل وسائل التعبئة الممكنة, و لن يستغرق هذا كثيرا فأعتقد أن المصريين في غالبيتهم يتبنون الحد الأدنى من الحريات الدينية ربما ينقصهم اكتمالها فقط و هناك من سمات المصريين الموروثة ما يعزز هذه الحريات, فالمصريين يهوون العلاقات الاجتماعية و تربطهم أواصل أكثر بكثير من أن تكون دينيه, و قبولهم لبعضهم البعض هو الأقرب من اختلافهم, يبقى لنا فقط العمل على توعيتهم بهذه القيم أكثر و سن القوانين التي ستحافظ عليها.
أسامه يسرى



#اسامه_يسرى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- ليبيا.. سيف الإسلام القذافي يعلن تحقيق أنصاره فوزا ساحقا في ...
- الجنائية الدولية تحكم بالسجن 10 سنوات على جهادي مالي كان رئي ...
- بابا جابلي بـالون.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...
- الحية:على العالم والامة العربية الاسلامية الاستجابة لحقوق ال ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - اسامه يسرى - الحريات الدينيه بعد ثورة يناير