مُتابعات – العدد الثاني والخمسون بعد المائة بتاريخ التاسع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر 2025

الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8541 - 2025 / 11 / 29 - 10:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

ما ينطبق على أوكرانيا لا ينطبق على غزة !
اجتمع في جنيف، يوم 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، ممثلون عن الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي وأوكرانيا لمناقشة "خطّة السّلام" الأمريكية بشأن أوكرانيا، وأعلن الاتحاد الأوروبي عقد اجتماع تشرف عليه ألمانيا وفرنسا وبريطانيا لمناقشة الإستحواذ على الأصول المالية الروسية المودعة لدى مؤسسات مالية أوروبيّة بقيمة 300 مليار دولار، بعنوان تعويضات لأوكرانيا على ما لحقها من دمار خلال الحرب، واقترحت الحكومة الألمانية خطة لاستخدام عوائد الأصول الروسية المُجمّدة لتمويل قرض لأوكرانيا بقيمة 160 مليار دولار، فيما تقترح الولايات المتحدة مبلغ مائة دولار يتم إيداعها في صندوق استثماري يتم إنشاؤه بشكل مُشترك بين الولايات المتحدة وأوكرانيا ( أي استبعاد أوروبا من إعادة الإعمار) تتقاسم الولايات المتحدة أرباح هذا الصندوق ليس مع أوكرانيا ولكن مع مشروع استثماري أميركي - روسي مشترك، وينُصُّ المقترح الأمريكي على مشاركة أوروبا بمبلغ مائة مليار دولار أخرى لتمويل إعادة إعمار أوكرانيا، أي إن أوروبا تدفع المال والولايات المتحدة تجني الأرباح من الإستثمارات والقروض الأوروبية وكذلك من الأصول المالية الروسية المُجمّدة في أوروبا وأمريكا الشمالية...
أظهر المستشار الألماني والرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني حماسًا مُفرطًا عند الحديث عن الإستيلاء على الأموال الروسية لتحميل روسيا مسؤولية إعادة إعمار أوكرانيا، لكن لا يتطرق هؤلاء أبدا ( ولا نطلب منهم إبداء حَماس مُفرط) إلى ضرورة تحميل الكيان الصهيوني مهمة الإنفاق على إعادة إعمار غزة.

إيطاليا – ضدّ الفاشية والصّهيونية
تشهد إيطاليا منذ أشهر حركة احتجاجية ضخمة للتضامن مع الشعب الفلسطيني، ورفض حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة، وتصاعد الغضب الشعبي ضد حكومة جورجيا ميلوني بسبب دعمها للاحتلال، وصولا إلى إعلانها خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر 2025 أنها أحيلت، ومعها وزيرا الحرب والخارجية، إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة التواطؤ في الإبادة، وهو ما زاد من الضغوط الداخلية عليها ودفعها لاحقاً إلى تخفيف حدة خطابها، واندلعت اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين مؤيدين للشعب الفلسطيني في مدينة بولونيا الإيطالية، مساء الجمعة 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، حيث خرج الآلاف إلى الشوارع للتظاهر ضد وجود الفريق الصهيوني لكرة السلة "مكابي تل أبيب"، قبل إقامة مباراة الدوري الأوروبي لكرة السلة في المدينة، وسبب حضور النادي الصهيوني تَوَتُّرًا واشتباكات بين قوات الشرطة ومتظاهرين احتجوا على إقامة مباراة في الدوري الأوروبي لكرة السلة (يورو ليغ) بين نادي فيرتوس بولونيا والنادي الصّهيوني مكابي تل أبيب، في ظل موجة غضب شعبية متصاعدة في إيطاليا ضد مشاركة النوادي الصضهيونية في المنافسات الرياضية الأوروبية، واحتجاجا على حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وذكرت وسائل إعلام محلية إن آلاف المحتجين تدفقوا إلى ساحة ماجيوري وسط بولونيا قبل انطلاق المباراة، رافعين لافتات كتب عليها: "أشهروا البطاقة الحمراء لإسرائيل"، مطالبين بإقصاء الفرق الصهيونية من البطولات الدولية، كما ردد المحتجون هتافات "الحرية لفلسطين" ( Free Palestine )، وحملوا الأعلام الفلسطينية في مسيرة ضخمة شهدت حضوراً لافتا للشباب والمناضلين المؤيدين للقضية الفلسطينية، وخلال المظاهرة، وقعت اشتباكات بين المحتجين والشرطة التي استخدمت الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريقهم، في حين أقام المتظاهرون حواجز باستخدام صناديق القمامة، وأشعلوا المشاعل والألعاب النارية، وأحاطت السلطات الإيطالية محيط الملعب بتعزيزات أمنية كبيرة، وندّد المتظاهرون بالسماح بإقامة المباراة، معتبرين ذلك "تطبيعا رياضيا" مع الاحتلال، ودعوا إلى تعليق مشاركة الفرق الصّهيونية في كل الأنشطة الرياضية الدولية، كما انتقدوا رئيس بلدية بولونيا، الذي سبق أن وجه انتقادات للكيان الصهيوني، متهمين إياه بالتراجع عن مواقفه بعد سماحه بإقامة اللقاء الرياضي، وجاءت هذه الأحداث بعد احتجاجات مشابهة شهدتها مدينة ميلانو، يوم الخميس 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، قبل مواجهة أولمبيا ميلانو مع فريق هابوعيل الصّهيوني في إطار البطولة نفسها، في مؤشر على اتساع رقعة الرفض الشعبي الإيطالي لمشاركة النوادي الصهيونية، وتظاهر جمهور ميلانو تحت شعار "لا لتلميع السمعة عبر الرياضة"، مع لافتات وردت بها عبارات: "الرياضة = ضمان احترام الحقوق والقيم الإنسانية" أو "ضدّ توظيف الأحداث الرياضية من قِبَل المجرمين"...

المغرب – تعاون عسكري مغربي صهيوني
نشرت صحيفة (ذي ماركر) الصهيونيّة نقلا عن "مصادر أمنيّة وسياسيّة رفيعة في تل أبيب" أنّ شركة "لوبيرد" العسكرية الصهيونية تتهيّأ لافتتاح مصنع - قرب الدّار البيضاء - لإنتاج طائراتٍ آلية انتحاريّةٍ و ذخائر SPYX ، في إطار التعاون الأمنيّ بين المغربي الصهيوني، وهي طائرات يستخدمها الجيش المغربيّ منذ فترة ضد الشعب الصحراوي، ولئن كانت العلاقات بين النظام المغربي والكيان الصهيوني قديمة، تعود إلى 1956، فإن العلاقات العلنية تعززت منذ انضمام النظام المغربي إلى اتفاقيات إبراهيم وتطبيع العلاقات واعتراف الكيان الصهيوني "بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية" المحتلة، وأصبح الجيش المغربي زبونًا هامّا لصناعة الأسلحة الصهيونية، ومن ضمنها إنتاج شركة شركة (بلوبيرد) وشركة الصناعات الجوية الصهيونية، منذ سنة 2014 أي قبل التطبيع الرسمي المُعْلَن، كما وقّعت هذه الشركة صفقات مع المغرب سنة 2021، ثم صفقة لبيع نظام باراك-MX المضاد للطائرات إلى المغرب، بقيمة تزيد عن نصف مليار دولار، خلال شهر شباط/فبراير 2022، كما اشترى المغرب، سنة 2022، مائة وخمسين طائرة مُسيّرة من طراز بلو بيرد، وطائرات مُسيّرة من طراز (هاربون)، قبل توقيع صفقة بناء مصنع الدّار البيضاء لإنتاج الأسلحة الصّهيونيّة على أراضيه... وما المغرب سوى نموذج للأنظمة العربية التي طبّعت علاقاتها وعزّزتها في ذروة العدوان والإبادة، بينما كانت شعوب العالم، بما فيها الولايات المتحدة تُندّد بالكيان الصهيوني وتطالب بمقاطعته وعزله... عن زُهير أندراوس، مراسل صحيفة "رأي اليوم"، النّاصرة – فلسطين 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2025

المغرب – اندماج السلطة السياسية والإقتصادية
انطلقت مظاهرات "جيل زد 212" ( GZ212 ) في المغرب احتجاجا على وفاة ثمانية نساء خلال أسبوع واحد في قسم الولادة في مستشفى أغادير الحكومي، ثم عَمّت المظاهرات البلاد خلال الأسبوع الأخير من شهر أيلول/سبتمبر 2025، واستمرت قرابة أسبوعَيْن وأسفرت عن ثلاثة قتلى برصاص الشرطة وإصابة أكثر من 350 وعن اعتقال حوالي 2100 وفق البيانات الرسمية، وقضت المحاكم الإستثنائية بسجن المئات منهم وبلغت الأحكام 15 سنة، بسبب أجل التظاهر السلمي من أجل تحسين خدمات الرعاية الصحية والتعليم، بدلا من إنفاق 4,2 مليار دولار لاستضافة كأس إفريقيا 2025 لكرة القدم وكأس العالم 2030 ( بالإشتراك مع إسبانيا والبرتغال) وفق شركة "أطلس كابيتال"، ويتوقع أن تنفق الحكومة ما بين خمسة وستة مليارات دولارا لتنظيم كأس العالم لكرة القدم، وفق شركة سوجيكابيتال للإدارة، كما يُتَوَقَّعُ بناء حوالي 200 منشأة فندقية جديدة بحلول 2030، بما يوفر 15 ألف غرفة إضافية، فضلا عن الإنفاق على البنية التحتية ووسائل النقل، مما يرفع حجم الدّيْن العام...
ردّت الحكومة بوحشية على مطالب شباب "جيل زد 212" لأن هذه المطالب "تطعن" في أولوياتها، فالحكومة تحاول تسويق صورة "مُشْرِقَة" زائفة للبلاد، بهدف جذب الإستثمارات الأجنبية، وإنفاق مبالغ ضخمة على حساب قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة والخدمات الأساسية التي حُرِمَ منها المواطنون...
عيّن الملك الملياردير عزيز أخنوش – رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار - رئيسًا للحكومة بتاريخ 10 أيلول/سبتمبر 2021 بعد انتخابات تشريعية مشكوك في نزاهتها، ويمكن تعريف رئيس الحكومة المغربية بأنه رجل أعمل ثري، خاض غمار السياسة التي مكّنته من زيادة ثروته، وهو رمز للفجوة الطبقية العميقة في المغرب، فضلا عن اندماج الثروة والسلطة، لذلك ارتفعت الأصوات المطالبة بإقالته أواستقالته، فهو يمثل الأثرياء الذين ورثوا الثروة عن أُسَرِهِم، فاستحوذت شركاته على قطاع توزيع المحروقات في البلاد، وصنّفَتْه مجلة "فوربس" في المركز 27 ضمن الأثرياء العرب للعام 2025 بصافي ثروة بلغ 1,5 مليار دولار، وكان عضوًا في عدّة مؤسسات حكومية منذ 2003 ووزيرا منذ 2007، وأنشأ حزبًا سنة 2016، بدعم من الملك، حاز على أغلبية مقاعد البرلمان خلال انتخابات 2021، فعينه الملك رئيسًا للحكومة، بعد أن انتهت صلاحية الإخوان المسلمين ( حزب العدالة والتنمية) الذين حكموا البلاد ( وفْقَ الهامش الذي يسمح به الملك) من 2012 إلى 2021...

ألمانيا
تَمَيَّزَ الاقتصاد الألماني بضُعْف النّمو فضلا عن الضُّغُوط المالية والدّخول في حالة رُكود للسنة الثانية على التوالي، وتُشير جميع المؤشرات والأرقام إلى استمرار أزمة الإقتصاد الألماني، وفق التقرير السنوي الذي أصدره "مجلس حُكماء الإقتصاد" (هيئة استشارية تابعة لمجلس الوزراء الألماني، تضم خمسة من كبار الخبراء في مجال الاقتصاد، واسمها الرسمي هو "مجلس الخبراء لتقييم التنمية الاقتصادية الشاملة")، بعنوان "خلق آفاق للغد وعدم تبديد الفرص"، ويدعو التقرير إلى " تعزيز الابتكار والإنتاجية"، بدل المُراهنة على تحقيق النمو من خلال خطط تحفيز وضخ استثمارات ضخمة، التي أقرّتها حكومة المستشار فريدريش ميرتز، قبل ستة أشهر، مباشرة بعد الإنتخابات التشريعية التي لم تُفْرِز أغلبية واضحة، وأسفرت عن تشكيل حكومة ائتلافية تَضُمُّ الإتحاد المسيحي بزعامة فريدريش ميرتز والحزب الاشتراكي الديمقراطي...
رغم تصريحات حكومة المستشار فريدريش ميرتس بأنها وضعت قضية النمو الاقتصادي في صدارة أولوياتها، لكن لا وجود لمؤشرات على انتعاش حقيقي قريب، بل تُشير جميع التوقعات إلى نمو ضئيل بنحو 0,2% بنهاية سنة 2025، وبنسبة 0,9% سنة 2026، وهو نمو ضعيف ولا يُشير إلى انتعاش حقيقي، لكنه يُمثل تحوُّلا من السّالب إلى المُوجب، بعد عامَيْن من الركود، ويشير تقرير مجلس حكماء الإقتصاد إلى "ضرورة المزيد من الإستثمار في الإبتكار بهدف رفع الإنتاجية لتحقيق انتعاش حقيقي في ظل الوضع الأوروبي الحالي والتحديات الجيوسياسية والهيكلية الراهنة"، وعبّر التقرير عن الشكوك في جدوى "الصندوق الخاص الذي أقرّته الحكومة الألمانية بقيمة 500 مليار يورو المخصص لتطوير الاقتصاد وتعزيز الإنفاق الدفاعي وضخ استثمارات في مشاريع البنية التحتية مثل النقل والرقمنة وبناء المدارس، طيلة العِقْد القادم"
تزامن تراجُع أداء الإقتصاد الألماني مع قرار مقاطعة المحروقات الرّوسية وتفجير خط أنابيب نقل الغاز "نورد ستريم 2" فارتفعت فاتورة الطاقة للمؤسسات وللمواطنين، بالإضافة إلى الدّعم المالي للشركات و"الحوافز الضريبية وخفض مساهمات أرباب العمل في الضمان الإجتماعي، لتشجيع الشركات على الاستثمار" بذريعة تنشيط الإقتصاد والخروج من الركود الذي أثَّر سلبًا في حياة المواطنين، حيث أصبح أكثر من 13 مليون شخص ( واحد من كل سبعة أشخاص) يعانون من الفقر في أكبر اقتصاد أوروبي، وفق الإحصاءات الرسمية التي تُشير إلى عدم المساواة في الثروة بشكل يفوق البلدان الأوروبية الأخرى، بسبب الإعفاءات الضريبية على الثروات والأُصُول التي يرثها أبناء الأغنياء، وترفض حكومة فريدريش ميرتز زيادة الضريبة على الثروة أو ضريبة الميراث...
أظْهر استطلاع للرأي أجراه المعهد الاقتصادي الألماني"آي دبليو" في مدينة كولونيا وأظْهرت نتائجه أن 36% من الشركات في ألمانيا تعتزم شطب وظائف سنة 2026، فيما لا تعتزم سوى 18% من الشركات تعيين موظفين جدد، وتتجلّى الأزمة في الشركات الصناعية التي تخطط 41% منها لتسريح موظفين، في حين لم تسجل أي مؤشرات على تحول أو على انعطافة اقتصادية نحو انتعاش حقيقي، وتُشير بيانات مكتب الإحصاء الاتحادي في مدينة فيسبادن الألمانية (14 تشرين الثاني/نوفمبر 2025)، أوضحت أنه قد تم خلال الشهر الماضي إلى تسجيل زيادة بنسبة 5,6% في عدد طلبات إشهار الإفلاس – على أساس سنوي - خلال شهر تشرين الأول/اكتوبر 2025، وسجلت 7,5 حالة إفلاس لكل عشرة آلاف شركة، خلال شهر آب/أغسطس 2025، معظمها في قطاعات النقل والتخزين والبناء والمطاعم، وتتوقع شركات الاستعلام الائتماني عددا أكبر من حالات الإفلاس سنة 2025، مقارنة بسنة 2024، الذي سجل فيه وفقا للأرقام الرسمية 21812 حالة، وهو أعلى رقم منذ سنة 2015...
عجزت الحكومة الألمانية بقيادة فريدريش ميرز عن معالجة المشاكل الإقتصادية الرئيسية التي تعاني منها البلاد والتي وَعَد بِحلّها، مما سبب استياءً شعبيًا متزايدًا قد يُهدد استمرار المستشار في منصبه، فضلا عن استفادة أحزاب اليمين المتطرف – مثل حزب البديل لألمانيا – من هذا الوضع فرفعت عدد نوابها بالبرلمان الإتحادي، خلال الإنتخابات الجُزْئية الأخيرة، وأفاد استطلاع للرأي أجْرته شبكتا RTL وn-tv ( 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2025) انخفاض شعبية الإئتلاف الحكومي بعد ستة أشهر من تنصيبه ( يوم السادس من أيار/مايو 2025)، وإن 16% فقط من المواطنين الألمان يريدون أن يكون ميرز مرشحا لمنصب المستشار في الانتخابات المقبلة، بينما يعارض 74% هذه الفكرة، كما أظهر اسطلاع رأي أجراه معهد INSA قبل أسبوع واحد، لصالح صحيفة بيلد أن عدم الرضا عن أداء الحكومة الفيدرالية الألمانية بلغ أعلى مستوياته منذ إنشائها، حيث بلغ 67%، ولم يُبدِ سوى 24% من المشاركين رضاهم عن أدائها، وأعطى 64% من الألمان تقييمًا سلبيًا لأداء المستشار فريدريش ميرز ، بينما أعطى 27% فقط تقييمًا إيجابيًا... عن بلومبرغ 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2025

هوامش من اجتماع منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (APEC)
تأسس منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (APEC) سنة 1989 ( سنة انهيار جدار برلين وسنة وفاق واشنطن) ويجمع اقتصادات متنوعة كالولايات المتحدة والصين واليابان وروسيا وأستراليا والعديد من دول جنوب شرق آسيا، ويمثل هؤلاء الأعضاء مجتمعين ما يقرب من 40% من سكان العالم، ونحو 60% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وما يقرب من ونحو نصف حجم التجارة العالمية بقيمة تفوق 63 تريليون دولار، وتُهيمن الولايات المتحدة على المنتدى الذي تستوعب الدّول الأعضاء به أكثر من 60% من الصادرات الأمريكية
انطلقت في في مدينة غيونغجو بكوريا الجنوبية أعمال قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (آبيك) يومَيْ 31 تشرين الأول و01 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، ويضم هذا التجمع قادة 21 عضوا في “آبيك” وممثلين عن منظمات دولية، وتركزت مناقشات هذه الدّوْرَة على "استدامة التجارة الحرة وتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي" في ظل الحرب التجارية وزيادة الرسوم الجمركية على كافة البضائع الواردة إلى الولايات المتحدة، وزيادة الحواجز الجمركية وهشاشة سلاسل التوريد، مما خَلَقَ مناخًا من عدم الثقة، بدل "ترسيخ التعاون الإقليمي والإزدهار"، كما تدّعي الدّعاية الأمريكية ...
اختُتمت قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك) يوم الأول من شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2025، بإصدار "إعلان غيونغجو" إثر جلسة مغلقة صدرت على إثرها ثلاثة وثائق رئيسية هي "إعلان غيونغجو لقادة أبيك"، و"مبادرة أبيك للذكاء الاصطناعي"، و"الإطار المشترك للاستجابة للتغيرات الديموغرافية في أبيك" ( انخفاض معدّلات المواليد وارتفاع نسبة الشيخوخة بين السّكّان) وأكّد الإعلان على أهمية التعاون في مجالات التجارة والاستثمار، والرقمنة والابتكار، والنمو الشامل، لكن هذه "النّوايا الحسنة " التي تدعي العمل على " بناء مجتمع منفتح وديناميكي وسلمي في المنطقة، وتعزيز التعاون من أجل تعافي ونمو منطقة آسيا والمحيط الهادئ" تتعارض تمامً مع الحرب التجارية والتّوجّه العدواني للولايات المتحدة التي التقى رئيسها دونالد ترامب، يوم الثلاثين من تشرين الأول/اكتوبر 2025، بنظيره الصيني شي جين بينغ، على هامش القمة "للتفاوض والسعى إلى تسوية"، ودام اللقاء أقل من المتوقع، وحصلت الولايات المتحدة على هدنة جزئية في الحرب التجارية التي أطلقتها بنفسها، وتشمل الهدنة رفع الحظر الصيني على صادراتها من المعادن النادرة لفترة 12 شهرًا...
من جهة أخرى، تم إلغاء الاجتماع الذي كان مقررا بين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين بسبب إصرار روسيا على تحقيق أهدافها على جبهة أوكرانيا، رغم الحظر والعقوبات والحصار الأمريكي والأوروبي على روسيا...
على المستوى الدّاخلي الأمريكي تزامن انعقاد قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (أبيك) مع الإغلاق الحكومي ( الذي تم وضع حدّ له يوم 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025) في ظل أزمة داخلية حادّة كبرى شملت انعدام الأمن الوظيفي وتسريحات جماعية للعمال وارتفاع معدلات البطالة، وارتفاع أسعار المستهلكين، وهشاشة أنظمة الرعاية الصحية، وأزمة سكن وعمليات إخلاء، وتهميش مُمنهج للأقليات، وتزايد استخدام الشرطة والجيش للقمع في العديد من المدن وشن حملة غير مسبوقة لترهيب السكان بذريعة اعتقال وترحيل العمال المهاجرين...
بدأ دونالد ترامب فترة رئاسته بقرارات استفزازية وعدوانية ضد معظم بلدان العالم، ومن ضمنها رفع الرسوم الجمركية بشكل أحادي، وتهديد كندا والمكسيك ( اللّتَيْن تربطهما اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة) وتهديد الدّنمارك بضم جزيرة غرينلاند، غير إن إدارة دونالد ترامب تجابه مظاهرات احتجاجية غير مسبوقة جمعت سبعة ملايين شخصًا، وإن كانت مطالبها غير واضحة، ولتحويل الأنظار عن الوضع الدّاخلي، أطلقت الولايات المتحدة تهديدات ضد فنزويلا وكولومبيا وضد نيجيريا وغيرها، في محاولة لإلهاء المواطنين عن الأزمة الداخلية، ولإعادة بناء التماسك الدّاخلي من خلال الحروب العدوانية، بينما تشهد البلاد زيادة نفوذ الأقلية الثرية ( حوالي 10% من السكان) على الثروة المنتجة لأنها تسيطر على السلطة السياسية وعلى قرارات الحكومة والكونغرس، فقي ظل تزايد عدد المُشرّدين وعدد العمال غير المستقرين والفقراء والعاطلين عن العمل والمرضى الذين لا يتلقون العلاج، وفئة البروليتاريا الرّثّة، ويتسم اقتصاد الولايات المتحدة بانفصال تراكم الثروات عن الإنتاج المادي لأن هذه الثروات ناتجة عن المضاربة، مما يزيد من حدّة التناقض بين رأس المال والعمل، حيث تعيش الأغلبية من المواطنين في حالة من الهشاشة الدائمة وانعدام الأمن، وظَهر زَيْف شعار الليبرالية "خلق فرص عمل لخلق الثروة" فهو يُخفي حقيقة أن الثروة المُخلوقة لا تفيد إلا أقلية ترتفع أرباحها رغم انهيار الإنتاج، وتتخلى السلطة عن الغشاء الدّيمقراطي لتلجأ إلى العنف السّافر، داخليًا وللحرب خارجيًا.

بزنس الرياضة
تطورت الرياضة بفضل الإستثمارات الحكومية والمحلية والتبرعات في المدارس ونوادي الهواة بهدف الترفيه والمحافظة على الصّحّة الجسدية، قبل أن تُصبح الرياضة مجالا اقتصاديا يستهدف الرّبح من خلال بناء وإدارة المنشآت الرياضية وصناعة المعدّات والتجهيزات والطب الرياضي، والإعلانات الإشهارية، تحت مُسمّى "رعاية النوادي والأحداث الرياضية"، وأصبحت الرياضة جزءًا من "النسيج الإقتصادي" للبلدان، وينمو الإقتصاد العالمي للرياضة بمعدل 6% سنويا، ليكون من أكثر القطاعات نموا، وتخضع الرياضة لمنطق الإستثمار الذي يضم الإستحواذ والدّمج والرعاية والإشهار، وقُدِّرت قيمة الإستثمارات في الرياضة سنة 2025 بنحو 507 مليارات دولارا ( حوالي 75 مليار دولارا في الوطن العربي)، وفاقت قيمة "سوق الرياضة والأنشطة المحيطة بها " 2,6 تريليون دولارا، من ضمنها عقود الرعاية الرياضية بنحو 115 مليار دولار، وقُدّرت الإيرادات العالمية للبث المباشر للمباريات الرياضية سنة 2025 بنحو 15,3 مليار دولارا ويتوقع أن تصل إلى 19 مليار دولارا سنة 2029، وقدّرت إيرادات سوق الملابس الرياضة بنحو 234 مليار دولارا سنة 2025، ويتوقع أن تصل إلى 294 مليار دولارا سنة 2029...
أصبحت النوادي الرياضة شركات تخضع لقواعد الرأسمالية حيث يتم بيعها وشراؤها أو دمجها بهدف تحقيق الحد الأقصى من الأرباح وأصبحت الملاعب الرياضية تضم مناطق استهلاك وترفيه تُديرها شركات الرعاية أو شركات استأجرت هذه المحلات، فضلا عن بيع الملابس الرياضية والتذكارات وإيرادات الرّهان الرّياضي، وعن حقوق البث ومبيعات التذاكر والعوائد العقارية والتجارية المرافقة للمنشآت، فيما تستغل شركات النقل والسياحة والفنادق والمطاعم الأحداث الرياضية لزيادة إيراداتها...
تحتل رياضة كرة القدم مركز الصّدارة بحجم الإستثمارات والعائد المالي وحجم الجمهور، غير إن رياضات أخرى مخصصة للأثرياء (البولو والغولف وغيرها) تجتذب عددًا أقل من الجمهور لكنه جمهور ذو إنفاق مرتفع، مما يرفع القيمة السّوقية لرياضة النّخب الثرية...
سُجّلت أهم الإستثمارات في ملكية الفرق الرياضية المحترفة وفي المنشآت والعلامات التجارية والسّلع الرياضية، كالملابس والمُعدّات ، وفي الإعلام الرياضي وتنظيم وإدارة الأحداث والمسابقات الرياضية، خصوصًا في كرة القدم، لأنها الرياضة الأكثر شعبية وربح حيث يُولّد الإستثمار في كرة القدم عائدًا مرتفعا (Return On Investment ) بفضل جمهورها الكبير وارتفاع قيمة حقوق البث والرعاية ومبيعات الملابس والتذكارات، غير إن الإستثمارات في رياضة كرة القدم تتطلب مبالغ كبيرة، مقابل تحقيق عائد استثمار مرتفع...

#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل