جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 2937 - 2010 / 3 / 7 - 00:51
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
تكثرفي القرآن كلمات التنزيل بمختلف انواعها و ابوابها: نزل ينزل تنزيلا نزّل و أنزل ومنزل: رآه نزلة اخرى. لاتزال تشيرالعرب عند الذهاب الى المدينة و السوق بنزلة. لو تصفحت قاموسا عربيا لوجدت قائمة طويلة من اشتقاقات نزل: منزل و منزلة و النزلاء (الضيوف) انزال و منازلة (حرب و قتال) و تنازل و استنزال و نوازل.
اكثر الكلمات التي استعملتها العرب للسكن هي كلمة (نزل) و التي تعني في اصلها (هبط اي الحركة من الاعلى الى الاسفل) تدل على التجول و الترحل و حياة البدو بعكس اليهود التي استعملت (سكن اي السكون و الهدوء و عدم الحركة) التي تشير الى حياة الحضر: الذين ينزلون (البدو) بالمقارنة مع الذين يسكنون (الحضر). و هذا ينطبق ايضا على كلمات مثل (حلّ : و انت حل بهذا البلد) التي تعني ايضا (فك العقدة او ارخاها) بالمقارنة مع (حرّم) التي كانت تعني الغلق و الشد و اليوم تشير الى المقدس او المرأة المحبوسة المغلوقة عليها في حجرة خلفية.
كانت و لاتزال بدوية العرب اسطورية لدرجة ان البدوي يعتبرمرادف للعربي ويقال على مكان قاحل: حتى العربى لا يريد ان يخيم هنا . كانت العرب اكثر الاقوام السامية تنقلا و تجولا و ترحلا . بعكسى الاقوام السامية الاخرى كالاراميين و اليهود الحضر سكنت العرب في خيام و اكواخ من الشعرو الجلد و الصوف لانها كانت رعاة و قبائل جوالة تتنقل لاتبقى في مكان واحد و تحارب على الجمل. لاتزال الخيمة تلعب دورا بارزا في احتفالات العرب خارج البيت و المدينة. تعتبركلمة (اهل) التي تستعمل للاشارة الى العائلة مثالا نموذجيا على ذلك لانها كانت تعني في اصلها الخيمة.
استنادا على ما سبق ذكره نستطيع ان نفهم ان التنزيل في القرآن جاء من منظار حياة البدو المتنقل غير الهادئ اكثر من الهبوط من السماء , لان العرب كانت رعاة (كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته) تسكن في خيم لا تعرف حياة السكن في المدينة ناهيك عن اتقانها فن الهندسة و المعمار. انتقل محمد بعد طرده من مكة من حياته البدوية المتنقلة اي حياة النزول و التنزيل و المنازلة على الجمل الى حياة سكن و مسكن و سكون هادئة في المدينة.
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟