|
تنسيقيات مناهضة الغلاء تحقق المسيرة و تمنع المنع
وديع السرغيني
الحوار المتمدن-العدد: 1871 - 2007 / 3 / 31 - 11:39
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
تحققت مسيرة الخامس و العشرين بالمدينة العمالية البيضاء، رغم كل إجراءات المنع و القمع و رغم الأجواء الرهيبة التي من خلالها حاولت قوات القمع المحاصرة لأغلب الشوارع و الأزقة المؤدية لمكان الانطلاقة.. تمكن مناضلو و مناضلات التنسيقيات و عدد لا يستهان به من جماهير مدينة البيضاء من اختراق الحواجز و من تحدي التهديدات البوليسية، و من الوصول لمكان اللقاء و لنقطة الانطلاق. ارتفعت الأصوات مدوية و انتصبت الأعلام و فتحت اللافتات المعبرة عن شعارات و مواقف الجمعيات و الهيئات و التيارات السياسية.. من موجة الغلاء و من مسلسل الزيادات المهولة في الأسعار.. تراوحت جلها عن المطالبة بإلغائها و وقف زحفها و إلغاء كل السياسات التي تكرسها ـ الخوصصة ـ.. إلى إدانة النظام كنظام سياسي استبدادي و كنظام اقتصادي استغلالي عميل للإمبريالية وجب تغييره و القضاء عليه للقضاء على جميع مسببات الغلاء و البؤس و الفاشية الدكتاتورية الحاكمة. فكان الاختراق للشوارع المحاصرة، فتعددت بؤر الاحتجاج لتتوحد بعدها في نقطة مركزية واحدة عبرت بالملموس عن وحدة ميدانية و عن تفاني و صمود مناضلي التيارات الجذرية و في مقدمتهم مناضلي الحملم الجديدة الذين كان لهم السبق في اتخاذ جميع المبادرات الجريئة التي تحدت كل آليات القمع المشهرة في وجه المسيرة الشعبية. و بالرغم من آليات و أساليب القمع التي اشتغلت أياما قبل المسيرة لمنعها و التي استمرت إلى آخر ساعات الانطلاقة، كمنع حافلتين من طنجة من الوصول و إرجاعها بعد 15 كلم من الانطلاق، و مراقبة محطات القطار و الحافلات لتتبع الجماهير المتجهة من جميع الشوارع و الأزقة و خاصة طريق مديونة.. مما قلص الحضور بشكل كبير.. و مع ذلك تمكنت أعداد كثيرة من الوصول، قارب عددها 1500 مشارك على حد إحصاءات الصحافة الحاضرة.. لكن و بالرغم من كل هذا و ذاك اتضح للجميع أهمية خط النضال الجماهيري و أهمية و دور التنسيقيات في التعبئة و في تحقيق الارتباط بالكادحين، و بالتالي وجب، من وجهة نظرنا، التشبث بها و تطويرها لتلعب أدوارها في التأطير و التنظيم و في اتخاذ المبادرات لتقوية و توسيع الحركة الاحتجاجية لمناهضة الغلاء و أسبابه. تبين بالملموس حجم و قدرات اليسار الماركسي اللينيني على العطاء في مثل هذه المناسبات.. و تبينت كذلك محدودية التيارات و الأحزاب الإصلاحية و عجزها على اتخاذ المبادرات و الردود المناسبة خلال "الظروف الاستثنائية".. تبين عجز و ارتباك تيارات المعارضة البرلمانية و عدم قدرتها على المواكبة.. و تبين بالملموس نفاق و انتهازية القيادات الإصلاحية السياسية و النقابية و "الحقوقية" التي ما فتئت تتدافع لنيل الصفوف الأمامية خلال العديد من المسيرات و الوقفات، لأخذ حصتها من الصور و الاستجوابات.. كيف أنها غابت عن المسيرة الممنوعة.. غابت قيادات تيد "تجمع اليسار الديمقراطي" معلنة موتها النهائي.. و ما كان من الشباب الثوري و قيادته الميدانية إلا أن أقام جنازة لها في مستوى الحدث و في مستوى الذكرى المرتبطة بالحدث، ذكرى 23 مارس 65 المجيدة التي قدمت الشهداء و المعطوبين و المعتقلين و المختفين.. دفاعا عن الحق في التعليم و تنديدا بسياسات التفقير و التهميش التي لم تتوقف بعد رحيل الاستعمار و لا بعد تجارب "الحكومات الوطنية"! غابت الجمعيات الحقوقية و غاب أنصار دولة "الحق و القانون" و غابت الأصوات المدافعة عن "الحقوق الاقتصادية" باسم النقابات أو باسم جمعيات حقوق الإنسان!! و حتى أن نكون منصفين و ألا يسجل عنا الإجحاف في حق أي كان، نذكر بالحضور الميداني للعديد من مناضلي القوى الإصلاحية و بشكل خاص التيارات اليسارية المعارضة من خارج البرلمان.. كما نسجل كذلك حضور بعض الرموز القيادية و إن كان في الأشواط الأخيرة من المسيرة دون أن ننسى حضور "أنصار ضريبة طوبين" الذين عهدنا تواجدهم في هذه المناسبات، بألا يخلفوا الموعد، مسجلين بجريدتهم و نشراتهم التي لا يقرأها أحد.. إلى جانب شعارهم الشهير % من خلال محاولات بسيكوباتية لأجل إقناع الجماهير الكادحة و البائسة للقبول باقتراح طوبين اللبرالي، خديم الرأسمالية و الإمبريالية، بضريبة 0.01% عن المعاملات المضارباتية قصد تحويلها كأساس لتنمية و لتحسين واقع و أوضاع الكادحين! ذكرنا بالمعطيات التي كانت لنا قدرة على التقاطها ليس مزايدة على أي طرف كان، بل أساسا لتحفيز المناضلين على المحاسبة و على المساءلة و النقد و النقد الذاتي في اتجاه تطوير المبادرات للمزيد من تقوية خط الكفاح الجماهيري، خط الارتباط الميداني بالجماهير و بقضاياها المصيرية مع تدعيم كل الخطوات الإيجابية دون أية حسابات ضيقة و دون أدنى تنازل عن الثوابت المبدئية و عن استقلالية التيارات و المجموعات.. و مع الحق الكامل و المضمون للجميع بانتقاد كل الممارسات الانتهازية و كل التخاذلات و التواطئات المكشوفة و المتسترة. نشد على أيادي كل المناضلين الذين سجلوا الحضور و تحدوا المنع و القمع.. نشد على أيادي اللجن التنظيمية التي قامت بالتعبئة في الأحياء و على أيادي الرفاق في "لجنة المتابعة" و "تنسيقية البيضاء" الذين عملوا ما بوسعهم لإنجاح المسيرة رغم كل التهديدات المباشرة و غير المباشرة في حقهم قبل و بعد نجاح المسيرة. ندين و من موقعنا بالتنسيقيات المحلية كل أشكال القمع المسلط على مبادرات التنسيقيات في الاحتجاج ضد الغلاء و الخوصصة و التفويت في شكل حصار أو منع أو اعتقال للنشطاء. كما ندين كل الممارسات و التصريحات الخاصة بعصابات "العدل و الإحسان" التي أبانت بالملموس عن تعاطيها الانتهازي مع مسيرة المناهضة للغلاء.. إذ و عوض أن تعمل القيادة الفاشية بتبرير معقول لقواعدها المجيشة، عن أسباب انسحابها و انصياعها لتهديدات قوات القمع، أشارت على ما حققته القوى اليسارية من انجاز بأنه كان في إطار "السماح لليساريين" و المنع "للعدل و الإحسان"!! و أتمنى من جميع الرفاق خاصة نشطاء الحركة الاحتجاجية من اليساريين التقدميين بمن فيهم مناضلي الحملم أن يتحملوا مسؤوليتهم القيادية و أن يأخذوا المعطيات مأخذ الجد.. بعد أن انفضحت المعطيات و كادت أن تفقئ العين.. فلا رهان عن من اختار النضال المؤسساتي و لا رهان عن قواعد الجمعيات "الحقوقية" و "التنموية".. فللميدان أصحابه التاريخيين و طلائعه الفعليين.. أما فزاعة "العدل و الإحسان" فعهدها انتهى، و العد العكسي طال خرافاتها.. فلا قومة، و لا اكتساح، و لا هم يحزنون، إنه الفرار من الميدان يوم الامتحان. لتبقى الكرة في ميداننا نحن اليساريون و بشكل خاص تيارات و مجموعات و فعاليات الحملم الجديدة، فهل من اقتراحات عملية جدية تمشي في هذا الاتجاه؟ أي في اتجاه تطوير أدائنا و تقوية ارتباطاتنا مع كادحي شعبنا خدمة لمشروع القضاء على نظام الاستبداد و الاستغلال القائم ببلادنا و لمشروع الثورة و البناء الاشتراكيين.
#وديع_السرغيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دروس انتفاضة يناير
-
حزب -النهج الديمقراطي- و السياسة بموقفين
-
مهامنا في ظل العهد الجديد
-
الانتفاضات الشعبية العمالية بالمغرب بين القراءة الموضوعية و
...
-
قراءة أولية للأرضية التأسيسية لمنظمة -أ-
-
عودة إلى سؤال، إلى أين يسير النهج الديمقراطي بطنجة
-
حول ملابسات الصراعات الدموية بالجامعة
-
جمعية المعطلين ينحروها ام تنتحر؟
-
جورج حبش -شهيد- الجهل و الأمية
-
كفاح و أساليب نضالية جديدة ...عمال حمل البضائع بميناء طنجة
-
حول أحداث العنف الطلابي بمراكش و أكادير
-
تخليد ذكرى يوم الأرض بطنجة غاب يسار ... و حضر يسار آخر
-
رسالة إلى الرفاق الأوطميين
-
عمال -ديوهرست- المطرودون ... من الاعتصام إلى الاحتجاج في الش
...
-
مواصلة ديوهيرست لحربها الشرسة ضد العمل النقابي
-
الملكية بالمغرب تدشن السنة الجديدة باستقطابات جديدة
-
عاملات و عمال ديوهرست بطنجة في الواجهة
-
مأساة عمال و عاملات شركة يازاكي بطنجة
-
عمال ديوهرست بطنجة المجزرة واحدة و السيوف متعددة
-
التوجه القاعدي و الإنجازات النوعية
المزيد.....
-
تعود إلى عام 1532.. نسخة نادرة من كتاب لمكيافيلّي إلى المزاد
...
-
قهوة مجانية للزبائن رائجة على -تيك توك- لكن بشرط.. ما هو؟
-
وزيرة سويدية تعاني من -رهاب الموز-.. فوبيا غير مألوفة تشعل ا
...
-
مراسلنا: تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيرو
...
-
الرئيس الأمريكي: -أنا زوج جو بايدن.. وهذا المنصب الذي أفتخر
...
-
مسيرة إسرائيلية تستهدف صيادين على شاطئ صور اللبنانية
-
شاهد.. صاروخ -إسكندر- الروسي يدمر مقاتلة أوكرانية في مطارها
...
-
-نوفوستي-: سفير إيطاليا لدى دمشق يباشر أعماله بعد انقطاع دام
...
-
ميركل: زيلينسكي جعلني -كبش فداء-
-
الجيش السوداني يسيطر على مدينة سنجة الاستراتيجية في سنار
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|