حقوق الإنسان -حقوق الإنسان أم حقوق الشعب؟
خالد المهدي
2007 / 4 / 27 - 11:04
تقديـــــــــــــــــــــم
لن نبالغ إذا ما قلنا أن أكثر نقط التلاقي اليوم، على المستوى الإيديولوجي والسياسي، بين الامبريالية والرجعية و التحريفية هي الزعيق حول ما يسمى "حقوق الإنسان".
فتحت يافطة هذه الحقوق يتم نشر الحرب والدمار عبر العالم، تحت يافطة هذا الشعار تتم الإبادة الجماعية للشعوب، وتحت هذا الشعار يتم رفع وتيرة الاستغلال، وبالتالي الاضطهاد وتحت يافطة هذه الحقوق يتم تشويه وعي البروليتاريا والجماهير الشعبية ونشر الأوهام التي تضمن للرجعيين استمرار سيطرتهم الطبقية، وتحت هذا الشعار أيضا يتم كبح جماح الجماهير في الرد المناسب على هجوم الطبقات المستغلة.
إن "حقوق الإنسان" مثله مثل أي مفهوم ايديولوجي وسياسي آخر كان وليدا لشروط تاريخية معينة هي بالضبط شروط انتصار البرجوازية. فمن اجل أن تمد سيطرتها الطبقية كان ولا بد للبرجوازية من أن تقدم نفسها وقوانينها باعتبارها قوانين شمولية، أي قوانين للمجتمع ككل. وتلك أحد الضمانات التي تمكن طبقة ما من بت سيطرتها على سائر الطبقات الأخرى داخل المجتمع.
إن "حقوق الإنسان" تعتبر بحق أداة فعالة في يد البرجوازية لسحق البروليتاريا والشعب سواء من الناحية الإيديولوجية، أو من الناحية السياسية العملية.
إيديولوجيا تشكل "حقوق الإنسان" المجال المفضل للبرجوازية و التحريفية – على حد سواء- لإلغاء واقع التمايز الطبقي، ففي الواقع لا يوجد هناك إنسان مجرد، بل هناك إنسان اجتماعي، وبالتالي إنسان ينتمي إلى طبقة محددة.
ومنه فالقول ب"حقوق الإنسان" لا تعدوا أن تكون حقوق الإنسان البرجوازي التي تضمن مصادرة حقوق الإنسان البروليتاري وحقوق الشعب، فحقوق الإنسان في الحرية وفي الحياة هي صيغة أخلاقية برجوازية مثالية منفصلة كليا عن الواقع، وهي تنطلق من المفاهيم لا من الواقع.
إن الشيوعيين والشيوعيات كانوا وكن دائما ضد إخفاء الأبعاد الطبقية. البرجوازيون وأذيالهم من التحريفيون هم من يحاولون إيهام الشعب بمثل هاته المفاهيم البرجوازية. وما قال إنجلز "إن الحرية لا تستقيم في حلم الاستقلال عن القوانين الطبعية، بل في معرفة هذه القوانين، وفيما تمنحه هذه المعرفة من إمكانية تشغيل تلك القوانين، بصورة منهاجية، في اتجاه أهداف محددة. وإن هذا لينطبق سواء على قوانين الطبيعة الخارجية أم على القوانين التي تسير الوجود الجسماني والذهني للبشر أنفسهم- وهما صنفان من القوانين يمكننا على الأكثر أن نفصلهما عن بعضهما بعضا في الفكر، لكن ليس في الواقع" انتي دوهرينغ ص 13
إن القوانين التي تتحكم في تطور المجتمع البرجوازي تؤكد ان هناك الاستغلال، وبالتالي شرطه المرافق أي الإضطهاد. إن الواقع يؤكد ان هناك الفلاح الفقير والاقطاعي، أن هناك الرأسمالي والبروليتاري، إن القفز على هذا الواقع، ووضع كل الأفراد في سلة واحدة تحت يافطة الإنسان، إنما هو اشد ما تحاول البرجوازية إيهام الشعب به مستخدمة في ذلك الدين والمناهج التعليمية، والإعلام، وكل الوسائل الايديويولوجية.
إن ما يضمن للإنسان حريته ليس هو على الإطلاق صفحات، بل وحتى مجلدات من القرارات حول حقوق الإنسان وما يستتبعه من مفاهيم ايديولوجية مثل التسامح والقبول بالآخر وعدم مصادرة حقوقهن غنما هي ممارسة رجعية تقف سدا منيعا أمام الثوريين، و أمام الجماهير حتى لا تتخلص من قيود البرجوازية وسيطرتها الطبقية.
في المجتمع العبودي كانت سيطرة الإنسان المباشرة والمادية على الإنسان، فالسيد كان يملك العبد، فلا يستطيع هذا الأخير ان يفعل أي شيء دون سماح السيد له بذلك بما في ذلك الزواج...إلخ.
غيران البرجوازية قد غيرت شكل العبودية وحافظت على جوهرها، أي سيطرة الإنسان على الإنسان. مشكلة بذلك مجتمعا عبوديا جديدا من حيث الشكل، فعوض أن يتم تملك الإنسان بشكل مباشر قد تمكن البرجوازية من تملك الإنسان بشكل غير مباشر، وذلك عن طريق تملك كل الوسائل التي تجعل الإنسان حرا وقادرا على الاستمرار في الحياة. فالإنسان يحتاج إلى الكل حتى يضمن استمرار وجوده، غير أن الأكل يتطلب وجود الأرض والزراعة التي تتطلب هي الأخرى الآلات ووسائل الإنتاج، غير أن الأرض ووسائل الإنتاج ليست ملكية للمجتمع وإنما هي ملكية فردية، وبهذا يكون غير المالك تابعا فعليا للمالـــك.
العبودية القديمة كانت تفرض على العبد العمل في حقوق السادة بالقوة وبالعنف، غير ان عبودية البروجوازية تضمن" حرية الأفراد" في العمل* أو عدمه، إلا ان غير المالك لا يمكنه ان يضمن أكله وشربه وسكنه بدون ان يعمل، وتبعا لذلك يجد نفسه غير حر، وإنما مجبرا على العمل لدى السيد الذي يملك الأرض والمعمل ووسائل العمل...إلخ.
في المجتمع العبودي القديم كانت حرية التعبير مصادرة بشكل كلين وغير مسموح بها سوى للسادة، أما المجتمع العبودي الحديث، فإنه يدعي بأنه يكفل حرية التعبير وحرية الصحافة( مع أن الواقع يؤكد يوما بعد آخر أن لا حرية التعبير ولا حرية الرأي مسموح بها) غير أن حرية التعبير عندما تفتقد لوسائل الدعاية من صحافة ووسائل إعلام ومطبعات إلخ... فإنها لا تعدوا أن تكون خدعة كاذبة.
إن المجتمع البرجوازي يتبجح بإعلانه ضمان حقوق الإنسان، وهو كذلك بالفعل يضمن هذه الحقوق ( في حدود معينة) لكنها حقوق الإنسان البرجوازي أساسا، حقوق الفرد في التملك وفي الأمن وفي الحرية، بما فيها حرية استغلال الآخر ومصادرة الحق في الثورة وفي كنس البرجوازية.
إن كل ذلك يجعلنا مقتنعين بأهمية النضال الإيديولوجي ضد كل هذه السخافات البرجوازية، يجب علينا كشيوعيين وشيوعيات فضح كل الادعاءات حول حقوق الإنسان وكشف نفاقها وتبيان خطورتها على حاضر و مستقبل الجماهير الشعبية وعلى ٍرأسها البروليتاريا.
إن أسمى حق نؤمن به نحن الشيوعيين والشيوعيات، إنما هو "حقنا في ان نثور" وهو قاعدتنا الأولى ومنطلقنا الأساسي.
يجب ان نصرخ عاليا ليس هناك إنسان مجرد، وإنما هناك إنسان بروليتاري مستغَل وإنسان آخر مستغل، هناك إنسان فلاح فقير مقهور وإنسان إقطاعي قاهر، هناك إنسان مستعبَد كادح وهناك إنسان مستعبٍِِِد ، هذه هي القاعدة التي ننطلق منها لتوجيه ممارستنا داخل المجتمع الطبقي.
يجب أن نعلن كشيوعيين وشيوعيات بشكل واضح وصريح انحيازنا الكلي والشامل إلى جانب الإنسان المستغل والمضطهد ضد الإنسان المستغل والمضطهد، وان نعمل على تربية الجماهير على رؤية هذا التمايز واستحضاره في كل لحظة، و أن لا نكل من النضال ضد تزييف وعي الجماهير ونشر بضائع البرجوازية في عقولها وأذهانها.
إننا نناضل إلى جانب الجماهير حتى نمكنها من حمل الوسائل اللازمة لكسر عظام الرجعيين والمستغلين وشق رؤوسهم لا لضمان حقوقهم، بل لمصادرة ديكتاتوريتهم وهذا كنه ومضمون كل نضال الماركسيين والماركسيات.
ولكي نمكن القراء من الإطلاع أكثر على رؤية وموقف الماركسيين من ما يسمى "حقوق الإنسان" نقدم هذا النص: "حقوق الإنسان، أم حقوق الشعب؟" الذي تمت صياغته في إطار الذكرى الخمسين لما يسمى " الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، وذلك في سياق يوم دراسي نظم بهذه المناسبة بمشاركة كل من تجمع مناهضة الامبريالية والحزب الشيوعي بتركيا/ماركسي- لينيني، وورش الدراسات الفرنسية البيروفية، بباريس 1998، وقد تمت ترجمته إلى اللغة العربية الرفيقة روزا المغرب
خالد المهدي
حقوق الإنسان أم حقوق الشعب؟
-------------------
«الدفاع عن حقوق الشعب والدفاع عن المعتقلين السياسيين، ومعتقلي الحرب»
«تتناقض حقوق الإنسان مع حقوق الشعب، لأننا نعتمد على مفهوم الإنسان كمنتوج اجتماعي وليس على مفهوم الإنسان المجرد ذو الحقوق الفطرية، كما ننطلق من كوننا لا نلتزم بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولا بإعلان كوستاريكا، لكنه باستطاعتنا استخدام وضعيتهم الشرعية من اجل التنديد ونزع القناع عن الدولة القديمة، عن مؤسساتها، منظماتها وسلطاتها، مبتدئين بقادتها و موظفيها، والتابعين لها الذين ينتهكون باستمرار تعهداتهم الدولية الخاصة بهم، بالإضافة إلى ذلك فنحن نناضل من اجل أن تحترم الدولة القديمة الحقوق الأساسية التي انتزعها الشعب وحققها في الدستور والقوانين والأعراف».
لقد أردنا من هذا المقتطف للرئيس كونزالو أن نوضح موقفنا كماركسيين- لينينيين - ماويين على اعتبار أنه بالنسبة لنا ؛أي إعلان لحقوق الإنسان فهو يتناقض تماما مع حقوق الشعب، وأن حقوق الإنسان هاته التي سجلت في الماضي تقدما حقيقيا لا تخدم حاليا إلا الامبريالية والرجعية من اجل استغلال كل شيء وحرمان الشعوب.
هاته الحقوق هي الحارس الشخصيGarde – fou للنظام الرأسمالي الامبريالي وهدفها الأساسي: الدفاع والحفاظ على النظام القائم.
وأمام هاته الحقوق البرجوازية نقر بأن حقوق الشعب هي الحقوق الوحيدة القادرة في أيامنا على إلغاء الاستغلال والحرمان وإلغاء الملكية الخاصة، والأساسي ضمن هاته الحقوق هو حق الثورة والتي نادى بها الرئيس ماو نفسه حين قال: " من حقنا أن نثور". يتوجب على الشعب أن يكون الضامن الوحيد لحقوقه وحرياته في مسيرته نحو الاشتراكية والشيوعية، ويتوجب عليه بالتالي أن يفرض حقوقه ضدا على النظام القائم والحقوق البرجوازية.
-I
في هذا المسار من اجل إلغاء استغلال الإنسان للإنسان وبشكل خاص القضاء على مسخرة "الحق البرجوازي" الذي لا زال يرواح مكانه حاليا، أكد كل كبار المفكرين الماركسيين وأعادوا التأكيد على التناقض بين الحق البرجوازي وحق الشعب.
فبدأَ بالرواد الأوائل للماركسية حلل ماركس بشكل علمي الجوهر ذاته لهذا الحق البرجوازي، ويظهر موقفه منتظما انطلاقا من نقد الفلسفة الهيغيلية للدولة إلى غاية رأس المال مرورا بالإيديولوجية الألمانية والعائلة المقدسة.
فتحليل ماركس كله كان يستهدف إن إعلان حقوق الإنسان قبل كل شيء هو إثبات "إيديولوجي وسياسي" هو إعلان حقوق البرجوازية الصاعدة التي تحاول بذلك بناء تبريرها الإيديولوجي الخاص وفرض التأكيد السياسي لهيمنتها.
و بالتالي فتأسيس هذا الحق البرجوازي يرتكز أصلا في إعلان يلعب هو نفسه دورا سياسيا، إنه عقد سياسي بما انه يشكل السياسة كسياسة برجوازية والدولة كذلك كدولة سياسية برجوازية مشيدة للحق المقدس الذي اعتمدت عليه إلى غاية ذلك الحين الإقطاعية.
وبشكل أكثر دقة فقد وضح ماركس انه عبر تأسيس هاته الإعلانات يتم التعبير بشكل نهائي على المزدوجة: دولة / مجتمع برجوازي، المجتمع البرجوازي الذي يفرض نفسه ويحقق ذاته من خلال الدولة البرجوازية وأساسا من خلال قوانينها كما أشار إلى ذلك ماركس بشكل واضح في " العائلة المقدسة" حين قال: «حقوق الإنسان لم تخلقها الدولة، فبقدر ما كانت نتاج المجتمع البرجوازي الذي تجاوز في تطوره الخاص العوائق السياسية القديمة، بقدر ما هي بدورها حاليا تعترف بأساسها وأصلها الخاص، معلنة ما يسمى بــ" حقوق الإنسان" هاته».
بل يذهب ماركس إلى حدود تدقيق اللحظة التاريخية الأساسية لممارسة هاته الطموحات (التي لا زالت حينئذ نظرية) للمجتمع البرجوازي، حين أكد: «أنه في سنة 1830 حيث أخيرا ستحقق البرجوازية الليبرالية ما طمحت إليه سنة 1789 [...] بما أنها تحققت من داخل هاته الدولة المعبر الرسمي عن سلطتها التنفيذية والمكرسة لمصالحها الخاصة. ولما انتهت مع تواجد حقوق الإنسان في النظرية فقط بدأت البرجوازية هيمنتها! » ومع الأحداث أصبحت بالتالي حقوق الإنسان هي حقوق البرجوازية كما عبر عن ذلك ماركس حينما قال: « إنه فقط باسم الحقوق العامة للمجتمع، تستطيع طبقة محددة أن تطالب بالسيطرة العامة».
وبشكل سريع ستستعمل البرجوازية المصلحة العامة للأفراد مرسخة لنفسها - في تقسيم العمل الذي يتسع شيئا فشيئا- مصلحتها الخاصة الشاملة، و إلى غاية أن تمكنت من رفعها كأساس للحقوق البرجوازية، سرعان ما أصبحت وهما كليا: إيديولوجية "حقوق الإنسان" المقدمة في شكل الحقوق الشاملة للأفراد تم إنكار شموليتها هاته المرة بشكل صريح من طرف البرجوازية في أوج تطورها /صعودها.
كل هذا التحليل الذي عمقه ماركس مذكرا الانبثاق نفسه للحق البرجوازيين سيقوده إلى المزيد من إماطة اللثام وكشف هاته "الأنسنة البلهاء لحقوق الإنسان معطيا اختبارا مفصلا لكل حق من "الحقوق الأساسية" المملاة من طرف البرجوازية.
سينطلق ماركس بداية وقبل كل شيء من إثبات واضح: وهو التناقض الصارخ في أساس هذا النص نفسه بين حقوق الإنسان من جهة وحقوق المواطن من جهة أخرى.
هذا الفرق يكشف عن تناقض أساسي في المضمون، فحقوق الإنسان تعتمد على حقوق الفرد الأناني، بينما حقوق المواطن فتعبر عن الفرد المنفتح على اهتمامات شاملة.
وبما انه تم تأسيس نظام تسلسلي بين هذين المفهومين، حيث إن حقوق الإنسان المواطن هي مرتبطة كليا بحقوق الإنسان الأناني، كما توضح ذلك بجلاء الوثيقة 2 من إعلان 1789، الذي يؤكد إن: «الهدف الأساسي لأية جمعية سياسية هو الحفاظ على الحقوق الطبيعية والغير قابلة للإلغاء للإنسان»، فواضح هنا أن « المواطن [...] تم إعلانه كخادم للإنسان الأناني ». كما اثبت ذلك ماركس نفسه.
وانطلاقا من ملاحظة هذا التناقض الأول اختبر ماركس القوانين الأربع على التوالي الأساسية للإنسان – حسب المفهوم البرجوازي طبعا- والتي هي: الحرية، الملكية، المساواة، و الأمن. وهذا حسب الإعلان المتضمن في الدستور الأكثر شعبية لسنة 1793. في هذا النص تم تعريف الحرية بـــ: « الحق في فعل أي شيء لا يلغي حق الآخر». يرتكز بالتالي هذا الحق حسب ماركس، على حصر متبادل يحيل «حرية الإنسان إلى غريزة بسيطة معزولة ومنطوية على ذاتها». ونفس الشيء بالنسبة للملكية تم اختزالها في حق التمتع والتصرف في خيراته كما يشاء. المساواة تنحصر في علاقة بسيطة بين الأفراد، وأخيرا الأمن تم تعريفه على انه حماية المجتمع من كل عنصر من عناصرهن وتتم إحالته بالتالي إلى علاقة وحيدة لكل فرد بالمحيط الاجتماعي للأفراد: من اجل ضمان كامل لأنانية كل واحد.
كما كان بديهيا بالنسبة لماركس: «على أن أي من حقوق الإنسان المزعومة لا يتعدى حدود الإنسان الأناني». سياسة حقوق الإنسان تستهدف في الحقيقة شيئا واحدا هو تحرير الدينامية الأنانية للأفراد ومصالحهم الاجتماعية الخاصة. حقوق الإنسان تسمو بإرادة الإنسان إلى منزلة القانون. وأخيرا فإنه في هذا العهد، عهد الحقوق البرجوازية، حقوق الإنسان تحضر فيه بشكل قليل لأنه لم تجسد بشكل حقيقي سيادة الإنسانية، فالسيادة الوحيدة هي سيادة الملكية الخاصة كما أشار إلى ذلك ماركس بقوله: «الإنسان لم يحرر من الملكية، بل حصل فقط على حرية التملك».
هاته الحقوق لا تعرف الإنسان إلا بالعلاقة الوحيدة بين المصلحة الخاصة والضرورة الطبيعية العمياء، فتقدمه كعبد للعمل من اجل الربح، فقط عبدا لحاجته الأنانية الخاصة والحاجة الأنانية للآخر، مبرزة أن هاته الحقوق لا تعدو أن تكون سوى دعاية إيديولوجية للبرجوازية، وتأكيد سياسي للدولة أو للطبقة البرجوازية، وقد عرى ماركس مجمل هاته الإيديولوجية، فانكشفت هاته المرة كأكبر نفاق وضرر موجودين. غير أن ماركس لم ينحصر أبدا في مجرد تحليل بسيط لهاته الحقوق البرجوازية وتعريتها بل اقترح موازاة مع ذلك أطروحة تستهدف التحرير الكامل للبشرية مصاغة على النحو التالي: «إنه فقط عندما يقر الإنسان وينظم قواه الخاصة كقوى اجتماعية، دون أن تنتزع منه القوة الاجتماعية تحت شكل القوة السياسية، آنذاك فقط سوف يكتمل تحرر الإنسان».
ففي هذا المنحى يجب أن تفهم العبارة التالية: « عندما تعلن البروليتاريا تفكيك النظام القائم بالعالم، لن تقوم إلا بإعلان سر وجودها الخاصة، لأنه هو نفسه التدمير الفعلي لهذا النظام القائم بالعالم، وعندما تطالب وعندما ستطالب البروليتاريا بإلغاء الملكية الخاصة ستجعل من مبدأ للمجتمع ما جعله المجتمع مبدأ للبروليتاريا il ne fait qu ériger en principe de la .Société ce que la société a érigé en principe pour lui بالتالي فبدون أن تتدخل فإنها تجسد النتيجة السلبية للمجتمع».
عارض ماركس هاته الحقوق البرجوازية بالشيوعية. و لمواجهة مفهوم حقوق الإنسان الذي ينكر ويلغي حقوق البروليتاريا، استهدف بالأساس تحرر وحرية الشعب.
وكانت نفس إجابة ماركس على الشعار الكبير الذي رفعته الثورة البرجوازية حينئذ هي: إنه فقط التغيير الشيوعي للمجتمع عبر الثورة، هو الذي بإمكانه فعلا تحقيق الحرية والمساواة وامتلاك العالم كتوجهات فعلية "للإنسان الاشتراكي".
فتصبح الحرية إذن هي قوة كل واحد بـواسطة وفي اجتماعه بالكل، هذا الاجتماع الذي يعوض المساواة البرجوازية المحددة كمقارنة مجردة وبسيطة بين أفراد معنيين: الجماعة التي يشترك فيها الكل كليا. فحسب ماركس انه فقط « في الجماعة la communauté الحقيقية، حيث يكتسب الأفراد حريتهم موازاة مع تضامنهم، و بفضل هذا التضامن وبواسطته»، وبالمثل تكف الملكية على أن تكون خاصة، حكرا على أقلية ضئيلة لتصبح الملكية جماعية ومشتركة.
انطلاقا من هذا التحليل الواقعي، وبتعمقه في أسس الحق البرجوازي، توصل ماركس إلى كشف الجوهر البرجوازي والرجعي لــ"حقوق الإنسان" المعتمدة على تصور الإنسان كفرد ينزع إلى الحقوق الطبيعية والفطرية،إنها فقط المصلحة الشخصية التي يتم إذكائها، مادامت مجمل أسس المجتمع البرجوازي تعتمد على حق رئيسي وهو: حق الملكية الخاصة الذي نستقى منه كل الحقوق الأخرى.
لمواجهة هاته الحقوق البرجوازية يجب ان نرفع إجابة وحيدة هي: حقوق البروليتاريا ومنه حقوق الشعب.
عن المشعل الذي أناره ماركس سيحمله انجلز كذلك في نقده لبرنامج الاشتراكية الديمقراطية في سنة 1891 حينما اقترح ان توضع بدلا عن: "من اجل الحق المتساوي للكل" الصيغة التالية: " ما اجل الحقوق المتساوية والواجبات المتتالية للكل" وحسب انجلز فإن الواجبات المتساوية هي مكمل أساسي للحقوق الاشتراكية الديمقراطية المتساوية، وإزالتها يجعل منها حقوقا برجوازية فقط.
وسيكمل لينين هو الآخر هذا الصراع الأمر الذي يظهر أكثر تحديدا عند قراءة "إعلان الشعب الشغيل والمستغَل" لــ17 يناير 1917، حيث ركز هذا الإعلان بالأساس على الشعب باعتباره المالك الوحيد و الفعلي لحقه في ان يشيد الاشتراكية والشيوعية في كل البلدان.
من خلال هذا سيؤكد صحة التحليل الماركسي و في مواجهة الشمولية الضيقة البرجوازية، سيتم التأكيد مرة أخرى على ضرورة الأممية البروليتارية. فلينين سيأتي ليزكي مجمل النظرية الماركسية مبينا من جهة ومرة أخرى ان "حقوق الإنسان" ليست فطرية، بل لها اصل تاريخي كبير كما ادرك ذلك هيغل سابقا، ومن جهة أخرى أكد من جديد على الطابع الخاص للملكية كشيء أساسي في الحق البرجوازي ملبيا نداء ماركس من اجل إلغاءها.
فضمن هذا المنطق تندرج المقولة التالية: «إن إلغاء الملكية الخاصة لوسائل الانتاج وانتقال سلطة الدولة كليا الى يد البروليتاريا، تلك هي الشروط التي ستضمن إعادة تنظيم جديدة، والتي ستضع حدا لاستغلال الإنسان للإنسان، وستضمن العيش الكريم للجميع، ولكل فرد».
لقد تم التأكيد مرة أخرى على ضرورة وملحاحية حق البروليتاريا، أي حق الشعب.
ستالين بدوره سينخرط في عملية استمرار الصراع الذي بادر به ماركس اولا ثم إنجلز وسيكمله لينين من بعده ضد الحق البرجوازي الرجعي المضاد للثورة، وقد اثبت ذلك برفضه التوقيع على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948.
ويكمن اسهامه في هذا الصراع في دفاعه عن دستور الاتحاد السوفياتي المتعلق بالفترة الممتدة بين 1224-1936.
في هذا النص سيركز ستالين تحليله في البداية لنقد دساتير البلدان البرجوازية، وقد وضح بالفعل ان هاته الخيرة لها كركيزة أساسية: الطابع الثابت للنظام الرأسمالي، ولها كقاعدة أساسية المبادئ نفسها للرأسمالية، مشيرا ان أسسها الرئيسية هي الملكية الخاصة واستغلال الإنسان من طرف الإنسان، التناقض بين المستغَلين والمستغلين خاصة حينما يعلن الصيغة التالية: «في قطب من المجتمع، هناك اغلبية من المستغَلين لا يضمنون مستقبلهم، وفي قطب ىخر من المجتمع نجد رفاهية اقلية لا تعمل».
و أخيرا يكشف الرفيق ستالين نفاق الحقوق البرجوازية التي تصيغ قوانين غير قابلة للتطبيق في حقيقة المر، حيث ان الدساتير البرجوازية في نظره تتوافق عادة لتثبيت حقوق رسمية للمواطنين دون الاهتمام بالشروط التي تضمن تطبيق هاته الحقوق،ودون الاهتمام بإمكانية تطبيقها ووسائل ذلك.
تتحدث هاته الدساتير البرجوازية عن المساواة بين المواطنين لكنها تنسى انه لا يمكن ان تكون ان تكون هناك مساواة حقيقية بين الباطرون و العامل ، بين المالك العقاري والفلاح، فإذا كان الأولان يملكان الخيرات والوزن السياسي في المجتمع، وإذا كان الآخران – أي العامل والفلاح- محرومان من هاته وتلك، فإن الأولان هم المستغلون والآخرون هم المستغَلون.
أو تجدهم كذلك يتحدثون عن حرية التعبير، الاجتماع، وحرية الصحافة، لكنهم ينسون ان كل تلك الحريات لا يمكن ان تكون بالنسبة للطبقة العاملة إلا قبرا لها، إذا كان من المستحيلات ان تتوفر على أماكن خاصة لعقد اجتماعاتها والتوفر على آلات طباعة جيدة وكمية من الأوراق لأجل الطبع.
وقد عارض هاته الأسس الرأسمالية المتمثلة في الدساتير البرجوازية، بدستور الاتحاد السوفياتي الذي يعبر عن مبادئ الاشتراكية بما هي: الملكية الجماعية، إلغاء الاستغلال والطبقات المستغلة، القضاء على بؤس الأغلبية ورفاه الأقلية، القضاء على البطالة...
وقد اهتم ستالين بلفت الانتباه حول نقطة اختلاف أساسية بين الحق البروليتاري والحق البرجوازي، ففقط الأول الذي لا يقف عند حدود تحديد الحقوق الرسمية للمواطنين، بل يفرض موازاة مع ذلك ضمانها وإعطاء وسائل ممارستها.
وأخيرا و احتداء بلينين فعلى عكس كل الدساتير البرجوازية، كان مشروع دستور الاتحاد السوفياتي امميا في جوهره.
ويؤكد النص المبدأ التالي: « كل الأمم والعراق هي متساوية في الحقوق[...] الاختلاف في اللون واللغة والمستوى الثقافي أو التقدم السياسي، او أي اختلاف آخر بين الأمم والأعراق لا يمكن ان يبرر اللامساواة في الحقوق بين هاته الأمم[...] كل الأمم والأعراق يجب أن تتمتع بحقوق متماثلة بغض النظر عن وضعيتها الماضية أو الآنية، في كل ميادين الحياة الاقتصادية والاجتماعية، السياسية والثقافية للمجتمع».
بتأسيس هذا الدستور للاتحاد السوفياتي، سمح ستالين بتطبيق النظرية الماركسية اللينينية حول الحق البروليتاري، وبواسطتها، و أوضح اهمية وضرورة الدفاع عن حقوق الشعب التي تشكل الضمانة الوحيدة لتحرر حقيقي.
وأخيرا تمثل الثورة الصينية بقيادة الرئيس ماو آخر اكبر قفزة في هذا الصراع ضد الحقوق البرجوازية، مادام ان هاته المرة قد تم تثبيت حقوق الشعب ليس فقط من داخل دستور الجمهورية الشعبية بالصين، بل على طول مرحلة الثورة الصينية وفي كل مرحلة من مراحلها.
ومنذئذ في هذه الحالة (في هذا المثال) فقط حقوق الشعب هي التي تسود في الشروط الملموسة للصين. من خلال ذلك تم إعادة التأكيد على تعريف الشعب على النحِو التالي: « يختلف مفهوم "الشعب" حسب الأمم وتبعا لمراحل تاريخها» ونفس الشيء بالنسبة لسيادة الشعب، حيث يقول الرئيس ماو: «نحن في خدمة الشعب، إذن فنحن لا نخشاه، إذا كانت لدينا نواقص نعرضها وننتقدها، وأيا كان بإمكانه طرحها: إذا كان محقا نصحح نواقصنا».
ولمواجهة استغلال واضطهاد الامبرياليين والرجعية تم رفع الحقوق الأساسية والوحيدة للفئات المكونة للشعب في حالة الصين يتعلق الأمر بالعمال، الفلاحين الفقراء بالأساس، البرجوازية المتوسطة والصغرى. كما حدد ذلك بشكل ملموس الرئيس ماو في تأكيده التالي: «إنه من الجريمة في صفوف الشعب تضييق الحريات و قمعه حينما ينتقد أخطاء ونواقص الحزب والحكومة، او منع حرية النقاشات الأكاديمية، هذا هو نظامنا! لكن في وجه أعداء الشعب فالجريمة هي السماح لأنصار الثورة المضادة بقول وفعل كل ما يريدون، بل إنه مشروع ممارسة الديكتاتورية!».
إنه فقط النظام الاشتراكي الذي يجب ان ينهض لحماية حقوق الشعب والبروليتاريا ، ولمحاربة كل نفاق الحقوق البرجوازية، والبرجوازية، هذا النفاق الذي عراه الرئيس ماو بشكل حاد عدة مرات. وبشكل ملموس حينما رفض هو الآخر توقيع ما يسمى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948، ولا سواء من خلال تحليله لمفهوم المواطنة؛ الزعيق الكاذب للبرجوازية، وواضح كما اثبت ذلك الرئيس ماو: «البرجوازية تمرر دائما وبصمت الفرق في الوضع الطبقي تحت غطاء المصطلح الفضفاض "للمواطنة" من اجل ان تمارس بذلك ديكتاتورية طبقة واحدة، هذا النفاق لا يخدم مصلحة الشعب الثوري نهائيا، ويجب قول ذلك بشكل صريح».
استحضر ماو هنا بشكل واضح تفسير ماركس لظهور الحقوق البرجوازية بما هي حقوق تعبر عن حق طبقة واحدة، والتي تحاول أن تقدم نفسها على أنها شمولية. ومع مجمل التحليلات الماركسية يسقط قناع البرجوازية بشكل لا يمكن إنكاره تاركة المجال حتما للشعب«المشكل من كل الذين لا يعارضون حرب المقاومة».
حاليا لا زال هذا الصراع راهنيا مع محاولة تدقيقه. حقوق الإنسان هذا السلاح المدمر للبرجوازية ضد الجماهير يتم إشهاره من جديد في وجه النضالات الثورية المتصاعدة عبر كل بقاع العالم، أو خاصة في وجه تنامي الحروب الشعبية.
وفي وقتنا الحالي، أدرك الرئيس كونزالو خطر هذه الدعاية في السياق الحالي موضحا الاستعمال المباشر لهاته الحقوق ضد كل انتفاضة وليدة، وبشكل عام ضد الثورة، كما يلخص تحليله على الشكل التالي: «جوهر الإشكال هو كالتالي يتعلق الأمر الآن برفع لواء حقوق الإنسان من اجل التصدي والتآمر على اية انتفاضة، ومن اجل السماح بتأسيس صمام امان.
الانتفاض هو الثورة ضد الاستبداد، وضد الطبقة المستغلة، كما انه ضد الاضطهاد وضد الدفاع عن هذا الاستغلال، ذلك لأن الاضطهاد يوجد لن الاستغلال موجود، والدولة موجودة كذلك لأن الملكية الخاصة موجودة، إذن فالدولة تضطهد لكي تستغل. في ظل هذا الوضع لماذا يتم الحديث عن حقوق الإنسان في العالم اجمع؟ ما اجل التآمر على الحرب الشعبية قبل كل شيء، و محاربة الثورة!».
تحليل الرئيس كونزالوا يندرج ضمن استمرارية النظرية الماركسية- اللينينية- الماوية، استمرارية نظرية تستهدف نزع القناع، تعرية، وكشف اية رؤية برجوازية للحق، والتأكيد من جديد على ان الاشتراكية وحدها والشيوعية التي تتيح إمكانية الحصول على حقوق حقيقية ومتساوية للبروليتاريا والشعب، حيث ان حقوق الشعب هي الحقوق التي تنتزعها البروليتاريا والجماهير الغفيرة بنضالها الخاص، وبدمائها، والتي سيتم ترسيخها كمبدأ أساسي للدولة الجديدة، وفقا لمصالح الطبقات التي تشكل الشعب. حقوق الشعب هي واجبات وحقوق الطبقة، وهي ارقى عما يسمى "حقوق الإنسان".
وقد تم أخيرا تلخيص ظهور هذه الدولة الجديدة من طرف الرئيس كونزالو في الصيغة التالية: « لمواجهة حرية البرجوازية يجب رفع لواء حرية البروليتاريا، المفهوم الوحيد حاليا الأكثر تقدما الذي يستهدف التغيير الحقيقي والمطلق: أي الشيوعية التي ستكون الضمانة الحقيقية للحرية، حيث يتحقق فيها التاريخ الإنساني للإنسان، وكل ما هو قديم سيكون ما قبل التاريخ.
يجب ان ننتزع إذن من البرجوازية هذا العلم من ورق من اجل ان نرفع علمنا الخاص علـم الحرية![...] حقوق الشعب لا يمكن ان تحققها إلا دولة جديدة وديكتاتورية جديدة لطبقة»
عاشت حقوق الشعب! عاشت أممية البروليتاريا! عاشت الماركسية اللينينية الماوية أساسا الماوية! فلتسقط الامبريالية، الرجعية، التحريفية!
II-
بفضل هذا التحليل التاريخي، المقدم و المدعوم من طرف مؤسسي الماركسية و بفضل إسهامات الرئيس كونزالو، نملك الآن فكرة صحيحة و واضحة من جهة عن أسلحة البرجوازية التي لا تمنحنا غير الاستغلال، الاضطهاد الفوضى و الحروب من أجل الحفاظ على الفوائد المرضية للامبريالية و الرجعية و من جهة لأخرى حقوق الشعب، الحل الوحيد ضد نفاق الحقوق البرجوازية
هذه الرؤية الواضحة تمكننا من الآن من تحليل الوضع تاريخيا و عالميا و يمكننا أيضا من الفهم الصحيح للتناقضات المتنامية على الصعيد العالمي.
و بالتالي كيف كان ما يسمى حقوق الإنسان في هذا القرن؟ لقد خدمت دائما الامبريالية و خصوصا الأمريكية.
باسم هذه الحقوق قام الرئيس ولسن بإدخال الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في الحرب العالمية الأولى بهدف رئيسي هو مج هيمنة و فرض السيادة الامبريالية لبلده.
بعدها منذ 1941 دائما تحت نفس الذريعة ، الولايات المتحدة تحت قيادة روزفلت سيشاركون هذه المرة في الحرب العالمية الثانية فقطمن أجل نفس الهدف: رفع الامتداد و النفوذ الأمريكي أكثر على بقية العالم. و أخيرا بعد هذه الحرب من أجل هذه المرة ضمان و تقوية هيمنتهم سيعملون على قيادة ما يسمى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
يتضح بأن الامبريالية الرجعية و التحريفية بدعمها لما يسمى حقوق الإنسان بدون تبيان حقيقتها الطبقية لم يتقنوا قبل كل شيء حقوقهم و حرياتهم البرجوازية قاهرين بذلك الشعوب و الدول المقهورة.
و اليوم ايضا يستمر النظام الامبريالي دائما في سلك نفس النهج أصبح يستعمل بشكل أكبر حقوق الإنسان لفرض قوانينه عالميا من أجل من جهة تبرير بهذا الإنحراف تدخلاتها في أي دولة بالعالم و بالتالي تشرع اضطهاد كل معارض لسيادتها و من جهة أخرى محاولة سحق نهائيا حق السيادة الاستقلال و التقرير الذاتي للشعوب الأمم و الدول: كما يفسرون ذلك بأنفسهم بقولهم حقوق الإنسان أعلى من سيادة أي دولة كانت.
المثال الأكثر وضوحا على هذه الحقيقة كان الحرب على العراق، و الحصار الذي عانى منه هذا البلد، بسبب هذه الحرب الإبادة الجماعية بين الشعوب العربية الى اليوم حصد في العراق أكثر من 700000 وفاة أكترهم أطفال.
لكن هذا المثال بعيد عل أن يكون الأول لأن حرب الخليج كانت مسبوقة بتلك التي قام بها المحتجين بنكاراغوا بتدخل من غريناد من أجل إقامة نظام تابع للولايات المتحدة بالتدخل في الباناما و أخيرا بالتدخلات العديدة خصوصا الفرنسية في افريقية من أجل دعم النقاط الامبريالية.
الى هذه اللائحة غير المحصورة انضافت الإبادة الجماعية المنظمة ضد الشعب الرووندي مما خلف 800000 شخص تحت المباركة المباشرة للامبريالية ، الحرب في يوغوسلافيا و المدابح ضد الشعب الجزائري حيت تواجد كل الشركاء ، و أخيرا لا يمكننا عدم ذكر الإبادة الجماعية ضد الشعب الكردي المرتكبة أساسا من طرف الدولة الفاشية التركية التي قادت حتى الآن تدمير 3000 قرية و طردت أكثر من 3 ملايين من الأكراد من ديارهم.
من جهة أخرى كل يوم. نحن محاطون بمخططات إنسانية باتفاقيات و معاهدات التي تهدف حقيقة الا للحفاظ على الوضع كي تعظم أكثر الامبريالية و التحريفية لمحلية، منذ الثمانينات 20 عملية سلام طرحوا و فيض من المعاهدات الدولية لم تتوقف عن الصراع لكن ضمن كل هذه الخطط السلمية سواء كانت في فلسطين في انغولا في السالفدور في غواتيمالا في ايرلندا الشمالية في يوغوسلافية في افريقيا الجنوبية و اللائحة طويلة. و لن تنجح أي منها أبدا و أخيرا تنضاف ولادة المنظمات غير الحكومية التي تتكاثر مثل الفطريات في كل أرجاء العالم و التي لها كمهمة أساسية أن تنوب على رسل القرن الماضي أي أن تحاول أن تنزع التوافق و الاستسلام في كل مكان كي تحاول في الأخير دفع الجماهير للقبول بالسيطرة الامبريالية و الرجعية المحلية.
يتحدثون عن كرامة الشخصية الإنسانية و الحق في حياة اقتصادية كريمة و التطور الاجتماعي للأغلبية الساحقة من شعوب العالم لكن 5600 مليون من سكان العالم ،4600 مليون 80 بالمائة من الساكنة الإجمالية تسك في شروط الفقر المدقع في الدول المقهورة ذات الاقتصاد المتخلف الخاضع للملاكين العقاريين و الرأسمالية الامبريالية و البيروقراطية، و الذي من جهة يمنع تطور سياسة اقتصادية وطنية مستقلة من جهة أخرى حل بذلك كل المشاكل التي تعاني منها هذه الدول كالمجاعة و نسبة وفيات الأطفال العالية جدا.
و هكذا في ثلاث قارات أفريقيا آسيا أمريكا اللاتينية يموت كل يوم 40 ملين طفل المؤشر الصحي فيها يرثى له و معدل الأمراض المعدية يصل إلى مستويات جد عالية كما تبين ذلك أرقام المصابين بداء فقدان المناعة المكتسبة على المستوى العالمي ضمن 30 مليون مصاب اليوم 20 مليون منهم يعيشون في أفريقا.
و أخيرا تضاف إلى مجموع هذا الإطار دانتيا لكي تخضع دائما أكثر هذه الدول.
من جهة أخرى أيضا في هذا الجزء من العالم يظهر يشكل أكثر توحشا منافسة الامبريالية فيما بينها و التي تحاول حل صراعاتها بالحروب سواء بتدخل مباشر أو بتسخير الحكومات و الأنظمة العميلة.
و بالتالي منذ الحرب العالمية الثانية شبت قرابة 120 حربا بين الدول ، حروب انفصالية انقلابات ، انقلابات عسكرية من أجل تغيير دائرة البرجوازية الكبرى بأخرى. مما سبب في مذابح قرابة 17 مليون قتيل حسب خبرائهم، بالإضافة إلى نزوح عدد كبير من السكان سواء داخل الدول أم خارجها . الأرقام الرسمية للاجئين فاقت – حسب امنستي العالمية- من8 مليون سنوات الثمانينات الى 27 مليون سنوات التسعينات.
فيما يخص استعمال التعذيب، كل الجرائد و تقارير المنظمات العالمية تبين العودة الكاملة إلى هذه الممارسة من طرف الدول الرجعية و خصوصا الدول التي صادقت على الاتفاق العالمي ضد التعذيب مما يبين بطريقة لا تقبل الجدل نفاق هذه الاتفاقيات و الالتزامات الخيالية للامبريالية و الرجعية.
و بالتالي هنا أيضا تقرير أمنيستي العالمية يمكننا من إثبات هذه النقطة بما أنه يبين في 667 صفحة القسوة و مجموعة من طرق التعذيب المنفذة التي تبدأ بالضرب إلى الصعق الكهربائي مرورا بحروق السجائر و الحمض و الإعدام المصطنع و الاغتصاب....الخ
الأطفال و الشيوخ ليسوا في منأى عن هذه الممارسات اللاإنسانية و غير محتملة و أخيرا يجب أيضا فضح السياسة المفضوحة للاختفاءات المتزايدة في الدول الرجعية في صفوف المعارضين و الثوريين و عائلاتهم.
على ضوء التاريخ و الأرقام الحقيقية الحالية يتجلى بوضوح أن مجموع الاتفاقات الدولية تقارير حول حقوق الإنسان و حول الحقوق الاقتصادية و السياسية و كذلك مجموع البنيات المعتمدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تبين شيئين: من جهة أنهم جزء لا يتجزأ من سياسة السيطرة الإيديولوجية على الجماهير من جهة و من جهة أخرى أنهم يخدمون الامبريالية ، و خصوصا الأمريكية كي تبرر حروبها الهمجية التي لا تهدف حقيقة سوى لحل التناقضات بين الامبرياليات و الى تثبيت زعامتها العالمية.
اليوم، ما يسمى حقوق الإنسان، الخاطئة و المنافقة تمثل جزءا مهما من إستراتيجية الحرب الأقل حدة و تحولت الى وسيلة أساسية لمشروعية السياسة الخارجية و الداخلية لكل الدول الامبريالية و الرجعية.
أمام هذا يفرض على الشعوب و الأمم المقهورة مسارا واحدا، مسار ثورة الديمقراطية الجديدة و الاشتراكية و الشيوعية يعني مسار الثورة البروليتارية العالمية، التعبير الوحيد عن حق الشعب أي الحق في الثورة و في أن يثور و المسار الوحيد الممكن لخلاصه.
هذا الحق أصبح يعبر عنه اليوم باندلاع و قيام العديد من الحروب الشعبية في الجهات الأربعة من العالم . الإجابة الوحيدة الصحيحة و الحقيقية أمام الاضطهاد، و الاستغلال و الهيمنة
و في هذا المضمون نعتبر أنه من واجب الكل و الفرد من اليوم الدفاع عن حقوق الشعب و من هنا الدفاع عن المعتقلين السياسيين و معتقلي الحرب، المز الحي لرغبة هذه الشعوب المقهورة في التحرر.
و بالتالي، في كل مكان في العالم و خصوصا في البيرو، في النيبال في تركيا في فلسطين .... الخ، يعني في كل البلدان التي تتقدم فيها الحرب الشعبية أو النضال المسلح يوجد عشرات الملايين من المعتقلين الاجتماعيين و معتقلي الحرب الذين يواجهون بمخططات إبادة، الإبادة الجماعية و عمليات استرداد لا تهدف إلا القضاء على الثوار عن طريق التعذيب ، المذابح و القتل.
الى هذه اللائحة ينضاف الترحيل القسري للسجناء الاضطهاد في حق عائلاتهم و محاميهم، التكديس داخل زنازين ضيقة و في أوضاع لا إنسانية و مهينة مع غياب كامل للنظافة و العناية و في الأخير الإعدامات الجائرة و مجملة.
كل هذا يبرر بحملات مشئومة، كاذبة، مهينة متهمة المعتقلين بالمتاجرة في المخدرات، الإرهاب، قتلة و مجرمي حرب.... الخ . هذا طبعا بفضل تواطؤ الإعلام و مختلف وسائل الدعاية.د
المعتقلون السياسيون و معتقلو الحرب هم قبل كل شيء محاربين ثوريين اعتقلوا في معسرات تسيطر فيها الامبريالية و الرجعية في مختلف هذه الدول، معسكرات هدفها قبل كل شيء القضاء نهائيا على هؤلاء المعتقلين.
لأجل هذا، نعتبر أن الدفاع عن المعتقلين لا يتجزأ عن الدفاع عن حقهم العادل و المشروع و المتمثل في النضال ضد الامبريالية و من أجل الثورة ولأنه يتحتم علينا الدفاع عن معتقلينا السياسيين و معتقلي الحرب باعتبارهم ثوريين.
و من هذا المنطلق نعلن أن الرئيس كونزالو يجب أن يدافع عنه كشيوعي، كرئيس للحزب الشيوعي بالبيرور و للثورة البيروفية هو الذي ساند و أقام بلا ملل – كلل- الماوية كمرحلة جديدة ثالثة من الماركسية.
الدفاع عن حياة الرئيس كونزالو ، هذا معناه : من جهة سحق الخط الانتهازي لليمين الاستسلامي و التحريفي الذي يدعي أن ما يسمى الرسائل من أجل اتفاقيات السلام هي للرئيس كونزالو و من جهة أخرى تجاوز الصعاب بتطوير الحرب الشعبية كما يفعل الحزب الشيوعي بالبيرو. الدفاع عن حياة الرئيس كونزالو هذا يعني سحق أنصار الثورة المضادة الامبريالية الرجعية و التحريفية.
III-
من هذا المنطلق المدافع عن حقوق الشعب و مكتسباته فيما يخص القانون العالمي نطالب:
1- الاعتراف بصفة معتقل سياسي و معتقل الحرب و بالتالي تطبيق النص 3 من البروتوكول الثاني الإضافي المشترك في الاتفاقيات الأربعة لجنيف، و كذلك مجموعة من القواعد العالمية لصالح المعتقلين.
2- احترام القانون الموضح في الاتفاقيات العالمية كالحق في حرية التفكير، في حرية التعبير، في افتراض البراءة...
3- عدم تدخل الدول الامبريالية و الدول الشركاء في الصراعات المسلحة
4- التوقيف الفوري لكل تعذيب - الإبادة الجماعية- ضد السجناء السياسيين و معتقلي الحرب.
5- التوقيف الفوري للسياسة المنكوبة للاختطاف
6- التوقيف الفوري للمضايقات لعائلات و محاميي المعتقلين السياسيين و معتقلي الحرب
7- التوقيف الفوري لسياسة الاسترجاع داخل السجون
8- تحسين ظروف معيشة المعتقلين السياسيين و معتقلي الحرب و إقرار حرية الزيارة
9- التطبيق الفوري لكل طلبات المعتقلين السياسيين و معتقلي الحرب
واجب كل واحد منا الدفاع المستميت عن معتقلي الحرب و المعتقلين السياسيين، الدفاع على رسالتهم و جعل نضالهم البطولي معركتنا. فقط النضال العنيد ضد الامبريالية و الرجعية يمكن أن يوصل إلى انعتاق الشعب و تطبيق حقه. نحن الشعب و المستقبل ملكنا.
فلندافع عن الحياة الرئيس كونزالو كقائد ل ج.ش.ب و الثورة البيروفية.
عاش نضال المعتقلين السياسيين و معتقلي الحرب
عاشت الحرب الشعبية
عاشت الثورة البروليتارية العالمية
عاشت الماركسية اللينينية الماوية
ترجمة : روزا المغرب