حول الاختراقات الأمنية والاندساس في الحزب الشيوعي العراقي


صباح كنجي
2025 / 4 / 16 - 00:42     

تابعت خلال الفترة الأخيرة من جديد.. عدة حلقات لشخصيات إعلامية وامنية.. تناولت موضوع الاختراقات الأمنية في صفوف الحزب الشيوعي العراق.. بالإضافة الى اعترافات وأحاديث البعض من الضباط.. الذين كانوا يعملون في المؤسسات القمعية في العهد البعثي المقبور.. ومنها:
1ـ حلقات الدكتور حميد عبد الله ولقاءاته.. مع العديد من قادة الحزب الشيوعي العراقي.. بالإضافة الى كوادره.. ومنها حلقات المناضل والسجين السياسي (سبهان ملا جياد.. أبو مناف).. وما ينشره من تغطية لكتب ووثائق امنية مهمة.. وهو جهد توثيقي كبير يثمن عليه.. لكنه لا يخلوا من النواقص والمعلومات الخاطئة التي تحتاج للتدقيق والتصحيح احياناً..
2ـ حلقات رائد الامن صباح الحمداني.. وهو من الضباط القلائل.. الذين سعوا لكشف المستور.. بحكم عمله في أجهزة الامن لسنوات طويلة.. معتمداً على مشاهداته وذاكرته.. وما يحصل عليه من زملاءه السابقين.. من معلومات تؤشر الى مسعى جدي لكشف جرائم تلك المرحلة..
وهي شهادة مهمة باعتبارها من رجل امن.. مارس القمع.. وانشغل في ملاحقة المناضلين الشيوعيون وغيرهم من السياسيين المطاردين لعقود من الزمن.. بحكم تخصصه الأمني.. لكنه هو الآخر يقدم المعلومة ـ كما نرى ـ مفلترة.. ويسعى لتخفيف طبيعة العمل الاجرامي للمؤسسات القمعية.. ويستبعد البعض من المسؤولية المباشرة.. بالرغم من وجودهم في قمة السلطة.. كما هو الحال مع المجرم احمد حسن البكر.. والمجرمين الكبار في أجهزة القمع.. ممن حملوا رتب لواء.. وكانوا يشغلون مناصب مدراء في الامن.. وتم اعتقالهم مؤخراً.. اعترفوا بأنفسهم في أحاديث متلفزة عن تفاصيل جرائمهم.. في ذلك العهد.. وتطرقوا الى أسماء زملاء لهم أيضا.. ومن جملة الأسماء.. التي ذكروها في اعترافاتهم.. وفقاً لما قاله الحمداني بنفسه في (منبوشاته الأمنية).. التي نشر حلقة جديدة منها مؤخراً.. بعنوان (لماذا لا يتحمل لواء الامن سعدون صبري القيسي جريمة قتل السيد باقر الصدر واخته بنت الهدى؟).. ساعياً لتبرير العمل الاجرامي البشع بحجة عدم توفر النية بالقتل وكأنه يضحك على نفسه وليس على مستمعيه الذين خبروا أكاذيب رجال الامن بمن فيهم من ترك العمل الأمني وانشق عن النظام المقبور.. لكنه بقي يحن لزملائه ويصر على الدفاع عنهم.. وهو بهذا العمل المشين.. يؤدي وفقاً لمفاهيم علم النفس الدفاع عن نفسه للتغطية عن عمله الإجرامي بهذا الشكل او ذاك..
3ـ الاعترافات التي ادلى بها عدد من الضباط المعتقلين.. ومنهم مسؤول الشعبة الأولى.. في مديرية الامن العامة.. الذي جرى اعتقاله مؤخراً.. اللواء شاكر يحي.. واللواء سعدون صبري من ضمن خمسة (5) ضباط برتب لواء.. جرى اعتقالهم في كردستان.. بين السليمانية واربيل وكركوك..
4ـ الكتب والوثائق التي صدرت في عدة مؤلفات قديمة وحديثة.. منها الكتاب المهم للدكتور عبد الفتاح البوتاني.. الذي حمل عنوان (تاريخ الحزب الشيوعي العراقي في لواء الموصل 1934 ـ 1970) واحتوى على عدة وثائق امنية مهمة.. خاصة بنشاط الحزب الشيوعي العراقي في الموصل..
5ـ معلومات خاصة.. في هذا المجال.. بحكم تجربتي في العمل مع الحزب الشيوعي العراقي..
6ـ وثائق الامن التي اطلعت عليها في فترة الانتفاضة عام 1991.. في دوائر الامن.. التي تم اقتحامها والسيطرة عليها.. في زاخو ودهوك وسميل والقوش والشيخان واربيل والسليمانية.. وغيرها من الوثائق المهمة.. التي تمّ المحصول عليها بعد سقوط النظام..
7ـ الكتب والدراسات التي أعدها ضباط الامن.. في فترة عملهم في أجهزة القمع.. لتكون رسائل واطروحات لنيل الشهادة والقدم ومنها: (الحزب الشيوعي العراقي.. محلية نينوى.. لمحة تأريخية ومعلومات تنظيمية) اعداد الملازم الأول (عبد الرزاق حسون علي) اصدار مديرية الامن العامة ومديرية امن محافظة نينوى..
وكتاب (التحقيق الأمني اصدار مديرية الامن العامة.. مركز التطوير الأمني) مطبعة مديرية الامن العامة.. من اعداد ملازم الأول الامن (نافع نوري نصيف) للدورة الثقافية التاسعة للضباط..
8ـ مذكرات وكتابات البعثيين.. وما أفصحوا في هذا المجال بخصوص حالات الاندساس في صفوف الحزب الشيوعي العراقي..
9ـ وثائق العهد الملكي المقبور.. وملفات دائرة التحقيقات الجنائية الخاصة بالشيوعيين.. في العهد الملكي..
10ـ بعض وثائق العهد الجمهوري في فترة حكم عبد الكريم قاسم.. بما فيها البعض من ملفات وزارة الدفاع..
11ـ الحلقات المهمة.. التي كتبها المناضل والمعتقل السياسي الفنان والصحفي (شه مال عادل سليم) ونشرها في الحوار المتمدن وموقع الناس.. مع صور وتوثيق مهم عن جرائم العميل (ممو ـ مامند اسماعيل) بعنوان (شهادتي في قضية العمل ممو).. في حزيران عام 2017..
12ـ انتقلت بعض المعلومات الخاطئة للأدب والقصص والمذكرات.. وبقية المؤلفات العراقية والعربية.. وهذا ما يتطلب التدقيق من المعلومة بشكل أوسع.. لكيلا تكون نتاجاتنا الإبداعية.. معتمدة على معلومات مشوهة وناقصة.. توحي ضمناً أو علناً لحالات خيانة.. او توجيه تهم.. يذهب ضحيتها العديد من الأشخاص والمناضلين.. وسوف يكون لنا وقفة خاصة في هذا المجال في حلقة مستقلة..
وقبل ان اتوقف امام البعض من الحالات.. التي تستحق ان نولي لها الوقت.. ونسعى من خلالها الوصول لفك طلاسم بعض الحقائق.. رغم تعقيدات هكذا أمور.. اود ان اشير الى:
ـ أولا: من الضروري لكل من يسعى لخوض الجدال والبحث حول هكذا أمور حساسة.. انْ يكون متأكداً من المعلومة التي يذكرها.. او يسجلها في كتاباته.. وانْ يكشف كل ما يمكن كشفه في هذا المجال.. قدر الإمكان.. لكيلا يجري طرح نصف الحقيقة.. وتغبن الجهة المقصودة.. من خلال معلومات غير متكاملة او غير دقيقة.. او ناقصة.. وتترك الأمور للاستنتاجات والخيال والتخمينات.. وهنا قد يغبن الكثير من الناس.. الذين يجري ذكرهم.. او الحديث عنهم..
وهذا امر ليس سهلاً.. وسط هذه المعمعة من التصريحات والتسجيلات والوثائق.. التي تتشابك عندها الخطوط.. وتتلاقى فيها المعلومات.. وبعضها او الكثير منها احياناً لا يكون دقيقاٌ.. وهنا يمكن ان تضيع او تغبن الحقيقة.. ويغبن معها الكثير من الناس والمناضلين.. او تشوه سمعتهم بهذا القدر او ذاك.. خاصة إذا وصموا او صنفوا في خانة الخونة والمتخاذلين المتعاونين مع أجهزة القمع..
ـ ثانياً: العمل الأمني.. الذي تديره الدولة العراقية.. من مائة عام.. على تشكيل الدولة العراقية.. منذ العهد الملكي المقبور.. لليوم.. بما فيه الوضع الراهن في إقليم كردستان.. من ثلاث عقود ونصف للآن.. لا يخلو من توجهات مؤسسات الدولة لاختراق صفوف المنظمات السياسية في العراق..
وهو عمل لا أخلاقي.. ينبغي ان يتوقف ويدان.. ولا يصب في مصلحة الشعب العراقي.. ويشكل نقطة عار في السياسة العراقية.. كانت نتائجه وخيمة على الجميع.. ودفعنا ثمناً باهضاً لهكذا ممارسات لا أخلاقية مضرة.. بعيدة عن القيم الإنسانية..
والذين يمارسونها اليوم.. هم اسوء وأخطر من الذين مارسوها في العهود السابقة.. بحكم التطور التكنولوجي.. وما يتوفر من إمكانيات للرصد والمراقبة بوسائل حديثة.. غير مرئية.. بغية وهدف التسقيط السياسي والاجتماعي.. الذي أصبح ظاهرة (اجتماعية ـ سياسية) في هذه المرحلة للأسف الشديد..
ـ ثالثاً: من الاجدر بالحزب الشيوعي العراقي ـ رغم وضعه المهلهل ـ انْ يبادر لتشكيل هيئة او مختصة من المهتمين بالشؤون الأمنية.. وما لحق بالحزب من اضرار وتضحيات.. من جراء حالات الاندساس التي تعرض لها.. وان يكون له جهاز اعلامي فعال للرد والمتابعة.. وهو امر ضروري.. لتصحيح ودحض المعلومات الخاطئة.. التي تنال تاريخه.. وعدم التستر على الخونة والمندسين.. وكشفهم بحكم تقادم الزمن.. واعتبارها من عيوب ونواقص العمل السياسي.. الذي ترافق مع كفاحهم وعملهم.. طيلة أكثر من 9 عقود من الزمن..
ـ رابعاً: كان للحزب الشيوعي جهاز أمنى خاص به.. لسنوات طويلة.. أشرف عليه العديد من قادة الحزب.. لم يبرز كفاءة ضد الاختراقات الأمنية.. ومكافحة المتربصين بالحزب الشيوعي.. وتمّ توجيهه للنيل من المناضلين.. الذين كانت لهم آراء وانتقادات لسياسة الحزب.. وممارسات وسلوك البعض من قياداته.. واخطائهم السياسية الفادحة.. التي ساهمت في الإيقاع بهم.. سياسياً وامنياً.. ودفعوا ثمناً غالياً من جرائها.. كما تشهد حالة الحزب الراهنة اليوم.. التي تؤشر لتراجع دوره السياسي والاجتماعي في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ العراق..
ومع هذا فإن الأمر يتطلب من قيادة الحزب الشيوعي العراقي وجهازه الأمني.. ان كان باقياً.. ومعهم الكردستاني اليوم.. موقفاً جدياً من حالات الاختراق الأمني.. التي تعرض لها الحزب الشيوعي العراقي.. خاصة بعد اعتقال عدد من ضباط الامن بينهم..
اللواء المجرم (شاكر طه يحي ـ شاكر الدوري).. مدير الشعبة الأولى لجهاز الامن في العهد البعثي المقبور.. في السليمانية.. وتسليمه للسلطات الأمنية في بغداد.. كما أعلن المتحدث باسم جهاز الامن الوطني.. (أرشد الحاكم) في يناير الماضي والعمل على:
1ـ السعي لكشف كافة حلقات ومفاصل الاندساس.. التي حدثت في الماضي.. من خلال اعترافاته واطلاعه المباشر على تلك الجرائم.. بحكم عمله في الشعبة الأولى لمكافحة الشيوعية في عدة محافظات قبل انتقاله الى مديرية امن بغداد.. وتدوينها وتوثيقها للتاريخ..
2ـ المطالبة بتعويض كافة ضحايا الحزب.. من جراء الاندساس.. وإقامة دعوى خاصة ضده.. للكشف عن تفاصيل جرائم نظام حزب البعث المقبور ضد الشيوعيين..
3ـ عدم التستر على المتعاونين مع أجهزة النظام السابق.. ممن ما زالوا في صفوف الحزب.. او تركوه.. او ممن توفي منهم لأسباب مختلفة.. لكي يأخذ كل شخص حقه المناسب في هذا المجال..

وسوف نتوقف عند:
1ـ معلومات الرائد صلاح الحمداني..
كما اوضحنا.. الرائد صلاح الحمداني.. هو ضابط سابق في أجهزة القمع.. ومقيم في هولندا حالياً.. وهو من النشطين في الكشف عن بعض جرائم البعث.. بعد فلترتها.. وسبق له وان اعد عدة حلقات.. ووضعها على شبكة الانترنيت وفي اليوتيوب بما فيها اخر حلقاته بعنوان (من منبوشات جهاز امن صدام)..
وذكر في البعض منها عدد من حالات الاندساس.. من دون الإفصاح الكامل عن معلوماته.. كما هو الحال مع الشخص.. الذي ذكره كعميل للأمن في موسكو.. منوهاً الى ملامحه.. دون ذكر اسمه.. من العاملين في منظمة الحزب الشيوعي العراقي.. وسلمه رسالة من مدير الامن العام في مطعم.. وتبقى هذه الشهادة في حدود الالغاز والتخمينات..
وكرر هذا الأسلوب في حلقات أخرى.. كما هو الحال مع حلقة الطبيب الشيوعي.. في احدى مدن كردستان ولم يذكره بالاسم.. واثنان من الشيوعيين المندسين.. منوهاً الى: ان المذكورين كما قال: مثلاً في دهوك.. وتحدث بإسهاب مطول عن اختراق تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي.. مضخماً الموضوع وهو يعتمد على ما قاله له زميله الآخر في جهاز الامن مباشرة.. ويبدو لي انه أسلوب مقصود يلجأ له الحمداني في السرد.. لتشتيت السامع والمشاهد..
بينما التدقيق في هذه الحالة.. بحدود معرفتي واطلاعي.. هو مخالف للواقع.. ومعروف لدى المطلعين على سير الاحداث وممارسات أجهزة القمع البعثية.. وما له علاقة بالاختراقات في صفوف الحزب الشيوعي العراقي.. وبقية الفصائل السياسية المعارضة.. لنظام حزب البعث الفاشي.. وسأكتفي بتصحيح المعلومة في هذا الرد لأقول:
إن الشخص المذكور.. كطبيب في احدى مدن كردستان.. وقال عنه مثلا في دهوك.. هو الدكتور الجراح محمد عقراوي.. اختصاص عظام.. خريج اتحاد السوفيتي.. وهو شيوعي سابق.. كان له عيادة في أربيل في حي طيراوه بالقرب من دائرة امن أربيل.. وليس دهوك.. كما ذكر الحمداني..
وكان يعمل معه كمخدر الشاب الشيوعي المعروف (دلشاد خضر شيخاني من أربيل).. الذي أطلعني على بعض التفاصيل عن الطبيب المقصود.. قبل ان ينتقل ـ هذا الطبيب ـ الى الموصل لاحقاً.. وما دار من احداث للتشبيك عليه في عام 1986..
ولم يكن له صلة تنظيمية بالحزب الشيوعي حينها.. والشخصين "المندسين".. اللذان كلفا بالاتصال به.. وحاولا استدراجه للتبرع.. كما سرد حميد عبد الله في تلك الحلقة.. لم يكونا من الشيوعيين.. وليست لهم اية صلة بتنظيمات الحزب الشيوعي العراقي.. لا من بعيد ولا من قريب.. ولا يمكن تسجيلها اطلاقاً ضمن الاختراقات الأمنية لصفوف الحزب الشيوعي العراقي..
بل كانوا من تنظيمات راية الشغيلة.. التي كان يقودها ملا بختيار.. المحسوب على الاتحاد الوطني الكردستاني.. حاولوا جمع تبرعات للمجموعة المنفصلة من التنظيمات المشكلة لهيكلية الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال الطالباني..
والمذكورين في هذه الواقعة لم يكونوا عملاء ولا مندسين.. حسبما ورد في حديث الرائد صباح الحمداني.. منوهاً إليهم من دون الأسماء لتمرير اتهامه لهم بالعمالة.. وهم كل من:
1ـ آسو ابن الشهيد احمد الحلاق.. الذي كان من ضمن المجموعة.. التي شكلت القيادة المركزية المنشقة عن الحزب الشيوعي العراقي بقيادة عزيز الحاج..
2ـ جبار رش شخص.. حكم عليه بالإعدام.. شمله العفو لاحقاً.. وهو الان مقيم في المانيا..
وبعدما اوشى بهم الطبيب المذكور بسبب الخوف.. تم وضع كمين لهم في عيادة الدكتور نفسه.. بإشراف الرائد مدحت من مديرية امن أربيل.. ولم يكن مع الاثنين الاّ مسدساً واحداً فقط.. وجرى السيطرة عليهم عند محاولتهم الخروج من العيادة.. وتمّ اعتقالهم واخذهم للأمن.. وحكموا بالإعدام.. وشملهم العفو لاحقاً..
ولو كانوا مندسين كما ذكر الحمداني.. لكانوا قد كرموا من قبل أجهزة الامن والقمع البعثية.. كما هو متعارف عليه مع المجرمين والقتلة.. الذين كان يستوعبهم جهاز الامن الفاشي في العراق في حينها..
أما العميل ممو.. الذي ذكره الرائد صباح الحمداني.. استناداً الى مكالمة زميله ضابط الامن.. الذي اعتمد على معلوماته في هذه الحلقة.. فلم يكن له علاقة بهذا الموضوع.. ولم يكن للدكتور محمد عقراوي أية صلة.. او علاقة.. بجرائم العميل (ممو.. مامند إسماعيل) ايضاً..
الذي بدأت أولى جرائمه للإيقاع بالشيوعيين عام 1984.. مع عملية للأنصار الشيوعيين داخل أربيل.. كان ينوي تنفيذها النصيرين الملازم آرام ورفيقه داود.. وتم الإبلاغ عنهم من قبل العميل ممو.. وجرى تطويقهم في لحظة التنفيذ.. وبدأ إطلاق النار عليهم.. واستشهد حينها الملازم ارام.. وتمكن رفيقه داود وهو شقيق جتو.. من الانسحاب والاختفاء داخل أربيل.. وتم اسعافه ونقله الى منطقة آمنة.. بمساعدة المناضل داود.. الذي استشهد لاحقاً هو الآخر.. ضمن المجموعة التي أوقع بها العميل ممو داخل أربيل والمكونة من 12 رفيق ونصير بعد تخديرهم.. ولمن يرغب في المزيد من التفاصيل بإمكانه مراجعة حلقات شه مال عادل سليم التفصيلية التي نشرها في موقعين الكترونيين مهمين في الانترنيت.. هما موقع الحوار المتمدن والناس..
2ـ معلومات وحلقات الدكتور حميد عبد الله..
اما بخصوص الحلقات التي يقدمها الدكتور (حميد عبد الله) في لقاءاته المهمة من خلال حلقات (شهادات للتاريخ) وتلك الأيام.. رغم محاولاته للتدقيق وضبط المعلومة كمؤرخ ومحاور إعلامي مهني.. يسعى للكشف عن الحقائق.. الاّ أن المواضيع الشائكة والمعقدة.. واسرار البعض من الحوادث.. المتعلقة بالاندساس والعمل المزدوج.. وما يسرده محاوره من معلومات.. تعتمد على الذاكرة والتخمينات احياناً.. بعد مرور عقود من الزمن عليها.. فتختلط الأوراق والحوادث عندهم.. ويبقون يسردون معلوماتهم كحقائق مسلم بها.. ولهم عذرهم.. بحكم ملابسات بعضها.. فإنها هي الأخرى تحتاج لوقفة وتصحيح.. وسأتوقف عند الحالات التالية للتدقيق والتصويب:
ـ أولا.. بخصوص بيت توما توماس.. المكشوف للأمن في الموصل عام 1982.. اود انْ أوضح: انّ الراحل توما توماس.. لم يكن له أي بيت في الموصل في يوم ما.. اما الحديث عن السكن الذي تواجد فيه الفقيد توما توماس في الموصل.. فكان مع بدايات اعلان الجبهة بين حزب البعث والحزب الشيوعي العراقي بداية السبعينات.. حينما انتقل الحزب الشيوعي للعمل العلني في عموم العراق والموصل ايضاً..
وكانت الدار التي.. سكن فيها توما توماس.. في موصل الجديدة.. بالقرب من دورة عبو اليسي.. مقابل الكنيسة.. قد استأجرها (أبو عمشة ـ حسين كنجي) من صاحبها المتواجد في بغداد.. وسكنها توما توماس مع أبو عمشة و (يوخنا أبو غائب) من سرسنك.. وكنت متواجداً معهم في نفس البيت لفترة أكثر من سنة.. ولم أرى أحداً يتردد عليهم في فترة وجودهم فيها.. ولم يزورهم أي شخص.. حتى اقربائهم.. بمن فيهم أولاد وبنات توما توماس.. ما عدا الصغير صلاح.. وهكذا الحال مع أبو عمشة ويوخنا حيث لم يتردد عليهم أحد من أقاربهم ولو بالخطأ مرة..
كذلك لم يجري استقبال أي شيوعي في هذه الدار.. بالرغم من انها كانت في فترة العمل العلني.. وحتى في توزيع البريد والمراسلات كان لـ توما توماس سيارة مسكوفيج حمراء اللون.. أحياناً يطلب مني ان ارافقه.. ويقف امام دار معينة ويقول لي: اذهب وسلم الرسالة او الرزمة الى من يفتح الباب لك في هذا البيت.. وعلمت لاحقاً ان أبو عامل كان في أحد هذه الدور..
لهذا لا قيمة للمعلومة الأمنية.. التي جرى الحديث عنها بوجود بيت مكشوف لأجهزة الامن في الموصل.. يسكنها توما توماس.. في تلك المرحلة العلنية من العمل السياسي..
ـ ثانيا.. بخصوص الحلقات التي اجراها مع المناضل سبهان ملا جياد.. وما ورد فيها من معلومات واشارات الى وجود حالة تعاون أمنى لاحد الشيوعيين في الموصل.. واعتبرها سبباً في الإيقاع به وبزوجته المناضلة ذكرى.. حينما جرى اعتقالهم في القطار.. من قبل مجموعة ضباط متكونة من أربعة اشخاص.. وهم نفس المجموعة من الضباط التي القت القبض على الفقيد (اونير بطرس ـ عامل) بعد تخديره في القوش.. بحكم خيانة (سالم عيسى.. أو ممو القوش) وهو شخص آخر ليس له علاقة بخيانة ممو أربيل ومجرد تشابه أسماء حركية..
وكان عامل قد استلم تنظيم الموصل.. الذي كان شبكة خطوط فردية مني مباشرة.. بعد وصول لبيد عباوي وتكليفه بقيادة المحلية بعد المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي العراقي وانتقال لجنة اقليم كردستان الى كافيا ومراني مراني.. الذي (لبيد عباوي) أجرى تغييرات هيكلية في التنظيم.. وكلف عامل بقيادة تنظيم الموصل أيضا..ً بالإضافة الى منظمة القوش المخترقة.. وكان العميل ممو يلازم عامل كظله ويرافقه في كافة تحركاته واتصالاته بما فيها مهماته داخل القوش.. وتوجه عامل بتوجيه من لبيد عباوي سكرتير المحلية الجديد.. الى دمج الخطوط الحزبية الفردية وتشكيل لجان في الموصل..
ومن هذه الصلة والتنسيق المشترك.. بين عامل و(سبهان ملا جياد ـ أبو مناف) في العمل.. تكمن العميل ممو من معرفة البعض من خطوط الموصل.. وعلم بنزول أبو مناف الى المدينة.. وهنا بالذات تكمن بداية المشكلة.. وبداية الكشف.. بالنسبة لسبهان.. وتحديد لحظة اعتقاله بعد فترة مراقبة ومتابعة دقيقة لتحركاته واتصالاته التلفونية المسجلة.. التي كان يجري التنصت عليها لفترة ليست قصيرة في الموصل وخارجها حينما كانت المناضلة ذكرى زوجته تذهب الى بغداد وبقية الأماكن وتلتقي باهلها.. كما ورد في تفاصيل حديثة في الحلقات الثلاث التي سجلها له الدكتور حميد عبد الله حينما كان يعمل في قناة البغدادية الفضائية..
ولفت انتباهي ما قاله سبهان في الحلقات التي سجلها له حميد عبدا لله: (ان مسؤوله وهنا يقصد عامل باعتباره عضو مكتب محلية نينوى قال له: إذا تشك بيّ شك بـ ممو).. وهي نفس العبارة التي سمعناها من عامل.. انا وأبو شوارب (خليل سنجاري) حينما نبهنا الى عمالة ممو وضرورة اعتقاله في رسالة الى مكتب المحلية.. حينما جاءنا الرد غير المقبول باسم مكتب المحلية وكان يحوي عبارة (نشك بالذي يشك بممو).. وكانت نتيجتها رد قاسي مني لعامل وقيادة المحلية.. بحضور أبو سربست والدكتور كسر محذراً عامل من ممو (عامل انتبه لنفسك.. إذا بقيت متمسكاً بـ ممو ومدافعاً عنه.. ستدفع الثمن غالياً.. سيسلمك ممو حياً للأمن).. وللأسف لم يتعظ.. وكانت النتيجة المؤلمة.. بعد اقل من شهرين على هذا التحذير.. الذي ترافق مع شتيمة.. لا اود الإفصاح عنها وتثبيتها احتراماً لذكرى عامل.. تمكن العميل ممو من تخديره داخل مدينة القوش.. وجرى تسليمه لأربعة ضباط من مديرية امن الموصل.. قدموا لأخذ عامل مخدراً.. وكانت نهاية هذا المناضل البطل.. الموت تحت التعذيب..
والادهى من كل هذا هو "اضطرار" سبهان لإجراء عملية جراحية في مستشفى الموصل.. زاره فيها عامل في المستشفى.. وتم ّالتبرع بدم له اثناء العملية.. وتبين لاحقاً انّ المتبرع بالدم.. هو ضابط امن مكلف بمتابعته.. كان يراقبه عن قرب داخل المستشفى..
وهذا ما اوضحته للعزيز أبو مناف بعد بث الحلقات.. وارسلته الى الدكتور (حميد عبد الله) عن طريق صديقنا المشترك.. (محمد السعدي ـ لطيف) الذي كان قد تعرض هو الآخر للاعتقال والسجن..

ـ ثالثاً
خلاصة الموضوع.. ان التصدي لتوثيق الاندساس والاختراقات الأمنية.. والسعي للكشف عن المندسين والعملاء.. يحتاج الى التدقيق والتروي.. ومعرفة ملابسات وتعقيدات حالات الاختراق.. بالقدر الممكن.. وفقاً للوثائق والمعلومات المؤكدة.. مع الإشارة الى انّ البعض من حالات العمل مع أجهزة الدولة.. كان توجهاً ومخططاً له من قبل الحزب الشيوعي.. والمكلفين بإدارة عمله الأمني..
وهناك في الجهة الأخرى.. الكثير مما يمكن أن يقال.. عن بقية الصفحات المغيبة.. والحقائق المطمورة في مجال الاختراقات والعمل المزدوج.. التي لمْ يجري الحديث عنها أو التطرق اليها.. والكثير ممن تعاونوا ورفدوا الحزب الشيوعي العراقي ومنظماته.. بالمعلومات الدقيقة.. وكشفوا مخططات السلطة وأجهزتها القمعية في أصعب الظروف..
واعرف بشكل تفصيلي ودقيق.. ما لا يقل عن أربعة او خمس حالات.. احداها في مفصل قيادي لمديرية امن بغداد.. وثلاث حالات بين ضباط ومراتب في مديرية امن نينوى.. وأخرى في مديرية امن دهوك.. من بين رجال وعناصر هذه الأجهزة.. الذين تعانوا معنا.. ورفدونا بالمعلومات الدقيقة.. وساعدونا في الكشف عن حالات الاندساس والعمالة.. التي اخذنا نتعامل معهم من خلال بريد كاذب ومموه.. لا يتعدى النشريات والاخبار العامة لفترة طويلة.. ولم يجري كشف هذه الصلات المهمة.. وبقيت تتواصل مع حلقات الارتباط الخاصة بها.. لغاية مغادرتي العراق عام 1996.. والبعض منهم احياء.. وحتماً سيقرأون هذه الاسطر وأقول لهم:
لم ننساكم.. كنتم ابطال حقيقيين خلف الكواليس.. اعتزازنا بكم لا حدود له.. وكان لكم دور مشرف في الكشف عن الكثير من حالات الاندساس والخيانة.. وبعض منكم ما زال حياً.. وبإمكانه الإفصاح عن جزء مما قدمه من معلومات مهمة للحزب الشيوعي والمعارضة.. رغم قسوة تلك الأيام.. وما كان يحدق به من مخاطر..
كما كان في ذات الوقت محاولات ناجحة لاختراق أجهزة الدولة القمعية ومؤسساتها الأمنية.. من قبل مناضلين عملوا بشرف ونكران ذات.. وحققوا نجاحات.. لا يمكن الاستهانة بها.. سيأتي اليوم والوقت المناسب للحديث عنها..
شكراً لكل من يدقق ويصحح بالمعلومات.. ان ورد في هذه الاسطر نقصاً او خطأ غير مقصود..
ــــــــــــــــــــــــــ
14 نيسان 2025