|
هل القرآن كلام الله؟ تعليقات وردود _ الجزء الأول
نهرو عبد الصبور طنطاوي
الحوار المتمدن-العدد: 2826 - 2009 / 11 / 11 - 22:25
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هذه حصيلة حوار طيب وراقي دار بيني وبين بعض الأخوة الأفاضل من القراء والكتاب في أحد المنتديات في الأيام الماضية حول مقالين لي الأول بعنوان: (هل التوراة والإنجيل كلام الله؟)، والثاني بعنوان: (هل القرآن كلام الله، رد على المستشار شريف هادي)، وهذا رابط المقالين على موقع الحوار المتمدن: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=189527 http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=130165#
فرأيت أن أنشر هذا الحوار ليطلع عليه من يريد تزويد حصيلته الفكرية حول هذا الموضوع، والحوار طويل جدا فقد جاء فيما يقرب من مائة صفحة، فرأيت أن أنشره في أجزاء تباعا، وهذه كانت أولا المداخلات بيني وبين بعض الأخوة القراء حول هذا الموضوع.
(رد بواسطة نهرو طنطاوي) أخي الأستاذ عز الدين وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومرحبا بك أخي الكريم قلت في تعليقك: (القرآن كلمات الله ذاتها). انتهى كيف؟؟ وهل يمكن تفصيل ذلك؟؟ أو بعبارة أخرى هل تقصد أن الله تكلم بالقرآن بكلام منطوق مسموع أم تقصد أن الله خلق هذا الكلام؟؟ لم أفهم ماذا تقصد بعبارتك هذه؟؟ وقلت: (والقرآن هو كلام الله أنزله إلى الرسول الكريم، ولكنه لم يكن شيئا ملموسا ككتاب كما طلب الكفار، بل كان كلاما يُتلى. ولكنه كان كلام الله بنصه وقد نقله إلينا محمد عليه السلام.). انتهى هل تقصد أن الله أنزل القرآن على هيئة كلام يتلى بهذا النص الموجود بين أيدينا اليوم وقام الرسول بنقله إلينا؟؟ إذاً فمن الذي تلا هذا الكلام على الرسول ومن الذي نطق به هل هو الله أم جبريل؟؟ وما برهانك على أن الله نطق بالقرآن وتلاه على رسوله أو ما برهانك على أن جبريل هو من نطق بالقرآن وتلاه على الرسول؟؟. وقلت: (فالقرآن بنصه وكلماته من رب العالمين، وقد نقلها إلى رسولنا الروح الأمين، وطلب الله من الرسول أن لا يتعجل فى نُطق كلمات الله حتى يُقضى إليه وحيه، ثم يتبع قراءة الله للقرآن على لسان جبريل عليه السلام، وبذلك ينطقه صحيحا كما أُنزل من عند الله.)انتهى إذا كان النقل الذي قام به الروح الأمين نطقا كما تقول، إذاً فكان من المفترض أن يكون نص سورة البقرة كالتالي: (نزله على أذنك) بدلا من (نزله على قلبك) وكان من المفترض أن يكون نص سورة الشعراء: (نزل به الروح الأمين* على أذنك لتكون من المنذرين) بدلا من قوله: (نزل به الروح الأمين* على قلبك لتكون من المنذرين). فهناك فرق لائح بين عمل الأذن وبين عمل القلب، وإن كنت تقصد بكلامك أن النص نزل كلاما منطوقا على القلب فكلامك يخالف الطبيعة البشرية التي تتلقى الكلام المنطوق المتلو بالأذن وليس بالقلب، وإن كنت تقصد أن الكلام المنطوق نزل منطوقا متلوا على قلب الرسول كما فهمت من قولك فقولك هذا يحتاج إلى برهان. وقلت: (وطلب الله من الرسول أن لا يتعجل فى نُطق كلمات الله حتى يُقضى إليه وحيه، ثم يتبع قراءة الله للقرآن على لسان جبريل عليه السلام، وبذلك ينطقه صحيحا كما أُنزل من عند الله.)انتهى من قال لك وكيف علمت أن جبريل له لسان يتكلم به وما برهانك على ما تقول؟؟ وقلت: (وكذلك فإن جمع القرآن وقراءته وبيانه على الله سبحانه الذى حفظ كتابه الكريم.)انتهى اعتبرني غير مؤمن بالقرآن واذكر لي برهانا واحدا ماديا من غير القرآن على أن الله هو من حفظ القرآن وأنه قرأه وأنه هو من جمعه وبينه؟؟ وهل لو أحضرت لك كتابا ما غير القرآن ثم قلت لك هذا الكتاب أنزله الله وقرأه الله وجمعه الله وبينه الله وحفظه الله منذ 1400 سنة هل تصدقني هكذا أم تطالبني بالبرهان والدليل من غير الكتاب الذي أحضرته لك؟؟ مع وافر شكري واحترامي نهرو طنطاوي
(مداخلة بواسطة نصير حواري) الاستاذ الكريم نهرو طنطاوي ، الأستاذ الكريم عز الدين نجيب القرءان كلام الله وليس الفاظ الله تعلمون واعلم ان القرءان هو كلام الله حتما ودون ادنى شك فيكفي انه يقرأ باسمه الرحمن الرحيم بداية وفي هذا دلالة على انه كلامه سبحانه وتعالى ، ( بل هو قرءان مجيد ، في لوح محفوظ ) هذا القرآن موجود في لوح محفوظ بصيغة غير قابلة للإدراك الإنساني وغير قابلة للتأويل، وبصيغة مطلقة. فعندما أراد الله أن يعطي القرآن للناس فالمرحلة الأولى كانت تحويله إلى صيغة قابلة للإدراك الإنساني النسبي، أي جرت عملية تغيير في الصيرورة. وهذا التغيير في الصيرورة عبر عنه في اللسان العربي في فعل "جعل فهو قرءان مجيد ، في لوح محفوظ قبل ان يجعل عربيا ، اذ قال (إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون)(الزخرف 3) أي كان له وجود مسبق قبل أن يكون عربياً فجعله عربياً، أي في صيرورته" وهذا معنى الجعل ، اذن القرآن موجوداً فعلاً وبصيغه لا نعلم ماهيتها وغير قابله للادراك الانساني قبل الجعل و الإنزال والتنزيل، لانه لو كان القرآن مخزنا ياللوح المحفوظ بالصيغة اللسانية العربية التي نراه عليها الآن والتي نستوعبه من خلالها وهو كلام الله لكان الاستنتاج المباشر لذلك بأن الله الذي ليس كمثله شيء عربي وهذا غير معقول .
الجعل: هو التغيير في الصيرورة.- الإنزال: هو النقل من صيغة غير مدركة إلى صيغة مدركة "الإشهار".والآن لماذا وضع الجعل والإنزال على أنه عربي؟ إن الجعل هو تغيير في الصيرورة فيمكن أن تغير صيرورة القرآن من شكل غير قابل للإدراك إلى شكل آخر غير قابل للإدراك، لذا قال (إنا جعلناه قرآناً عربياً) والإنزال هو نقل من غير المدرك إلى المدرك لذا قال (إنا أنزلناه قرآناً عربياً).ففي القرآن تلازم الجعل والإنزال أي جعل وأنزل عربياً. أي أن القرآن الموجود بين أيدينا ليس عين القرآن الموجود في لوح محفوظ ، وليست صيغته نفس الصيغة الموجودة فيهما. وإنما هو صورة قابلة للإدراك الإنساني "الإنزال" تم التغيير في صيرورتها "الجعل" حتى أصبحت مدركة، ثم وصلت إلى النبي عليه السلام عن طريق الوحي "التنزيل" والنبي عليه السلام نقلها آلياً إلى الناس. من هنا نقول ان القرءان كلام الله لكنه ليس الفاظه وليس صياغته سبحانه تعالى ، فالذي تكفل بجعل هذا القرءان ـ كلام الله تعالى وعلمه ـ عربيا وقابلا للادراك الانساني قوى ملائكيه مأموره من الله تعالى وتعمل بامرة ، ملأ أعلى صاغ القرآن تحت سلطة رب هذا الملأ . فكثير من ايات القرءان يتحدث فيها جمع و ليس فرد و هؤلاء الجمع المتحدث في الآية يسوق الحديث بصيغة المخاطب : نذهبن ـ أوحينا ـ علينا فهل يشك أحد أنّ هذا الجمع هو من صاغ هذه الآيات ، وهل يشك احد ان اية الكرسي هي كلام الله لكنها من قول جبريل عليه السلام و تبقى الكثير من آيات القرآن محيرة من حيث صائغها و هذا ما يجعلنا نطمئن الى استحالة صياغة القرآن من فرد إسمه النبي أو غيره بل هناك تداخل بين الملأ الأعلى و الرب السيد عليهم في هذه الصياغه الفريده
(رد بواسطة نهرو طنطاوي) الأخ الفاضل: نصير حواري تحية طيبة لك سعدت بمرورك الكريم على مقالي لا أختلف معك في كثير مما جاء في تعليقك ولا أختلف معك كذلك في (الجعل والإنزال والتنزيل)، فقد تلوت مثل ذلك الكلام في كتابات الدكتور الفاضل محمد شحرور على موقعه منذ بضع سنين، فقد تلوت جميع كتاباته على الموقع باهتمام بالغ واتفقت معه في بعض أفكاره. وخالفته في الكثير من أفكاره. وقول سيادتك وقول الدكتور شحرور حول الجعل والتنزيل والإنزال لم يحل الإشكال، فالإشكال مازال قائما، وأنا أرى أن من صاغ القرآن بهذه الكلمات البشرية وبلسان قوم الرسول هو الرسول نفسه برعاية الله وتوجيهه، وأختلف معك في قولك أن قوى ملائكية هي التي صاغت القرآن بهذه الأحرف والكلمات التي نراه عليها الآن وفق لسان قوم الرسول، فهذه محض دعوى في أمس الحاجة إلى برهان، مع أخذك في الاعتبار أن الروح الأمين نزل بالقرآن على قلب الرسول وليس على سمعه، وهنا بيت القصيد وهنا السؤال المشروع: هل نزل القرآن على قلب الرسول كلمات تتلى؟؟ وإذا كان الجواب بنعم، فكيف حدث ذلك وما البرهان القرآني عليه، وهل تكلم الروح الأمين بالقرآن مع الرسول محمد بلسان قومه أي تلاه عليه شفاهة أو سماعا أم ماذا؟؟ وفي كل نحتاج لبرهان؟؟ وأعيد السؤال وأقول: بأي سبيل نزل القرآن على قلب النبي محمد هل نزل كعلم وأحداث فيما يشبه الرؤيا والإلهام (الوحي)، أم نزل بنفس الكلمات والأحرف المخطوط بها والمتلو بها الآن؟؟ مع تقديم البرهان على كل ما تقول. وهذا هو السؤال الذي لم يجب عليه الأخ عز الدين ولم تجب عليه سيادتك في تعليقك الكريم، وأنتظر جوابا محددا ببرهان محدد. مع وافر شكري واحترامي نهرو طنطاوي
(رد بواسطة نهرو طنطاوي) الأستاذ والأخ الفاضل عز الدين وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أكثر ما راقني في تعليقك هو دماثة الخلق والطيب من القول ورقة القلب وإني لأغبطك على ذلك من دون حسد. أخي الأستاذ عز الدين الأرضية المشتركة موجودة إن شاء الله وهي الإيمان بالله وبكتابه ورسوله وبأن القرآن هو من عند الله كوحي أوحى به الله إلى خاتم النبيين محمد عليه الصلاة والسلام وأوكد لك بأننا متفقان كلانا في هذه الأرضية، لكننا قد نختلف في السبيل الذي نزل به القرآن على قلب النبي محمد، واعلم أنني ما خرجت عن وسائل المعرفة التي ذكرت في تعليقك. أخي عز الدين أنا أومن بأن القرآن هو صلب الدين الإسلامي وقاعدته وهو النور والهدى والرحمة، ولكن هذا لا يمنعني من محاولة معرفة كيف نزل هذا الكتاب على قلب النبي محمد، وكذلك لا يجبرني على أن أومن بالقرآن بتبعية عمياء (حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا) أو أكون غافلا عن كيفية إنزاله، بل إن بحثي هذا يزيد في إيماني به وليس العكس. واعلم أني لم أغفل ما سقت من آيات في تعليقك ولكني ما وجدت فبها برهانا على ما ذهبت أنا إليه وما وجدت فيها جوابا على تساؤلاتي، وصدقني أنا كما قلت أنت فكل أماني أن أصل إلى فهم أفضل وأقرب للصحة لكيفية نزول القرآن الكريم، أنا لا أحب القفز فوق المحور الأساس الذي نتحاور حوله وهو كيفية نزول القرآن على قلب الرسول والهيئة التي نزل بها. وإذا كان قولي لك: (اعتبرني غير مؤمن بالقرآن) قد أغضبك أو أثارك بعض الشيء فاعلم أني ما قصدت بقولي هذا سوى التجرد والخلوص من كل معتقد أو ظن أو أفكار موروثة مازالت مترسبة في نفوسنا من كتابات القوم السلف أو الخلف، فبغير التجرد والخلوص الحق من أي أفكار مسبقة فصدقني سنكون كمن (ينفخ في قربة مقطوعة) ولن نصل لشيء، والعبارة التي قلتها أنا قد أمر الله رسوله بقول عبارة مماثلة لها لأهل مكة حين قال: (قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون) فهل أجرم الرسول حقا، كلا، ولكنه التجرد والخلوص والتخلي للوصول للحقيقة.
أما حديثك عن هدمي لقدسية القرآن فقد صدقت في هذا والله، فما القدسية التي ألبسناها قسرا للقرآن سوى صنم ووثن وإفك خلقناه وافتريناه لنقف عاجزين عن فهم القرآن وفهم طبيعته بل هي سور منيع يعيقنا عن كشف آيات الله المكنوزة فيه، بل إن تلك القدسية المزعومة هي أكبر معول لهدم القرآن بل هدم الدين الإسلامي كله، بل تلك القدسية المزعومة التي تتحدث عنها هي التي استباحت حرم القرآن لكل حالم وكل هاو أن يقول في القرآن ومن القرآن ما يشاء وما يحلو له ولهواه. أما قولك: (وما الذي يمنع وحيا من الله أن يصل إلى سمع وعقل وقلب الرسول الكريم واضحا مفصلا بينا بكل حرف فيه) انتهى الذي يمنع ذلك هو كما قلت أنت (الوحي) فالوحي يا سيدي العزيز لا يعني البلاغ بالصوت ولا بالكلام ولا بالحروف المخطوطة أو المتلوة وإنما هو حدث وعلم وإلهام ينزل على القلب فيقوم النبي الذي نزل الوحي على قلبه بتحويله بنفسه إلى صوت وكلمات وجمل وعبارات برعاية الله له وتوجيهه، هذا هو معنى الوحي الذي لا معنى له سوى ذلك، أما لو وصل القرآن إلى النبي عن طريق سمعه فلا يمكن ساعتها تسميته بوحي على الإطلاق، وإنما هو بلاغ صوتي تلقته أذن تسمع وليس وحيا، وأتفق معك بأن الله لا يمنعه مانع ولا يعجزه شيء في إيصال القرآن إلى سمع الرسول أو إلى عينيه مخطوطا ليتلوه ولكن أين البرهان القرآني علي ذلك؟؟ أين البرهان؟؟، فالقرآن برهن على عكس ذلك ببرهان قاطع حاسم حين قال: (نزل به الروح الأمين* على قلبك لتكون من المنذرين)، فأنا أقول بكل وضوح وجلاء ومن دون مواربة القرآن نزل كعلم وأحداث فيما يشبه الرؤى والحدس والإلهام أقول فيما يشبه الرؤى والحدس والإلهام ثم قام النبي محمد بنفسه برعاية الله وتوجيهه بنقله إلى حروف وكلمات وعبارات منطوقة متلوة مخطوطة كما هو عليه اليوم، ومن يستطيع أن يثبت غير ذلك فليأت ببرهانه إن كان من المحقين فيما يقول. وأعدك بكل صدق وأمانة بأن أعيد النظر بقلب سليم في كل آيات الله المتعلقة بهذا الموضوع كما طلبت مني. لك مودتي ومحبتي واحترامي نهرو طنطاوي
(رد بواسطة نهرو طنطاوي) الأستاذ المحترم إبراهيم بن نبي تحية طيبة لشخصكم الكريم سعدت بتشريفك لمقالي ومرورك عليه وأشكرك على ترحيبك بي في المنتدى الموقر واعتذر عن تأخري في الرد وذلك لظروف عملي وانشغالي ببعض شأني. بداية سبق لي تلاوة معظم كتاباتك الكريمة ووجدت بها اتفاقا وتماثلا كثيرا في الأفكار بينها وبين كتابات الصديق والأخ المحترم الأستاذ سمير إبراهيم خليل حسن، الذي تلوت له كل كتاباته منذ بدأ في نشر كتاباته على موقع الحوار المتمدن أي منذ بضع سنين، وأصدقك القول أن هذه الكتابات بذلتم فيها جهدا كبيرا وملحوظا ولا يمكنني أن أنكر جهدكم المشكور في هذه الدراسات القيمة والشيقة، وأصدقك القول بأني أتفق معكما في أشياء وأختلف في أخرى، وهي بصدق تحمل فكرا جديدا وتناولا ممتعا لطبيعة النص القرآني، ولكن هذا التشويق والإمتاع في هذه الكتابات لا يعني من وجهة نظري الشخصية أنها دائما تكون على صواب، وتقييم كتاباتكم الكريمة ليس موضوع حديثنا وإنما فقط وددت أن أحيطك علما بأني على دراية بأفكارك وكتاباتك الكريمة. سيدي الفاضل تلوت تعليقك الكريم على مقالي وقد ذكرت فيه أني أضع النبي كمترجم شخصي للتنزيل، وأني أضع النبي الكريم محور هذا التنزيل. أقول ردا على كلامك ما يلي: هل لدى سيادتكم علم يقول غير ما ذهبت أنا إليه فتخرجه لي، أو برهان من الكتاب تبينه لي؟؟. أما ما يخص قولك الوارد في التعليق: (إذ لا يمكنه أن يترجم إلاّ بسقف قومه المعرفي و بلغتهم البشرية المحصورة تاريخا و محيطا. و حينئذ فالقرءان يصبح نصّا تاريخيا لا يمكنه حمل الحق الكوني بله الإحاطة به.)انتهى. أقول: إن الرسول ترجم الوحي وفق لسان القوم ودلالات ذلك اللسان المعروفة لدى القوم آنذاك، ولو ترجم الرسول الوحي للقوم وفق دلالات لسانية لا يعرفونها ولا يعوها ولا علم لهم بها، لأصبح الكتاب الكريم بالنسبة لهم كتابا أعجميا غير معروف وغير معلوم وغير مفهوم الدلالة لديهم على الإطلاق، فيصبح كرسالة بلسان الإنجليز أرسلت إلى شخص لا علم له ولا معرفة بلسان الإنجليز، فما سقته سيادتكم في كتاباتكم يدل بكل وضوح وصراحة على أن الكتاب الكريم كان كتابا أعجميا جملة وتفصيلا لقوم الرسول حين بلغه الرسول إليهم، بل ظل ذلك الكتاب أعجميا للدنيا بأسرها طوال ما يزيد على 1400 عام ولم يكتشف أحد عربية وبيان القرآن وفك رموزه وطلاسمه ومعاني حروفه وكلماته حتى ظهر الأستاذ سمير حسن والأستاذ إبراهيم بن نبي، مع خالص احترامي وتوقيري الشديد لكما ولأفكاركما، وكأن الدنيا بأكملها من مسلمين وغير مسلمين من عرب وغير عرب قد اجتمعوا على أن يأتمروا على الكتاب الكريم وعلى معاني حروفه وكلماته ومعانيه وعلومه ورموزه إلى أن قام الأستاذ سمير حسن والأستاذ إبراهيم بن نبي لكشف تلك المؤامرة وفضحها وقاما بكشف التعتيم وإزالة السور الذي ظل قرونا من الزمان مضروبا حول معاني ومفاهيم حروف وكلمات الكتاب الكريم، وهذا ليس تقليلا من شأنكما ولا أفكاركما، كلا وحاشا، وإنما هو سؤال مشروع وملح يحتاج لإجابة علمية مشروعة ومقبولة، وهذا لا يعني أن كل أفكاركما خطأ، كلا، ففي كتاباتكم كثير من الأشياء التي أراها صوابا والتي استفدت منها أنا شخصيا. أما ما أذهب إليه أنا في هذا الجزء من الموضوع أن الرسول هو من ترجم الوحي بنفسه وبلسان قومه وبكل ما يحمله لسان القوم من معاني ودلالات ومفاهيم وسياقات وخط ورسم، ولكن ما جحده أهل مكة من الكتاب الكريم الذي بلغهم وفق دلالات ومعاني ومفاهيم لسانهم الذي يتكلمون به هو العلم الذي حملته كلمات وحروف ودلالات ومعاني ذلك اللسان (لغة العرب). وبعبارة أخرى لقد فهم العرب محتويات الكتاب ومضامينه ومعانيه أكثر مني ومنك، ولكنهم قاموا بتكذيب ما يحوي هذا الكتاب من علم وأنباء وأخبار وأحكام وشريعة وأحاديث لم يكن لديهم أدنى علم بها من قبل، وهذا هو ما دعاهم إلى أن يصفوا آيات الكتاب الكريم بقولهم: (إن هذا إلا سحر مبين)، وقولهم هذا يدل بكل وضوح أنهم كانوا أكثر فهما وعلما بمقاصد ومعاني ودلالات القرآن منا نحن اليوم، وأضرب لك مثلا على ذلك: لو أن شخصا أرسل لك برسالة يخبرك فيها بأنه رأى دابة لها أربعة رؤوس كل رأس تأكل وتتنفس وترى بمفردها بمعزل عن بقية الرؤوس الأخرى، وذكر لك بأنها تستطيع المشي في كل الاتجاهات دون أن تستدير أو تتوجه إلى الجهة الأخرى. هل في هذه الرسالة أي عجمى أو أي شيء غير معقول أو أي غموض؟؟، كلا، فالشيء الوحيد المفقود في هذا الخبر هو الوقوف الفعلي على تلك الدابة ورؤيتها والتأكد من صدق الخبر أو عدم صدقه، ومن صحة مضمون الرسالة من عدم صحته، أما الرسالة في ذاتها كنص فليس فيها أي عجمى أو أي خلل أو غموض في منطوقها وحروفها وكلماتها ومعانيها، هذا تماما ما حدث من أهل مكة مع الكتاب الكريم، فمنهم من صدق وآمن ومنهم كذب وجحد ومنهم ومنهم ومنهم إلى آخره، وبالتالي أقول ما الضير في حمل الرسول للوحي كعلم نزل على قلبه إلى معاني ودلالات ومفاهيم وحروف وكلمات لسان قومه؟؟. الأمر المهم والخطير الذي لاحظته في كل كتابات سيادتكم وكتابات الأستاذ سمير حسن هو التعتيم المضروب من كلاكما عن غير قصد منكما حول آية سورة إبراهيم التالية: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) (4_ إبراهيم)، أليس في هذه الآية دلالة واضحة على أن القرآن قد صاغه الرسول بنفسه بلسان قومه المتداول والمعروف لأهل مكة وليس بلسان الله ولا بلسان الروح الأمين وليس بلسان قوى ملائكية قامت على صياغته كما تدعون، وفي هذه الآية كذلك دلالة قاطعة حاسمة على أن الكتاب الكريم بكل حروفه وكلماته وألفاظه ومعانيه ودلالاته وعلومه وأخباره وأحاديثه وآياته ورسمه وخطه خاضع بشكل كامل لدلالات ومعاني ومفاهيم وسياقات ورسم وخط ولفظ لسان قوم الرسول (أهل مكة)، وأرى أن هذه الآية تطيح بفرضياتكم التي سقتموها حول صياغة القوى الملائكية للكتاب الكريم، فقد رأيت في كتاباتكم تفريقا ملحا ومكررا بين لسان قوم الرسول ولسان الكتاب وكأن هناك لسانين وليس لسان واحد، لسان قوم الرسول البشر وهو لسان أعجمي باطل كما تدعون، ولسان عربي هو لسان الكتاب الكريم، مع أن الآية الكريمة توكد ومن دون أي شك أو ريب أن الكتاب الكريم تم صياغته كرسم وخط ولفظ ودلالات ومعاني ومفاهيم وفق لسان قوم الرسول وليس أي لسان آخر كما جاء في الآية، وتوكد من دون أي شك أو ريب على أن الرسول نفسه هو من قام بصياغة الكتاب بنفسه وفق دلالات ومعاني ومفاهيم ولفظ لسان قومه وليس أي شخص آخر غير الرسول وليس أي لسان آخر غير لسان قومه، وما يؤكد ذلك من دون أي شك أو ريب هو قوله سبحانه في نفس الآية: (بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) فجعل المقصد والهدف والمراد من إرسال الرسول بلسان قومه هو (((البيان لهم)))، وهذا يوكد من دون أي شك أو ريب أنه لا بيان للكتاب إلا عبر بوابة لسان قوم الرسول وحسب، وأي بيان للرسالة يتخطى لسان قوم الرسول هو بيان باطل. الأمر الآخر أنك ذكرت في تعليقك أن نقل القرآن من وحي إلى لغة القوم البشرية يجعل منه نصا تاريخيا لا يمكنه حمل الحق الكوني والإحاطة به. وأنا أختلف معكم في هذا لأن الكتاب الكريم لا يروي حدثا كان موجودا في زمن الرسول وانتهى بغير رجعة أو من دون تكرار له، وإنما أرى الكتاب الكريم رسالة إلى كل البشر في كل زمان ومكان حملت من الأشياء والحوادث والأفعال التاريخية معانيها وعلومها ودلالاتها ومفاهيمها وقيمها الباقية والدائمة ببقاء ودوام البشر على كوكب الأرض فلا تتبدد ولا تنقضي ولا تنقرض، فقد تتغير الأشياء وقد تتغير الأحداث وقد تتغير الأفعال إنما معانيها ودلالاتها وعلومها ومفاهيمها وقيمها لا تتغير ولا تتبدل ولا تنقضي ولا تنقرض، ومثلا على ذلك السفر من مكان إلى آخر هو هو السفر بمفهومه ودلالاته ومعانيه سواء سافرت بالناقة أو سافرت بصاروخ أو مكوك فضائي. فالتاريخي في الكتاب الكريم هو قشور الحدث وصورته وشكله وكيفيته أما علومه ودلالاته ومعانيه ومفاهيمه وقيمه ستظل باقية ببقاء آخر فرد من الجنس البشري على ظهر هذا الكوكب. أما قولك: (استحالة هذه الترجمة دون برنامج داخلي في فؤاد من نزل عليه يمكنه إخراج الموجة المتلقاة نصا منسوخا). انتهى هذا القول منك يدل على علمك واطلاعك على تكوين فؤاد النبي محمد وبالتالي اطلعت على البرنامج الداخلي الذي يمكنه من إخراج الموجة المتلقاة نصا منسوخا، أخي الأستاذ بن نبي كيف علمت أن بفؤاد الرسول برنامج يقوم بفعل ما ذكرت؟؟، وهل هذا البرنامج هو خاص بفؤاد النبي محمد وحسب، أم أنه في كل الناس، ويبقى قولك هذا قول بغير علم أو محض دعوى إلا إن أقمت له برهانا من الكتاب. أخي الأستاذ بن نبي لقد جمعت لسيادتكم بعضا من أقوالك التي وردت في بعض كتاباتك وأريد عليها برهانا من الكتاب، لقد قلت في مقال لك بعنوان: (دراسة في خط القرآن ورسمه) ما يلي: (إنني أعتذر عن عدم سوق كل ألفاظ ظاهرة "قوم" و يكفي هذا القدر المساق للتدليل على أهمية الرسم في البرهان على أنّ القرآن تنزيل, أي أن مخ النبي (قلبه بالتعبير القرآني) هو مستودع النص رسما و لفظا ويستحيل أن يكون غيره هو الذي خطّ القرآن.) انتهى هل لديك أخي الفاضل أي برهان من الكتاب على أن مخ النبي (قلبه بالتعبير القرآني) هو مستودع النص رسما ولفظا؟؟ أخي الكريم نريد أن نعرف مثلك كيف عرفت أن رسم ولفظ القرآن أودع في مخ النبي؟؟ هل ورد هذا في الكتاب أم أنه شيء من عند نفسك واجتهادك؟؟، وقلت أخي الكريم في مقال آخر بعنوان: (خطوات في تأسيس منهج قراءة القرآن1) ما يلي: (القرآن كلام الله الحي القيوم رسما و لفظا) انتهى أخي الكريم هل قولك هذا يعني أن الله تكلم به بلسان ينطق ويد ترسم أم تقصد أنه خلقه رسما ولفظا؟؟ وأظن أنك تذهب إلى القول بالخلق، ولكن أخي الكريم من أخبرك بهذا؟؟ وكيف علمت؟؟ وما برهانك من الكتاب على أن الله هو من خلق القرآن رسما ولفظا وقام بتنزيله أو إنزاله لفظا ورسما؟؟. وقلت في نفس المقال ما يلي: (رسولا: أحد المخلوقات التي تحمل هذا الكلام وتبلغه نصا للمرسل إليه.) انتهى أقول: وكذلك نطالبك بالبرهان على أن رسولا من أحد المخلوقات حمل هذا الكلام وبلغه نصا للمرسل إليه؟؟، وكيف علمت ذلك؟؟. وقلت في مقال آخر بعنوان: (خطوات في تأسيس منهج قراءة القرآن2 ) ما يلي: (وبصياغة الكلام من ربّ النبي و سيده المكلف به وتنزيل قوى ملائكية للوحي القرآني تمّ إنزال القرآن على قلب النبي الكريم ليبينه للناس لفظا ورسما. فآية الشورى 52 من الشورى تشرح لنا الجمع الملائكي المكلف بإيصال التنزيل) انتهى وقلت في نفس المقال ما يلي: (كلام الله المنزل على قلب النبي حمله الروح إليه لفظا و رسما) انتهى أخي العزيز كل كلامك يحتاج إلى برهان من الكتاب على أن الله أنزل القرآن على قلب النبي محمد لفظا ورسما، وإلا يبقى كل ما قلته في كتاباتك حول هذا الأمر محض قول بغير علم ومحض دعوى لا برهان. ولقد عدنا من جديد (لننفخ في القربة المثقوبة) فلن تمتلئ القربة بالريح ولن نمل من النفخ!!. فإلى الآن لم يذكر لي أحد من كل الأخوة المعلقين على موضوعي أعلاه برهان واحد من الكتاب على أن الله أو القوى الملائكية هو أو هي من صاغت الكتاب الكريم رسما وخطا ولفظا وليس النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ولم يذكر واحد من كل الأخوة المعلقين برهان واحد على ما ذهب هو إليه أو كيف علم ذلك. أما بخصوص سؤالك عن الأحرف في فواتح بعض السور فصدقني أني مازلت للآن أبحث في أمرها وحين أفرغ من تكوين فكرة كاملة حولها ببرهان سوف تجد رأيي هذا في بعض مقالاتي، لكن دعني أعتب عليك لإيرادك مثل هذا السؤال في حوارنا لأنه يشبه من قال لصاحبه هل محمد نبي أم لا؟؟، فبدلا من أن يجيبه صاحبه على سؤاله، رد عليه بقوله ماذا تقول في تحريم النبي للربا؟؟، أخي العزيز بن نبي سؤالك هذا ليس محله موضوع حوارنا فحوارنا ينصب في جزئية واحدة وحيدة وهي كيفية نزول القرآن على قلب الرسول، وهل نزل كعلم وأحداث فيما يشبه الرؤى والحدس والإلهام كما أقول أنا؟؟، أم نزل نصا ورسما ولفظا كما تقول أنت؟؟، هذا هو بيت القصيد، فأرجو من سيادتكم عدم القفز على موضوع الحوار الذي نحن بصدده وهو: هل نزل الوحي على قلب الرسول مرسوما مخطوطا ملفوظا وما البرهان من الكتاب على ذلك؟؟ ومن الذي قام بنقل القرآن من الوحي إلى لسان قوم النبي؟؟ وهل هو النبي نفسه برعاية الله وتوجيهه كما أذهب أنا؟؟ أم الحي القيوم عن طريق قوى ملائكية قامت بنقله إلى لسان قوم الرسول ومن ثم تم تنزيله إلى قلب النبي محمد بلفظه ورسمه كما تذهب أنت وما برهانك من الكتاب؟؟
(مداخلة بواسطة نصير حواري) الاستاذ الفاضل نهرو طنطاوي ساحاول الاجابه على سؤالك بحدود سقفي المعرفي ، اذ يقول الحق تعالى (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ) هنا ينفي الحق سبحانه ان يكون هذا القرءان لسان ( صياغة ) بشر ، فلسان البشر اي بشر ومنهم النبي نفسه لسان اعجمي ، فلسانه عليه السلام كلسان قومه تماما حرفه عربي وبنيته وصياغته أعجميه اما هذا القرءان فحرفه عربي وبنيته وصياغته عربيه ، وهذا الفرق بين لسان القرءان العربي ولسان البشر الاعجمي هو الذي ينفي ان يكون محمدا البشر قد صاغ القرءان . كما انه ومن الطريقه التي صيغ بها القرءان كمفاتيح السور مثلا ومن حيث الخطاب والمخاطِب والمخاطب وصيغ المفرد والجمع كلها لا تحتمل بل وتنفي ان يكون النبي هو من صاغ القرءان ، فالقرءان الفاظا وصياغه ورسما تكفلت به قوى ملائكيه ( ملأ اعلى ) بامر من الله تعالى وتحت سلطته وهذه المرحله الاولى في عملية الانزال ، ثم تبعها في ليلة القدر اشهار هذا القرءان وانزاله بعد ان اصبح مصاغا بطريقه قابله للادراك البشري وهذه المرحله الثانيه وتكفّل فيها الروح الامين حصرا في ايصال هذا القرءان الى قلب النبي الذي دليله دماغ النبي ، فلفظ القلب في القرءان هو الدماغ الانساني حصرا . فالقرءان حمّل الفاظا وصياغه ورسما كما وصلنا على موجه خاصه لا نعلم ماهيتها ولا يمكن اختراقها والتأثير عليها وارسلت ليستقبلها جزء مخصص في دماغ ( قلب ) النبي وهذا الجزء بمثابة ( جهاز استقبال خاص لهذه الموجه ) وتم تخزين القرءان كاملا في دماغ النبي ، ثم خروجه من فم النبي تبعا للاحداث عبارات منطوقه اولا ومرسومه في صحيفه ثانيا وهذه هي المرحله الثالثه والتي بها اكتمل نزول القرءان بوصوله الى الناس .
(رد بواسطة نهرو طنطاوي) الأخ الأستاذ نصير حواري تحية طيبة لشخصكم الكريم أستأذنك في نقل ردي على تعليقكم الكريم هنا لوحدة الموضوع الذي نتحاور حوله. لقد تلوت تعليقك وقبل أن أجيبك أريد من سيادتكم أن تفرق لي بين ثلاثة أشياء وردت في الكتاب الكريم وبعده أجيبك على تعليقك، وهي: ما الفرق بين: لسان قوم الرسول الذي أرسل به الرسول بالكتاب الكريم ليبين لهم؟؟. اللسان العربي الذي وصف به الكتاب الكريم؟؟. اللسان الأعجمي؟؟. وبعدها نكمل الحوار. لكم مني جميعا خالص الود والاحترام والتقدير نهرو طنطاوي
(رد بواسطة نهرو طنطاوي) أخي الفاضل الأستاذ خالد هلال تحية طيبة لك ملحوظة هامة للأستاذ خالد هلال ولكل الأخوة القراء: (أنا لا أقول بالترادف اللغوي بل وأبطله واستقي دلالة ومفهوم أي كلمة من قواميس اللغة المختلفة ومن كتب النحو والصرف ودراسات علم اللغة وفق جذر الكلمة الثلاثي وبهدى الكتاب الكريم في تتبع موارد وسياقات أي كلمة أريد الوصول إلى مدلولها، وأعلم أن كل حرف بل كل حركة من حركات الكتاب (التشكيل) له مدلوله الخاص، ولا أعتمد في ذلك على قاموس بعينه أو مرجع بعينه فلدي عدد ضخم من قواميس اللغة ومراجع النحو والصرف ودراسات علم اللغة، فقد يستغرق مني البحث عن مدلول كلمة واحدة ربما عشرة أياما أو أكثر أكون غارقا فيها بين قواميس اللغة ومراجع النحو والصرف ودراسات علم اللغة الغربية والعربية بالساعات الطوال منذ الصباح وحتى المساء ليطمئن قلبي إلى ما توصلت إليه من مدلول ويكون الهادي لي في كل ذلك هو الكتاب الكريم). أخي الكريم إن القضية أو الجزئية أو الإشكالية التي نتحاور حولها هي قضية جذر مفصلي يترتب عليه كل وأي نقاش فرعي آخر، نحن لا نتحدث عن نواقض الوضوء!!، ولا نتحدث عن قضية هل الرسول هو النبي أم القرآن، ولا نتحدث عن مشروعية ما تسمونه بالوحي الموازي أو ما يسمى بالسنة، ولا عن بوذا نبي أم لا، ولا نتحدث عن أي شيء فرعي آخر، فكل هذه الأمور وغيرها سواء ما ورد في جميع كتاباتي أو في جميع كتابات الأستاذ إبراهيم بن نبي أو جميع كتابات الأستاذ سمير حسن أو جميع كتابات غيرنا ما هي إلا فروع أو أعراض كما يقول الفلاسفة، أما ما نتحاور ونتحدث حوله هي قضية (جذر) (أم) (أساس) (أصل) (مركز) (مفصل) (نقطة انطلاق وبداية) أو (جوهر) كما يقول الفلاسفة، نحن نتحدث عن الهيئة التي نزل الله بها القرآن على قلب النبي محمد عليه الصلاة والسلام هذه القضية ليست كمثل قضية بوذا نبي أم لا، وليست كمثل قضية هل المقصود بالرسول هو النبي محمد أم القرآن، وليست كقضية هل هناك وحي موازي أم لا، كلا، فكل تلك القضايا هي محض قضايا فرعية وحسب، أما قضية الهيئة التي نزل الله بها القرآن على قلب النبي محمد عليه الصلاة والسلام هي تشبه وتماثل بشكل كبير العبارات التي تقول: (أكون أو لا أكون) أو (الوجود والعدم) أو (العدو أمامك والبحر من خلفك)، أو (يا أبيض يا أسود)، أو (فماذا بعد الحق إلا الضلال). فما لم نتفق من البداية (وليس معنا الاتفاق هنا أن تتبعني في رأيي أو أتبعك في رأيك، كلا، ولكن نصل معا إلى كلمة سواء) فما لم نصل منذ البداية لكلمة سواء في هذه القضية، فبكل صيغ الجموع أقول لك إن كل وأي حوار بيننا هو ضرب من العبث والترف الكلامي يصبو إليه من يريد تضييع وقته هباء، ويصبو إليه (الخَلِيْ) أو باللهجة العامية المصرية (الفاضي) أو باللهجة الخليجية (المتفرغ)، أو باللهجة الصعيدية لدى أهلي الصعايدة (قلبه فاضي يا بوي). وأضرب لك مثلا على أن أي حوار في أي موضوع ما لم نتفق على القضية الأم الجذر التي نحن بصددها هو حوار فرعي وليس جذريا: فمثلا قضية البحث في نبوة بوذا الذي ذكرته سيادتك في تعليقك السابق، هو موضوع فرعي لا يخالفني فيه أحد على جذره، ولكن يخالفني كثير أو بعض الناس على نتائجه، وبعبارة أخرى لقد جاء في الكتاب الكريم أن الله بعث في كل أمة رسولا وأن الله أرسل رسلا من قبل النبي محمد منهم من قصهم عليه ومنهم من لم يقصصهم عليه، هذه القضية الجذر الأم في موضوع بحثي عن الرسل الذين أرسلهم الله قبل محمد ولم يقصصهم عليه لا يخالفني فيها أحد من المسلمين على الإطلاق منذ بدء بعثة النبي محمد وإلى الآن على فترة 1400 سنة، وكذلك لم يجهلها أحد من المسلمين على الإطلاق على فترة 1400 سنة؟؟، ولو طالعت أي تفسير من التفاسير لأي مفسر من المفسرين لوجدته يقر ويؤمن بأن الله بعث في كل أمة رسولا وأن الله أرسل رسلا من قَبْل بعثة النبي محمد ولم يقصصهم الله عليه، ولا أظن أن مسلما واحدا منذ 1400 سنة يجهل ذلك أو يخالفني فيه منذ بعثة النبي محمد وحتى ساعتنا هذه، إنما الجديد الذي قام به نهرو طنطاوي في دراسته حول الديانات الشرقية هو كمحاولة السير في الأرض لينظر من هم الرسل الذي بعثهم الله لكل أمة ومن هم الرسل الذين لم يقصصهم الله على النبي محمد في الكتاب الكريم، فبعملي وفعلي هذا لم آت بقضية جديدة محدثة أفتريتها من عند نفسي كقضية (أم) (جذر) (جوهر) لا وجود لها في الكتاب على الإطلاق، وإنما القضية الجذر الأم أو الأصل موجودة في الكتاب حقا وهي أن الله أرسل لكل أمة في الأرض رسولا منهم من قصهم ومنهم من لم يقصصهم، وما قمت أنا بعمله هو محاولة لقرءهم وبيانهم وكشفهم، أما ما خالفني فيه الناس هو أن يكون كل من (بوذا* كونفوشيوس* زرادشت* براهما) أنبياء ورسل كما جاء في دراستي، وهكذا في كل موضوعات الكتاب الكريم وعلومه هناك كثير وكثير وكثير من الموضوعات والعلوم لها (جذر) (أم) (جوهر)في الكتاب، فمنها ما تم كشفه وقرءه وبيانه، وأكثرها لم يتم كشفه ولا قرءه ولا بيانه بعد. أما قضية الهيئة أو الصورة أو الطريقة أو الكيفية التي تم إنزال أو تنزيل القرآن بها على قلب النبي محمد فهي قضية مفصلية فرقانية بيني وبين الأستاذ سمير حسن والأستاذ بن نبي، لأنها قضية (جذر) (أم) (جوهر)، كيف؟؟، أقول لك: الأستاذ سمير والأستاذ بن نبي يقولان التالي: لسان قوم الرسول أو ما يسميه السلف (اللغة العربية) هو لسان لا يمكنه أن يحوي رسالة الله القرآن إلى الناس لأنه لسان بشري أعجمي باطل، في حين أن الكتاب الكريم يقول بعكس ذلك، فالكتاب الكريم يقول بصورة جلية واضحة لا لبس فيها ولا غموض في سورة إبراهيم: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم)، وهذا النص يبين بكل وضوح وجلاء ومن دون شك أو ريب أو لبس أن أي رسول أُرْسِلَ بلسان قومه، وما هو لسان القوم سوى كلامهم أو (لغتهم) المتداولة فيما بينهم المعروفة لديهم بحروفها ودلالاتها وسياقاتها ورسمها ولفظها ومعانيها واصطلاحاتهم التي اصطلحوا عليها فيها وقت نزول الكتاب، بل قد ذكر الله في نفس الآية أن العلة والهدف والغاية من إرسال الرسول بلسان قومه كانت ((ليبين لهم))، مما يعني أنه لولا إرسال الرسول بلسان قومه لما تبين القوم من الرسالة شيئا، ومما يعني كذلك أن لسان القوم هو السبيل الوحيد لبيان الرسالة وليس من سبيل آخر سوى لسان القوم الذي يصفه كل من الأستاذ بن نبي والأستاذ سمير بأنه لسان بشري أعجمي باطل. ((أليست هذه قضية (جذر) (أم) (جوهر) بيني وبين الأستاذ سمير والأستاذ بن نبي، أخي الأستاذ خالد؟؟؟)). فكيف يمكن الحوار بيننا في قضايا قرآنية فرعية أخرى من دون اتفاق ابتداء على من الذي نقل القرآن من الوحي إلى هيئته التي هو عليها الآن، هل هو الله من أنزله على قلب الرسول برسمه ولفظه كما يدعي الأستاذان الفاضلان؟؟، أم حمله الرسول ونقله بنفسه من قلبه كمعاني محض إلى كلمات وحروف لسان قومه كما أذهب أنا؟؟، ومن هنا يكون الفراق بيني وبينهما، حيث سنختلف في آليات قراءة النص، فهم سيذهبون إلى حيث يذهبوا في آلياتهم التي يعتمدونها في القراءة، وأنا سأذهب إلى حيث لسان القوم الذي اعتمده في قراءة النص. أما القضية الأخرى الجذرية الجوهرية الأم التي ليس لها أصل أو جذر أو أم أو جوهر في القرآن هي الهيئة التي نَزَّلَ الله بها الكتاب على قلب النبي محمد، وهي نزول القرآن برسمه ولفظه على قلب النبي محمد كما ذكر الأستاذان الفاضلان بن نبي وسمير حسن، وعليه فهي قضية مفصلية فرقانية بيني وبين الأخوين الكريمين بن نبي وسمير حسن، فأنا من وجهة نظري الشخصية أرى أن قولهما هذا هو قول بغير علم ودعوى بلا برهان، أما أنا فقولي في الهيئة التي نَزَّلَ الله بها الكتاب على قلب الرسول هي: أنه نزل كوحي أي علم ومرائي وأحداث وحدس وإلهام على قلب الرسول، فقام الرسول بنفسه بنقل ذلك الوحي: (العلم الأحداث المرائي الحدس الإلهام) من قلبه إلى لسان قومه البشري المتداول المعروف لديهم بدلالاته ومعانية وسياقاته واصطلاحاته وحروفه ورسمه ولفظه وخطه. فبالله عليك يا أخي خالد كيف نتحاور في أي قضية فرعية وبين منهاجينا بعد المشرقين، وليت الأمر يتوقف عند هاتين القضيتين وحسب، بل هناك كثير من القضايا والمفاهيم الجذرية الجوهرية الأم بيني وبين الأستاذين الفاضلين بن نبي وسمير حسن ولقد أتيت عليها جميعا في كتابين لي: (مكونات الإدراك في الإنسان) و(هل تمكن الإنسان من العثور على الله). فأي سؤال أخي خالد سوف تسأله لي كسؤالك عن مفهوم كل من: (قرآن* وحي* عربي* أعجمي* مبين* سحر* قوم* روح* جبريل)، فبكل بداهة سوف أحيلك إلى لسان قوم الرسول (اللغة العربية) وقواميسها ومراجعها ومصادرها. ولقد قلت في تعليقك تتهمني بما يلي: (ومحاولة قصر الرسالة على قوم بعينه) انتهى. هل تستطيع أخي خالد أن تثبت ببرهان أن نهرو طنطاوي هو من قصر الرسالة على قوم النبي محمد وليس من أرسل الرسالة لقوم الرسول سبحانه حين قال: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم)؟؟؟. يا أخي الفاضل الرسالة هي بالفعل مقصورة على لسان قوم الرسول البشري (أهل مكة) وحسب، ودورنا نحن قوم الرسول أن نحمل مضمون ومحتوى هذه الرسالة من هذا اللسان إلى جميع أمم الأرض، ولكن بأي وسيلة؟؟، ((بالعلم، بالفكر الحر، بالعمل الصالح، بالأخلاق، بالحق، بالعدل، بالقسط، بالحرية، بالسياسة الرشيدة، بالاقتصاد النظيف، بحقوق الإنسان واحترام آدميته، بالسير والنظر في الأرض))، أعيد القول فأقول الرسالة بالفعل مقصورة على لسان قوم الرسول (أهل مكة) وحسب، ولكن دورنا نحن قوم الرسول هو حمل محتواها ومضمونها بالترجمة الفعلية العملية الواقعية إلى كل العالمين، بعد تخليص نفوسنا وتحريرها من الوثنيات الكالحة والقداسة الزائفة التي ألبسناها زورا لكل ما هو ديني، فقصر الرسالة على لسان قوم بعينهم ليس فيه أي عائق يعوق حمل المضمون والمحتوى إلى الناس أجمعين، بل إن الحمل الحي الواقعي العملي الفعلي لمحتوى ومضمون الرسالة إلى العالمين هو أبلغ ملايين المرات من تبليغه بلسان الأستاذ سمير حسن أو بلسان الأستاذ بن نبي أو بلسان نهرو طنطاوي أو حتى بلسان الله نفسه لو كان له لسان يتكلم به، وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. أما بخصوص قولك: (هل معنى ظهور أمر ما متأخرا أنه غير صحيح) انتهى. أقول: ظهور المتأخر من الأمور المنسوبة للكتاب هو غير صحيح إن لم يكن له (جذر) (أم) (أصل) (جوهر) في الكتاب. أما قولك عن الاكتشافات العلمية الحديثة التي لم تكتشفها البشرية منذ ملايين السنين وتم اكتشافها في القرن الماضي وحسب. أقول: أخي الكريم هذه الاكتشافات جاءت نتيجة (جذر) (أم) (أصل) هو: التراكم العلمي والمعرفي الضخم الذي خلفته وشاركت فيه كل أمم وحضارات الدنيا السابقة وليس لأمة من فضل على أخرى في ذلك، هذا التراكم سبق هذه الاكتشافات وهي لم تأت بغتة بين ليلة وضحاها، ففي القرن الماضي والذي قبله كانت البشرية قد وقفت على ميراث علمي ومعرفي وثقافي ضخم من خلاله تم التوصل إلى هذه الاكتشافات العلمية التي نراها اليوم. وفي الختام كلنا يسير في الأرض لينظر ويبحث عن الحق والله وحده يعلم المصلح من المفسد. وصدق الحق حين قال: (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً) (84_ الإسراء) أخي خالد لك وافر شكري واحترامي مع الترحيب بأي تعليق أو سؤال آخر نهرو طنطاوي
نهرو طنطاوي كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر مصر_ أسيوط موبايل/ 0164355385_ 002 إيميل: [email protected]
#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
منع الاختلاط بين الرجال والنساء جريمة
-
هل القرآن كلام الله؟ رد على المستشار شريف هادي
-
عقوبة السجن وصمة عار في جبين البشرية
-
ويبقى موقع الحوار المتمدن هو الأمل
-
خروج الريح لا ينقض الوضوء
-
آدم ليس خليفة الله في الأرض
-
أعِدُكْ أني لن أفلح
-
يا أبت أين أجد الله؟؟
-
المثالية الوهمية عدو الإنسان الأكبر
-
هل التوراة والإنجيل والقرآن كلام الله؟
-
الدكتور أحمد صبحي منصور يستشهد بالسنة
-
هل البكاء على وفاء سلطان، من أجل حرية التعبير أم من أجل حرية
...
-
الإنسان هو الحل
-
هل فازت مصر حقا بكأس الأمم الأفريقية؟؟
-
فكر القرآنيين تحت المجهر، الحلقة الثانية: (السنة والتراث-2)
-
فكر القرآنيين تحت المجهر، الحلقة الثانية: (السنة والتراث-1)
-
فكر القرآنيين تحت المجهر، الحلقة الأولى: (المنهج)
-
محاكم تفتيش أهل القرآن في الطريق إليكم
-
أهل القرآن كلاكيت تاني مرة
-
ماذا قدم أهل القرآن للإسلام؟؟.
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|