عباس حيروقة
الحوار المتمدن-العدد: 2845 - 2009 / 12 / 1 - 20:43
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بداية لا أريد أن أدخل في التعريفات المتراكمة والمتنامية للعقل لا ولا في توصيفاته وأعراضه وأحواله ولن نقسّمه كما فعل غيرنا إلى عقل علمي مثلاً أو فلسفي أو المادي أو .. الخ فهي صفات وممارسات للخطاب المعمول عليه عقلياً وليس للعقل .. إنما العقل هو إدراك الموجودات بأسبابها كما يرى ابن رشد..
من هنا أود أن أقول أن مادتي ( بين العقل والدين .. و الأسئلة الأهم )
المنشورة في الحوار المتمدن
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=187250
والتي جاءت محاكاة لرؤية السيد ماجد علاء الدين في رده وتعليقه على مقال الصديق الشاعر حمزة الرستناوي ( حول صلاحيات ومصالح الإيمان )
المعنون بأنا لا أسفه الفكر و الايمان الديني الغيبي بل هو سفيه بذاته
المنشور في الحوار المتمدن على الرابط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=186412
أردت أن أقول فيها أن هناك بوناً شاسعاً بين العقل والدين .. وكلاهما يحاول أن يؤكد ويعزز أدواته في سبيل إضعاف و زعزعة الآخر ..
والصديق حمزة الرستناوي حاول مشكوراً رسم ملامح إضافية لنصه ليكون أكثر متعة وقابلية للحوار..
الصديق الشاعر حمزة :
أشكرك على التوضيح لطالما الهدف المشترك لنا جميعاً تعزيز إنسانية الإنسان ورفع المنسوب الحيوي لديه وصولاً إلى عالم ينبذ القبح والحروب .. لعالم أكثر أمناً و جمالاً وسلام .
كما أقدر لك تأكيدك وموافقتك على معظم ما ذهبت إليه في مادتي تلك ..
أما تعليقك على بعض فقرات المقال فجاء بعضها تدعيماً لفكرتي أشكرك عليها والبعض الآخر أحاول مجدداً بلورتها لعلها تجيب على بعض شاراتك وأقتبس مما تقوله :
أولا ً : الحقيقة ليست ثابتة بما فيها الحقائق العلمية
فالحقيقة صيرورة حركية.
ثانيا ً: ليس الإنسان بجوهر- من وجهة نظري- بل الإنسان بحد ذاته طريقة تشكل لأبعاد الكينونة الأخرى بما فيها بعد العقيدة- العلم – العمل – الزمن- المكان- اللغة ..الخ
ما قصدتهُ الأنسانوية – مركزية الإنسان- و هي نزعة دُشنت بعد إزاحة الإلوهية من مركز للكون .
هذه الأنسانوية تمثل –من منظور المنطق الحيوي- صلاحية و قيم حيوية معيارها :التوحيد- الشكل الكلي- الاحتواء- التجديد- العولمة الحيوية –المستقبلية.
فهي ليست جوهر بل هي طرائق تشكل كذلك.
ثالثا ً: أين تعاملتُ مع مفاهيم الإيمان ..و الله كجواهر ثابتة؟
أرجو تبيان ذلك مع الأمثلة
ليس لأني فوق النقد ؟
بل رحم الله إنسانا أهداني عيوبي
فأقول في هذا المجال :
- أولاً :الحقيقة من حيث هي حقيقة غير منافية للبرهان و لا تتعارض مع البداهة الكونية ولا ترفضها التجارب .. فالتبدل خارج المعطى الزمكاني يمكن تسميته بغير الحقيقة .
فعندما نقول أنها – أي الحقيقة – واضحة سارية في الوجود الكوني ثابتة ولكنه تتبدل بتبدل اللبوس أو الوعاء الذي تتحواها أي أنها ثابتة من حيث هي حقيقة وجودها الكوني , فالحقيقة ثابتة الوجود وما تعداها ليس بحقيقة , أي عندما قالوا أن الأرض ليست كروية وطرأت أو حدثت أحداث من رحلة ماجلّان أو غيره وأكدت كروية الأرض هذا لا يعني تبدل الحقائق وما تتحواها من معنى بل التبدل في المنسوب الحيوي لدينا , وبالتالي لم يكن ما يقال عن عدم كروية الأرض حقيقة .
- ثانياً : الشاعر الغالي :
أن لم أقل الإنسان جوهر .. نعم شكل طريقة تشكل لأبعاد الكينونة الأخرى..
أن قلت وأقول العقل جوهر من حيث هو مركز تدور في أمدائه مفردات الوجود … العقل من حيث هو منتج بدهي لكل ما هو عليه أو له, و الذي لم ينتجه فهو شريك في إنتاج على الأقل من حيث إيجاد الاسم له .. العقل الفعال أو الكلي هو الصانع الواجد الخالق المعزز لمفردات الكون .. وهو مطلق ومعلم الأسماء أيضاً .
الإنسان طريقة تشكل نعم .. يتنامى يتطور يضمر .. الخ, ولكن العقل لا من حيث وجوده داخل الجمجمة الصغيرة و تطوره بتناميه الزمكاني .. بل من حيث هو عقل جمعي , عقل الإنسان المنتج الفعال .. لا عقل حامله الذي يولد … ويموت .
أما الأنسانوية وما قصدته أو ما تمثله في منظور المنطق الحيوي كصلاحية وقيم حيوية معيارها … هي ليست جوهر بل طرائق تشكل ..
يا صديقي الأنسانوية من حيث اشتغالها على العقل الفعال بغض النظر عن مناسبة تدشينها .. فهي لا تتعارض مع الإلوهية إلا فيما يسن من سنن من شأنها إقصاء العقل جانباً أو من حيث فكرتها , وفيما يذهب البعض أنها قائمة على الغيبية ..
بل الإلهيون هم الذين يتعارضون معهم ويصدرونهم على أنهم مخربون , مفسدون ..الخ
العقليون أدواتهم الحوار والحجة والبرهان و الإلهيون يجادلون بالغيبيات و.. الخ
- ثالثاً: الصديق حمزة .. مجرد طرحك الذي أعتبره هاماً وجريئاً كما بينت في دراسة قمت بها عن كتابك” أضاحي منطق الجوهر” . . واشتغالك على العصف الذهني وإثارته في أمدائنا بمحاكاتك النقدية للنص الديني المعاصر واشتغال من قبلكَ الدكتور رائق النقري صاحب مدرسة دمشق للمنطق الحيوي في كتابه المنشور الكترونياً ” قياس كعبة المصالح ” ومقايسته للنصوص القرآنية وإطلاق أحكام عليها .. أنه شكل جوهر كلي مثلاً أو حالة المصالح فيها صراع .. أو مضى عصرها أو ضد العصر .. كل هذا بحد ذاته خطوات هامة كيف لا و المنطق الحيوي من بدهياته أن لا جوهر ثابت .. كل كينونة شكل / طريقة تشكل وتتماثل الكائنات بأنه شك ولكن تختلف في طريقة تشكلها , وكل كينونة هي صيرورة حركية حيوية احتمالية نسبية .. وعندما تقول مثلاً في كتابك المذكور أعلاه أن النبي محمد شكل .. القرآن .. الله شكل .. الخ فهي ليست جوهر بما معناه من جوهر , ولن أتوسع أكثر .. أما الأمثلة على تعاملك مع مفاهيم الإيمان السائد أو الجوهر هذا تأتى من خلال محاكاتك لنصوص عدة من كتابك آنف الذكر ” التيجاني السماوي ” نموذجاً .. رغم محاولتك الابتعاد ما أمكن عن المنظومة المجتمعية. فمثلاً مقايستك للعنوان ” الجهاد من اجل الثبات على الهداية ” وحكمك الجذري المنطقي للمصالح بأنه شكل جزئي , السبب :مرجعية ذاتية غير برهانية ولا تتنافى معه .
نعم غير برهانية نعم ولكن لماذا لا تتنافى معه , أليس فكرة الجهاد بحد ذاتها استفزازية قائمة على فرض أمر ما وضرب ما قبله أو تقويضه على الأقل . وإذا كان البرهان هو المطابقة مع المصالح الكونية إذاً هل الجهاد من أجل الثبات على الهداية يتطابق مع البداهة الكونية مثلاً
وفي حكمك على الفقرة الأولى المقاسة بـ شكل جوهر كلي وتبرر ذلك , فتقول : ” المرجعية معتمدة على قول منسوب للنبي محمد (ص) أي غير متفق عليه وهو مثار جدل بين المسلمين أنفسهم والفقرة تكتفي بذكر القول المنسوب للنبي دون البرهنة على صحته ”
لا حظ صديقي : النبي (ص) من جهة, ومن جهة أخرى تقول تكتفي الفقرة بذكر الحديث المنسوب للنبي دون البرهنة على صحته ..؟!
يا ترى كيف تتم البرهنة ..؟ و إن برهن على ذلك ألن يكون ذاتي غير ملزم .. وبالتالي ماذا يكون الحكم ؟
رابعاً : تقول في معرض سردي عن عدم ارتكاب اللا دينين أي مجازر أو حروب ضد ناس عزل آمنين أو ..الخ
يكفي مجازر الماركسية السوفيتية و الماركسية الماوية
حيث درِّس على مدى عقود الإلحاد كمقرر دراسي؟؟
و فرض بقوة الإكراه؟
صديقي ليس السؤال هنا , فالنظريات والديانات تدرّس .. ألم تدرس على مر السنين التربية الدينية سواء اليهودية أو المسيحية او الإسلامية ولو اختلف اسمها كمادة ولكن كمضمون هي هي..؟
ألم تفرض كمقرر وكواقع في المدارس و المعاهد والجامعات .. وعلى الجميع الانحناء له ولسدنته .. ألم ترفع المكبرات فوق أسطح البنايات وعل الشرفات متجاوزين بدهيات الحريات العامة ؟؟
وإلا ما ذنب الشيوخ والأطفال والمرضى أن يعيشوا في هلع دائم من مكبرات يابانية الصنع وضعت لأهداف هو الله بعيد عنها ..
السؤال هل كانت كمقرر تدرس فقط كاتجاهات فكربة مادية جدلية لا دينية اطلاعية أم ملزمة .. هل أغلقت الكنائس والجوامع ودور العبادة .. بتصوري لا..
وهل هذه المناهج التي تحدثت عن فرضها كانت تدعو إلى احتلال أراضي الغير والهجوم عل أناس في بيوتهم مجد لاختلافهم معهم أو لعدم دفع المال لهم أو .. أو الخ وهل كانت هذه المناهج تعمل وتطالب بالضغط على دور
العبادة و تحويلها لملاهي مثلاً ..؟؟الفوارق واضحة أمامك يا صديقي بين الأمس واليوم ..! وهذا ما سأتركه لك للقارئ الفطن للتأمل للمقارنة.
#عباس_حيروقة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟