لينين: رأسمالية الدولة في الاتحاد السوفييتي


أنور نجم الدين
الحوار المتمدن - العدد: 4938 - 2015 / 9 / 27 - 22:17
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية     

مدخل:

اعترف الكثير من الباحثين، وحتى أكثرية التيارات الماركسية - اللينينية ومنذ أمد غير قريب بأن رأسمالية الدولة كانت صفة مميزة للاقتصاد السوفييتي.

أما البعض منهم فيعيدون هذا التاريخ إلى عهد ستالين، وبعضهم الآخر إلى عهد خروتشوف.
ولكن في الواقع يعود تاريخ الانتقاد الموجه للسوفييت بوصفه رأسمالية الدولة الاحتكارية إلى عهد لينين.

فلنتابع الآن أطروحات لينين ونقاشه مع اليسار البلشفي والألماني حول ضرورة وأهمية رأسمالية الدولة في الاتحاد السوفييتي.

رأسمالية الدولة السوفييتية:

يخاطب لينين اليسار البلشفي، أي معارضيه في الحزب ويقول:

"إني أسأل: ماذا حدث لهؤلاء الناس حيث إن التعلم غير التام والمكتسب من الكتب يمكن أن يجعلهم ينسوا الواقع؟ فالواقع يقول لنا: إن رأسمالية الدولة ستكون خطوة إلى الأمام. وسيكون نصرًا لو تحققنا رأسمالية الدولة في وقت زمن قصير".
"كيف يتم ذلك إنهم لا يمكنهم أن يروا أن عدونا هو الملاك الصغير، ورأس المال الصغير، كيف يعتبرون أن رأسمالية الدولة هي العدو الرئيسي؟ إنه لا يجوز بالنسبة لهم أن ينسوا أن عدونا الرئيسي في مرحلة الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية هو البرجوازية الصغيرة".

"ما رأسمالية الدولة تحت السلطة السوفييتية؟ إن تحقيق رأسمالية الدولة في الوقت الحاضر يعني تفعيل الحساب والرقابة.
نحن نرى نموذجًا من رأسمالية الدولة في ألمانيا. ونحن نعلم أن ألمانيا أثبتت لنا تفوقها".

"لقد قلت: إن رأسمالية الدولة سيكون خلاصنا، وإذا كنا لدينا رأسمالية الدولة في روسيا، فالانتقال الى الاشتراكية كاملة سيكون أسهل -بل في متناول أيدينا- لأن رأسمالية الدولة هي شيء من المركزية، والحسابات، والرقابة، والتنشئة الاجتماعية وهذا هو بالضبط ما ينقصنا".

"إن الاشتراكية ليست سوى خطوة متقدمة من احتكار رأسمالية الدولة. أو بعبارة أخرى؛ فالاشتراكية هي مجرد احتكار رأسمالية الدولة التي تحولت لمصلحة الشعب كله، وبالتالي فكف عن أن يكون احتكارًا رأسماليًّا".

"السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما العناصر المهيمنة؟ بوضوح، في بلد الفلاحين الصغار، يتغلب عنصر البرجوازية الصغيرة، ويجب أن يكون متغلبًا، لأن الغالبية العظمى -أولئك الذين يعملون في الأراضي- هم منتجو السلع الصغيرة".

"كانت السياسة الاقتصادية الجديدة في ربيع عام 1921 تأتي بعد تجربتنا في بناء الاشتراكية مباشرة والتي قامت في ظروف صعبة غير مسبوقة، في ظل ظروف الحرب الأهلية، فقد أجبرتنا البرجوازية إلى اللجوء إلى أشكال نضالية قاسية للغاية، فأصبح من الواضح تماما أننا لم نتمكن من المضي قُدُمًا في بناء الاشتراكية مباشرة، حيث يجب علينا التراجع إلى رأسمالية الدولة في عدد من المجالات الاقتصادية .. وهذا أمر ضروري لتمهيد الطريق من أجل حل المشكلة الاقتصادية".

"هل الدولة السوفييتية وديكتاتورية البروليتاريا منسجمة مع رأسمالية الدولة؟ هل هم متوافقون؟
بالطبع هم متوافقون. وهذا هو بالضبط ما ناقشته في مايو 1918. وآمل أني أكون قد تمكنت من إثبات ذلك آنذاك. وكنت قد برهنت أيضا أن رأسمالية الدولة هي خطوة إلى الأمام بالمقارنة مع عنصر الملاك الصغار -سواء الأبوية الصغيرة أم البرجوازية الصغيرة- وهؤلاء الذين يقارنون رأسمالية الدولة مع الاشتراكية وحدَها يرتكبون كثيرًا من الأخطاء، حيث إنه في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الراهنة لا بد أيضًا من مقارنة رأسمالية الدولة بالإنتاج البرجوازي الصغير".

"ليست رأسمالية الدولة هي التي في حالة الحرب مع الاشتراكية، بل البرجوازية الصغيرة بالاضافة إلى الرأسمالية الخاصة تقاتلان سوية ضد رأسمالية الدولة والاشتراكية".

"بعد التراجع عن بناء الاشتراكية إلى رأسمالية الدولة، والذي كنا مضطرين إلى القيام به في ربيع عام 1921، فنرى أن قواعد التجارة ونظام المال هما اللذان يجب ترتيبهما اليوم".

"السبب هو أن روسيا لا يمكنها التقدم من الحالة الاقتصادية القائمة الآن، دون العبور بالأساس المشترك لرأسمالية الدولة والاشتراكية (الحساب الوطني والرقابة)، فإن محاولة تخويف الآخرين فضلا عن أنفسهم بـ "التطور نحو رأسمالية الدولة" هي هراء نظري تامٌّ .. وعمليًا، إنه مساوٍ لتراجعنا إلى الوراء نحو رأسمالية الملكية الصغيرة".

"فالبديل -وهو آخر السياسة المعقولة الوحيدة الممكنة- ليس محاولةً لمنع أو وضع قفل على تطور الرأسمالية، بل توجيهها نحو رأسمالية الدولة. وهذا ممكن اقتصاديًّا، لأن رأسمالية الدولة موجودة -بأشكال ودرجات متفاوتة- حيثما هناك عناصر غير مقيدة من التجارة والرأسمالية بصورة عامة".
"إن المشكلة برمتها -من حيث النظرية والعملية- هي العثور على الطرق الصحيحة لتوجيه تطور الرأسمالية (وهو إلى حد ما ولبعض الوقت لا مفر منه) في القنوات من رأسمالية الدولة، وأن نحدد كيف لنا تأمين الشروط لتضمين انتقالها إلى الاشتراكية في المستقبل القريب".

"في المقام الأول إن رأسمالية الدولة هي اقتصاديًّا أعلى بما لا يقاس بنظامنا الاقتصادي الحالي.
وفي المقام الثاني ليس هناك شيء رهيب حيث إن السلطة السوفييتية، الدولة السوفييتية هي دولة تكون فيها السلطة مضمونة للعمال والفقراء".

"وبعد، فإن الدرس الأول، والمرحلة الأولى التي قد وصلنا إليها بحلول ربيع 1921 هو تطوير رأسمالية الدولة على أسس جديدة. وهنا يمكن تسجيل نجاحات مؤكدة".

المصدر: http://www.marxists.org/archive/lenin