- أعيد فتح بوّابات الفظائع . غزّة حقل قتل - – ترامب و نتنياهو يلتقيان و يعيدان تأكيد نظرتهما إلى غزّة : إبادة


شادي الشماوي
2025 / 4 / 15 - 22:49     

جريدة " الثورة " عدد 901 ، 14 أفريل 2025
www.revcom.us

" مع إنحسار المساعدات الإغاثيّة ، أعيد فتح بوّابات الفظائع . غزّة حقل قتل – المدنيّون أهداف حقل قتل لا نهاية له ".
هكذا وصف الأمين العام للأمم المتّحدة الوضع في غزّة حيث الفلسطينيّون رجالا و نساء و الأطفال يقع إغراقهم بصورة أعمق فأعمق في جحيم إبادة جماعيّة تنفّها إسرائيل و الولايات المتّحدة .
إسرائيل تقتل المدنيّين من الجوّ و الأرض . وهي تفرض الجوع و العطش و الأمراض بمنع ما يحتاجه الفلسطينيّون و الفلسطينيّات بشكل ملحّ من غذاء و ماء و دواء و سلع لازمة أخرى . و الولايات المتّحدة تدعم كلّ هذا بالقنابل و المال و الكلمات و غير ذلك كثير .
و ما من شيء من هذا عشوائي . ومثلما كتبنا فى الأسبوع الفارط ، تطلق إسرائيل العنان مرحلة أكثر إجراما و وحشيّة لإبادتها الجامعيّة في غزّة . و قد سرّع ترامب و وزير الأوّل لإسرائيل نتنياهو وتيرة الإبادة الجماعيّة لماّ إلتقيا في الأسبوع الفارط و أكّد كلاهما مساندتهما لرؤية ترامب لغزّة مفرّغة من الفلسطينيّين و الفلسطينيّات .
" أعتقد أنّها قطعة لا تصدّق من العقّارات الهامة " ن قال ترامب عن غزّة ، " و أعتقد أنّه شيء سنشترك فيه ... التحكّم في قطاع غزّة و إمتلاكه ". و قد صفّق نتنياهو لترامب ل " رؤيته الجريئة ... نحن نشتغل على ذلك ".
بالفعل يشتغلون على ذلك . ففي الأسبوع الفارط سرّعت إسرائيل تهجيرها الإجباري لمئات الآلاف و وضع يدها على تقريبا نصف غزّة على أنّه " منطقة أمنيّة " .
" الغزو ، الترحيل ، الإستيطان " بهذا وصف أحد المحلّلين إستراتيجيا إسرائيل .
مذابح من السماء ، و مناطق قتل من الأرض :
من العسير متابعة الإحصائيّات اليوميّة للناس الذين يقع قتلهم : 56 يوم الإثنين 7 أفريل 2025 ؛ 58 يوم الثلاثاء . و يوم الأربعاء ، تسبّب هجوم صاروخي إسرائيلي على أحياء مدينة من مدن غزّة ، الشجاعيّة ، في قتل ما لا يقلّ عن 35 شخصا و جرح 55 . حوالي 80 آخرين علقوا تحت الأنقاض . و ذُبح الأطفال و تمزّقت أجساد بعضهم إلى أشلاء . و يوم الجمعة ، جاء في تقرير أنّ 10 أشخاص قُتلوا في الجنوب منهم 7 أطفال ، و إثنان آخران في الشمال . إجمالا ، ورد في تقارير أنّ إسرائيل نفّذت هجمات على 370 هدفا في الأسبوع الماضي ضمن عملّياتها الإجراميّة .
و وثّقت الأمم المتّحدة 224 هجوما إسرائيليّا على مبانى سكنيّة و خيام يقطن بها المهجّرون من ديارهم و ذلك بين 18 مارس و 19 أفريل . " عموما نسبة كبيرة من الوفايات من الأطفال و النساء " ، هذا ما إكتشفوه . و في 36 مناسبة القتلى هم أطفال و نساء فقط .
إسرائيل لا تقصف بالقنابل المباني السكنيّة فحسب فهي تستهدف كذلك المستشفيات و المدارس و المعاهد إلى أين يضطرّ الناس الهاربين من القنابل إلى اللجوء – أو من أوامر إسرائيل بالإخلاء .
و ورد في تقارير لمنظّمة الصحّة العالميّة أنّ 33 مستشفى من مستشفيات غزّة تعرّضوا لهجمات منذ أن بدأت إسرائيل مذابحها في أكتوبر 2023 . و فقط 21 من هذه المستشفيات ظلّت عمليّة . و كشف بحث أجراه فريق عمل تابع للتعليم أن " 88 بالمائة من المدارس و المعاهد في غزّة ( 499 من 564 ) تعرّضت لضربات مباشرة أثناء الحرب و ... 62 بالمائة من المباني المدرسيّة إستخدمت كملاجئ للمهجّرين تعرّضت هي الأخرى لضربات مباشرة . "
منذ كسرت إسرائيل إتّفاق إيقاف إطلاق النار مع حماس في 8 مارس ، 1.542 فلسكيني و فلسطينية قُتِلوا في غزّة ، و جُرح 3.940 . و قد دقّت الأمم المتّحدة ناقوس الخطر الرهيب : الهجمات الإسرائيليّة تقتل الآن أو تجرح " مائة طفل في اليوم الواحد ".
" أقسم بالله ، إن لم نكن نموت من الضربات الجوّية ، سنموت من الجوع ". هذا ما أعربت عنه امرأة في غزّة . " لسنا في أمان . أيّها العالم بأكمله ، إستمع إلينا ، لسنا في أمان . نتحرّك من مطبخ جماعي إلى آخر تحت الخطر . و أقسم بالله ، إنّهم يضربون في كلّ الأماكن . إذا لم أمت جرّاء هذه الضربات، سأموت من الجوع مع أطفالي . ما الذى علينا فعله ؟ إلى أين علينا المضيّ ؟ أنظروا إلينا . جدوا حلاّ . لقد ظللنا نعيش هذا العذاب لمدّة سنة و نصف السنة . لقد تعبنا . "
أصبحت غزّة فخّا قاتلا :
تقترف إسرائيل جرائم حرب بإرتكاب مجازر في حقّ المدنيّين و جرائم حرب بمنع المساعدات الإغاثيّة لإنقاذ حياة 2.1 مليون فلسطيني و فلسطينيّة أجبرتهم إسرائيل على التعويل على تلك المساعدات. لكن الآن ، الغذاء و الدواء و الماء و الوقود و لوازم الملاجئ ، و التجهيزات الحيويّة كلّها تتكدّس على الحدود – لا تبرح مكانها .
و هناك نقص حاد في الخيام و الوقود . و ترفض القوّات الإسرائيليّة أن تصلح بسرعة أنابيب المياه التي تزوّد حوالي 70 بالمائة من إستهلاك غزّة . و يقع إيقاف اللوازم الطبّية ، و الآن 600 ألف طفل فلسطيني في خطر التعرّض لعدوى فيروس شلل الأطفال – البوليو – و الشلل الدائم لأنّ إسرائيل ترفض دخول تلقيح البوليو إلى غزّة .
و يبقى معظم الفلسطينيّين في غزّة على قيد الحياة بوجبة واحدة في اليوم ، وهو ما لا يقدّم الحريرات الكافية و المواد المغذّية الأساسيّة . و جاء في تقرير الأمم المتّحدة أنّ 60 ألف طفل يتعرّضون لخطر سوء التغذية ، مع أناس مُجبرون على أكل علف الحيوانات مع نفاذ ما لدي المطاعم الجماعيّة .
ماذا يفعل هذا إلى الأطفال ؟ الدكتور فيروز سيضوا ، طبيب أمريكي تطوّع للعمل بغزّة قال لجريدة هاأرتس [ الإسرائيليّة] أنّ كلّ الذين إلتقاهم يعانون من سوء التغذية ، تنقصهم خاصة البروتينات ، لكن هذا خطير بوجه خاص بالنسبة إلى الأطفال:
" يحتاج الأطفال إلى البروتينات لتطوير مخّهم و حماية أنفسهم من الإصابات بالعدوى و لإنتاج الأجسام المضادة . و دون بروتينات ، تتقلّص العضلات و هذا ما نشاهده ." و قال سيضوا إنّه قد أجرى عمليّة جراحيّة لطفل عمره 16 سنة بالكاد كان يملك عضلات .، رغم أنّه حسب أوليائه ، كان ناشطا جدّا و كان عاد ما يلعب كرة القدم . هذا لم يتسبّب فيه سوى نقص في البروتينات . "
نهاية رفح ؟ إسرائيل تهجّر بالقوّة ما يقارب 400 ألف ، و تستولى على نصف غزّة :
رفح مدينة كبرى جنوب غزّة . كانت بوّابة العبور إلى مصر و كان يقطنها بين 200 و 250 ألف فلسطيني و فلسطينيّة . و في نهاية مارس ، أمرت إسرائيل جميع السكّان بإخلاء المكان . و في الأسبوع الماضي ، أعلنت إسرائيل أنّها تتولّى التحكّم في رفح و تحوّلها إلى جزء من " منطقة عازلة " أمنيّة . سواء كانت إسرائيل ستسوّى المدينة بالأرض تماما ، كما فعلت ب " المناطق العازلة " الأخرى التي أنشأتها ، أم لا ، غير معلوم .
و هذا بحدّ ذاته جريمة فظيعة ضد الشعب الفلسطيني . " التهجير المستمرّ للسكّان المدنيّين ضمن الأراضي المحتلّة يعادل النقل الإجباري ، و هذا دوس خطير لإتّفاقيّات جينيف الرابعة و جريمة ضد الإنسانيّة وفق قوانين معاهدة روما " هذا ما أدلى به مكتب المستشار السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتّحدة ، هذا الأسبوع .
تمثّل رفح و المناطق المحيطة بها بالكاد 20 بالمائة من غزّة . و فضلا عن ذلك ، أوجدت إسرائيل " ممرّا آمنا " جديدا بين رفح و خان يونس إلى الشمال الذى يسمّونه " ممرّ موراغ " . و يعود هذا الإسم إلى مستوطنة إسرائيليّة سابقة في غزّة ما يعنى نيّتهم الواضحة في الإستيلاء على غزّة و جعلها مكانا يعيش فيه الإسرائيليّون . و هذه المناطق ، إلى جانب ممرّ فيلادلفيا على حدود غزّة مع مصر و بعرض تقريبا ميلا ل " المنطقة العازلة " التي أنشأتها إسرائيل على طول حدودها داخل غزّة ، تساوى نصف مجمل مساحة غزّة التي إستولى عليها الجيش الإسرائيلي و طرد منها الفلسطينيّين والفلسطينيّات بالقوّة .
و منذ أواسط مارس ، أصدرت إسرائيل 21 أمرا للفلسطينيّين و الفلسطينيّات بإجلاء ديارهم و مدنهم أو مواجهة الموت على يد الجيش الإسرائيلي و ذلك لخلق هذه " المناطق الأمنيّة " .
هذا تطهير عرقي : يتمّ التطهير العرقي للمزيد و المزيد من الفلسطينيّين من المزيد و المزيد من الأراضي ، و تفكيك السكّان الفلسطينيّين إلى مجموعات أصغر فأصغر في مناطق منفصلة عن بعضها البعض ، و توفير السيطرة الكاملة لإسرائيل على غزّة . يمكن لإسرائيل أن تدعو هذا " هجرة طوعيّة " لكن لا وجود لشيء طوعي عندما تكون البندقيّة مصوّبة نحو رأسك، و لليس لديك مكان تعيش فيه و يكون أطفالك يتعرّضون للجوع .
" لقد قامت إسرائيل بشيء لا يصدّق حقّا – تمكّنت إسرائيل من تحويل اليهود إلى نازيّين ! " – بوب أفاكيان
بينما تكرّر إسرائيل كذبة أنّها " تستهدف حماس " ، من الجليّ أنّ أهدافها هي كامل الشعب الفلسطيني . في تقرير لعين صادر عن منظّمة إسرائيليّة من القدامى ضد الاحتلال الإسرائيلي للضفّة الغربيّة و غزّة ، كاسرين الصمت ، تحدّث الجنود بصراحة عن المنطق الإبادي الجماعي للمذابح في غزّة طوال السنة و نصف السنة الماضيين .
و يركّز التقرير على التطهير المنهجي ل " الحافة " حول حدود غزّة حيث أنشأ الجنود " منطقة قاتلة " لم يكن الفلسطينيّون يعلمون بها حتّى . و عندما كان يُطرح أثناء لقاءات التوصيات سؤال هل من حديث عن المدنيّين الذين يمكن أن يكونوا في المنطقة ؟ " أجاب جنديّ ، " لا وجود لسكّان مدنيّين . إنّهم إرهابيّون ، جميعهم . " و يشمل هذا الأطفال و الرضّع و الشيوخ – جميعهم أهداف للمذبحة .
و كذلك ، عند نقاش التدمير الواسع النطاق الذى قام به الجيش الإسرائيلي ، حصل هذا الحوار الباعث للقشعريرة في الجسد:
الجندي : ما معنى تدمير بناية ؟... تتقدّم الجرّافة و تحطّم و تجرف كلّ ما يوجد في طريقها . هذا شيء عادي أو شيء يتمّ الإعداد له . تذهب إلى مكان ما ، هذا هو التبرير . أساسا ، يتمّ تدمير كلّ شيء ، كلّ شيء .
المحاور : ما هو " كلّ شيء " ؟
الجندي : كلّ شيء يعنى كلّ شيء . كلّ ما تمّ بناؤه .
المحاور : البساتين ؟
الجندي : أجل .
المحاور : حضائر البقر و أقنان الدجاج ؟
الجندي : أجل ، أجل .
المحاور : كلّ بناية و كلّ هيكلة ؟
الجندي : كلّ بناية و كلّ هيكلة . كلّ شيء .
المحاور : كيف تبدو المنطقة بعد ذلك ؟
الجندي : هيروشيما . هذا ما أقوله ، هيروشيما .

إنّ الإبادة الجماعيّة الإثنيّة للشعب الفلسطيني من غزّة جريمة ساطعة – جريمة كلّ إنسان حول العالم ، و خاصة في الولايات المتّحدة – مسؤول عن فضحها و التعبأة الجماهيريّة ضدّها لوضع حدّ لها .