|
- المنطق نتاشنوين -
ابراهيم فيلالي
الحوار المتمدن-العدد: 2207 - 2008 / 3 / 1 - 04:57
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
تاشنى بالامازيغية – الجمع تاشنوين – هي المراة المتزوجة برجل متزوج . بذلك فهي تاشنى للزوجة الاولى . قد يقول البعض ان هذا جزء من الماضي ، ولم يعد هذا الجيل يقبل بتعدد الزوجات ،لان القيم و الاخلاق و المعايير و الادوار ليست مطلقة . صحيح ، و لكن هناك من يستبدل المراة باخرى ، كما يستبدل انواع السيارات و صناديق الجعة و انواع الويسكي اللذيذ . كيف لا ؟ فتلك للذة الجنسية و ما بعدها للذة المتعة في الاسفار و التسوق و الاستهلاك . ثم للتوضيح ؛ فقد كتبت "تاشنى" بالشين ، و ليس في الحقيقة هو الحرف المعني ، و لكن لا وجود قي اللغة العربية لهذا الحرف . فهو يقع ما بين "ش" و "ك" . هناك " تاشنى" و هناك "تيشني" ، هذه الاخيرة تعني الانحناء والنزول و السقوط و الاستسلام . لهذا قالوا " اترز اولا تكنى " ( الكاف يعوض الحرف المنعدم ففي العربية ) . تاشنى هي المراة التي سقطت في حب مزيف و صراع مع زوجات زوجها ،فاستسلمت لمصير مجهول . لهذا ف"تاشنى" فيها " تيشني" و هي المحددة لصيرورتها . بين تاشنوين، في كل الاحوال ، كره و احتقار و تنافر و تنافس و عداوة و صراع معلن و مخفي ، مكسو بنفاق متبادل احيانا . طبعا ، ففيه سلب و سرقة و خيانة و غدر و اقتحام للحياة الخاصة و تدميرها .رغم ذلك ، فمحكوم عليهما او عليهن بالتعايش في وحدة رسم البطريرك حدود اتساعها ، كما تتبول بعض الحيوانات حين ترسم مجالها في الغابة . انها مسالة العضو التناسلي في كلتا الحالتين ؛ فالبطريرك يرسم حدود الوحدة لضحايا رغبته الجنسية ، اما الحيوان فيستعمله في تحديد المجال . و هي مسالة دفاعية تؤكد حضوره هنا و الان . فرائحة البول توصل للحيوانات الاخرى رسالة مفادها ان هذا المجال محتل ، فتنصرف للبحث عن مجال آخر . هذه علاقة بالارض ، و لكن لم تدرك ؛ هي علاقة غريزية . و البول هنا استعمل "كلغة" للتواصل . فالفكرة هي ان الحيوان يريد ان يقول انه موجود هنا و الآن ، و الدليل على ذلك هو رائحة بوله الراسمة لمجاله . نرى ان اهمية استعمال العضو التناسلي ، في حالة البطريرك و الحيوان مقلوبة ؛ بالنسبة للحيوان في العملية تاكيد على الحضور في المجال ، و عند البطريرك تاكيد على الغريزة و التشييءو التبضيع و الاستعباد . و الحصيلة ؛ مجال للراحة بالنسبة للحيوان ،و اجساد للاشباع الجنسي عند البطريرك . منطق تاشنوين ، اذن ، هو منطق الصراع الذي لا ينتهي و في خضمه مد و جزر و حيل و افعال. هذا هو منطق الاطارات فيما بينها – اليس تاريخ الاحزاب و النقابات تاريخ صراعات و انشقاقات و انسحابات و ولاءات و...؟- و في علاقتها مع الدولة ، فهذه الاخيرة بمثابة البطريرك و كل الاطارات التي تشتغل وفق القانون هي بمثابة تاشنوين . كل تاشنى تبحث عن اوراق الضغط ، كي تحظى بوقت اطول مع السيد . و هذا ما سيعطيها الفرصة للتوسل لديه من اجل تلبية ملفها المطلبي . كل واحدة تتقرب بفضح و بكشف عيوب و دسائس الاخريات ، و في ظرفية النفاق ، فالحوار الاجتماعي هو توحيد للملفات المطلبية و التنسيق ما بين تاشنوين للجلوس على طاولة المفاوضات مع البطريرك . و لكن ستطفو على السطح مسالة المشروعية التاريخية و الاقدمية و تفاوت مستوى التفهم و التضحية الليبيدية لكل واحدة . هذا ما سيسنغله البطريرك لصالحه بوضع قانون ينظم عملية الالتحاق كتاشنى ، ثم بوضع اطار جديد " اتحاد لكل تاشنوين " سيشمل الجميع . هذا هو المنطق المتحكم في الثتائيات التي سنذكرها لاحقا . غير اننا سنستثني منها ثنائية فريدة . وهي الوحيدة التي تنفلت من منطق تاشنوين ؛ "هنا والآن " تحمل دلالة او دلالات معينة ، فتسمية شيء ما هو تكثيف رمزي لماهيته و اعادة تشييد له . ساتناول "هنا و الآن" من زوايا متعددة ؛ هنا المكان و الآن الزمان ، بعد ملموس و بعد غير ملموس ، فليس هناك مجتمع خارج المكان ، اي في اللامكان ، معلق في الفضاء . كل شيء يبتدىء من هنا ؛ من الارض كشرط اساسي للوجود ، بحيث لا وجود لاي موجود خارج مكان او نقطة تواجده ، و منها ايضا كموضوع للصراع ؛ الارض المملوكة و الارض المسلوبة . الارض المحتلة و الارض المحررة . كل شيء يبتديء في الزمان في وقت هو حاضر بداية هذا الشيء ، اي لحظة تحققه . لا شيء ينفلت من الزمان . هذا هو الاطار الوحيد الذي يفرض علينا وجوده المطلق ؛ الزمكان .لا وجود للامكان ملموس و لا للازمان . "هنا و الآن" تكثف دلالة سياسية هي نقيضة الليبرالية و الخلافة ، نقيضة الدولة و الامبراطورية ، نقيضة الاستبداد المكشوف و المقنع ، و هي ثنائية نقيضة لثنائيات الفلسفة المثالية و الدين . فالزمان ليس نقيضا للمكان .لاحظوا هذه الثنائيات ؛ - الزوال× الخلود . الروح × الجسد . الموت × الحياة . الله × الشيطان . الجن × الانس . الرجل × المراة . العداب × الجنة .الايمان × الكفر .الدنيا × الآخرة .العالم الحقيقي الملموس × عالم المثل . الربح × الخسارة . التنمية × التخلف . النجاح × الافلاس . الدولة × المجتمع . الوحدة × التشتت . الاندماج × الانفصال . القمة × القاعدة . هذه و غيرها من الثنائيات هي التي تحدد الارضية الاشكالية التي على ضوئها يرسم الطريق . طريق التفكير و الاجتهاد و الابداع في اطار تصورها و رؤيتها . و الا ما معنى اسلمة علم النفس و ع. الاجتماع ؟ اسلمة السياسة و المجتمع ؟ و ما معنى دمقرطة الدولة و دمقرطة المجتمع ؟ و ما معنى تاهيل القطاعات و الادارات و تحديثها ؟ و ما معنى تحرير السوق و استعباد الناس ؟ و ما معنى التنمية المستدامة و الهراوة الملازمة للشوارع ؟ ...يعني ، حين نؤطر بالثنائية نكون مؤطرين بمنهاج و نظرية و منطق تفكير و تحليل ، ندور في فلكه و نمارس بما ينسجم معه . و لكن "هنا و الآن" كدلالة زمكانية هي ثنائية = ثوابت . نكون مؤطرين – بالضرورة و حتما- بمكان و زمان محددين . حين نستوعب هذه العلاقة التي تربطنا ب هنا و الآن ، سنجد في مواجهتنا كل الثنائيات المذكورة . لنرى الآن كيف فهمنا "هنا و الآن" ثم جعلناها تجربة فربطتنا علاقة . افهمها من حيث هي بعدين المكان و الزمان ، لانني يجب ان ادرك فلسفيا، اولا، الانتماء الى هذين البعدين و الارتباط بهما . على هذا الاساس نقول حقنا في هذه الارض التي تنهب على مدار الساعة ، حقنا في الوجود هنا والآن ، حقنا في الكرامة هنا و الآن ، حرية ان نكون نحن انفسنا هنا والآن .على هذا الاساس تم تاسيس و اصدار جريدة "هنا والآن" من امسمرير بدوار اعتاب في يناير 2004 ، و ليس في الرباط او الدار البيضاء ، ولا املك راسمالا ماديا و لم اتعاقد مع اية شركة اشهار و لم استخدم احدا و لا اربح اي سنتيم . لم اؤسسها على خلفية الربح ، كي اعطي لشركات و مؤسسات النهب و الاستغلال مساحة في الجريدة . اعطيتها اياها فعلا، لفضحها و ليس لتزيين و تجميل واجهتها و اصطياد القراء الى ثقافة الاستهلاك و التبضيع و التضبيع و الركض وراء السراب . اسستها على بعدين اولا؛ لاعطي معنى لعقود من الزمان امضيتها في التنقل بين الاقسام و المستويات و المؤسسات التعليمية ، و التنقنل خارجها ، ثانيا ؛ لاعري واقع هذه المنطقة من تهميش و اقصاء و استغلال و تحقير و... لذا كانت " هنا و الآن" كجريدة مؤسسة على فهمي للعمل الصحفي على ارضية سوسيولوجية و فلسفية و حقوقية ، لان الوعي بالحقوق يبدا بالضرورة فلسفيا لنمارسه سياسيا عبر انتزاعها . كانت جريدة صدرت منها اربعة اعداد ، فتم احراق مقرها و توقفت لاسباب موضوعية بحتة . لهذا اعتبر ما كتبت و ما اكتبه في مواقع مثل http://www.ahewar.org/m.as?i=1749 ET http://www.cmaq.net/fr/user/2386 استمرارية للروح و الاسس و المباديء التي تاسست عليها الجريدة ، و هذه المواقع هي مساحة لايصال رايي ووجهة نظري . انني اكتب دفاعا عن هذه التجربة التي ترجمت من خلالها فهمي ل هنا و الآن ، ثم عن الفلسفة و علوم الانسان لانها المفتاح الوحيد لفهم كل القضايا ، و دفاعا عن "هنا و الآن" كاستقلالية و حرية ، و كديمقراطية مباشرة و تنظيم افقي و تسيير ذاتي و كنقيضة الديمقراطية التمثيلية و مدمرة للحاجز الوهمي الفاصل بين السياسة و الحياة اليومية ، هي ضد تاجيل الحل لليوم الآخر ، ضد الاتكالية ، ضد الاسترزاق بقضية ما او باسم ما ، ضد التحول الى حصان طروادة ، ضد النماذج و القوالب الجاهزة . هي استحضاردائم للفرد و الجماعة في تكامل و تناغم و تضامن، اي في علاقة تحررية ، و لا يتناقضان داخل منطق هذه الثنائية الفريدة . فحاجيات الفرد هي التي تدفع الجماعة للتنظيم ، لان في حالة اقصاء الفرد يتحول التنظيم الجماعي الى اداة استبدادية . حالة الجماعات المغلقة و الدينية و العسكرية ز القومية و الانظمة الشمولية . "هنا والآن " عفوية و تلقائية ، خيث تكون الجماهير قادرة على تنظيم نفسها بسرعة و بدقة خارج عملية اعادة انتاج السلطة ، كي لا تصير تلقائية تحول الحركة الاجتماعية الى كارثة اجتماعية . و هنا بالضبط تتضح ضرورة الفلسفة و العلوم الانسانية و ليس الايديولوجيا . في هذه الاخيرة استحضار للعاطفة و الشحن و اللعب على الاوتار الحساسة ، و في الاولى محاولة فهم و تحليل و تفكيك ، فيها العقل النقدي . حين نستطيع ان نفكر و نتحدث بلغة الفلسفة و العلوم الانسانية نكون قد تحررنا . هكذا فهمت "هنا والآن" في ابعادها الاربعة ؛ الزمان و المكان و الفلسفة و السياسة ، لتشكل بذلك استثناءا من المنطق الموحد للجميع الدين و السلطة و الهيمنة و الاخضاع كتحريف للصراع و كاداة للتدمير . و هل يمكن بناء مجتمع جديد بلغة قديمة ؟ وهل فعلا تطرح هذه اللغة سؤال البناء ،ام تسعى لتدمير اية محاولة ؟ لهذا يجب اعادة صياغة اللغة في سيرورة الواقع كمرجعية لضبطها . يعني صلاحية التداول . و هل من صلاحية للثنائيات المذكورة اعلاه و للايديولوجيا المتحكمة فيها ؟
#ابراهيم_فيلالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زمن القفز و التقليد زمن ماذا إذن ؟
-
المغرب بصيغة الجمع
-
هذا الكلام...او معنى سياسي لمفهوم غير صحيح
-
الفنان و الاشهار
-
يقال ان...ا
-
2001 /سبتمبر11/
-
العشق زين وسط الهموم
-
هذا الطريق ...
-
ثقافة الحوار والاختلاف
-
الإنسان و القضية، الإنسان قضية
-
احنجيف -
المزيد.....
-
برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع
...
-
إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه
...
-
ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
-
مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
-
العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال
...
-
اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
-
هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال
...
-
ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
-
مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد
...
-
موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|