ماركسية أم ديكارتية في نقد تصور حزب النهج الديمقراطي للماركسية اللينينية
خالد المهدي
2007 / 3 / 31 - 11:32
"يجب كنس الانتهازية دائما و باستمرار كما يتم كنس الغبار"ماو تسي تونغ
"لا يمكن أن يقوم حزب اشتراكي صلب إذا لم تكن ثمة نظرية ثورية توحد جميع الاشتراكيين
و يستمدون منها جميع معتقداتهم و يطبقونها في أساليب نضالهم و طرائق نشاطهم."لينين برنامجنا 1899
عرف الصراع الطبقي بالمغرب في السنوات الأخيرة دينامية قوية وانتعاشة حقيقية عبرت عنها مجمل التحركات الجماهيرية للطبقة العاملة والجماهير الشعبية ضد الهجمات المنظمة والقوية التي تشنها الطبقات المستغلة (بكسر الغين)، اقتصاديا وسياسيا وثقافيا.
على المستوى الاقتصادي شهدت السنوات الأخيرة سلسلة كبيرة من إغلاق المعامل وتسريح عدد متزايد من العمال والعاملات، وعرفت الزيادة في الضرائب وثيرة متزايدة مع ارتفاع مهول لأسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، في حين ظلت الأجور تراوح مكانها بالرغم من الزعيق حول تخفيض الضريبة العامة للدخل، وعلى المستوى الثقافي شنت الرجعية هجوما ثقافيا مكثفا من خلال المهرجانات .... التي أصبحت تنظم في جل المدن المغربية ومن خلال المسابقات الرياضية والغنائية التي تهدف إلى تشويه وعي الجماهير وخلق الأوهام بالرقي الاجتماعي عن طريقها لدى فئة واسعة من الشباب بالمغرب، أما على المستوى السياسي فمصادرة الحريات النقابية والسياسية أصبح مركز اهتمام الرجعية بامتياز من خلال إصدار القوانين الإجرامية أو من خلال القمع المباشر للجماهير الشعبية قاطبة، هذا المنحى العام الذي يشكل السمة البارزة في سياسة النظام القائم سوف تقابله الجماهير الشعبية بسلسلة من التحركات الجماهيرية ساهمت فيها كل طبقات وفئات الشعب المغربي عمالا وعاملات، فلاحين وفلاحات، طلبة وطالبات، معطلات ومعطلين... إن مجمل نلك التحركات قد أبانت عن عمق أزمة النظام القائم من جهة وارتفاع نضالية الجماهير الشعبية واستعداداتها.
إن هذا المنحى الذي يعرفه الصراع الطبقي بالمغرب يصح بشكل أكبر على نطاق الصراع الطبقي العالمي الذي يعرف هو الآخر نموا واسعا وكبيرا تزكيه نضالات الطبقة العاملة والشعوب التواقة إلى التحرر في كل بقاع العالم. فحتى الدول الإمبريالية ذاتها لم تستطيع الاستمرار في تدجين شعوبها التي بدأت تعرف نهوضا جماهيريا بأبعاد كفاحية واضحة (فرنسا كنموذج).
إن هذه الدينامية ما كانت لتمر بدون أن تترك آثارها الواضحة على الحركة الشيوعية العالمية أو بالمغرب. فقد عرفت هذه الأخيرة في السنوات الأخيرة هي الأخرى انتعاشة قوية ودينامية كبيرة عاكسة بذلك ما يجري من تراكم على صعيد الصراع بين الطبقات ميدانيا. إن ما تعرفه الحركة الشيوعية ببلادنا في الآونة الأخيرة هو التعبير الفكري والسياسي لحركة الجماهير الشعبية، فالصراع الطبقي هو الأساس المادي لنمو وتطور الحركة الشيوعية نفسها.
وفي إطار هذا النمو المتزايد سوف تعرف الحركة الشيوعية بالمغرب (الحشم) صراعات فكرية وسياسية كبيرة وقد تركز النقاش والصراع في أغلب الحالات حول الخط الفكري لهذه الحركة وأهدافها السياسية، بل لقد وصل النقاش إلى بداية طرح الوسائل العملية والتنظيمية العامة لتحقيق بعض تلك الأهداف.
وهكذا سوف تعرف الحشم مؤخرا نقاشا واسعا حول الموقع الطبقي لحزب " النهج الديمقراطي" وخطه الفكري والسياسي ومساهمة في هذا النقاش سوف أحاول تناول مجمل الأفكار التي أدلى بها ممثلو هذا الحزب في الندوة التي نظمتها هيئة تحرير جريدة " النهج الديمقراطي" لسان حال هذا الحزب حول الماركسية ورؤيته لها أي حول خطه الفكري. فمن خلال الندوة التي نشرت في العدد الأخير يتضح على أن حزب " النهج الديمقراطي" يتقاطبه تياران رئيسيان يعبر كل منهما على رؤيته للمرجعية الفكرية بشكل مختلف عن الآخر. وهكذا نجد حول سؤال الماركسية موقفين اثنين:
الموقف الأول يقول " بالماركسية" المنفتحة ويبدي تحفظا واضحا و صارما تجاه اللينينية وهو الموقف السائد داخل " النهج الديمقراطي"، فهو الموقف الذي يشكل مضمون المرجعية الفكرية للحزب. أصحاب هذا الموقف يطرحون ما يسمونه " بالماركسية " المنفتحة على كل إسهامات الاشتراكيين والثورات السابقة. إسهامات لينين، روزا، ماو، غرامشي، بليخانوف، بل هناك من يذهب أبعد من ذلك لينادي بالانفتاح أيضا على إسهامات تروتسكي!!.
الموقف الثاني يتحدث على تبني " الماركسية اللينينية" بالرغم من أنه متواجد داخل حزب " النهج الديمقراطي" العلني. أصحاب هذا الموقف يعتبرون أن الجوهر الثوري للماركسية قد انتقل إلى اللينينية مع انتقال الرأسمالية إلى مرحلة الإمبريالية، فعلاقة الماركسية باللينينية حسب هؤلاء هي علاقة تناقض وتجاوز وليس تطابق. وبالنظر إلى كل وثائق الحزب يبدوا واضحا أن هذا الموقف لازال جد هامشي وليس له تأثير فكري يذكر داخل الحزب.
سوف نحاول من خلال هذه الأسطر تناول كلا الموقفين مبرزين أسسهما وكذا النتائج السياسية المترتبة عن كلاهما مركزين بشكل أساسي على ما هو سائد داخل الحزب.
1. ماركسية "منفتحة" على القادة الثوريين أم "ماركسية" منتفخة بالنظريات الانتهازية؟
يطرح أصحاب هذا الموقف " الماركسية " المنفتحة كبديل عن الماركسية اللينينية بعدما أثبت التاريخ ـ كما يفهمونه ـ محدودية اللينينية وعدم قدرتها على توجيه الممارسة الهادفة إلى التغيير وبناء الاشتراكية. و "الماركسية" المنفتحة هي بالنسبة لهم ذاتها ما عبروا عنه باسم الجوهر الحي للماركسية، هي الماركسية مع إسهامات لينين وروزا وماو وغرامشي ولما لا حتى تروتسكي وربما يكون غدا كاوتسكي أيضا داخل اللائحة، هذا مع العلم أن ماركس قد نال من النقد من طرف بعضهم ما يجعلهم يذهبون بعيدا للقول ليس بالماركسية، بل بمجرد إسهامات ماركس. إن ما يعتبرونه " ماركسية" منفتحة ليس كلاما جديدا، بل إنه جد بال سواء على النطاق العالمي أو الوطني، فحزب الطليعة الاشتراكي الديمقراطي قد نادى بهذا المضمون من قبل بتبنيه ما أسماه " الاشتراكية العلمية" التي تضم إسهامات كل الاشتراكيين وكل الثورات. وهكذا يظهر أن النهج لم يستطع أن يجدد سوى في صيغ طرح ذات البضائع الانتهازية.
"فالماركسية " المنفتحة بالنسبة لهم هي الجوهر الحي للماركسية مع الأخذ من إسهامات هذا المفكر في هذا المجال وذلك المفكر في مجال آخر الخ. لكن ذلك يعني بالضبط ما نطلق عليه بالانتقائية. وهو ما سوف ينتبه له مصطفى براهمة عندما أقر بالحاجة إلى التدقيق في " ...إسهامات القادة الثوريين، والحديث عن الجوهر الحي ، لأنها فيها لبس وتوحي بأننا نقوم بعملية انتقاء" .
وكمثيلاتها من الاتجاهات الانتقائية، تشكل "الماركسية" المنفتحة صيغة لتميع النظرية الثورية و تسييد الضبابية والانفتاح على كل أنواع التفسخ النظري. ففي حقيقة الأمر " الماركسية" المنفتحة هي منفتحة ليس على إسهامات القادة الثوريين، بل منفتحة على الأفكار والمواقف الانتهازية التي تتلائم والمشروع السياسي لحزب " النهج الديمقراطي" الذي يهدف إلى وضع دستور ديمقراطي!!!.
فالدور الحالي للنهج الديمقراطي قد حدده عبد الله الحريف في ثلاث نقط :
1) ـ "توحيد وتطوير وتجدير الحركة النضالية للجماهير ومنظماتها الذاتية المستقلة"، بل " وضمان استقلاليتها عن التنظيم المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين". وهنا يظهر كيف يتم الانفتاح على بليخانوف على حساب لينين. فالجدال الذي عرفته الحركة الشيوعية بروسيا حول حياد النقابات خصوصا بين لينين وبليخانوف قد أكد التاريخ صحة الطرح اللينيني وانتهازية المواقف التي طرحها بليخانوف في الموضوع. ورغم ذلك فالنهج يرى في هذه المسألة الانفتاح على الأفكار الانتهازية أفيد له من الانفتاح على لينين .
2) ـ "بناء التنظيم السياسي المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين وليس الحزب لأننا لا نجزم في الشكل الذي قد يتخذه التدبير السياسي للطبقة العاملة وعموم الكادحين، هل حزب واحد أو حزب يضم تيارات أو في عدة أحزاب تجتمع في إطار جبهة". وهنا أيضا تتفتح " ماركسية" هؤلاء على كل الاشتراكيين باستثناء الماركسيين منهم، لأن هؤلاء أكدوا جميعهم وبدون استثناء على ضرورة الحزب و أولوية بنائه.
3) ـ بناء جبهة الطبقات الشعبية.
وسوف يضيف براهمة مصطفى بعد ذلك على ضرورة ترتيب هذه السيرورات، حيث سوف يحددها كالآتي" أولا : المساهمة في توسيع الحركات النضالية للجماهير، وهو ما هو قائم عندنا الآن، ثم المساهمة في بناء جبهة الطبقات الشعبية والمساهمة في بناء التنظيم المستقل للطبقة العاملة إلى جانب الاشتراكيين، هذين السيرورتين متلازمتين ولكن يجب إعطاء أولوية للسيرورة الأولى". هكذا يتضح أيضا أن ما قاله النهج سابقا حول أولوياته في بناء الحزب ليست سوى مجارات النقاشات، ويتضح أيضا طبيعة " الماركسية" المنفتحة التي تجعل من مهمة بناء الحزب تأتي في المرتبة الثالثة بعد توسيع وتوحيد الحركات النضالية وبناء جبهة الطبقات الشعبية. في حين نجد أن القادة الماركسيين التي تقول بالانفتاح عليهم هذه "الماركسية" يقولون في أوضاع مثل أوضاعنا بأولوية بناء الحزب على باقي تلك المهام، وعندما نقول بالأولوية هذا لا يعني تأجيل باقي المهام إلى حين الانتهاء من المهمة ذات الأولوية بل إن ذلك يعني إخضاع باقي المهام للمهمة المركزية في سيرورة انجاز كل المهام المطروحة.
و"الماركسية" المنفتحة هي أيضا منفتحة على غرامشي وتستلهم منه موضوعاته حول " المجتمع المدني" و " بناء المجتمع الجديد في ظل المجتمع القديم" رغم أن هذه الموضوعات هي على النقيض من موضوعات ماركس لا سواء الفكرية القائلة بأن الثقافة السائدة في مجتمع ما لا يمكن أن تكون سوى ثقافة الطبقات السائدة، ولا سواء موضوعاته السياسية التي تدين بشكل واضح ما سمي بحقوق الإنسان باعتبارها صيغة للتوافق الطبقي. وهكذا تصبح مرجعية السادة بالنهج ليست "الماركسية" المنفتحة على غرامشي وإنما الغرامشية الحاجبة لماركس. فهي لا تأخذ من غرامشي سوى ما هو بعيد منه عن ماركس.
لكن ليس هذا كل ما تحمله " الماركسية" المنفتحة من مضمون، بل إن مضمونها الأساسي يتجلى في نبذ اللينينية إن لم يكن العداء لها باعتبارها أصل الشر الذي لحق بالاتحاد السوفياتي. وهذا ليس كلاما مجانيا أو تحاملا على حزب " النهج الديمقراطي" كما قد يتخيله ضيقوا الأفق. ولتقديم الدليل على ذلك سوف نتناول أسس الموقف الذي يقول بـ"الماركسية" المنفتحة، فهذه الأسس جميعها تقريبا قد أقيمت على نقد اللينينية والتشكيك في صحتها وجدواها.
وإليكم نماذج من حجج هؤلاء السادة:
براهمة: " ... وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي... أردنا أخذ مسافة وتحفظ على اللينينية..." وفي حديثه أيضا عن الحزب وعلاقته بديكتاتورية البروليتاريا سوف يطرح براهمة السؤال التالي: " ....هل هذا انحراف عن اللينينية؟ أم هو حاضر في الأصول؟..."
الحريف: على ذات النهج يقر بأن إسهامات لينين فيما يخص الحزب جد مهمة لكنها " تستوجب دراسة نقدية موضوعية...." فما وقع في الاتحاد السوفياتي لا يمكن أن يفسر حسبه بالعوامل الخارجية (الحصار الإمبريالي...) فهو يعتقد أن المسألة مرتبطة بكيفية تصور لينين للحزب وعملية بنائه.
أولا في نقد الحجة:
إن التحفظ الذي يبديه هؤلاء السادة عن اللينينية هو نابع أساسا لما وقع في بداية التسعينات من انهيار للاتحاد السوفياتي ودول أوربا الشرقية، فكل أنصار "الماركسية" المنفتحة يربطون التحفظ على اللينينية بما جرى بالاتحاد السوفياتي بالرغم من أنهم يعلنون صراحة وبشكل واضح افتقادهم لتقييم موضوعي لما جرى!.
وما دام هؤلاء السادة يعتبرون حزبهم العلني ـ النهج الديمقراطي ـ امتدادا للحركة الماركسية اللينينية بشكل عام ومنظمة " إلى الأمام " بشكل خاص فإن هذه الأخيرة قد تأسست على أرضية التموقع إلى جانب خط الثورة الصينية الذي أعلن إعادة الرأسمالية بالتحاد السوفياتي بعد وفاة ستالين، وقيام الاشتراكية الامبريالية به. وفي حدود علمنا أن منظمة " إلى الأمام" بل وحتى "النهج" كان يقول بالتحريفية السوفياتية أي أن ما كان سائدا داخل الاتحاد السوفياتي وداخل الحزب الشيوعي هناك هو التحريفية. إذن كيف يمكن أن نجعل من انهيار المشروع التحريفي وانهيار الامبريالية الاشتراكية الروسية أساسا وحجة للتحفظ على اللينينية إذا لم يكن ذلك ستارا لإخفاء العداء السافر لها؟ أليس انهيار المشروع التحريفي وانهيار الامبريالية الاشتراكية هو اكبر دليل وحجة على دعم اللينينية و راهنية التشبث بها؟
إن هذه الحجة التي يستند إليها هؤلاء السادة في نقدهم لللينينية لا تختلف على الإطلاق، بل هي ذاتها التي يستند إليها كل أعداء الطبقة العاملة لنقد الماركسية، وهي حجة لا تستطيع الصمود حتى أمام منهج سقراط. فإذا كنتم تقولون بأن خط الحزب الشيوعي بالاتحاد السوفياتي هو التحريفية، فما كان ليفاجئكم انهيار جدار برلين إلا إذا كنتم تتكئون عليه. فمن كان يعتقد مقتنعا بسيادة التحريفية داخل بالاتحاد السوفياتي فإن انهياره سوف يزيده قناعة بمواقفه وتصوراته وليس العكس، إلا في حالة واحدة أنه كان يردد كالببغاء ما قالته الثورة الصينية أو أنه لم يكن يِؤمن باللينينية قبل ذلك التاريخ وما ذاك الحدث سوى انه وفر الجو الملائم للإعلان عن موقفه وهذا ما يمكن أن نلمسه في مسار " إلى الأمام" بعد تخليها عن خط الثورة الصينية سنة 1979.
إن الانهيار المخزي والمذل للمشروع التحريفي الخروتشوفي بالتحاد السوفياتي هو بالضبط حجة لصالح اللينينية وليس ضدها، لكن لو أن البديهيات كانت تقوم ضد مصالح الناس لسعوا بكل تأكيد إلى دحضها. وهذا بالضبط ما يقوم به النهج اتجاه اللينينية.
إن التخلي عن الأطروحات اللينينية من طرف خروتشوف والحزب الشيوعي بالاتحاد السوفياتي هو بالضبط ما تم التعبير عنه بالتحريفية وقد كان احد أهم أسباب ذلك الانهيار . طبعا لا يمكن في أي حال من الأحوال إرجاع الانهيار إلى خروتشوف بل إن له جذوره الطبقية، فيجب أن لا ينسى الشيوعيون والشيوعيات أن تلك التجربة من بناء ديكتاتورية البروليتاريا تحت قيادة ستالين كانت أول تجربة يعرفها التاريخ البشري واعقدها على الإطلاق، فلا ماركس ولا لينين قد وضعا بشكل واضح الصياغة النظرية لإشكالات البناء والصراع الطبقي في ظل ديكتاتورية البروليتاريا، فالممارسة الاجتماعية التي راكمتها تلك التجربة هي التي سوف تمكن فيما بعد من إغناء الماركسية من طرف ماو الذي يقول هؤلاء السادة أنهم ينفتحون عليه. وهكذا يتضح أن حجة أصحاب "الماركسية" المنفتحة للتحفظ على اللينينية هي حجة واهية بل وغبية أيضا. فلا يمكن أن يجعل من انهيار التحريفية والامبريالية الاشتراكية حجة للتحفظ على اللينينية سوى من يسخر من الماركسية ويسخر من نفسه بالذات. زد على ذلك أن هذه "الحجة" السخيفة والتافهة تصل إلى مداها الطبيعي لطرح السؤال على الماركسية كلها. فشن الهجوم على الماركسية بدعوى فشل المشروع الاشتراكي بالاتحاد السوفياتي وبالصين هي ذاتها البضاعة التي يقدمها تيار "الماركسية" المنفتحة لنبذ اللينينية والنيل منها دون أن يحرك من يعتبرون أنفسهم "ماركسيين لينينيين" داخل النهج ساكنا.
إن ما قاله الحبيب التيتي في دات الندوة التي نظمها النهج عن الماركسية يصح بشكل اكبر عن اللينينية فقد صرح: " ...أن الكل يتكلم عن فشل تجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي ومنظومة دول أوروبا الشرقية على اعتبار أن ذلك الفشل هو فشل الماركسية كفكر وكإيديولوجية وكمشروع تاريخي، وهذا تحامل على الماركسية وعدم أخذ بعين الاعتبار شروط انتقال البشرية من أنماط معينة إلى أنماط جديدة والتي تتطلب فترة كافية من الزمن وكذلك تحقيق تراكمات متعددة وتطور التجارب والاستفادة من الأخطاء السابقة". إن هذه الملاحظة السديدة تصح على أعضاء تيار "الماركسية" المنفتحة المتحفظ قولا على اللينينية والمعادي فعلا لها. فهذا "الكل يتكلم الآن عن فشل تجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي ومنظومة دول أوربا الشرقية على اعتبار أن ذلك الفشل هو فشل اللينينية كفكر وكإيديولوجية وكمشروع تاريخي، وهذا تحامل على اللينينية..."
ثانيا: في نقد المنهج
بعد أن تناولنا حجة أنصار "الماركسية" المنفتحة سوف نحاول الآن تناول المنهج الذي يعالج به أصحابنا مسألة الماركسية اللينينية.
كانت تتولد مع تطور الممارسة الاجتماعية للمجتمعات الإنسانية دائما الحاجة إلى تفسير الظواهر الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن تلك الممارسة وتتولد معها أيضا الحاجة إلى مقاومة كل ما له تأثير سلبي عليها وبالتالي الحاجة إلى تغييره، وفي خضم هذه السيرورة اللامتناهية تولدت وبرزت إجابات مختلفة عن مجمل الظواهر الاجتماعية ومناهج مختلفة أيضا لتناول القضايا والمسائل، وقد عرفت الإنسانية أساسا في هذا الاتجاه مدرستين رئيسيتين، المدرسة المادية ونقيضتها المثالية. وفي خضم الصراع بينهما أيضا تطورت المناهج نحو الأمام، إلا أن المادية هي بدورها سوف تعرف تطورا وصراعا كبيرا سوف يصل مع ماركس وانجلز إلى درجة من العلمية اعتبرت ارقى ما وصل إليه الفكر البشري اليوم. ومنهج ماركس وانجلز هو المنهج المادي الجدلي الذي يعتبر كل الظواهر هي نتاج لصراع المتناقضات في الواقع الموضوعي. فليس التناقض بالنسبة لهما كامنا في الفكر وإنما هما على عكس هيغل تماما أي انه قائم في الواقع في استقلالية عن فكر الإنسان، ومن اجل تفسير سيرورة تطور المجتمعات سوف يعتمد هذان المفكران ذات المنهج لبلورت المادية التاريخية التي تعتبر علم دراسة التاريخ، وباعتماده المادية التاريخية صاغ لنا ماركس العديد من الموضوعات النظرية العلمية الفائقة الأهمية، ربما كان أبرزها موضوعته القائلة " بأن الصراع الطبقي هو محرك التاريخ"، بمعنى ضرورة دراسة تاريخ كل المجتمعات واتجاهات تطوره من خلال النضال بين الطبقات المتصارعة داخله. غير أنه قبل ماركس ظهر أيضا مفكرون عظام كانوا الأبرز في تاريخهم وساهموا بشكل أو بآخر في سيرورة تطور الفكر البشري ورقيه، ففي القرن 18 سوف يلمع اسم ديكارت الذي يعتبر في نظر بعض المؤرخين الفلاسفة أب الفلسفة الحديثة والفلسفة العقلية، يقوم منهج ديكارت على مبدأ العقل ، ومبدأ الشك، لكن الشك عند ديكارت هو شك منهجي، فمثلا لإقرار حقيقة وجوده ينطلق من الشك في عدم وجوده، وما دام أنه يشك في وجوده فذلك يعني أنه يفكر، وما دام يفكر فإنه موجود.
لقد اثبت التاريخ محدودية هذا المنهج وتم تجاوزه منذ أزيد من قرنين من الزمن، لكن ذلك لا يمنع بالطبع من استعماله من طرف البعض، بل وحتى من طرف أولائك الذين يقولون بالماركسية!!.
وهكذا نجد مصطفى براهمة يسجل بشكل واضح تحفظه على اللينينية مبررا ذلك بسقوط الاتحاد السوفياتي !! فهو يقول: " ...وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي، علما انه لحدود الساعة ليس لنا تقيم دقيق وموضوعي لما جرى، أردنا أخذ مسافة وتحفظ مع اللينينية..."
أولا : قد يبدو من الوهلة الأولى أن هذا القول فيه شيء من الماركسية التي تقول أن الممارسة العملية هي المعيار الأول لصحة أو خطأ أي موضوعة نظرية اقتصادية أو فلسفية، فالممارسة العملية تحقق خلالها الانهيار وبالتالي فذلك وحده كاف لطرح السؤال حول الموضوعات النظرية، لكن وكما سبق وان أوضحنا سابقا في نقدنا لهذه الحجة واستنادا إلى المادية التاريخية أن الانهيار الذي عرفه المشروع التحريفي هو حجة لدعم اللينينية وليس لدحضها و بالتالي فهؤلاء حتى و إن اعتمدوا على التجربة فإنما ليقلبوا الحقائق و النظريات.
ثانيا : إن هؤلاء السادة بالنهج يقرون صراحة على أنهم يفتقدون إلى تقييم دقيق وموضوعي حول أسباب انهيار الاتحاد السوفياتي، لكن ذلك لا يمنعهم من استخلاص دروس واضحة من تلك التجربة وعلى رأس تلك الدروس : التحفظ على اللينينية، وبذلك يجد المرء نفسه أمام سؤال أسس هذا الموقف وهذا التحفظ في الوقت الذي يقر فيه هؤلاء بافتقادهم لتقييم موضوعي لتلك التجربة. وهو ما يعني أن الخط الفكري "للنهج الديمقراطي" يفتقد للموضوعية ويتموقع تبعا لذلك في خانة أية مدرسة فكرية باستثناء المدرسة الماركسية التي تأكد على التقيد الصارم بالتحليل الموضوعي لدى صياغة المواقف الفكرية والسياسية. غير انه على ما يبدو أن "ماركسية" هؤلاء السادة أي ما أسموه "الماركسية" المنفتحة هي منفتحة أيضا على التشكيكية الديكارتية بل واقل من ذلك.
ففي مقاله عن المنهج صاغ ديكارت أربعة قواعد لمنهجه العقلي، تقول قاعدته الأولى:
"لا اقبل شيء على انه حق، ما لم اعرف بوضوح انه كذلك، أي يجب أن أتجنب التسرع وعدم التشبث بالأحكام السابقة، وان لا ادخل في أحكامي إلا ما يتمثل لعقلي في وضوح وتميز يزول معهما كل شك".
فهؤلاء ما داموا يقرون بافتقادهم لتقييم موضوعي ودقيق حول ما حدث بالاتحاد السوفياتي فإنهم ينزعون إلى عدم القبول باللينينية على أنها حق ويتجنبون التسرع والتشبت بالأحكام السابقة، فاللينينية بالنسبة إليهم هي متهمة إلى أن تثبت براءتها. والشك في اللينينية هو المنطلق لدى هؤلاء، وهذا خط ناظم نجده لدى كل ممثلي هذا التيار والبراهمة كان واضحا جدا على هذا المستوى عندما صرح بأن : " هناك توتر في المسار الذي عرفته النظرية: من بناء التنظيمات، من بناء ديكتاتورية البروليتاريا إلى ديكتاتورية الحزب، من ديكتاتورية الحزب إلى ديكتاتورية أجهزة داخله. فهل هذا انحراف عن اللينينية؟ أم هو حاضر في الأصول؟"!!
بهذا المنطق يتعامل هؤلاء السادة الماركسيون(بل إن البراهمة يقول بأنهم الوحيدون الذين لازالوا يطرحون الماركسية!!) مع المرجعية الفكرية.وكما سبق وان قلنا فإن منهج هؤلاء هو اقل حتى من الديكارتية، فديكارت يعتمد الشك باعتباره شكا منهجيا للوصول إلى اليقين ولذلك نجده يطرح باقي القواعد للوصول إلى ذلك، لكن مصيبة النهج أنهم راضون على ما هم عليه من ضبابية إلى درجة أن براهمة يصرح قائلا" أننا لسنا في مراحل متقدمة من الصراع تفرض علينا ضرورة التدقيق أكثر"، وهذا صحيح. فما هو موجود الآن من مواقف وتقييمات هو كاف لضمان البقاء في المستنقع.
نفس النهج التشكيكي نجده أيضا لدى ع الحريف، فهذا الأخير يصرح انه" فيما يخص الحزب فإسهامات لينين جد مهمة إلا أنها تستوجب دراسة نقدية لا نتوفر عليها بعد.."
فكيف إذن عرف هؤلاء السادة بان إسهامات لينين في الحزب جد مهمة مع أنهم يقرون بعدم توفرهم لدراسة نقدية حول المسألة. إن إسهامات لينين جد مهمة لكن لا يجب التسرع واخذ الأحكام السابقة فيما يخصها. فالشك فيها (رغم أنها جد مهمة!!) يعني عدم الأخذ بها "لأننا لا نتوفر على تقييم ودراسة نقدية موضوعية لها". ليضيف رفيقهم براهمة بأنهم الآن "في مراحل لا تفرض عليهم التدقيق أكثر". ما كل هذا الرياء حول اللينينية التي تنتصب أمامهم بكل عظمتها وقوتها لتجعلهم في هذا الوضع الكاريكاتوري والمضحك.
وعلى ذات النحو أيضا يقر الحريف بأهمية إسهامات لينين حول الإمبريالية لكنه في ذات الوقت يطرح السؤال التشكيكي ذاته قائلا: " إذا قلنا أن الماركسية جوهرها اللينينية فعلينا أن نتساءل هل الامبريالية الآن هي امبريالية عصر لينين..." والكل يعلم موقف الحريف الداعم للمرحلة الجديدة للرأسمالية(انظر مقاله حول الجوهر الحي للماركسية)، وإذن وبعد كل هذا ما ذا تبقى من إسهامات لينين؟ وكيف تنفتح هذه "الماركسية" التي يقول بها هؤلاء السادة على لينين.
إن الحريف الذي طرح السؤال " هل ماركسية أم ماركسية لينينية؟ " قد أجاب على النحو التالي " هي ماركسية مع إسهامات لينين وماو تسي تونغ والثورات السابقة مع الاستفادة من مكتسبات الفكر التقدمي الإنساني على كل المستويات".
هي ماركسية مع إسهامات لينين لكن مع التحفظ على اللينينية، مع التحفظ على نظرية الحزب لدى لينين والتحفظ على تحديده للمرحلة الراهنة من تطور الرأسمالية والتحفظ على المسار العام الذي عرفته النظرية..الخ أي هي ماركسية مع التحفظ على كل إسهامات لينين، وهذه هي حقيقة الأمور. أما فيما يخص إسهامات القادة الآخرين فتلك قضية أخرى تماما، نبدأها ربما بملاحظة حول ستالين، فالسادة بالنهج الذين يعتبرون الستالينية هي الشر بعينيه(أنظر تقييماتهم لتجربة السبعينات) وينظمون بذلك إلى جوقة الخروتشوفيين والتروتسكيين قد أعادهم الحبيب التيتي إلى ضرورة طرح المسألة من جديد ومن زاوية سليمة ليذكرهم بأن " الواجب الفكري والمسؤولية للمناضلين يحتمان دراسة تلك التجربة وعدم التنصل منها بخفة، لا يكفي القول أن ستالين لا علاقة لنا به ولا علاقة له بنا.." وهذا التغير في التعاطي مع ستالين له دلالته الفكرية العميقة بالنظر إلى ما يجري من نقاش داخل الحركة الشيوعية بالمغرب أو علة الصعيد العربي، وسوف نتناول هذه المسألة في عمل لاحق، فهي تكتسي أهمية بالغة بالنسبة لكل الشيوعيين والشيوعيات، لكن ما أود أن أوضحه هو أن هؤلاء السادة الذين يقولون بأنهم لا يتوفرون على تقييم دقيق وموضوعي لأسباب فشل التجربة في الاتحاد السوفياتي لا يبدون التحفظ على اللينينية وفقط بل يدينون الستالينية. وهذا الموقف الذي يتقاسمه كل أعداء الطبقة العاملة على النطاق العالمي هو بالنسبة للسادة بالنهج موقف أكثر سخافة واستهزاء من موقف التروتسكيين الذين يتوفرون على الأقل على تقييم لتلك التجربة بالرغم من انه تقييم انتهازي وعدائي للمشروع التاريخي للطبقة العاملة.
أما فيما يخص إسهامات ماو تسي تونغ فليس هناك لدى هؤلاء السادة بالنهج استناد لأية موضوعة من الموضوعات الماوية. فمن يتحفظ على اللينينية لا يمكن إطلاقا أن يصل إلى إدراك الماوية، فما بالكم بالاستفادة من إسهامات ماو تسي تونغ.
إن الماوية التي قامت ليس على أرضية تقدير أهمية الفلاحين كما يدعي هؤلاء، بل أساسا على تقييم تجربة ديكتاتورية البروليتاريا وعلى النضال ضد التحريفية العالمية وتثبيت اللينينية، وعلى أرضية صياغة وحل التناقضات داخل ديكتاتورية البروليتاريا هي دليل آخر على الإفلاس التام للمشروع الفكري والسياسي للنهج الديمقراطي ككل.
إن هؤلاء السادة رغم أنهم يفتقدون للتقييم الدقيق والموضوعي للتجارب ويبدون التحفظ على اللينينية ويكنون العداء لستالين ولا يأخذون من ماو سوى الاسم لا تجدهم يتحفظون مثلا على بعض موضوعات غرامشي بالرغم من أنهم لا يتوفرون بالنظر إلى أدبياتهم، على تقييم لتجربة الحزب الشيوعي الايطالي وتجربة الثورة الايطالية.
لماذا لا يطبقون ذات المنهج الذي يتعاطون به مع لينين وستالين للتعاطي مع غرامشي؟ لا لشيء سوى لإيجاد التبرير النظري للسياسة الانتهازية التي تشكل مضمون الخط السياسي لحزب " النهج الديمقراطي". لا لشيء سوى لتبرير الانهزامية والاستسلام أمام الأعداء الطبقيين، سوى لإيجاد الصيغ المناسبة للدفاع عن التوافق الطبقي.
وبعد كل هذه الملاحظات يتضح أن "الماركسية" المنفتحة هي صيغة جديدة للانتقائية، صيغة لتجميع العديد من النظريات المتناقضة في مرجعية فكرية واحدة بما يتناسب مع متطلبات المشروع السياسي الهادف لإحقاق التوافق الطبقي والعزم على نبذ كل ما هو ثوري حقيقي، إن كل ذلك يعبر عن الموقع الطبقي للبرجوازية الصغيرة التي تجدها حائرة وتائهة بين البروليتاريا والبرجوازية، فهي تبدي تحفظها وعداءها وخوفها من الأولى لأنها تحمل مشروعا يدمرها كطبقة ويعصف بأحلامها على المدى البعيد، وتبدي اشمئزازها وعداءها لوحشية البرجوازية التي تلتهمها يوما بعد آخر وتلقي بأعضائها أفواجا إلى صفوف الطبقة العاملة.
إن "الماركسية" المنفتحة هي بالضبط "الماركسية" المنتفخة بالنظريات الانتهازية البرجوازية الصغيرة. وهذا هو كنه ومضمون الخط الفكري "للنهج الديمقراطي" الذي يجب أن نضيف له البرجوازي حتى نسمي الأسماء بمسمياتها أي " النهج الديمقراطي ـ البرجوازي".
2. هل يمكن الحديث عن الماركسية اللينينية من داخل حزب النهج الديمقراطي البرجوازي؟
بعدما وقفنا على موقف أصحاب "الماركسية" المنفتحة، سوف نحاول من خلال هذا المحور تناول الأسس الفكرية والمواقف السياسية للقائلين "بالماركسية اللينينية" من داخل النهج.
في تناوله لتاريخ تجربة الحركة الماركسية اللينينية بالمغرب صرح الرفيق الهيلالي قائلا:
" يمكن القول أن التبني التاريخي عند منعطف 70 للماركسية اللينينية من طرف "إلى الأمام" كان انطلاقا من أرضية أممية مبنية على نقد التحريفية العالمية والتموقف في الصراع الصيني السوفياتي لصالح خط الثورة الصينية بقيادة ماو تسي تونغ" وهذا ما تؤكده كل الوثائق المتوفرة لتلك التجربة. وهو ما يعني أن منظمة "إلى الأمام" كانت تنهل فكريا من خط ماو الذي أعلن آنذاك الحرب على التحريفية العالمية، وليس السوفياتية وحدها، مدافعا عن اللينينية وعن تجربة ديكتاتورية البروليتاريا تحت قيادة ستالين، بدون أن يسقط في تقديس تلك التجربة والدفاع عن أخطائها. فخط ماو الذي تموقعت إلى جانبه منظمة "إلى الأمام" يقدم تقييما علميا وثوريا واضحا لأسباب فشل تجربة ديكتاتورية البروليتاريا بعد وفاة ستالين، ويقدم الإجابة حول إشكالية التناقض داخل مرحلة ديكتاتورية البروليتاريا وتثوير علاقات الإنتاج. فالنقاش حول تجربة البناء الاشتراكي وفشل هذا المشروع بالاتحاد السوفياتي قد ركزت العديد من الخلاصات النظرية والسياسية لصالح اللينينية، الشيء الذي يعري خلفيات تيار" الماركسية" المنفتحة الذي اخذ من الانهيار النهائي للامبريالية الروسية في مطلع التسعينات دريعة للتحفظ على اللينينية كما لو أن الأمر يتعلق بسقوط وفشل المشروع الاشتراكي مع ذلك التاريخ. في حين أن الفشل قد أعلن عنه في أواسط الخمسينات وهو ما تبنته منظمة "إلى الأمام" بشكل واضح مصطفة إلى جانب خط ماو. إن ذلك يدفعنا إلى طرح السؤال حول ما قاله الرفيق الهيلالي حول " غياب تقييم دقيق لللينينية" هذا القول الذي يعتبر بمثابة تنازل فكري وسياسي كبير و خطير لصالح خط "الماركسية" المنتفخة ويطرح السؤال أيضا حول معنى "الماركسية اللينينية" التي ينادي بها هذا التيار.
وفي نفس السياق حدد ف. الهيلالي المسار الفكري لتجربة "إلى الأمام" فمن تبني الماركسية اللينينية فكر ماو تسي تونغ مع بداية السبعينات(72) إلى حدود سنة 1979، لتصبح بعد هذا التاريخ ماركسية لينينية بدون ذكر إسهامات ماو تسي تونغ، وهو التاريخ الذي أقدمت منظمة "إلى ألأمام" في تقييماتها آنذاك داخل السجن أساسا وخارجه للتجربة السابقة على تقديم العديد من التنازلات السياسية أيضا لصالح ما أسمته بالقوى الديمقراطية والوطنية والتي كانت نتائجها كارثية سوءا على المنظمة في حد ذاتها أو حتى داخل الحركة الجماهيرية ( ونذكر هنا على سبيل المثال ما وقع بالاتحاد الوطني لطلبة المغرب بشكل خاص). وسوف يستمر هذا الموقف أي الماركسية اللينينية إلى حدود بداية التسعينات حيث بدأت عملية التجميع وما واكبها من نقد اللينينية (أنظر على الخصوص موضوعات السرفاتي في مقاله تأملات نظرية)، ليأتي بعد ذلك النهج الديمقراطي الذي يعتبر نفسه، كذبا، امتدادا لمنظمة إلى الأمام، للقطع مع اللينينية وتبني "الماركسية" كمرجعية فكرية، وقد أشار الهيلالي في هذا الصدد إلى النقاش الذي عرفته اللجنة التحضيرية للنهج سنة 2004 قائلا: " كانت هناك وجهتي نظر: الماركسية والماركسية اللينينية، وقد خلص النقاش إلى صيغة تجمع الاثنين مفادها أن النهج يتبنى الماركسية وينهل من فكر ماركس انجلز ولينين وباقي القادة الثوريين". وهذه الصيغة في الحقيقة لا تجمع الاثنين وإنما هي بالضبط ضد الاثنين معا أي ضد الماركسية وضد اللينينية.
أولا: لأن المسألة لا ترتبط بالاسم الذي قد تطلقه على المرجعية،هل ماركسية أم ماركسية لينينية أم ماركسية لينينية ماوية...، بل في مضمونها الفكري والسياسي وبالتالي فالصيغة التي تجمع بين الاثنين لا يمكن أن تحدد بجمع الأسماء ماركس لينين.
ثانيا: لا يمكن اليوم الحديث عن الماركسية بدون اللينينية وهذا مايتبناه الهيلالي، فكيف يمكن إذن تفسير الماركسية إسهامات لينين وباقي القادة أنها صيغة تجمع بين الاثنين؟
إن تلك الصيغة هي بالضبط التخلي عن الماركسية اللينينية وبالتالي التخلي عن فكر ماركس بالرغم من الحديث عن اسمه تحت اسم "الماركسية" المنفتحة.
إذن هل يمكن بالفعل أن نعتبر"النهج" امتدادا واستمرارا لتجربة الحملم ولتجربة منظمة إلى الأمام على الخصوص. إذا كانت المسألة مرتبطة بالأسماء فيمكننا القول أن هناك امتداد بشري ، أما إذا تحدثنا بالمعيار الفكري والسياسي فلا يمكن ان يراود أي كان ان هناك قطيعة تامة وطلاق كلي مع منطلقات تلك التجربة وأهدافها وحتى وسائلها.
إن إحدى أعظم مزايا اللينينية ربما كانت صرامتها الفكرية، فلينين هو اكبر القادة الثوريين بعد ماركس ـ انجلز الذي أعطى وأوضح بعد الوعي في سيرورة الثورة فقد خاض نضالا لا هوادة فيه تحت راية الماركسية ضدا على العفوية بشتى ألوانها وأشكالها الاقتصادوية والإرهابية. وهذه الصرامة الفكرية وذاك الوضوح الإيديولوجي هو من أهم ما يجب أن نتشبث به نحن الشيوعيين والشيوعيات بالمغرب في الوضع الراهن. يجب أن نتذكر أن لا ممارسة ثورية بدون نظرية ثورية. إن لينين لم يقدم يوما من الأيام أي تنازل نظري لأي اتجاه فكري في حين أن المرجعية الفكرية للنهج هي التراجع بأم عينيه عن الماركسية اللينينية كلها. فكيف يمكن إذن أن يتبني المرء "الماركسية اللينينية" و يقدم كل تلك التنازلات النظرية؟ كيف يمكن إذن تبني الماركسية اللينينية والإصرار على الوحدة مع مشوهي الماركسية وأعداء اللينينية؟ في حين أن وصية لينين هي "الوحدة بين الماركسيين وليس مع مشوهي الماركسية". هل من السليم ان يقدم المرء عن تقديم التنازلات المبدئية في سبيل مكاسب سياسية أو لصالح توازنات سياسية معينة؟ أ ليس في ذلك إضرار بالماركسية و انحراف عنها؟
لقد سبق لماركس وأن حذر بشدة من هذا النوع من التعاطي. ففي نقده لبرنامج الحزب الاشتراكي الألماني المنعقد بغوثه أطلق ماركس وصيته المشهورة : " إذا كانت هناك من حاجة إلى الاتحاد، فاعقدوا معاهدات بغية بلوغ أهداف عملية تقتضيها الحركة، و لكن إياكم و المساومة بالمبادئ، إياكم و "التنازل" النظري".
هذه الوصية التي ينساها بعض "الماركسيين اللينينيين" و يبررون التخلي عنها تحث العديد من المبررات من قبيل " عدم السقوط في الدغمائية" أو ضرورة مراعاة الشروط الملموسة و الأوضاع الحالية. غير أن هذه الاوضاع الملموسة هي بالضبط ما يفرض الحاجة و الملحاحية للمزيد من التشبث بالنظرية التي تتعرض لهجمات شرسة من طرف الطبقات المستغلة (بكسر الغين) و ممثليها داخل الحركة الجماهيرية. هذه الظروف الملموسة هي التي توضح حاجة الشيوعيين و الشيوعيات في بلادنا إلى المزيد من الوضوح الفكري و النظري و نبذ كل أشكال التفسخ الإيديولوجي. هذه الظروف الملموسة التي تعيشها الحركة الشيوعية ببلادنا هي بالضبط أكبر ما يعطي لهذه الوصية راهنيتها اليوم.
صحيح أن الشيوعيين و الشيوعيات قد تفرض عليهم أوضاع الصراع الطبقي و أوضاعهم الذاتية أيضا تقديم العديد من التنازلات السياسية من اجل شق الطريق نحو الأمام، قد تفرض عليهم أوضاع الصراع الطبقي المساومة السياسية حتى. لكن ليس هناك أية شروط قد تفرض عليهم المساومة على المبادئ أو التخلي عنها و لو أضيفت لها صيغة "لحظية"، لأن تقديم التنازل على هذا المستوى هو بالضبط التخلي عن الماركسية. لقد عاشت الحركة الشيوعية دائما أوضاعا صعبة و قاسية و قد أتبث التاريخ بمجمله إفلاس خط التنازل المبدئي و التنازل النظري، ففي ظل أكثر الأوضاع قسوة و أكثرها خطورة داخل الحركة الشيوعية بروسيا، أي في أوضاع هزيمة الثورة و تقلص نفوذ الشيوعيين و انقساماتهم التنظيمية و ظهور التيارات التصفوية التي نادت بالتخلي عن الحزب الثوري السري و تحويله لحزب علني يحدد أفقه بالإصلاحات الدستورية و الديمقراطية، في هذه الأوضاع بالضبط طالب لينين من البلاشفة ضرورة التشبث إلى أقصى حد بالنظرية و عدم السماح بالتنازل النظري، حيث أطلق هو الآخر على هدى ماركس وصيته المشهورة: " الوضوح الفكري، التبات المبدئي هذا هو كل ما نحتاجه في هذا الظرف الصعب". و إذا رجعنا أيضا إلى تجربة الحركة الشيوعية بالصين فسوف نجد أن اشتداد الصراع داخل الحزب بين الخط الثوري الداعم لتثبيت ديكتاتورية البروليتاريا و خط الطريق الرأسمالي قد دفع ماو إلى إعلان الحرب على التحريفيين و نادى بضرورة التشبث بالمبادئ و عدم تقديم التنازل النظري مهما كلف الأمر، بل إن اللحظة التي بدأ يتقوى فيها الجناح الانتهازي داخل الحزب طالب ماو من الجماهير "إطلاق الرصاص على القادة" و عزل الانتهازيين منهم و أطلق على هدى ماركس و لينين وصيته المأثورة: "طبقوا الماركسية و ليس التحريفية، اسعوا إلى الوحدة لا إلى الانشقاق، كونوا صرحاء و مستقيمين و لا تحبكوا المكائد و المؤامرات".
فإذا كان التاريخ قد سجل تنازل المعلمين الكبار لخصومهم بل و حتى لأعدائهم على المستوى السياسي (مثلا قبول البلاشفة للبرنامج الزراعي للاشتراكيين الثوريين، صلح بريست مع الألمان ...)، فإن هذا التاريخ لم يسجل قط تنازلهم على المبادئ أبدا. فكيف إذا يمكن أن يبرر من يقول بـ"الماركسية اللينينية" هذا الكم الهائل من التنازلات المبدئية؟
إن إحدى أهم أسباب الانهيار التام للحزب الشيوعي الفيتنامي، حزب هو شي منه، الحزب الذي قاد أكبر انتصارات الطبقة العاملة و الشعب الكادح على أكبر الامبرياليات وحشية و دموية هو بالضبط خط التنازل المبدئي على حساب مكاسب سياسية و توازنات سياسية، ففي الوقت الذي أعلنت إعادة الرأسمالية للإتحاد السوفياتي بعد التقرير السيئ الذكر الذي ألقاه الحقير خروتشوف في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي بالاتحاد السوفياتي و انطلق الصراع داخل الحركة الشيوعية العالمية على أرضية تقييم ستالين و تقييم أول تجربة لديكتاتورية البروليتاريا و تحديد أفاق الثورة العالمية، في هذا الوقت بالذات لم يستطع الحزب الشيوعي الفيتنامي من اتخاذ موقف صريح و واضح من التحريفية الخروتشوفية تحث تأثير وهم الحفاظ على وحدة الحركة الشيوعية و حفاظا على العلاقات السياسية و الاقتصادية مع الاتحاد السوفيتي و قدم التنازل تلو التنازل إلى أن أصابه الانحطاط التام و تحول إلى ذيل للاشتراكية الامبريالية.
إن كل التجربة التاريخية تأكد أن الانحطاط هو المآل الأكيد لخط التنازل النظري، فالتنازل على المبادئ يعني – سواء أدرك المرء ذلك أم لم يدركه – هو بالضبط فتح المجال لدخول و سيادة النظريات الانتهازية إلى قلب الحركة، إن التنازل عن المبادئ أي التنازل النظري لا يعني عدم استحضار هذه الأطروحات أو تلك من الأطروحات من النظرية الماركسية، بل هو يعني أساسا اعتماد هذه الأطروحات أو تلك من الأطروحات الانتهازية و هذا هو لب القضية. إذ لا يجب أن نفهم التخلي عن المبادئ و تقديم التنازل النظري بوصفه تراجعا مفروضا في هذه الحالة أو تلك و لا بوصفه مسألة لحظية في صيرورة تطور الحركة. فالبعض قد يظهر له مع كل ما ذكرناه "مشروعية" و "إمكانية" التنازل النظري على بعض الأطروحات في الحالات التي لا يفرض فيها الصراع الطبقي حدة الصراع على القضايا التي تتناولها تلك الأطروحات، و يعتبر نفسه في هذه الحالة أنه لا يقدم التنازل بل مجرد أنه لا يجعل من هذه الأطروحات مركز صراع!!، غير أن المسألة هي أكبر و أخطر من دلك، فالتنازل النظري عن الأطروحات الماركسية يحمل في طياته ضمنيا القبول بالأطروحات الانتهازية و بالتالي الممارسة على أرضية تلك الأطروحات الانتهازية و يصبح تبعا لدلك الخط الفكري مشبعا بالانتهازية التي تحدد بدورها مضمون الخط السياسي. و هدا بالضبط ما وقع لبعض الرفاق من داخل حزب النهج الديمقراطي، فحتى و إن كانت تقديراتهم للوضع السياسي سليمة (رغم أننا لا نرى دلك في العديد من النقاط)، و حتى و إن كان إخلاصهم للشعب المغربي و للطلقة العاملة راسخا في قناعاتهم (و هو ما نعتقده) فإن مضمون تعاطيهم الذي حددناه أعلاه بما هو خط التنازل المبدئي و النظري للانتهازية يعصف بكل ما يطمحون إليه، و يكفي النظر -للتأكد من دلك- إلى درجة التفسخ النظري السائدة في صفوف قواعدهم و المتعاطفين معهم، و كيف تحول هؤلاء إلى درجة أنهم أصبحوا – لحسابات سياسية- "يناضلون" من أجل التخلي حتى على مقولة الصراع الطبقي من داخل التصور العام لبعض المنظمات الجماهيرية
إن الهيلالي الذي طالب رفاقه بالنهج بضرورة فتح النقاش على هذه الأرضية بقوله: " لقد آن الأوان ليفتح النقاش في هذا الباب بغية توضيح الأمور بيننا أكثر" قد أجابه رفيقه البراهمة بأنهم في مرحلة من الصراع لا تفرض عليهم التدقيق أكثر". لكن اللينينين المنسجمين لا ينتظرون قرارا لفتح النقاش الفكري حول هويتهم الإيديولوجية، بل يحاربون في كل زمان ومكان من اجل تثبيتها وتطويرها. ربما قد يستسيغ البعض صيغة الشروط العامة وتأجيل النقاش السياسي والتكتيكات اللازمة في المرحلة، لكن لا أحد على الإطلاق يمكن أن يبرر التقاعس عن الصراع الإيديولوجي والتصدي للهجمات الفكرية الرامية لتشويه الماركسية اللينينية ومحاولة النيل منها.
فاللينينية لم تبنى وتتطور بشكل أساسي ضد الإيديولوجية الاقتصادوية وفقط، بل إنها تطورت ونمت في النضال ضد كل الإيديولوجيات الانتهازية وضد كل التيارات الانتهازية اليمينية واليسراوية وضد التصفوية. إن كل مطلع على تاريخ الثورة البلشفية، لا يمكن أن لا يستحضر المرحلة التي تلت هزيمة ثورة 1905، حيث عرفت الحركة الشيوعية بروسيا أزمة عميقة من الناحية الفكرية والسياسية والتنظيمية أيضا، في ذلك الوضع الصعب الذي كانت تجتازه الحركة طالب لينين البلاشفة بضرورة خوض نضال فكري عنيد ضد الماخية وضد كل الأشكال التي تشوه وعي الطبقة العاملة، طالب بطرد التصفويين من الحزب والقطع معهم تنظيميا، في ذلك الوضع الصعب الذي عرف خلاله الحزب ا د ر تقلصا تنظيميا وجماهيريا هائلا لم يفقد لينين شجاعته و أعلن الحرب على التحريفية وعلى التصفوية، وقد قادت نضالاته وتوجيهاته إلى انتصار باهر توج بحسم السلطة السياسية فيما بعد. إن هاته الدروس هي أهم ما يجب أن يستحضره القائلين بالماركسية اللينينية في الوقت الحاضر. وهذا يدفعنا بالضبط إلى التساؤل حول مضمون الماركسية اللينينية التي يعلن بعض أعضاء حزب "النهج الديمقراطي" عن تبنيها بوصفها امتدادا للماركسية الثورية ومتضمنة للجوهر الثوري للماركسية؟
إن "النهج" يدعي انه حزب ديمقراطي و "جسم حي" ومن العادي أن يتم انتقاد القيادة أو الأجهزة، ومن العادي أن ترفض الأجهزة التشريعية مقررات الأجهزة التنفيذية الخ من أوجه الديمقراطية!! إذن ما هو المبرر الذي يقدمه المدافعون عن "الماركسية اللينينية" لتغييب النقد الإيديولوجي والصراع الفكري ضد المتحاملين على اللينينية؟ أي تبرير يقدمه هؤلاء للتنازل عن اللينينية؟ أو على الأقل لمشروعية وضرورة واستعجالية الدفاع عنها؟ فنحن إلى اليوم لم نجد هناك داخل حزب النهج ـ مع العلم انه حزب علني ـ صراعا فكريا مدافعا عن الماركسية اللينينية اللهم بعض الشعارات. فأين هي إذن اللينينية من كل هذا؟ لكن ليس غياب النضال الإيديولوجي و الصراع الفكري هو ما نود الإشارة إليه في حديثنا إلى المتبنيين" للماركسية اللينينية" ، فالأساسي هنا هو سؤال إمكانية تبني النهج الديمقراطي للماركسية اللينينية حتى في حالة وجود هذا الصراع، أي إمكانية تحويل حزب النهج الديمقراطي إلى حزب ثوري!!
إن المادية التاريخية تقدم جوابا بالنفي حول هذا السؤال، فكل التجارب الثورية خلال القرن العشرين تؤكد على أن منحى وسيرورة بناء وتطور الحزب الثوري تختلف جذريا على مسار وتطور حزب مثل حزب النهج الديمقراطي، فالتصفية النهائية التي قام بها هذا الحزب لمنظمة "إلى الأمام" كانت قفزة يستحيل معها التراجع، فهي لم تكن خطوة تدخل في إطار غلبة من الناحية الكمية لصالح التيار الداعي للشرعية آنذاك، مما قد يسمح بالنضال لإحقاق التراكمات الكمية لتجاوزه، بل إنها كانت نقلة نوعية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. يجب أن ينتبه هؤلاء الرفاق إلى ان ما يتلقاه المناضلون و المناضلات من تربية فكرية و سياسية و تنظيمية داخل حزب علني شرعي برجوازي هي أكبر خطر على مستقبلهم كله، فهده التربية اليومية تشكل إحدى الأسس المادية التي تتبلور خلالها المفاهيم في وعيهم و لا يبقى من المواقف السياسية سوى شعارات عامة. فلينظر هؤلاء الرفاق إلى رفاقهم داخل الحركة الجماهيرية ليتأكدوا مما تولده تلك التربية من ضيق أفق و تيهان.
خالد المهدي
12/03/2007
------------------------------------
هوامــــش:
2جريدة النهج عدد شهر مارس 2007 ص16. كل الاحالات مأخودة من هدا العدد من الجريدة
3و حتى على هدا المستوى خرج النهح الديمقراطي بخفي حنين بعدما أقصاه حليفه حزب الطليعة الديمفراطي عند التهييء للمؤتمر المقبل للجمعية المغربية لحقوق الانسان .....
4أنظر على الخصوص ماركس العائلة المقدسة و حول المسألة اليهودية، وانجلز ضد دوهرينغ .
5 سوف نعود في عمل لاحق لإلقاء الضوء على مضمون الخروتشوفية وأساسها الطبقي وما آل ببلد لينين وستالين من انهيار و سيادة الخروتشوفية
6 ديكارت هو فيلسوف عقلي و ليس تحريبي و بالنسبة له للوصول للحقائق لا داع للتحربة، فالعقل وحده قادر إدا ما اعتمد منهجا "سديدا" على التأكد من الحقائق.
7. إن مطالبة ماو الجماهير لإطلاق الرصاص على القادة لا تعني حمل السلاح و توجيه البندقية نحو صدر القادة ( كما روجت لذلك الامبريالية في محاولة للنيل من القيادة الثورية الصينية)، بل تعني النقد دون تحفظ لممارسات القادة، و قد كانت تلك اللحظة بداية تثوير علاقات الانتاج و إعادة تملك المفهوم المادي حول العالم بما هو عالم من صنع الجماهير نفسها.
8 . خاض مناضلوا حزب النهج الديمقراطي إبان المؤتمر الثامن للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب "نضالا" ضاريا من أجل سحب صيغة الصراع الطبقي من داخل التصور العام للجمعية.