|
الاحترام المفقود:لماذا لا تحترم من هو مثلي الجنس؟؟!
تامر سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 2244 - 2008 / 4 / 7 - 10:28
المحور:
حقوق مثليي الجنس
لا أمانع أبدا في إطلاق لفظ (خول) عليّ ، و لكن بشرط ان انال الاحترام الذي يفرضه كوني انسانا
ان هروب أغلب المثليين من ألفاظ مثل : خول - لوطي - سحاقية - شاذ، ليس هروبا من الواقع انما هو لجوء إلى الاحترام المفقود ، الاحترام الذي يكفله لهم ميثاق شرف الانسانية : الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، أسمى منجزات البشر الحضارية
ليس الخلاف هو خلاف على لفظ في اللغة ، انما الاختلاف كامن حول ما وراء هذا اللفظ : الاحترام أو عدم الاحترام
أطلق عليّ ما تشاء من ألفاظ ، و لكن احترمني أولا
أما مسألة أنك لا تحترمني فهذا أصل المشكلة . فهناك من البشر من يصنفون الناس إلى قسمين : بشر يستحقون الاحترام ، و بشر لا يستحقونه ، ويتم هذا التقسيم بناء على لون الشعر ، او لون البشرة أو العرق أو الاصل الاجتماعي أو المستوى المادي أو الانتماء السياسي او الدين اوالمذهب او الجنسية او الجنس (امرأة أم رجل) .... او بناء على التفضيل الجنسي
هل لاحظتم ان التمييز بناء على التمييز الجنسي يعد هزليا اذا ما قورن بالتمييز لاختلاف المذهب أو الدين أو الجنسية أو الانتماء السياسي؟؟!
من بين الذين لا يحترمون المثليين تجد أشخاصا يدينون التفرقة بين البشر على أساس لون البشرة ، و منهم من ينادي باحترام اتباع كل الديانات ، و منهم من ينادون بحقوق المرأة ، و هناك عدد منهم يقول بالأخوة الانسانية فوق الروابط الوطنية و القومية الضيقة ، و لكن عندما يتحدث واحد منهم عن المثليين تجده يطلق ألفاظ مثل : خول أو لوطي بقصد ابراز التحقير أو عدم الاحترام ، و كأنه بفعلته هذه يقول أنه يرى أن اختلاف البشر في تفضيلاتهم الجنسية أخطر و اعظم من اختلافهم حول المقدسات البشرية : الدين و الوطن . و كأنه يعلو بشأن الجنس في تفكيره إلى مرتبة تفوق مرتبة الله و الوطن . إن شعار هؤلاء هو : الجنس - الله - الوطن
قد يحترمون اختلافك معهم في اساسيات العقيدة باسم التسامح مع الأديان ، ثم يحقرون اختلافك معهم في التفضيل الجنسي باسم الله و الدين ، و هذا تفكير مريض ، فالأولى - ان جاز ان يكون للاحترام أولويات - أن تحقر من شأن من يختلف معك كلية في الدين ثم ترتب أولويات تحقيرك للآخرين بناء على قربهم و ابتعادهم عن تفسيرك للدين ، هذا هو المنطقي اذا كنت تقدس الله قبل الجنس ، و كان أولى بك أن تحقر الروسي أو الأمريكي قبل أن تحقر المثلين اذا كنت تقدس الوطن قبل الجنس ، و لكن للأسف ، و لسوء الحظ ، نحن في بلاد تركت عبادة الله و اعتنقت عبادة الجنس ، بلاد تعلي من شأن الجنس فوق الرابطة القومية بين افراد الشعب
من بين من لا يحترمون المثليين تجد أشخاصا يدعون أنهم يحترمون الرأي الآخر و الفكر المختلف ، وماأكثر هذا الادعاء في أيامنا هذه ، فمن لا يقول أنه يحترم الآخر يقال عنه أنه متعصب ، و اذا تحدثت مع هذا الذي يحترم الآخر عن المثلية تجده يسب و يلعن ، و كأنه يقول : كله إلا الجنس ، أو : الجنس أولى من أفكاري و آرائي بالدفاع عنه و القتال ضد من يخالفني فيه
و من هؤلاء المتسامحين الزائفين أشخاصا يقولون انهم لا يحترمون المثليين لأنهم بلا أخلاق و بلا كرامة ، و كأن اختلاف التفضيل الجنسي ينقص من الاحترام ، و كأن كرامته و أخلاقه نابعين من كونه يفضل ممارسة الجنس مع الجنس الآخر . ان اصحاب هذا الادعاء انما ينبع احتقارهم للمثليين من الفكرة الشائعة عنهم و هي أنهم يكونون دائما الشريك السلبي في العلاقة الجنسية ، و لن أرد على هذا الزعم الآن ، و لكن أحب أن اوضح أنه لمجرد اعتقادهم ان الشخص هو السلبي في العلاقة يقولون انه بلا اخلاق ن و كانه من موروثات الثقافة العربية المحبطة للمرأة و التي تعتبرها كائنا أدنى لأنها الحانب السلبي في العلاقة . ابسط دليل على هذا هو انك اذا سألت أحدهم : من تحتقر أكثر : مثلي موجب او سالب ، بدون تردد يقول انه يلعن السالب أكثر لأنه سالب!
و من الناس من يرفض احترام المثليين أو التعامل معهم لأنه يرى أنهم يخدعون لأنفسهم و يرفضون مواجهة الحقيقة، ويدعي أنه لا يريد أن يشجعهم على التمادي في خداع الذات ، و بالتالي فإنه بعدم احترام المثلي يدفعه إلى حل مشكلته و تغيير نفسه . و مثل هذا الشخص يعتقد في نفسه أنه مبعوث الرحمة للمثليين . انه يحتقرهم لأنه يحبهم !!! إنه يحتقرهم بمنتهى راحة الضمير . لست عالم نفس و لكني أتساءل : هل يمكن أن يندرج هذا الشخص تحت بند اسادية و حب إذلال الآخرين ؟ أو ضمن الأشخاص السيكوباتيين الذين يرتكبون الجرائم بضمائر هادئة مستريحة أو بلا ضمير على الإطلاق ؟ أريد نشخص واحد ممن يفكرون هكذا أن يأتي بدليل على أن كل المثليين بلا استثناء يخدعون أنفسهم . مثل هذا الشخص يطلقون الاتهامات جزافا بلا دليل ، بل من الممكن الرد عليهم بنفس الأسلوب الغوغائي بأن أقول أني لا أحترمك لأنك تخدع نفسك - هكذا! - وربما أنت مثلي يرفض الاعتراف بمثليته فيحتقرها هربا من مواجهة المسئولية . ربما تنفعل و تقول أن هذا اتهام بلا دليل ، و هل أتى ذاك الشخص بدليل على ان المثليين جميعا يخدعون أنفسهم ؟ رغم أن هذا الأسلوب سهل جدا إلا أني لا أفضله لأنه بلا دليل و يحوي في طياته بعض من ثقافة القطيع و رفض الآخر بالبحث عن أي أدلة واهية لتبرير هذا لارفض بدون أن يظهر أمام نفسه بمظهر المتحجر الرأي.فضلا عن أن هذا الأسلوب لا يقل في بشاعته وتمييزه و لا انسانيته عن أسلوب بعض المتطرفين الاسلاميين - مثل القرضاوي - الذين يفتون بعدم جواز احترام القبطي حتى يتم التضييق عليهم فيهربون من الاسلام إلى الاسلام.
هناك من يقول على المثليين : أنا لا أحترمهم لأنهم مقززين و انا أشمئز منهم . و هل طلب منك أحد أن تفعل مثلهم ؟ و هل عندما تعامل الناس في حياتك اليومية تتخيلهم في غرف النوم في أوضاع جنسية فتحترم ما يعجبك و تلفظ ما لا يثيرك ؟؟ يرد عليك واحد من أصحاب هذا الاتجاه قائلا : هناك فطرة بشرية ، و انا احترم كل البشر و لكني لا اتقبلهم كلهم ، وكأنه يفرق بين الاحترام و التقبل ، و ما التقبل الا درجة من درجات الاحترام . و لكن لننظر قليلا الى موضوع الفطرة هذا . أنا لا أصدق أن هناك ما يسمى فطرة بشرية ، و انما أقول -مثلما يخبرنا علم النفس - أن البيئة المحيطة بالانسان هي التي تشكل و عيه و تشكل السلوك العام لأفراد المجتمع و الذي يطلق عليه فيما بعد : فطرة . لنرى ماذا كان يحدث في مصر الفرعونية ، ألم يكن مسموحا للأخوة أن يتزوجوا ، و للأب أن يتزوج بناته ؟ لماذا لا نقول أن هذا ضد الفطرة ؟ لأن مجتمعهم وقتها كان يبيح هذا . بالمثل الهنود الحمر حين كانوا يسمحون بتعدد الأزواج للمرأة الواحدة في بعض الحالات ، ألا تعتبرها مجتمعاتنا ضد الفطرة ؟ ختان الاناث في مصر فطرة و في تركيا جريمة يقف ضدها المجتمع و القانون . العربي يفضل الفتاة البكر و يقول أنها فطرة ، بينما بعض القبائل الافريقية يفضل رجالها المرأة التي فض غشاء بكارتها ، و يقولون أيضا انها فطرة !! الفطرة ليست ما فطر الله البشر عليه ، انما هي ما فطر المجتمع الناس عليه ، المجتمع هنا هو العامل الذي يحدد نفسية أفراده . هل مسموح لإنسان محترم أن يرفض تقبل الزنوج لأن هذا من الفطرة ؟ كانوا يقولون هذا في الماضي ، و لكن المجتمعات الانسانية تطورت و اصبح عدم تقبل و احترام الزنوج جريمة . ان عدم تقبل الآخر صورة من صور عدم احترامه و انما التعلل بالفطرة هو محاولة اقناع النفس بأنها متسامحة تحترم البشر ، بينما العكس هو الصحيح . ان الانسانية تقتضي منك احترام و تقبل الآخر بدون أن تملي عليه شروطك ، سيسألني واحد : هل سأقبل الآخر غضبا ؟ هل ستجبرني على أن اتقبلك ؟ انا لا أجبر أحدا هنا ، أن ا فقط أوضح المفاهيم التي اتفقت المجتمعات المتقدمة على تسميتها بالأخلاق الانسانية ، و لك أن تلتزم بها ، او ان تلتزم بطريقة تفكير مجتمعك العربي ، ولكن أرجوك لا تأتي لتتمسح في أقدام الانسانية و الأخلاق
لك أن تطلق عليّ ما تشاء ، ما دمت تحترمني ، أما إذا لم تحترمني ، إذا كنت من عبدة الجنس ، فأنا لا أستطيع أن ألومك ، فأنا لا أستطيع أن ألوم انسانا يعمل في خدمة سيده
ليس المثليون هم عبيد الجنس كما يشاع ، بل العكس هو الأصح و الأكثر منطقية . من لا يحترم الشخص الذي اختلف عنه في ميوله الجنسية في الوقت الذي يحترم فيه الشخص الذي يختلف عنه في الدين و الجنسية و الفكر، هذا هو عبد الجنس بامتياز ، لأنه الذي رفع من شأن الميول الجنسية إلى مراتب الآلهة . و ربما نجد من هؤلاء من يخرج في مظاهرات حاشدة يوما ما اذا نال المثليون أحد حقوقهم ليرفعوا شعارات : تغرب شمسنا و لا يختلف جنسنا - نحن فداك يا جنس - تحيا القومية الجنسية
ملحوظة: قد يلمح البعض من كلامي نظرة دونية للجنس ، و لكن هذا غير صحيح ، فأنا أحترم الجنس بشدة ، و لكني أدرك أني أعيش في مجتمع يقدس الجنس و يحتقره في ذات الوقت ، و لو تخلى عن إحداهما ( التحقير أو التقديس) لما كانت هناك أي مشكلة ، فأردت استغلال هذا التحقير في ابراز تناقضه ، و ايلام ضميره ، لو كان حيا !!!
تامرسعيد-مدون مثلي www.tamerblogger.blogspot.com
#تامر_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بلاد الشر...ق
المزيد.....
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
-
مفوضية شؤون اللاجئين: 427 ألف نازح في الصومال بسبب الصراع وا
...
-
اكثر من 130 شهيدا بغارات استهدفت النازحين بغزة خلال الساعات
...
-
اعتقال رجل من فلوريدا بتهمة التخطيط لتفجير بورصة نيويورك
-
ايران ترفض القرار المسيّس الذي تبنته كندا حول حقوق الانسان ف
...
-
مايك ميلروي لـ-الحرة-: المجاعة في غزة وصلت مرحلة الخطر
-
الأمم المتحدة: 9.8 ملايين طفل يمني بحاجة لمساعدة إنسانية
-
تونس: توجيه تهمة تصل عقوبتها إلى الإعدام إلى عبير موسي رئيسة
...
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
المزيد.....
-
الجنسانية والتضامن: مثليات ومثليون دعماً لعمال المناجم
/ ديارمايد كيليهير
-
مجتمع الميم-عين في الأردن: -حبيبي… إحنا شعب ما بيسكُت!-
/ خالد عبد الهادي
-
هوموفوبيا
/ نبيل نوري لكَزار موحان
-
المثلية الجنسية تاريخيا لدى مجموعة من المدنيات الثقافية.
/ صفوان قسام
-
تكنولوجيات المعلومات والاتصالات كحلبة مصارعة: دراسة حالة علم
...
/ لارا منصور
-
المثلية الجنسية بين التاريخ و الديانات الإبراهيمية
/ أحمد محمود سعيد
-
المثلية الجنسية قدر أم اختيار؟
/ ياسمين عزيز عزت
-
المثلية الجنسية في اتحاد السوفيتي
/ مازن كم الماز
-
المثليون والثورة على السائد
/ بونوا بريفيل
-
المثليّة الجنسيّة عند النساء في الشرق الأوسط: تاريخها وتصوير
...
/ سمر حبيب
المزيد.....
|