|
سوسيولوجيا عبد الرحيم العطري
منصيف الحريزي
الحوار المتمدن-العدد: 2865 - 2009 / 12 / 22 - 22:09
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يشبه مسار تطور علم الاجتماع في المغرب مسار تطور الخطوط الهندسية، فهي تارة تبدو مستقيمة وفي الأخرى تلوح منكسرة، وهو ما يبرر في نظرنا الحديث عن أجيال متعددة عانقتها السوسيولوجيا المغربية بدءا مع السوسيولوجيين الاستعماريين من أمثال إدمون دوتي وميشو بلير وروبير مونطاني وليشاتلي وارنست غيلنز وروني غاليسو ودافيد هارت وجون واتربوري وجاك بيرك وغيرهم من أقطاب العلم الكولونيالي، الذين ساهموا في إنتاج وتشكيل معرفة موسوعية حول مختلف خرائط وتفاصيل المشهد المجتمعي ببنياته وتضاريسه المتعددة، وتعتبر السوسيولوجية الاستعمارية العمود الفقري في المسار الكرونولوجي التحقيبي للسوسيولوجية المغربية، نظرا لمساهمتها العلمية القيمة إذا ما تلافينا منطقها الاستعماري في إنتاج منظومات مفاهيمية ومقترحات نظرية وأخرى ميدانية ساهمت في فهم ومعرفة المؤسسات والبنيات والهياكل التي يتاسس وعليها المجتمع المغربي. وبانتقالنا إلى سوسيولوجيا ما بعد الاستقلال سيتم تأسيس معهد العلوم الاجتماعية الذي تعرض خطأ للإغلاق وسيثمر إلى جانب شعب علم الاجتماع في كل من الرباط وفاس في مد المغرب بعدد من الأسماء الوازنة التي بصمت مسار السوسيولجيا المغربية بأبحاثها واجتهاداتها التي حاولت أن تؤسس لمدرسة سوسيولوجية مغربية متحررة من العلم الاستعماري الذي لم يكن محايدا في كثير من التفاصيل. في هذا الإطار التمعت أسماء: محمد جسوس عبد الكبير الخطيبي فاطمة المرنيسي رحمة بورقية المختار الهراس إدريس بن سعيد عبد الصمد الديالمي... وخارج هذه الأجيال، ومع طلائع الألفية الثالثة، بدأت ترسم في الأفق ملامح جيل جديد من المغاربة الباحثين في فضاءات السوسيولوجيا بالرغم من النقص المسجل على مستوى الإمكانيات والظروف غير الملائمة التي يصوغون فيها أعمالهم ومع ما ساهموا به ضمن ما كان متاحا لهم من هوامش تحرك ومن إمكانات مادية ومعنوية متواضعة. وفي ظل هذا الجو المعتم بهكذا ظروف التمع في سماء السوسيولوجيا المغربية الباحث والكاتب السوسيولوجي عبد الرحيم العطري، هذا الإسم الذي ظل يفكك ويحلل ما يعتمل في المشهد المجتمعي المغربي والعربي. ظل اسمه يتكرر في لغة المنابر الإعلامية العربية. أما المنابر المغربية فقد ظل فيها بعيدا إلا في ما نذر من التفاصيل وهنا يمكننا أن نتساءل: هل الجحود والمحو صناعتان مغربيتان سيستمران في الإنطراح دوما؟ أم أن هناك شروط ومواصفات حددت سلفا للمرور نحو القمة؟ وبالرغم من كل حالات المحو اللاعتراف فإن ثمة جيل قادم يوقع حضوره بثبات وعزم. وفي ظل هذه الرحلة المعرفية والمكانية التي ساقها ويسوقها عبد الرحيم العطري أجد قلمي فقيرا في محاورته ولا أجد بدا في الإشارة إلى شغبه العلمي وانتمائه المشروع إلى آل علم الاجتماع وانتصاره لآل الحرف والسؤال. ورغما عن كل هذا سنحاول الاقتراب من الباحث قدر المستطاع: لقد راكم الباحث السوسيولوجي عبد الرحيم العطري منذ عقد من الزمن زخما معرفيا تحت جملة من الأعمال والأبحاث جرب خالها قضايا وإشكالات تنطرح معتمة في الأفق المغربي السوسيولوجي متأملا ومفكرا في الإعاقات والأقنعة الدمائية التي تصم وتتخن المغرب كله بالعطب . عير منظور نقدي شامل ذي الأبعاد المتعددة و المنفتحة واضعا نصب عينيه المسافة الموضوعية التي تفترضها الحرفية والممارسة السوسيولوجية بعيدا عن التواطؤ والتلاعب والمداهنة ، وقد أكد عبد الرحيم في غير ما مرة وفي أكثر من مناسبة بأن الموضوعية هي الشرط الوجودي الغير قابل للتفاوض داخل حقل الممارسة السوسيولوجية بتعبير بير بورديو، كما أنها ستظل الأساس المعرفي الذي يحصن الحرفة السوسيولوجية في تعاطيها مع المجتمع وقضاياه المتنامية . ويضيف الباحث في كتابه "تحولات المغرب القروي – أسئلة التنمية المؤجلة: بأن السوسيولوجيا اليوم مدعوة بإلحاح إلى مجابهة مختلف تفاصيل وتضاريس الحياة المجتمعية بأسلحة معرفية، خاصة تعنف السؤال وتخلخل العابر، وصولا إلى عمق الأشياء والظواهر... هذا هو رهان اليوم وغدا في فضاءات موبوءة لا تسمح بالنقد والمساءلة، فكل سؤال سوسيولوجي يتصدى للسلطة في تجلياتها المخزنية أو في تقاطعاتها الأخرى". بغية الفهم وقراءة المعنى من تحت الستار. ومما لا شك فيه أننا أمام باحث وعالم اجتماع راكم في مسلسل السوسيولوجيا المغربية أعمال تستحث العقل المغربي قبل العربي بالدرس والقراءة قصد الفهم وقراءة المعنى في عالم غاب عنه المعنى. بالرغم من الأبحاث والمشاريع العلمية التي قام بانجازها عبد الرحيم العطري فإنه يؤكد على أن السوسيولوجية مشروع لا يكتمل ، بل تبقى بنية مفتوحة على اللانهائي ، كما أن البورتريهات التي قام بإنجازها مؤخر لتدل على جدارة المشاريع السوسيولوجية المغربية التي أنتجت العديد من الباحثين في مدرسة القلق الفكري المغربية من أمثال : محمد جسوس ، والمختار الهراس ، ورحمة بورقية ، وفاطمة المرنيسي وعبد الصمد الديالمي ... وقد جاءت البورتريهات التي أصدرها مؤخرا ردا علميا على من يقولون بغياب سوسيولوجيين مغاربة قادرين على إنتاج معرفة علمية حول المجتمع المغربي. بقلم: الطالب منصيف الحريزي
#منصيف_الحريزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق يعلن توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل وفقدان 5500
...
-
ما هي قوائم الإرهاب في مصر وكيف يتم إدراج الأشخاص عليها؟
-
حزب الله يمطر بتاح تكفا الإسرائيلية ب 160 صاروخا ردّاً على ق
...
-
نتنياهو يندد بعنف مستوطنين ضد الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربي
...
-
اشتباكات عنيفة بين القوات الروسية وقوات كييف في مقاطعة خاركو
...
-
مولدوفا تؤكد استمرار علاقاتها مع الإمارات بعد مقتل حاخام إسر
...
-
بيدرسون: من الضروري منع جر سوريا للصراع
-
لندن.. رفض لإنكار الحكومة الإبادة في غزة
-
الرياض.. معرض بنان للحرف اليدوية
-
تل أبيب تتعرض لضربة صاروخية جديدة الآن.. مدن إسرائيلية تحت ن
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|