عربدة إسرائيلية في سماء ملعب بيروت
محمد رضا عباس
2025 / 2 / 25 - 20:11
القانون الدولي في خطر , النظام الحر في خطر , والعالم في خطر مما تقوم به إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط . هذه الدولة المارقة خالفت القانون الدولي على مر السنين , أعطت طعم مر للنظام الحر او الديمقراطي والذي تعتبر إسرائيل واحدة منه , وارجعت العالم من حالة نزع السلاح والعيش بسلام الى حالة تكديس السلاح .
إسرائيل لا تحترم الاحياء والاموات . لقد قتلت الاحياء واساءت الى الأموات , وخاصة عندما حركت اسطولها الجوي فوق ملعب بيروت حيث تكدس مئات الالاف من محبي السيد نصر الله لألقاء النظرة الأخيرة عليه . لم تجني إسرائيل من فعلتها هذه الا التنديد والاستهجان من قبل المشيعين والذين صمدوا ولم يرف لهم جفن من طائراتها , والتي كانت عمليا تطير فوق رؤوس المشيعين .
قد لا تحب توجهات حزب الله وقد تكره السيد نصر الله , ولكن السيد مات ليس من مرض قلب او السكري او السكتة القلبية , انه مات على يد قوات غازية ومن اجل قضية إنسانية قبل ان تكون عربية او إسلامية . ان اتهام السيد بالعمالة الى ايران او الذيلية لها غير منصف , ولو قدمت الدول العربية له من سلاح ومال لما اتجه الى ايران والتي حلت محل الراحل جمال عبد الناصر . اليس الراحل جمال عبد الناصر قضى حياته وهو يطالب بتحرير فلسطين ؟ عبد الناصر مات ولم تتبنى دولة عربية القضية الفلسطينية بعده, فتبنتها ايران .ارجوك لا تتهمني انا أيضا بالعمالة , ولكن هذه الحقيقة ويجب نقلها الى أولادنا واولاد أولادنا.
العرب والمسلمين والعالم الحر والذي يهتم بموت غوريلا في غابة استوائية , لم يحركوا ساكن على ما فعلته القوات الجوية الإسرائيلية يوم تشييع جنازة السيد , ومرت مرور الكرام مثل اخواتها وهي بالعشرات . دعنا من حزب الله , اليس لبنان بلدا عربيا ؟ اليس لبنان عضوا بالجامعة العربية ؟ اليس لبنان الجديد كما تسمونه هو انتاج اجتماعاتكم وقراراتكم ؟ اليس الطلعات الجوية هي إهانة لكل عربي ومسلم ؟ اليست انها إهانة الى المكون المسيحي والسني في لبنان ؟
دول عربية قطعت علاقاتها مع دول بسبب تصريح اعلامي من وزيرها, ولكن لا دولة عربية او إسلامية استهجنت الطلعات الجوية التي سخر منها المشيعون .السيد نصر الله كان لا يفرق بين أبناء المذاهب والأديان ولم يبني له قصر مشيد كما فعل بعض " المناضلين" . لقد ذهب السيد الى ربه ولم يترك بعده لا صفراء ولا بيضاء . فلماذا هذا الجفاء العربي له؟ وهنا لا بد لي ان اقتبس بعض الكلمات من مقال رائع كتب من قبل عدنان علامة , حيث يقول فيه " من العيب , بل العار , على من تسري دماء العروبة في عروقه , ان يمقت هذا الفارس الشهم , ويتحامل عليه , ويشك في غاياته وولاءاته , ويشترك مع أمريكا وإسرائيل في محاولات تشويهه واتهامه بما ليس فيه من مثالب ومعايب ونعرات طائفية و مذهبية و جهوية ضيقة". وهذا الشاعر نزار قباني يقول بالسيد : اسمح لنا ان نجمع الغبار عن نعليك .. لو لم تجئ يا سيدنا الامام كنا امام القائد العبري .. مذبوحين كالأغنام.
لقد ارفق وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس مع الطلعات الجوية فوق ملعب بيروت تحذيرا يقول فيه , " ان طائرات سلاح الجو الإسرائيلي التي تحتفل الان في سماء بيروت فوق جنازة حسن نصر الله , تنقل رسالة واضحة : من يهدد بتدمير إسرائيل ويهاجم إسرائيل , فهذه هي نهايته" , و أضاف " تطمحون بالجنائز ونحن في الانتصارات ". ولكن الوزير نسى مثل زميله وزير الخارجية جدعون ساعر, ان دماء المقاومين لها كلفة وانها تعطي الحياة الكريمة للأخرين . بدماء المقاومين بنيت الولايات المتحدة الامريكية والتي دخلت في حرب مع بريطانية وأخرى حرب أهلية , وبدماء المقاومة استطاعت الجزائر ان تكون دولة مستقلة , وبدماء المقاومة حصل العراق على استقلاله . اين الخلل اذا؟ الخلل هو الاستلام للغازي , ولابد لأشراف الامة واحرارها وضع القلوب على الصدور من اجل قضيتهم .
ان نصيحة وزير خارجية إسرائيل للبنان وشعب لبنان بالاختيار بين الحرية او احتلال إيران عبر حزب الله كانت عوجاء . لم يبقى موقع عسكري إيراني في لبنان كما يقول انصار " ثورة لبنان " المحتفلين بهذا "النصر العظيم" , فلماذا هذا الإصرار الإسرائيلي , كما وان حزب الله سوف لن يختفي من الساحة اللبنانية لأنه جزء من المكون اللبناني , الا اللهم يريدون تسفير اهل الجنوب الى احدى جزر البحر الكاريبي كما تحاول إدارة الرئيس ترامب وهي حائرة كيف يتم طرد الفلسطينيين من غزة وكان غزة عقار يباع ويشترى والفلسطيني حقيبة سفر يتنقل المسافر بها أينما يرغب فيه , فمرة يريدون طرده الى السعودية ومرة الى صحراء الانبار العراقية ومرة الى سورية , وأخرى الى الأردن ومصر.
من استمع الى خطاب الشيخ نعيم قاسم يوم تشييع السيد نصر الله والذي قال فيه , ان الحزب قرر ان يعطي مهمة المطالبة بالأراضي اللبنانية المحتلة الى الجيش اللبناني , كان مؤشرا على رغبة الحزب بالعيش بسلام وبدون حروب و يتلاءم مع الوضع الجديد في الشرق الأوسط . ولكن إسرائيل التي تخير اللبنانيين بين الحرية والاحتلال الإيراني هي التي ما زالت متمسكة بالأراضي اللبنانية ومازالت تتمدد في ارضه وما زالت طائراته تعربد في سماء لبنان ! وفي الأخير يقول ساعر , على لبنان ان تختار بين الاحتلال والحرية .وكان هجمات إسرائيل ليست احتلال و مقاومة هذا الاحتلال عمالة ! ما لكم .. كيف تحكمون. وفي الأخير اريد أقول ل كاتس و ساعر لقد أخطأتم بأرسال طائراتكم من اجل ترويع المعزين , الأطفال شاركوا في التشييع أيضا , فلا تتعجبوا اذا اصبحوا هؤلاء الأطفال الرعيل التالي للمقاومة.