عصام مخول
الحوار المتمدن-العدد: 1930 - 2007 / 5 / 29 - 12:25
المحور:
مقابلات و حوارات
الحزب الشيوعي الاسرائيلي، يعقد نهاية الأسبوع، مؤتمره الـ 25 في تزامن مع ذكرى مرور 40 عاما على الاحتلال!
تشهد فروع الحزب الشيوعي الاسرائيلي، هذه الأيام حراكا تنظيميا وفكريا ملحوظا، واضعا اللمسات التحضيرية الأخيرة، للمؤتمر الخامس والعشرين للحزب، والذي سيعقد في نهاية الأسبوع المنصرم.
للتوقف عند آخر الاستعدادات والقاء الضوء على ما يقف أمام المؤتمر من قضايا وتحديات خاصة، التقت الاتحاد هذا الأسبوع، بالرفيق عصام مخول، الأمين العام للحزب الشيوعي الاسرائيلي، في محاولة لالقاء المزيد من الأضواء على القضايا السياسية، الفكرية والتنظيمية على حد سواء.
" اجتماعات الكوادر، ورشات فكرية ومفخرة تنظيمية "عن حفل افتتاح المؤتمر، يقول مخول " المؤتمر، كما هو معلوم، هو الهيئة العليا في الحزب والتي تلتئم مرة كل أربع أعوام وتضع استراتيجية الحزب سياسيا فكريا وتنظيميا، وسيتم افتتاح المؤتمر في السابعة من مساء الخميس، الـ 31 من هذا الشهر، في قاعة الأوديتوريوم في حيفا، في مركز الكرمل، وننتظر مشاركة واسعة ليس فقط من رفاق الحزب والشبيبة الاشيوعية وشركائنا في الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة، انما من شخصيات جماهيرية، عربية ويهودية، كما وستشارك وفود أجنبية، حيث أكد حتى الآن، 15 ضيفا مجيأهم منتدبين عن أحزاب عمالية وشيوعية من أرجاء العالم المختلفة، وما زال الباب مفتوحا أمام وفود أخرى نتوقع مشاركتها. وستتواصل أعمال المؤتمر يومي الجمعة والسبت نهاية الأسبوع القادم، ليتداول المندوبون رؤوس الأقلام ولينتخبوا اللجنة المركزية للحزب ولجنة المراقبة المركزية."
وكيف تقيمون دراسة الفروع لرؤوس الأقلام وانتخاب المندوبين حتى الآن؟!
كوادر الحزب، تتعامل مع المؤتمر بمسؤولية كبرى كونه الهيئة العليا للحزب، فنحن نذهب الى هذا المؤتمر بثقة عالية، يدنا على النبض والكوادر تنبض بالرغبة بتحويل هذا المؤتمر الى انطلاقة تضع الحزب وحضوره السياسي والاجتماعي اليومي في الموقع الذي تستحقه طروحات الحزب، التي تشكل المحور الأساسي للبديل الذي يحتاجه شعبا هذه البلاد.
تشهد الفروع، هذه الأيام اجتماعات موسعة للكوادر، بمشاركة مندوبي المكتب السياسي واللجنة المركزية، اتماما لمناقشة رؤوس أقلام المؤتمر وانتخاب المندوبين، الذي يتم بانتخابات منظمة جدا ودموقراطية وشفافة في كل فرع وفرع، ويتم خلالها انتخاب مندوبي الفرع الى المؤتمر، حيث سيشارك في هذا المؤتمر ما يقارب 400- 500 مندوب، اضافة الى أعضاء اللجنة المركزية ولجنة المراقبة المركزية، ويتم في المؤتمر تلخيص النقاشات ومن ثم يتم انتخاب هيئات الحزب: اللجنة المركزية ولجنة المراقبة المركزية، وفي اللجنة المركزية المنتخبة يتم انتخاب المكتب السياسيوسكرتارية اللجنة المركزية والأمين العام للحزب.
من المسؤول عن صياغة رؤوس أقلام المؤتمر وما هي آلية التأثير عليها؟!
إننا نعدّ للمؤتمر على أساس دستور الحزب، وهو أمرا ليس جديدا علينا، فنحن حزب مجرب ذو تنظيم قوي، وينص الدستور في هذا المجال على أن يعدّ المكتب السياسي، في المرحلة الأولى، رؤوس الأقلام التي تبلور موقف الحزب ونظرته من الهموم التي يفترض مواجهتها في المرحلة المقبلة، ووضع برامج عملية على أساس فكره لاعطاء الأجوبة الفكرية والتنظيمية وتطوير أدائه السياسي في المرحلة المقبلة.
رؤوس الأقلام هذه، تنقل الى اللجنة المركزية، التي تقوم بتعديل المواد، وفق مساهمات أعضائها وباتمام المناقشات في اللجنة المركزية، تنقل هذه المواد الى كوادر الحزب، التي تعقد اجتماعات للتداول بها بمشاركة مندوبين عن المكتب السياسي واللجنة المركزية، والذين يقومون بنقل ملاحظات الكوادر الى الهيئات المركزية، لتنظر هذه بالملاحظات المسجلة وتتعامل معها. ويجري تعديل رؤوس الأقلام على أساس مجمل النقاش الذي دار لتقدم في نهاية المطاف الى المؤتمر، وهناك يتم التصويت عليها.
يجدر بالذكر، بأننا لم نكتف هذه المرة بالنشر الداخلي، وانما نشرنا المواد على الجمهور الواسع من قراء "الاتحاد" و"زو هديرخ" وفي مواقع الانترنت الحزبية. وكلنا آذان صاغية لأي ملاحظة، حتى تلك التي تأتي ممن هم خارج الحزب، ونتعامل مع كل نقاش بجدية كبيرة لاغناء موقفنا والاستفادة قدر الامكان. ونحن نقوم بذلك من منطلق قناعتنا أن حزبنا الشيوعي هو اكثر القوى الفاعلة تأثيرا على الفكر السيياسي اليساري التقدمي في اسرائيل وعلى الاقلية القومية اللعربية على مدار سنوات من الالتصاق بين الحزب وفكره واستراتيجيته وبين كفاحات هذه الجماهير , حتى تحولت استرتيجية الحزب الى استراتيجية شعب.
اذن، فإن حزبنا يمنح أكبر مساحة لمناقشة فكره،ليس داخل الحزب فقط بل مع كل الناس المعنيين بهذا الفكر وهذه السياسة, وهو بهذا المعنى الحزب الأكثر دمقراطية في اسرائيل وأكثر الأحزاب استعدادا لتوفير الاليات لسماع الرأي والرأي الآخر وفتح باب النقاش واثراء طروحاته، مع التأكيد على قدرتنا على حسم النقاش والانتقال من النقاش الى اتخاذ المواقف في نهاية المطاف, ليصبح الموقف المتخذ هو الموقف الملزم للجميع بمن فيهم من كانت لديهم مواقف أخرى. هذا هو الاساس الذي تقوم عليه دموقراطيتنا , وهذا هو الاساس الذي تقوم عليه وحدتنا السياسية.
"نعزز هيبة الحياة الحزبية ونعيد الاعتبار للعمل السياسي!"على الساحة السياسية، ما هي الأهمية الخاصة، للمؤتمر في هذه الأيام بالذات؟!
إننا نذهب الى المؤتمر الـ 25 بثقة كبيرة بالحزب وطريقه وتميزه السياسي والفكري ونهجه الاممي وبنيته العربية –اليهودية التي تعود التطورات لتؤكد في كل مرة من جديد صحتها ودقتها، في القضايا السياسية والاجتماعية والفكرية المفصلية. ففي حين تغرق مصداقية العديد من المشاريع السياسية بالشكوك وعلامات السؤال، وفي حين أصبح واضحا أنها وصلت الى الباب الموصود, فإن المشروع الفكري والسياسي للحزب الشيوعي يبرز على أنه هو الثابت التقدمي الثوري والوطني الحقيقي على مدار قرابة تسعين عاما في هذا الوطن، وعلى انه حزب سباقات المسافات الطويلة وحزب معركة البقاء والتجذر في الوطن.
أهمية هذا المؤتمر أننا نأتي اليه لنطور، بفعل التجربة والعمل الميداني والاجتهاد الفكري، بديلنا الشمولي للحالة المأزومة للمجتمع الاسرائيلي في مجالات الحياة كافة، ولنشير الى الطريق القادر على انقاذ شعبي هذه البلاد من سياسة الحرب والاحتلال والاضطهاد القومي والتمييز العنصري ,الطريق المرشح لانقاذ الحريات الدمقراطية ازاء التدهور الفاشي والتصدي لسياسة الخصخصة والهجمة الليبرالية الجديدة على حقوق العاملين.
نأتي لنفكر بشكل جماعي وصوت عال، فلسنا نحن من يخاف من النقاش لا داخل الحزب ولا خارجه، انما نخاف من تغييب النقاش . ونحن نحذر من المحاولات لتمويه النقاشات، وطمس الفوارق وشخصنة المواقف والسياسة. إننا معنيون بطرح النقاش وننادي كل من لديه طرح آخر، أن يطرح موقفه في كل قضيةخلافية. لأن صراع الافكار والمواقف يثري ويعزز الطريق أما "شخصنة" السياسة فانها تؤدي الى الحط من من مضامين النقاش والتستير على النقاش الحقيقي وتضييع الطاسة. قيمة هذا المؤتمر بأننا ورغم تمييع المواقف المتعمد في الساحة السياسية وفي الاحزاب الاخرى, نأتي لطرح المواقف، موقفا مقابل موقف وفكرا مقابل فكر وسياسة في مواجهة سياسة أخرى. أن ظاهرة "شخصنة السياسة والنقاش , هي في الحقيقة تعبير عن ضعف سياسي ومهرب رخيص ودخيلعلى حياتنا, كما جاء في رؤوس أقلام المؤتمر. ونحن في مؤتمرنا وأبحاثه نعيد الاعتبار الى الحياة السياسية الحقيقية.
ما هي أكثر القضايا الحارقة سياسيا التي سيعالجها المؤتمر ؟!
نبدأ الاجابة من الدلالة الرمزية لتاريخ عقد المؤتمر والذي لم يتم اختياره صدفة. فنحن تعمدنا أن ننهي شهر أيار بمؤتمر حزب الطبقة العاملة، بعدما كنا قد افتتحاناه بمظاهرة الأول من أيار الكبرى، ونحن تعمدنا أن يأتي هذا المؤتمر عشية الذكرى الأربعين لاحتلال اسرائيل للأرض العربية في العام 1967، ومن هنا، فإن التاريخ يعكس التزام الحزب بمركزية المعركة على انهاء الاحتلال وتحرر الشعب الفلسطيني واستقلاله وسيادته في دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران1967, وهنا نشير الى أن حزبنا ينظم مع انتهاء المؤتمر واستمرارا لانعقاده وبالتعاون مع حزب الشعب الفلسطيني "مؤتمرالقدس الدولي" والذي سيتحول الى مظاهرة دولية هامة في الذكرى السنوية الاربعين للاحتلال وذلك في القدس الشرقية يومي 3-4حزيران, بهدف اطلاق حملة عالمية واسعة لانهاء الاحتلال وتحقيق السلام العادل على أساس قيام الدولة الفلسطينية المستقلة في حدود الرابع من حزيران وعلى أساس برنامج السلام التاريخي المشترك للحزب الشيوعي الاسرائيلي وحزب الشعب الفلسطيني, في وقت تشتد المؤامرة ,لاسقاط فرص الحل العادل وترتفع أصوات يئست من النضال لانجاز الحل على أساس مبدأ الدولتين.
رؤوس أقلام المؤتمر، كما قلت، واسعة جدا وتتطرق الى كافة القضايا دون استثناء، لكننا نرى أهمية خاصة لثلاث مسائل محورية اضافة الى قضية الاحتلال، وهي - تحليل الرأسمالية الاسرائيلية وطبيعة الصراع الطبقي في القرن الحادي والعشرين - وموقع الاقلية القومية العربية وواقعها كجزء من الشعب الفلسطيني وجزء من المجتمع الاسرائيلي ووثيقة الحزب الشيوعي السباقة والتي تطرح برنامجا من 13 بندا لمساواة الجماهير العربية في اسرائيل في الحقوق القومية والمدنية ، والقضية الثالثة تتعلق بازمة المؤسسة الاسرائيلية والمخاطر العاصفة بالدمقراطية والحاجة الى بناء اوسع جبهة لمواجهة خطر التدهور الفاشي". ومن ناحية أخرى فان رؤوس الاقلام لا تكتفي بتحليل الواقع الذي نناضل في اطاره وانما تستخلص ثلاثة برامج نضالية محددة: الاول- برنامج الحزب الشيوعي لتحقيق السلام العادل. والثاني-برنامج الحزب لدفع النضال الطبقي وتحقيق العدالة الاجتماعية. والثالث- برنامج الحزب الشيوعي لتحقيق المساواة القومية والمدنية للاقلية القومية العربية في اسرائيل.
حرب لبنان والأجواء السياسية المشحونة، كيف ستؤثر على أعمال المؤتمر؟
صحيح القول بأن الحرب العدوانية على لبنان الصيف الماضي والعدوان المتواصل على الشعب الفلسطيني, انتجت الازمة الخانقة التي تعيشها المؤسسة السياسية في اسرائيل وتنعكس على مجمل المجتمع الاسرائيلي اليوم, لكن هذه الازمة نفسها قد تكون مبررا ودافعا لحرب عدوانية جديدة اعتقادا من قادة اسرائيل أنه سيكون بمقدور، حرب اقليمية تتعدى قطاع غزة وجنوب لبنان، ان تخرج المؤسسة الاسرائيلية المأزومة من أزمتها وان تعيد للمؤسستين السياسية والامنية , المأزومتين شيئا من الهيبة المفقودة أو الردع الضائع . ولذا فنحن نعتقد ان الساعة مواتية لاستنهاض القوى السلامية المناهضة للحرب مسبقا، لأننا كنا دائما السباقين باتخاذ الموقف المجند والمتصدي لسياسة العدوان والحرب.
ان الدور الهام الذي قام به حزبنا الشيوعي وشركاؤه في التصدي للحرب الاخيرة على لبنان بقيادة المعسكر المناهض للحرب من العرب واليهود, منذ يومها الأول، يزيد من مسؤوليتنا تجاه شعبي هذه البلاد، ويدعونا الى العمل على تنظيم كل مناهضي هذه السياسية في جبهة عريضة واحدة تفضح المحاولات لاستعمال الفشل الذي كان من نصيب سياسة اسرائيل وفشل عدوانها من أجل البحث عن "رجل قوي" يعرف كيف يدير الحروب , وكيف يزيل الدمقراطية وحقوق الانسان من طريق عدوانيته. ان ما نعمل على اقناع الجمهور به هو ان الخلل ليس في شكل ادارة الحرب, وانما في سياسة الحرب والعدوان.وان الفشل , ليس محصورا في الاشخاص الذين اخذوا قرار الحرب الاجرامي وحدهم, وانماهو فشل كل اولئك الذين ايدوا الحرب ودعوا الى توسيعها.
لقد اصبح واضحا أن سياسة الحرب والاحتلال في خدمة المشاريع الامريكية لاتتناقض فقط مع مصالح الشعوب التي تتعرض للعدوان والاحتلال , وانما تتناقض مع المصلحة الحقيقية للشعب الاسرائيلي نفسه, وهذا ما تجهد المؤسسة السياسية والامنية الاسرائيلية على اخفائه عن الجمهور من خلال تاجيج العداء القومي والتحريض العنصري , واثارة الكراهية والتعامل مع الاقلية القومية العربية على انها حالة امنية يجدر التعامل معها بادوات وآليات امنية وليس ادوات مدنية ودمقراطية. أن الحرب والاحتلال يحولان الشعبين الى ضحية للسياسة نفسها، واذا كان الشعب الفلسطيني هو ضحية الاحتلال المباشرة فان الاسرائيلينن أيضا يدفعون ثمنا، أخلاقيا واجتماعيا ودموقراطيا باهظا للاحتلال. وهوما يجعل انهاء الاحتلال وتحقيق السلام العادل موضوعيا, مصلحة حقيقية للشعبين.
الاضطهاد القومي وجوهر الصراعتحدثت آنفا، عن المكانة الخاصة لقضية الجماهير العربية في طرحكم، تعال نتوسع قليلا بالموضوع؟!
بالطبع، فالتزامنا تجاه قضايا الجماهير العربية في البلاد، هو موقف تاريخي، سياسي واستراتيجي، الى جانب أقلية قومية مضطهدة بشكل منهجي، هذا طبعا دون أن نتخلى عن معركتنا على المجتمع الاسرائيلي، وتأكيدنا بأنها معركة عليه وليست معه بالضرورة لتخليصه من عقلية الاحتلال والقوة.ان الدفاع عن الحقوق القومية والمدنية للاقلية القومية العربية في اسرائيل ومساواتها ليست قضية المواطنين العرب وحدهم , بل هي قضية جميع المعنيين بالعيش في مجتمع دموقراطي حقيقي . فقضايا الجماهير العربية يمكن حلها في اطار احداث تغيير دموقراطي عميق في المجتمع الاسرائيلي , ومن جهة اخرى فان المجتمع الاسرائيلي لن يحظى بدموقراطية حقيقية من دون وقف سياسة التمييز والاضطهاد القومي.ما يعني ان المعركة على الدموقراطية والمعركة على المساواة القومية والمدنية للجماهير العربية متداخلتان ,وان معركة الاقلية القومية العربية هي بالضرورة معركة عربية – يهودية مشتركة.
تعاملنا مع هذه القضية الحارقة، يعتمد على رؤيتنا الماركسية اللينينة لجوهر الصراع، والتحليل الطبقي لكل ما يجري في المجتمع الذي نعيش فيه، وهو ما ميز حزبنا منذ قيامه قبل قرابة 90 عاما، في فلسطين. ووفق هذه الأدوات، تمكنا من قراءة المسألة القوميةمنذ المراحل المتقدمة بمنظار طبقي ، على اعتبار أن التناقض الحقيقي، ليس بين العرب، كل العرب واليهود كل اليهود كوحدتين قوميتين، كما أنه ليس بين الشرقيين والغربيين، أو العلمانيين والمتدينين.
هذه تناقضات وصراعات قائمة ، كامتداد للتناقض اللرئيسي وفي محاولة للتستير على طبيعته وليست مسببا له ومبررا. ولكن التناقض الأول المركزي والمقرر هو التناقض الطبقي بين الرأسمالية والطبقة العاملة.
يدور النقاش احيانا حول شعار "دولة جميع مواطنيها" بمعنى مواطنيها اليهود والعرب ايضا. ويتجاهل هذا الطرح ان اسرائيل ليست دولة مواطنيها اصلابما في ذلك مواطنيها اليهود, ، فهذه الدولة دولة بنوكها، دولة شركاتها الراسمالية ودولة رأسمالييها، دولة الـ 18 عائلة الت تسيطر على ثلثي الاقتصاد في ، لتصبح الحكومات بالنسبة لها مجرد مقاول ثانوي أو مدير أعمال.
هذا الجهاز الرأسمالي، ومن أجل منع توحيد ضحاياه العرب واليهود، يعمل على تأجيج الصراع القومي والكراهية وتبني الاحتلال والعنصرية والقمع والاضطهاد القومي والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، كل هذا دون أن يجد المحرضون العنصريون اياهم من خدام أصحاب رؤوس الأعمال أي غضاضة بالتواصل مع الرجعية العربية التي حافظت على علاقات وطيدة متبادلة مع الحركة الصهيونية على مر التاريخ.
التقسيمة بالأساس اذن ليست بين اليهود والعرب انما بين من لهم مصلحة ربح مباشر باستمرار الوضع المقيت وبين من يرغبون بتغيير ثوري وشامل.
نحن نقول أن جزءا من دورنا ومعركتنا هو تمزيق القناع عن الوجه الطبقي للسياسة,وفضح طابعها الطبقي. وفي الوقت نفسه، تمزيق القناع عن شكل الانعكاس السياسي للصراع الطبقي الذي يعملون على التستير عليه.. نحن نتطرق كثيرا الى تاثير الصرف على الاحتلال والحرب والعسكرة وانعكاسه على المجتمع ولكننا لا ناخذ في الحسبان السؤال حول الشرائح الطبقية اتي تستفيد والتي تربح من استمرار الاحتلال ومن الحرب والبطالة والخصخصة والفقر.
وبناء على هذه القراءة، كيف تتعاملون مع الوثائق الصادرة مؤخرا حول مكانة الجماهيرالعربية في البلاد؟!
في البداية، نؤكد على احترامنا لكل اجتهاد في هذا الباب، خاصة من قبل بعض الأكاديميين ونحاول أن نكون جزء من النقاش، لنفيد ونستفيد، ولنثري مواقفنا.
إننا نحاول أن نقرأ أوراق العمل هذه بادواتنا الفكرية والسياسية، ونولي مكانة خاصة لمناقشة ما يطرح على أنه برنامج لطرح بديل سياسي، باسم الجماهير العربية ومؤسساتها.
هذه الوثائق متباينة لذا لا يصح مناقشتها كلها بشكل عمومي، لكننا في هذا الباب، نسجل الحقيقة التاريخية، بأن الحزب الشيوعي هو أول من طالب بالاعتراف بالجماهير العربية كأقلية قومية ذات حقوق جماعية، وفي مؤتمره الـ 18 في العام 1977، صاغ حزبنا الشيوعي برنامج المساواة القومية واليومية التامة للأقلية الفلسطينية في اسرائيل. نؤكد بأن الحزب لم يضع هذه المطالب في العام 77، انما قبلها بكثير ولكنه قام في هذا العام بتنظيمها لوضعها ببرنامج شمولي خاص، غداة يوم الأرض الخالد، الذي قاده حزبنا وأصدقاؤه.
حينها أبرز المؤتمر الـ18 على السطح القواسم المشتركة للقوى التقدمية اليهودية والجماهير العربية، وضرورة وحدتها الكفاحية كون المساواة القومية والمدنية شرط أساسي لاكتمال الدمقراطية الاسرائيلية، كما صغنا مطلب المساواة القومية والمدنية وهي صيغة تتجاوز بكثير صيغة دولة المواطنين .
ان العديد من الافكار الواردة في هذه الوثائق تعتمد الى حد بعيد على أدبيات الحزب الشيوعي خاصة في المؤتمر الـ 18 وما بعده وان لم يذكر معدو الوثائق هذه الحقيقة،ولكن غالبية هذه الوثائق لم تنجح ان تواصل منهج ومنطق استراتيجية وفكر الحزب الشيوعي فتعثرت في بعض المسائل المفصلية. وزجت بمفاهيم وادوات تحليلية لم تثبت قدرتها على قراءة الواقع المعقد والمتميز للمسألة القومية في ظروفنا.
لقد كانت قيادة الحزب الشيوعي هي التي صاغت "وثيقة 6 حزيران 1980"، وفي مقدمتها:
"نحن أهل البلاد ولا وطن لنا غير هذا الوطن (...) حتى لو جوبهنا بالموت نفسه، لن ننكر أصلَنا العريق: إننا جزء حي وواعي ونشيط من الشعب العربي الفلسطيني. لم نتنازل ولا يمكن أن نتنازل عن حق هذا الشعب في تقرير مصيره وفي الحرية والاستقلال على ترابه الوطني". (وثيقة السادس من حزيران 1980، المؤتمر المحظور – الكتاب الأسود (2)، شباط 1981، ص 10-11.)
وقلنا حينها بأن الأقلية العربية في اسرائيل، ليست مجرد حالة امتداد ثقافي انما كتيبة تناضل ضمن ادواتها السياسية من أجل حق تقريرالمصير لشعبها الفلسطيني والسلام العادل , من موقعها في اسرائيل.
ومن هنا، فإننا قد صغنا جدلية الوطن والمواطنة، بحكم بقائنا في وطننا، في معركة البقاء كقيمة عليا. فنحن لم نهاجر الى هذه الدولة انما هي التي قامت على وطننا. ما يعني أننا جزء من المجتمع الاسرائيلي, وان مواطنتنا ليست مصدر احراج لنا و انما مواطنتنا هي مصدر حرج وضيق عند الترانسفيريين، ولسنا نرضى بالهامش أو الفتات إنما نخوض المعركة على الوجهة السياسية الاجتماعية للمجتمع الذي نعيش فيهوعلى حقنا ان نؤثر فيه.
وبالتالي فإن مأخذنا المركزي على هذه الوثائق هو بأنها بمعظمها تضع العرب كل العرب مقابل اليهود كل اليهود، في تغييب كامل للتحليل الطبقي" و بعيدا عن القراءة الحقيقية للواقع في اسرائيل كدولة رأسماليةتسود فيها ايديولوجية صهيونية نقارعها ونرفضها. ونضالنا بعيد الأمد يقوم على الأمل باحلال تغيير ثوري ودموقراطي عميق يطمح الى تحقيق نظام اشتراكي في هذه الدولة، نظام يحل الأزمة الشاملة في البلاد ولا يكتفي بان يديرها.
نؤكد بأن افتعال تناقض بنيوي وثابت بين العرب كل العرب من جهة وبين اليهود كونهم يهود من الجهة الاخرى كان وما زال، الأداة الأمضى بأيدي المؤسسة الرسمية الحاكمة في اسرائيل لتمرير مشاريعها هنا في المنطقة في خدمة الرأسمالية التي تربح من الاحتلال والعنصرية، ومن انتشار الفقر والبطالة ومن ضرب الخدمات والرفاه، وبالمقابل فاننا نريد قلب الواقع من خلال تعميق الوعي الطبقي والأممي بأن المعركة هي بين الضحايا العرب واليهود ضد أصحاب السياسة الليبرالية الجديدة، هذه الركيزة عند طرح قضايا الجماهير العربية.
في هذا السياق، اشرتم الى ان الدمقراطية التوافقية" ليست قادرة على الخروج من المازق ؟!
نحن هنا لا نشكك بنوايا أصحاب هذا الاقتراح ورغبتهم في طرح مخرج من تناقضات الدموقراطية الاسرائيلية. لكننا نعي ان الدموقراطية التوافقية اكثر مما تستطيع ان تقدم مخرجا من المازق , فانها تقترح ادارة المازق. ويبقى النموذج الحقيقي لفكرة التوافقية الدمقراطية هو بالحفاظ على التقسيمة الداخلية والمحاصصة بين النخب وليس الشعب، والنموذج الأمثل لهذا هوالنموذج اللبناني أو القبرصي قبل تقسيم قبرص، ونحن نعرف من كتب هذه النظرية ومن أنشأها ومن هي المجتمعات التي اتخذها نموذجا.
البعد الأساسي في هذه القضية، بأنها توفر اداة لادارة الأزمة دون الخروج منها، وهذا هو نقاشنا المركزي معها.
تصوير المعركة بأنّ النخب العربية يجب أن تتحدث باسم كل العرب وأن النخب اليهودية يجب أن تتحدث باسم كل اليهود، حول طاولة النخب الاسرائيلية بما يتناسب بنسبتنا كعرب لا تبشر خيرا بالقضايا الاجتماعية الأساسية التي تعاني منها الأقلية العربية الفلسطينية بشكل كبير.
نحن لا نتنازل عن حقنا بأن نؤثر أو أن نكون جزءا وأن نلقي بوزننا للتأثير على المجتمع الاسرائيلي، وهو ما قد تنزعه منا التوافقية الدمقراطية.
في سياق الحديث عن تغيير المجتمع الاسرائيلي، فإننا نشيد بشكل خاص بنضال طلابنا الجامعيين الذين طعّموا النضال الطلابي بالمواقف الاجتماعية والاقتصادية، عندما جاء هذا النضال تحت العلم الأحمر يضع النضال الطلابي في السياق النضالي الصحيح وهو ما أغاظ صحيفة هآرتس بأن الطلاب يتحدثون عن الخصخصة والرأسمالية، وهو ايضا ما أخرج المؤسسة والصحافة عن طورها وأخرج رؤساء الجامعات عن طورهم فخلعوا أكفهم الحريرية.
هذا النفس هو النفس الذي نجح رفاقنا في الجامعات بنقله وتحويله الى نفس الحركة الطلابية، ما تم يدعونا الى الفخر بطلابنا ورفاقنا وبأن المعركة لم تكن باسم الطلاب الجامعيين وحدهم انما كانت المؤشر لكيفية خوض النضالات المشتركة.
برنامجكم لمساواة الجماهير العربية، اين يقف من تعريف اسرائيل الرسمي:"دولة يهودية ودموقراطية "
مصطلح "دولة يهودية" لم يكن مصطلحا نقبل به. فنحن اعتبرنا دولة اسرائيل دائما دولة فيها اكثرية يهودية واقلية قومية عربية كبيرة وهامة .ان محاولة فرض تعريف "دولة يهودية " بقوة القانون وتحت طائل التهديد بالملاحقات الشاباكية المعززة بتوقيع مزوز المستشار القضائي للحكومة تسخف تعريف اسرائيل كدولة دموقرطية.وبذلك لا تكون لا دولة يهودية ولا دولة دموقراطية. ان شرعية دولة اسرائيل التي قامت كتعبير عن حق تقرير المصير للشعب اليهودي في هذه البلاد على اساس قرار التقسيم, قبل ستين عاما, لايكتمل الا بتنفيذ حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني واستقلاله وتحرره.
هنا ألفت الانتباه الى نقاش يدور اليوم وكأن هنالك صعوبة باقامة الدولتين وبأنه غير قابل للتحقيق ولذا "يهدد" البعض اسرائيل بالانتقال الى موقف دولة واحدة ثنائية القومية وكأنه أمر متوفر لكننا لا نطالب به!
هذا الموقف هو استسلام في وجه الاحتلال والاستيطان، فدولة ثنائية القومية بغير حاجة الى إنهاء الاحتلال وقلع المستوطنين، وما يبدو وكأنه خطوة الى الأمام هو بالحقيقة خطوة تراجعية بشكل مرعب.
تقوية الحزب وجبهة المختلفين..من الناحية التنظيمية، ركزتم في رؤوس الأقلام على جبهة المختلفين كما قدمتم الى المؤتمر "الوثيقة الاستراتيجية" فهل نحن بصدد تغيير جدي في بنية الجبهة؟ وأين الشركاء الجبهويون من هذه الخطوة؟!
دعني أؤكد أولا ودون الانتقاص من الموضوع الذي طرحته بسؤالك بأن الهم الأول والمركزي لمؤتمر الحزب هو تعزيز الحزب نفسه وضبط الأمور التنظيمية الداخلية فيه، ومن ثم تأتي قضية الجبهة، ذات الوزن والمكانة الخاصين لدينا كحزب ولدى كل كوادرنا وأصدقائنا.
نحن نريد أولا، لحزبنا أن يخرج من هذا المؤتمر بأجوبة تنظيمية وفكرية حادة، رغم ما تعيشه الحلبة السياسية والحياة الحزبية في اسرائيل من أزمة طمس الفوارق وشخصنة المواقف، نحن نريد للحزب أن يخرج موحدا على قواعد الحياة الحزبية التي أقرها المؤتمر الأخير (الـ 24) بجلسة خاصة بالدستور وقواعد العمل الحزبي التي اتفقنا عليها. ومن يريد تغيير هذه القواعد، يجب أن يطرح موقفه في المؤتمر كهيئة عليا.
همنا المركزي هو كيف نقوي حزبنا على اعتبار بأن تقوية الحزب ستؤدي بالضرورة الى تقوية الجبهة، وهذا سيتوفر بتحويل الحزب الى حزب أكثر والجبهة الى جبهة أكثر.
هذا هو همنا الأول، وأما عن جبهة المختلفين فإنني أعيدك الى سؤال سابق كنت قد تطرقت في الاجابة عليه الى ثقل المسؤولية التي على كواهلنا والتي تحتم علينا بناء جبهة عريضة.
الواقع اليوم هو بأن هنالك أجسام كثيرة اجتماعية وسياسية تتوافق معنا بالبرامج دون أن تجد لها مكانا الى جانبنا في الحزب ونحن نسأل أنفسنا لماذا؟! وهل نكتفي بحالة من الانكفاء بينما تنشأ باستمرار أطر تناضل الى جانبنا في المعارك السياسية والاجتماعية لكنها لا تجد طريقها الى اطرنا التنظيمية او الحزبية؟, هذه الأسئلة لا تقلق الحزب وحده انما أطراف واسعة أيضا من شركائنا في الجبهة ونرى بهم جميعا شركاء بالتفكير والاجتهاد والمشاورات ومن ثم باتخاذ القرار النهائي.
في نهاية المطاف نحن نريد ان نصل الى وضع يكون فيه الحزب حزبا اكثر وتكون الجبهة ,جبهة اكثر. هذا هو الاساس للعلاقة المتينة والصحيحة لعلاقة الحزب والجبهة. ويجب ان نذكر ان النقاش الذي يدور احيانا , هو ليس بين الحزب الشيوعي وغير الحزبيين في الجبهة , ولكنه في الاساس نقاش في داخل الحزب حول شكل الدور الحزبي داخل الجبهة , وحول ممارسات رفاق في الحزب لا يقبلون موقف الحزب , وبدلا من خوض المعركة على مواقفهم داخل هيئاتهم الحزبية, ينقلون المواجهة الى مؤسسات الجبهة ويعملون على تجنيدها ضد موقف الحزب. ان هذه ظاهرة تسيء للحزب وللجبهة سواء بسواء.
الحزب الشيوعي اقام الجبهة , جبهة مع الحزب الشيوعي. وهذه هي الجبهة التي نحتاج الى تقويتها. ومعنيون بتوسيع تحالفاتها وتقويتها .
هل لك أن تقدم للقراء من الرفيقات والرفاق، والصديقات والأصدقاء، كلمة أخيرة؟
أتمنى على رفاقنا في الحزب الشيوعي، وشركائنا في الجبهة وأصدقائنا من العرب واليهود، أن يسهموا بتحويل افتتاح المؤتمر الى مظاهرة سياسية وفكرية قوية يحتاجها الشعبان. وأن يسهم المندوبون باغناء المؤتمر باجتهاداتهم، نحن نريد لهذا المؤتمر أن يتحول الى حدث مفصلي في الحالةالسياسية التي تسود المجتمع الاسرائيلي وسط الجماهير العربية واليهودية، ان الازمة عميقة , لان معظم المشاريع السياسية والفكرية الرسمية وغير الرسمية, بين القوى السيياسية اليهودية والعربية وصلت الى الباب الموصود , أما مشروعنا والاجتماعي والفكري في بعده الطبقي والاممي والوطني, يمكث في الارض, لانه ينفع الناس
"واما الزبد فيذهب جفاء"
#عصام_مخول (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟