البتي برجوازي واختزال النظرية انتهازيا


امال الحسين
2025 / 3 / 31 - 23:31     

هناك من يعتقد أن الماركسية اللينينية أداة للتحليل وهو اعتقاد خاطيء، تم ترويج له منذ تفكيك الاتحاد السوفييتي من طرف الأحزاب الشيوعية التحريفية، للاندماج في ما يسمى العولمة والدعاية ل"نهاية التاريخ"، في مرحلة جديدة من الاستعمار والحروب اللصوصية، فما هي الماركسية اللينينية ومن يحاربها..؟
هي نظرية وليست أداة، الأداة شيء محدد لغاية محددة، ويقولون الأداة الثورية بدل الحزب الثوري، الأساسي في نظرية الدولة والثورة عند لينين، الضرور في التنظيم الثوري من أجل التغيير الثوري، في قيادة الثورة وبناء الدولة بالمفهوم الثوري، الدولة الاشتراكية.
هي نظرية على جميع المستويات العلمية المادية للمعرفة، امتدادا لأسس الماركسية التي وضعها ماركس وإنجلس، التي طورها لينين اقتصاديا، في دراسة وتحليل مفهوم الإمبريالية، وضرورة مواجهة تعبيراتها : الاستعمار والحرب، باعتبارها عشية الاشتراكية، في علاقتها بسيطرة الرأسمال المالي.
هي نظرية مستقلة عن الماركسية، لا يمكن تجاوزها بالرجوع إلى الخلف بدعوى تطبيق الماركسية، وتكييفها في وضع سياسي معين دون غيره، وتقزيم بعدها النظري، وانتقاص صفتها العلمية المادية نقيض المثالية الذاتية، والتجريبية باعتبارها الفهم المثالي للمادة.
إن عدم دراسة الماركسية اللينينية، واختزالها في الحزب، واعتبار لينين رجل دولة فقط، طبق الماركسية على الوضع السياسي بروسيا، من الأسباب الأساسية التي أفشلت التجارب الاشتراكية، بعد اتخاذها وسيلة لتوجيه الأحزاب الشيوعية، مما أفرغها من بعدها الفلسفي، ودورها في تغيير العالم في عصر الإمبريالية.
انطلق لينين من دراسة الفلسفة من المادية والمثالية اليونانية، مرورا من اللاعرفانية بالقرون الوسطى، وصولا إلى مادية ماركس وإنجلس، وانتقد التجريبية التي عصفت بالمادية إلى ما قبل اللاعرفانية، وأعادة بناء مفهوم المادة باعتبارها مقولة فلسفية للإشارة إلى الواقع الموضوع كما قال، وتوصل إلى أن التجريبيية أيديولوجية البرجوازية في القرن 20.
وانطلق من تحليل الرأسمال التجاري مرورا بالرأسمال الصناعي وصولا إلى الرأسمال المالي، وحدد مفهوم الإمبريالية باعتبارها أعلى مراحل الرأسمالية، وسيادة الاحتكارية والدولة الاحتكارية وتأسيس تحالف السياسيين والاقتصاديين الاحتكاريين، المسيطرين على السوق التجارية العالمية، بواسطة البنوك الدولية التي أصبحت عبارة عن بورصات، وتسييد الهيمنة الاستعمارية عبر الحروب الإمبريالية واللصوصية.
وتوصل إلى ضرورة بناء تحالف البلدان الاشتراكية والبلدان المضطهدة لمواجهة الدول الاحتكارية عبر ما يلي :
ـ في اعتبار المادة موجودة خارج إرادتنا ندركها بواسطة المعرفة العلمية المادية.
ـ في اعتماد الديالكتيك الماركسي في التحليل والبراكسيس في الممارسة العملية في الواقع الموضوعي : المادة.
ـ في بناء تحالف العمال والفلاحين من التحالف الحربي إلى التحالف الاقتصادي.
ـ الدولة والثورة والحرب الوطنية الثورية ضد الحروب الإمبريالية واللصوصية.
ـ في أهمية بناء الأحزاب الماركسية اللينينية وأهمية البناء الاشتراكي.
ـ في أهمية انتقاد الانتهازية ومحاربتها في الأحزاب والدول الاشتراكية من أجل الشيوعية.
ـ في العلاقة بين الديالكتيك والبراكسيس من البسيط إلى المعقد في المسائل الثورية وتطوير العلوم الطبيعية بالدول الاشتراكية.
ـ في البناء الاشتراكي من مستوى الدولة إلى بناء المجتمعات الاشتراكية وتحالفها ضد تحالف الدول الاحتكارية.
إن الفكر البتي برجوازي المسيطر على التفكير لدى أغلب الماركسيين اللينينيين، المتجلى في اهتمامهم المفرط بمسائلهم الخاصة أكثر من العامة، ينبع من تشبعهم بالفكر التجريبي المسيطر على الدراسة في الجامعات البرجوازية الرجعية، فتجدهم يهتمون بأبنائهم بينما لا يتجاهلون أن ماركس فقد أبناءة موتا بالجوع، فأنجز الماركسية التي يعتقد الانتهازيون منهم أنهم يمتلكونها ويمارسونها، حتى أنهم بانتهازيتهم يعتقدون أنهم يطورونها، وفي الحقيقة يطورون لكن إلى الخلف إلى اللاعرفانية.
إنهم تعتقدون أن فرض سلوكهم السلطوي السادي هذا على أبائهم يجعلهم أذكياء أكثر من أبناء الفقراء، فتجدهم ينفقون المال الكثير عليهم في تكوينهم بالمدارس الخاصة للحصول على أعلى التنقيط المحدد في البرامج البرجوازية، وهم لا يدركون إنهم يحولونهم روبوهات يحفظون النظريات في برامج برجوازية تخدم الرأسمالية، وتجد أغلبهم يقترضون لدى البنوك ما يكفيهم لدراسة أبائهم بأوكرانيا، وتم فضح حالهم البئيس لما اندلعت الحرب هناك، للحصول على دبلومات التكوين البرجوازي بالمهن الخاصة، وهم ما زالوا تعتقدون أنهم تنجزون أعمالا تربوية تقدمية.
إنهم يعيدون إنتاج الثقافة البتي برجوازية، خدمة للمشاريع البرجوازية في عصر تطور تكنولوجيا الرقمنة التي تبطل الإبداع الفكري، وهم يجهلون أن ما يسمى الذكاء الاصطناعي ليس إلا جزءا من الذكاء الطبيعي للإنسان بقدر وزن الإلكترون بالنسبة للبروتون، وهم يعبثون بعقولهم محاولين توجيههم بفكرهم اللاعرفاني الفاقد لأسس النقد العلمي المادي للتاريخ والمعرفة، وهم لم يستطعوا بعد التخلص من المثالية الذاتية ويدعون الماركسية.
أغلب هؤلاء البتي برجوازيين هم من يقود الأحزاب والنقابات أو فاعلين فيها في أوساط العمال والمأجورين، وهم يدعون أنهم يقودون البروليتاريا إلى الثورة ويقودونها بدون بوصلة، منتهزين وجودهم السادي بهذه التنظيمات معرقلين تنمية الوعي الطبقي لدى الطبقة العاملة، وهو يدعون أن الماركسية اللينيينة أداة للتحليل لا غير، يصنعون بها طريقهم الانتهازي للتسلق الطبقي من أجل إنقاد أبناهم من الفقر.