أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد الطيب - جمال الموت














المزيد.....

جمال الموت


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8544 - 2025 / 12 / 2 - 09:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الموت ليس خصمًا، بل هو الباب الأخير الذي نعبره لنفهم سرّ الحياة نفسها. منذ أن وُلدنا ونحن نمشي نحوه، نخاف ظلاله أحيانًا، ونرتجف من اسمه أحيانًا أخرى، كأننا ننسى أن كل ما حولنا يفنى، وأن دوام الشيء الوحيد هو العبور. لكن الحقيقة العميقة التي يغفل عنها الكثيرون هي أن الموت ليس النهاية… إنه التحوّل الأكثر صفاءً، والأعمق معنى.
نحن نخشى الموت لأننا ننظر إليه بعيون الجسد، لا بعيون الروح. نتصوره حفرة مظلمة، أو اختفاءً كاملًا. لكن هذا ليس الموت… هذا مجرد تعبير جسدي لحقيقة أعظم. الجسد يذهب لأن مهمته انتهت، لأنه حملنا بما يكفي، وخدمنا بما استطاع، ثم يسلّمنا بلطف إلى انتقال أكثر رهافة. أما الروح، فهي لا تُدفن، ولا تُحاصر، ولا تُطفأ… الروح ترتفع، تتخفّف من أثقال الطين، وتنطلق إلى عالم لا يُقارن بعالمنا، عالم ينساب فيه الضوء بلا مصدر، وتزول فيه الشكوى بلا قهر، وتغيب فيه الندوب بلا ألم.
الموت، لمن يفهمه، هو الراحة التي لم نعرفها في الحياة، السلام الذي لم نجده بين صراعاتنا، والطمأنينة التي لم تمنحها لنا الأيام. هو عودة إلى الأصل؛ إلى السكينة الأولى؛ إلى الحضن الذي خرجنا منه. تخيّل نفسك حين تنفلت من قيود الجسد التي أثقلت خطواتك، حين تنجو من الصراخ الداخلي، من الوجع الذي لم يفهمه أحد، من الخيبات التي تراكمت… ثم تجد نفسك خفيفًا كنسمة، طليقًا كوميض، تتحرك حيث يشاء الله لك، بلا خوف، بلا ضياع.
في الموت، نقترب من الله أكثر مما نقترب في أي صلاة أو سجدة. هناك، فقط هناك، تدرك أن الرحمة ليست كلمة، بل فضاء كامل يحتويك. تشعر أنك مفهوم بالكامل لأول مرة، أن كل ضعفك موضع عفو، وكل خطأك محاط بحكمة، وكل تعبك له معنى. الموت ليس خصامًا مع الحياة، بل تصالح معها… هو الخطوة التي تكمل الرحلة لا التي تقطعها.
لذلك، حين نفهم جمال الموت، لا نعود نخافه، ولا نتعامل معه كعدو. نحبه. ربما نعم، لأنه يريّحنا من أوجاع كانت أكبر من قدرتنا، ويأخذنا إلى عالم لا تحدّه القوانين الأرضية. عالم نلتقي فيه بنقائنا الأول، ونرى فيه الحقائق بلا ضباب، ونشعر أن الحياة التي عشناها كانت مجرد فصل صغير من رواية أكبر.
الموت ليس ظلامًا… الظلام هو جهلنا به... أما الحقيقة، فهي أن الموت نورٌ آخر يبدأ حين تنطفئ أنوار العالم .



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أجمل المحطات
- دروع الإبداع… حين صار الوهم أعلى من الحقيقة
- جريح الثقة لا يُشفى
- لا تمنح الحقيقة كاملة .. انهم لن يفهموك !!
- بين الثائر والطاغي شعرة
- لقد كانت معركة عظيمة كلفتني قلبًا بأكمله
- ظل الآخر
- قلب مسافر عاشق
- رحيل في منتصف الطريق
- السيادة.. ليست علماً يرفرف ولا نشيداً يصدح
- خرابٌ تحت قبّة الجامعة: حين يتحوّل الجهل إلى لقبٍ أكاديمي
- عندما تتحوّل الكتابة إلى مطرقة لا ترحم
- الكتابة واشكالية المتلقي
- في المسافة بين إنسانيتهم… و ( انسانيتنا )
- حين يفقد الوطن كرامته
- من قال إن الزمن يشفي؟
- امرأة بين السطور
- حين تتحول العقول الى سجون
- في جامعاتنا .. ثقافة مشتعلة خلف أبواب مغلقة
- تقاسيم أخيرة في جنازة الذكريات


المزيد.....




- البابا ليو يغادر بيروت: أدعو الشرق الأوسط إلى مقاربات جديدة ...
- هل دقت ساعة نهاية رحلة النجم المصري محمد صلاح مع ليفربول؟
- بوتين يستقبل ويتكوف وكوشنر : ما فرص نجاح المحادثات إذا أصرت ...
- حظر أستراليا وسائل التواصل بالنسبة لصغار السن فرصة لفهم تأثي ...
- دراسة تربط زيت الطهي المفضل في أميركا بالسمنة
- كاميرا الجزيرة ترصد آثار الدمار بعد الفيضانات في إندونيسيا
- كيف بررت إسرائيل تمديد صلاحيات اختراق الكاميرات الخاصة بعد ا ...
- نتنياهو لا يستبعد اتفاقا مع سوريا ويطالب بإقامة منطقة عازلة ...
- صحف عالمية: نتنياهو يناور للإفلات من العقاب وعنف المستوطنين ...
- -نريد السلام-.. الكرملين يُعلّق على جهود إدارة ترامب في محاد ...


المزيد.....

- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد الطيب - جمال الموت