مجازر الساحل السوري هي بروفا للسيناريو الدموي القادم
مهران موشيخ
2025 / 4 / 11 - 18:47
مجازر الساحل السوري هي
بروفا للسيناريو الدموي القادم
د.مهران موشيخ
النمسا
المجازر الدموية الشنيعة التي حدثت في الساحل السوري والتي ادت الى اقصاء حياة مئات المدنيين الابرياء الى جانب مئات اخرى من المسلحين كانت متوقعة وكان حدوثها ان اجلا او عاجلا امرا حتميا، لان هذه المذابح الدموية الوحشية والتي مارستها جميع الاطراف المساهمة في هذه التصفيات العرقية الجنونية قد خطط لها مسبقا من الخارج قبل سقوط نظام عائلة الاسد. ان الغاية من هذا العمل الاجرامي كان تأسيس بؤرة لانطلاقة لاحقة لمسلسل ارهاب طائفي اثني و ديني في سوريا على غرار ما حدث في العراق بعد اسقاط الصنم - صدام . ان الدولة العميقة لسادة القوم في العراق وسوريا، كانت ولا زالت هي واحدة، والسيناريو الذي جرى اعداده من قبل الاطراف الخارجية (اسرائيل وامريكا وتركيا والسعودية والقطروبمصادقة روسيا ) لازاحة نظام بشار وتنصيب الجولاني/احمد الشرع رئيسا، كان نسخة مطابقة للسيناريو الذي طبق عند غزوالعراق. حيث تم نصب حفنة من العملاء والماجورين يقومون بدور ادارة امور البلاد عبر تطبيق املائات الدولة العميقة .
منذ اليوم الاول لغزو العراق جلبت قوات الاحتلال معها جائحة الفتنة الطائفية والقتل على الهوية والحرب الاهلية والعمل مستمر على تدمير البلاد على مختلف الاصعدة الى يومنا هذا رغم مرور 21 عاما على اسقاط نظام المقبور. الدولة العميقة المعنية نفسها قد خططت ايضا لسوريا مسارا ومستقبلا لا يختلف عن مسار العراق البائس منذ الاحتلال بل وستكون اكثر قسوة في الحالة السورية بسبب الحدود المشتركة مع اسرائيل ومن جهة اخرى بسبب غياب الشبه التام لمفهوم الدولة السورية في الوقت الحالي. سوريا ما بعد بشار عاجزة تماما عن حماية حدودها سواء من الاعتدائات الاسرائيلية والتركية اومن لبنان والميليشيات العراقية وكذلك من فصائل المعارضة المسلحة المحلية من بعثيي بشار وغيرهم
النجاح الباهر لمخطط غزو العراق واحتلاله نجم عنه توسيع وتعميق وتكريس الهيمنة الامريكية وحليفتها اسرائيل في ارساء قواعد عسكرية برية وبحرية وجوية للتحالف الدولي تحت مظلة امريكية. وفي نفس السياق جاء اسقاط نظام العلويين في دمشق وطرد ايران وميليشياتها من سوريا وازاحة روسيا منها لاستكمال المخطط الستراتيجي الذي يهدف الى الهيمنة الاسرائيلية - الامريكية التامة سياسيا وعسكريا على الدول العربية المجاورة لاسرائيل لضمان امنه واستقراره بشكل تام ونهائي
انا اكاد ان اجزم، بان " الطوفان الاقصى" وهجوم حماس الوحشي الشنيع على المدنيين الشباب في ذروة احتفالاتهم الليلية لم يكن حدثا مفاجئا لا لاسرائيل ولا لحليفتها امريكا. ان مسارحرب الابادة الجماعية الدموية التي شنتها اسرائيل على الفلسطينيين في غزة والقطاع ثم على حزب الله في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية في بيروت ومن ثم تفرغها الى اقصاء بشارقبل الانتقال الى تصفية الوجود الايراني في اليمن والخاتمة ستكون حتما في العراق، كان قد جرى التخطيط والاعداد لهل وتحديد ساعة الصفربالتزامن مع انطلاقة " الطوفان الاقصى". الدولة الصهيونية العميقة لم تتفاجئ بالحدث اطلاقا وانما باشر نتنياهو يدا بيد مع الادارة الامريكية ( بايدن + ترامب) بتنفيذ الهجوم المضاد وفق خارطة طريق رسمت في واشنطن منذ سنين من قبل جنرالات البنتاغون والموساد. "الطوفان الاقصى" إذن كان بمثابة الضوء الاخضرللانطلاق في البدء بتنفيذ مشروع الشرق والاوسط الجديد، واصبح اهم حدث في التاريخ المعاصر لليهود بعد وعد بلفور
اول حدث امني - سياسي الذي استقطب اهتمام ومخاوف جميع شرائح الشعب بعيد اسقاط نظام بشارهو قيام الدولة العميقة تسليم السلطة الى الجوراني/احمد الشرع هي المجزرة الدموية الشنيعة في الساحل السوري. هذه المذبحة البشرية المغولية جاءت ايذانا بانطلاق الفتنة والكره والحقد والثار الطائفي النتن، المجزرة اطلقت العنان لاستباحة دم الفصيل الطائفي المغاير، علويا كان ام سنيا. الاعدامات الجماعية ومذابح الساحل السوري كان بمثابة " بروفا " دموية لسيناريوهات قادمة ستشمل ايضا بقية اطياف المجتمع ان آجلا ام عاجلا . هذه المجزرة الدموية كانت منتظرة بنظرالمراقبين السياسيين، لان الدولة العميقة تعتاش على حالة انهيار السلم المجتمعي لذلك تبذل قصارى جهدها في ارباك وانتهاك امن المجتمع السوري عبرالسماح بسيادة السلاح المنفلت واشاعة الكراهية والاحقاد بين ابناء البلد الواحد، وهذه الورقة الدينية - الطائفية هي ورقة رابحة اثبتت فاعليتها بامتياز في العراق على امتداد 20عاما.
نحن نجد ان احداث الساحل السوري انفجرت بشكل مبكر جدا ، اذ كان من المفترض ان تحدث بعد مرور سنة على الاقل ، اي بعد ان تستقر الامور نسبيا وتتشكل مؤسسات الدولة الحكومية والمدنية والعسكرية والقضائية وبعد ان تنكشف مسار الحكومة الجديدة وسلبيتها او افضليتها عن نظام الطاغية الساقط. يبدو ان التوقيت المبكر لتفجير المجزرة جاء اظطراريا لاسباب تتعلق بالوضع العام في دول الجوار السوري، لهذا من الصعب التكهن هل اشعال فتيل الطائفية الان كان قرارا عفويا متسرعا ام انه كان مقصودا في هذا الوقت تحديدا، في كلا الحالتين كان الغرض من المجزرة هو الاعلان الغير المباشرعن وجود مجاميع متعددة مسلحة معارضة لمسلحي نظام الجولاني/الشرع وكشف اوراق الاطراف المتصارعة للرائ العام المحلي والاقليمي. نحن نعتقد ان المعارك الطائفية والاثنية في الساحل السوري جاءت في هذا الوقت تحديدا لحرف الانظارعن استمرار اسرائيل في سياستها التوسعيه تجاه سوريا وتوسيع رقعة احتلالها تدريجيا لقرى سورية جديدة، ومن جهة اخرى مذابح الساحل السوري اسدل الستارعن النشاطات العسكرية المستمرة لتركيا في توسيع وتعزيز تواجدها العسكري في سوريا. ان صراع الاخوة الاعداء، تركيا واسرائيل، هو ركض ماراثوني لاستقطاع واحتلال افضل قطعة ستراتيجية من كعكة سوريا بعيدا عن الانوار الكاشفة وبدون تغطية اعلامية .
ان التسونامي وحمام الدم الذي دام ثلاثة ايام متتالية في الساحل السوري لم تكن وليدة الساعة، فالاعيرة النارية لم تسقط من السماء كالنيزك ولم تحترق المساكن على روؤس ساكنيها بسبب تماس كهربائي كلا والف كلا.
نحن مقتنعون من ان الاصطدامات المسلحة والاعدامات الميدانية وكل ما رافقها من جرائم كان قد تم التخطيط لها بمهارة ودقة من قبل اسياد الحكام الحاليين لسوريا، بعد ان قامت اسرائيل و امريكا والاتحاد الاوربي وتركيا والسعودية" منح سلطة الطاغية الهارب لوريثه الشرعي"
الجولاني/الشرع على صحن من ذهب صنع في تركيا.
دور الاعلام العربي في تغطية مجازر الساحل السوري
لقد جرى التركيزالاعلامي المكثف بشكل فآق مهنية وحرفية الاعلام المستقل في كشف خفايا سجن صندنايا وكأن مجازر وخطايا وجرائم القتل على الهوية كان يتحملها بشار وحده شخصيا، وليست منظومة حزبية - استخباراتية عسكرية وامنية في نسيج فاشي صارم يديرها جهاز اعلامي قدير متمرس، الى جانب "مساعدات" الجناح العسكري المسلح لميليشيات ايران السورية واللبنانية والعراقية
الاعلام الموجه سلط الاضواء الكاشفة على مسالة صناعة المواد المخدرة في سوريا والمتاجرة بها وتصديرها الى كل انحاء العالم بشكل مبالغ فيها، لدرجة انها كادت ان تقول من ان سوريا هي التي كانت تجهز افغانستان وكولومبيا بالعقاقير وان سوريا الاسد "الابن" هي التي كانت تتحكم بالمافيا الدولية للتجارة بالمخدرات
.
الاعلام التزم جانب الصمت المحكم بخصوص الممارسات الدموية للاسدين الاب والابن ضد شعبهما على امتداد 50 سنة في حين لم يطلق نظام الانبطاحيين "الأب والإبن" ولو طلقة مطاطية واحدة على اسرائيل، ولهذا السبب تحديدا سعى الاعلام الى حرف انظار المشاهدين ومسامعهم عن كل ما يخطر ببال السوريين الوطنيين حول موقف حكومة الجولاني/الشرع من مسالة استرجاع الاراضي المغتصبة وتطبيع العلاقات مع اسرائيل، ولا الى موقف الجولاني/ الشرع من مطالبة بوتين وغيره من رؤساء الدول بتسليم بشار وكبارجنرالات القصر الفآرين الى الحكومة الجديدة لاحالتهم الى القضاء واسترجاع المليارات التي سرقوها وقاموا بتهريبها الى الخارج.
الاعلام العربي قد اطفاء الانوارفي هذه الفترة عن تغطية مأسآة ملايين الفلسطينيين في غزة، وطمست معاناتهم اليومية في سجل المنسيين وحولت الانظار الى فاجعة حرب الجنون في السودان. يا لبؤس شعب فلسطين الذي تنصلت عنه الان ليس فقط ايران وانما كل الدول العربية .بالمطلق بعد ان انتفت الحاجة الى المتاجرة باسمه على امتداد ثمانية عقود من الزمن
ان الذين نفذوا مجازر الساحل السوري هم منتسبي الطيًّف الواسع والمتشعب للفصائل الفاشية المسلحة المنظوية تحت مسميات جيش النظام السابق والبعثيين والعلويين البشاريين وعناصر الميليشيات اللبنانية والعراقية الموالية لايران. هذا الجناح كان قد اعد العدة للقيام بتحركات مسلحة محاولة منها استعادة العلويين السلطة عبر عودة رموز النظام البائد الى دفة الحكم، وفي نفس الوقت استعدادا منهم لمواجهة هجمات فصائل الجوراني /الشرع المتوقعة والمنتظرة عليهم.
اما الطرف المعاكس لهذا الجناح فهم المقاتلين ذوي اصول وجذور تنظيم القاعدة و النصرة وداعش، انهم عرب سوريون وعرب افارقة ومسلمي جمهوريات اسيا القصوى المتاخمة لافغانستان. انهم رجالات الحولاني /الشرع
الى جانب هذه الفصائل المسلحة ساهم في هذا القتال الدموي الشرس العلويين " المدنيين" من ابناء ،مدن الساحل السوري دفاعا عن النفس امام هجوم " سنة الجوراني/الشرع من عسكريين ومدنيين
واخيرا هناك طرف " مستقل " وهم افراد من عناصر اجرامية استغلت انهيار الوضع الامني لاغراض السرقة وتصفية حسابات وثارات شخصية
اخيرا هناك طرف آخر لا يصح الاستهانة بقدراته وتاثيره على مسار الامن الوطني وهم، فروع بيوتات مآفيا المخدرات الدولية المتموضعة على امتداد الحدود اللبنانية -السورية من الطرفين
جميع الاجنحة المسلحة العلوية /الشيعية و كذلك السنية التي ورد ذكرهم اعلاه كانوا ولا يزالون وسيبقون في صراعاتهم التناحرية ادوات بيد" الدولة العميقة " التي تتحكم بهم من الخارج، وهي حكومات دول عبر المحيطات ودول حوض البحر الابيض المتوسط وبعض دول شبه الجزيرة العربية والهاربين الى روسيا
الفضائيات العربية بدورها تسعى جاهدة على اضفاء الصبغة المحلية للاحداث بانها وقعت في هذه المحافظة او تلك، بين المكونين الفلاني والفلاني وتصف مجازرالساحل بانها وقعت بين العلويين البعثيين وبين سنة الجولاني/الشرع، واحيانا تبسط الامر لدرجة و كأن الصراع مقتصر بين شيوخ العشائر او حتى العشيرة الواحدة. ان ستراتيج سياسة الاعلام الناطق باللغة العربية والخاضع لبرامج اسياهم ( الغربيين ) هو حرف الانظار عن التطبيق الخلاق للمخطط الاسرائيلي - الامريكي في خلق شرق اوسط جديد. ان تنفيذ مخطط الشرق الاوسط الجديد جار على قدم وساق
الخلاصة.... مأسآة الساحل السوري لن تكون الاخيرة وستتكر في مواقع مختلفة وستستخدم تفسيرات جاهزة حاليا لتفسير الاحداث و تبرير المجازر التي سترتكب عند التصادم المسلح بين عناصر الجولاني/الشرع والعناصر المعادية لمسلحي الجوراني/الشرع. ستستخدم اساليب متعددة من قبيل عمليات انتحارية وتفجير سيارات عن بعد واغتيالات على الهوية الى ما شابه ذلك من اساليب طبق بابداع في العراق، و سيجري تطبيقها في سوريا ايضا لان التحالف الامريكي - الاسرائيلي يعتاش على انهيار الوضع الامني بين مكونات البلد الواحد، وهذا التحالف لا زال متمسكا بآلية الاستعمار القديم المتمثل استغلال الشعوب من منطق …. فرق تسد
لقد ابتهج الشعب السوري من الاعماق بكافة اطيافه و غمرت الفرحة قلوبهم وتنفسوا الصعداء إثر سقوط نظام الطاغية الطائفي الدموي المقيت. الا ان ديناصورات الدولة العميقة التي اسقطت بشار نصبت بعده الجولاني/الشرع المعروف بخلفيته الفكرية الداعشية وسلوكه السياسي الطائفي واصوله الارهابيه وارتباطاته وولائه و خنوعه المطلق لاعداء الشعب السوري. الدولة العميقة هذه تنطلق من واشنطن مرورا باسرائيل وعبر تركيا لتنتهي في الخليج، علما ان الجولاني/الشرع لا يزال اسمه يتصدر قائمة الارهاب ومطلوب امريكيا مقابل عشرة ملايين دولار.
الجولاني/الشرع سيكون اول كبش فداء بعد ان تستنفذ الدولة العميقه حاجتها له ولن يجد ماوئ له مثل بشار وانما سيتم تصفيته بعد خلط الاوراق الامنية وزرع وانعاش الفتنة الطائفية وافتعال صدامات ومجازر دموية بين الفصائل المحلية المسلحة كما جرى ويجري في العراق، ومن جانب اخرتحويل سوريا الى ساحة للاقتتال بين اسرائيل و تركيا وثم تدخل ميليشيات العراق المدعومين من ايران في سوريا المعارك على ارض سوريا. ان هذا السيناريو الان يجري طبخه بهدؤ فهويمثل الحلقة القادمة من خطة تاسيس خارطة جيوسياسية جديدة للشرق الاوسط تتمتع بها اسرائيل مساحات واسعة جديدة من اراضي مكتسبة من غزة والضفة الغربية ومن جنوب لبنان ومن جنوب سوريا، ناهيك عن بسط نفوذها واستحكام سيطرتها على الدول المجاورة لها. ان المتتبع لتطور الاحداث منذ7 اكتوبر والمسار الحالي لحالة الحرب العدوانية الاحادية الطرف وتحليل اتجاه البوصلة السياسية السارية في اجواء الشرق الاوسط سيصل الى نتيجة الى ان الطوفان الاقصى لعب فعلا دور الطوفان وانفجاربركان، لكن نيرانه التهمت ارواح الفلسطينيين ومزقت امالهم باسترجاع الاراضي المغتصبة، وبالمقابل سجل انتصارا كبيرا للصهيونية العالمية وحققت امال اسرائيل منذ تاسيسها. لهذا السبب بالذات يجد الكثيرون ان سيناريو الطوفان الاقصى كان يحمل بصمات صهيونية