|
تجارب دنماركية 18 طفلة أيسلندية في بيتنا
ضياء حميو
الحوار المتمدن-العدد: 2578 - 2009 / 3 / 7 - 10:06
المحور:
المجتمع المدني
تجارب دنماركية 18 طفلة أيسلندية في بيتنا كان اسمها " أيلين " وعمرها 14 سنة بعمر ابنتنا " لانا "، و" أيلين " إ بنتنا المؤقتة لمدة أسبوع واحد فقط، ضمن عملية تربوية تبادلية، تسمى (أصدقاء القلم ). هذه العملية هي تبادل معرفي وثقافي بين صفين دراسيين في بلدين مختلفين، لطلبة من نفس العمر (13 ـ 15 ) سنة. يستغرق الإعداد لرحلة السبعة أيام ،سنة دراسية بين المعلمين والطلبة وأهاليهم الدنماركيين من جهة ،وبين مقابلهم من الأيسلنديين من جهة أخرى. الخطوة الأولى للصف الدنماركي كانت هي بتحديد البلد الثاني وكانت بين بلدين " التشيك " أو " أيسلندا " ومن خلال تصويت ديمقراطي داخل الصف تم اختيار الأغلبية التي اختارت " أيسلندا " ،وكان بهذا الاختيار عقبة مالية ،لان تذكرة السفر له ضعف مثيلتها لجمهورية " التشيك ". الإعداد أرسل معلموا الصف للأهالي رسالة تطلب اجتماعا محددا لغرض النقاش بشأن السفرة ..! وفي الاجتماع اخبرونا ،بهدف السفرة التربوي ،وهو أي السفر اختياري ليس بإلزامي يقرره الأهل ،وتم مناقشة العقبة المالية التي تتمثل بتذكرة السفر ، قال المعلمون إن الصف لدية ميزانية مالية سنوية من البلدية ، وهي لاتكفي للتغطية ،ولكنهم سيرسلون طلبا للبلدية بالمساعدة بعد توضيح هدف السفرة، ولكنهم غير متأكدين من دعم البلدية ، ولذا يريدون أن تُشكل لجنة من أهالي تلاميذ الصف لتخطط معهم بالإعداد للسفرة وهذا ماتم في الاجتماع ، منوهين إلى ضرورة أن يدعم الأهالي جزء من تكاليف أبنائهم من خلال مبلغ شهري بسيط لمدة عام يوضع في حساب الصف المصرفي . لم تعترض سوى عائلتين : الأولى دنماركية ،أوضحت إن إمكانياتها المالية محدودة جدا لاتستطيع معها من تحمل أية تكاليف أخرى ،وأضافت إن ابنتها لم تستخرج جواز سفر مما يعني قرابة 90 دولار أخرى لاتتحملها ،أما العائلة الثانية من أصول شرق أوسطية ،فأوضحت إن تقاليدها لاتسمح بسفر ابنها لوحدة إلى بلد آخر بالإضافة إلى إن التقاليد لاتسمح باستضافة طالب أيسلندي من ديانة أخرى ، تم تفهم واحترام ظروف العائلتين ،راجين منهم التواصل مع لجنة الأهالي عسى أن توجد حلول مستقبلية تغير رأيهم. كانت هنالك لغتان للتواصل بين الطلبة الدنماركيين والأيسلنديين ،الدنماركية التي يدرسها الأيسلنديون منذ الصغر كلغة ثانية بالإضافة للانكليزية التي يجديها الجانبين إجادة ممتازة. أما عن كيفية اختيار الصديق الضيف لكل لطالب فهي عملية تتم بين المعلمين من البلدين بالإضافة للطلبة ،يتم اختيار من له ميول وهويات متقاربة من الآخر،كي يكون للتواصل عبر الانترنت جدوى حين يتم اللقاء بعد عام. وهكذا ولمدة عام " لانا " تتواصل مع "أيلين "بشكل شخصي ،وفي صفها وضمن مادة اللغة الدنماركية هنالك محاضرات ونشاطات أسبوعية للتعريف بكل مايتعلق بأيسلندا ،الثقافة ، السياسة ،الاقتصاد ،الجغرافية...الخ.وبالمثل فعل الأيسلنديون ذات الشيء،قام الصف الدنماركي ،باستغلال امثل للأسبوع المخصص له في حانوت المدرسة ،من خلال بيع العصير والكيك والحلويات التي أضيفت أرباحه لميزانية الصف ،بالإضافة إلى مساهمة طوعية من احد التلاميذ اسمه "تغولس" كان يجمع كرات الغولف الضائعة ويبيعها ويضيف المبلغ إلى ميزانية الصف،وفي هذه الأثناء تمت موافقة البلدية على دعم جزء من الرحلة ماديا ،مما جعل الصف يمتلك فائضا استخدمه الصف لاحقا في رحلات داخل الدنمارك في نشاطات أخرى ،كما إن إدارة المدرسة قررت تحمل تكاليف العائلة الدنماركية التي سبق ذكرها و لم تكن ظروفها المادية تساعدها.، أما العائلة الشرق أوسطية أصرت وجرى تفهم اعتراضها واحترام رغبتها. الزيارة في باحة المدرسة كانت العوائل الدنماركية مع أبنائها باستقبال ضيوفها " أبنائها المؤقتين " ،وهكذا عدنا للبيت فرحين بتجربة جديدة علينا وبرفقة طفلة أيسلندية لطيفة جدا طلبنا منها أن تتصل بعائلتها هاتفيا لكي تطمئنهم وبدورنا القينا التحية عليهم،وقبل أن نجلس للعشاء معا قالت : انتظروا..! فأخرجت من حقيبتها هدايا لكل منا. وعلى مدى أسبوع كامل كانت الحياة والمرح يتدفقان لدى الجانبين لهذه التجربة المثيرة زار الضيوف خلالها أهم المعالم الثقافية والتاريخية في البلاد وتعرفوا على طرق التدريس ،والعمل الجماعي والأفكار الأخرى للصف الدنماركي. أما داخل البيت فكانت " أيلين " جدا فرحة إذ إنها لم تتعرف على الثقافة الدنماركية وحسب ولكن على جزء من الثقافة العراقية ،وأحبت أكلنا الشرقي خصوصا " الدولمة " التي كانت تظنها " أكلة السوشي اليابانية ". بعد شهر من مغادرة الأيسلنديون ،حان دور الطلبة الدنماركيون ،بالسفر ،حملت ابنتنا هدايا لكل أفراد عائلة " أيلين "أصرت أن يكون قسم منها ذو رموز شرقية ،اعتزازا منها بعراقيتها ،مع مصروف الجيب الذي كان محدد بمبلغ لايجوز تجاوزه كي لايحصل تمايز بين الطلاب ممن أهاليهم ذوي دخل محدود. عادت طفلتنا والثقة بالنفس تملأها،معتزة بإنسانيتها ،والاهم من هذا إدراكها بان هنالك أشياء رائعة ليس لها حدود ممكن تعلمها من ثقافات الشعوب المختلفة والمتنوعة. ختاما: ألا يمكن الاستفادة من هذه التجربة بين طلاب البلدان العربية المتعددة، بين المشرق العربي والمغرب العربي، أو بين بلدان الخليج فيما بينها، أو حتى داخل البلد الواحد، بين طلاب الإعدادية للمحافظات المختلفة..؟! ضياء حميو [email protected]
#ضياء_حميو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة إلى الرفاق في قيادة الحزب الشيوعي العراقي
-
تجارب دنماركية 17 المسرح
-
تجارب دنماركية 16 سينما وموسيقى
-
ذبتْ ( شعر شعبي)
-
تجارب دنماركية 15 تضامن طلابي وقُبلة بدولارين
-
المرأة وانقراض الرجل
-
تجارب دنماركية 14 كارل ماركس في المدرسة الأبتدائية
-
قيادة الشيوعيين والدبابة الأمريكية
-
تجارب دنماركية 13 فساد وزير
-
تجارب دنماركية 12 عيادات الأسنان في المدارس
-
أنت شيوعي ، اجب عن الاسئلة التالية بدون ترك
-
تجارب دنماركية 11 عنف ومراكز أزمات
-
تجارب دنماركية 10 البقرة المدللة
-
تجارب دنماركية 9 أمهات وحيدات
-
CNNالرفيق الأحمر يغزو أمريكا
-
تجارب دنماركية 8 (متشرد وصالة دافئة)
-
سنفوز رغم وبدون أصواتكم
-
بورصة وحمير رسالة إلى رفيق في قضاء (طويريج )
-
- كالوا الشمعة تريد -
-
تجارب دنماركية 7... أسلحة الدمار الشامل العراقية في الدنمارك
المزيد.....
-
الأونروا: الأوضاع الصحية بغزة متدهورة.. وأجساد المواطنين لم
...
-
اعتقال البطل المغربي بدر هاري في أمستردام
-
الجامعة العربية تبحث ملف الأونروا
-
بيان عربي جديد ضد قرارات إسرائيل بحق الأونروا وتهجير الفلسطي
...
-
الجزيرة نت تكشف مصير الأسرى الفلسطينيين المبعدين إلى الخارج
...
-
أوكرانيا تطالب بإنقاذ أسراها من عمليات الإعدام الروسية
-
مستوطنون يقتحمون مبنى الأونروا في حي الشيخ جراح بالقدس المحت
...
-
مستعمرون يقتحمون مبنى -الأونروا- في حي الشيخ جراح
-
الجامعة العربية: حظر الأونروا يقوض أسس حل الدولتين
-
غدا.. اجتماع اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان في دورتها
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|