عن سياسات ترمب التخريبية وأحلامه المزعجة
امال الحسين
2025 / 4 / 6 - 02:50
إن أفق تغيير العالم الذي لطالما تحدث عنه ترمب، ومع الأسف، لن يحدث بكل السهولة التي يعتقدها، ذلك أن التغيير لن يتم إلا بزوال كل ما توصل إليه إنسان هذا العصر من حضارة، ويعود ما تبقى من جنس البشر إلى العيش عيشة العصور البدائية، ويعيد بناء نفس التجارب المأساوية في سلسلة من المآسي لا متناهية، لقد فقد الإنسان إنسانيته ولم يعد ينفع معه دواء، غير قتل نفسه بنفسه ويعيد بناءها من جديد.
هل يتغيير الإنسان طواعية..؟
كل ادعاءات ترمب التي يتوهم أنه يحكم بها العالم، لن تنفعه في الهروب من حقيقة سقوط هذه الأوهام أمام صيحة ماركس الفلسفية "انتقاد بلا هوادة لكل ما هو كائن"، منتطلقا لتشريح الرأسمالية وتحليلها وأيطلق صيحته الثورية "يا عمال العالم اتحدوا". الرأسمالية ليست قدرا كما يقدمها المقاول ترمب، هي نظام تناحري لا علاقة له بالديمقراطية، لقد سقت الديمقراطية البرجوازية مع بروز الديمقراطية البروليتارية نقيضا تاريخيا لها.
إن التناقض الموجود في كل حركة طبيعية، اجتماعية ومعرفية، لا يمكن نفيه في أي الصراع بين النقيضين، لقد نقل ماركس هذا القانون من الطبيعة إلى المجتمع والمعرفة، وصاغ مفهوم النظرية الثورية، التي أعطاها لينين معنى أدق وأشمل في مقولته "لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية".
إن ما يؤرق ترمب هو ما يجهله عن حقيقة سياساته، مما يجعله يبحث عن تنميق كلماته الصغير، وحجبها بشتى مساحيق الكذب، ذلك ما يظهر في تشويش فكره المضطرب بحثا عن مخرج من أزمته الذات المعبرة عن أزمة الرأسمالية، مما يجعله يتقوقع على نفسه معتقدا أن فردانية الفكر البرجوازية تقيه من غضب الشيوعية، فتراه لما يقترب من حقيقة سقوط الرأسمالية يحاول الهروب إلى الأمام والتلويح بالحروب اللصوصية.
إن ما يعتبر ترمب دواء مرض الرأسمالية الذي يلازمها، ليست إلا مهدئا مؤقتا لمرض مزمن يلاحقها، لقد قام لينين بتشريح الرأسمالية في مراحلها العليا الإمبريالية، وحدد مميزاتها المتجلية في خاصيتين "الاستعمار والحرب".
ولا غرابة أن نجد ترمب يغرق في الحروب مدعيا أنه يبني السلام، وهو لن يقوم إلا بإغراق العالم في الحروب اللصوصية من أجل حصد المزيد من الأرباح الريعية، التي يعتبرها دواءا لمرض التناحر الذي تتسم بها الرأسمالية، محاولا الإفلات من شبح الحرب الإمبريالية الثالثة الذي يلاحقه خوفا من سقوط مشروعه الاستعماري.
إن كل ما يروج له الأساتذة البرجوازيون من مساحيق حول قدرة الرأسمالية من التعافي من مرضها المزمن، ليس إلا أكاذيب ديماغوجية يروجون لها لطمس حقيقة الرأسمالية، وفي تجلياتها العليا الاحتكارية، التي قام لينين بتشريحها في مفهوم الرأسمال المالي الإمبريالي المسيطر على الإنتاج الصناعي والسوق التجارية العالمية، ولخصه في مقولته "الأبناك عبارة عن بورصات" حيث هي أدوات استعمارية للسيطرة الاقتصادية والهيمنة الرأسمالية.
ومهما حاول ترمب الهروب من شبح الشيوعية، لن يستطيع الإفلات من أحلامها المزعجة التي تلاحقه، فتراه مرة يلوح بها لتبرير حروبه اللصوصية على الشعوب المضطهدة، وطورا يقدم نفسه محررا للعالم ونشر السلام. لكنه لا يستطيع الإفلات من الفكر المثالي المتسم في البرجوازية، ويلتجئ إلى القساوسة والأحبار، ملتمسا عونا في حروبه اللصوصية.
هكذا يعيش في دوامة من الحروب النفسية التي تلاحقه، ويخترع في كل يوم أكاذيب سرعان من تنكشف على فراش نومه المزعج، إنه مرض الرأسمالية المزمن، ليس له إلا دواء واحد وهو الشيوعية، فلا تنتظروا من أحلام ترمب شفاءا، لأن الحروب الإمبريالية التي تنبأ بها لينين لو حدثت اليوم لدمرت العالم، حيث لن تتم إلا بالسلاح النووي.