-حياة الماعز- والمؤتمر الدولي لسوق العمل
جهاد عقل
2025 / 1 / 31 - 21:07
عندما تابعت أحداث إنعقاد المؤتمر الدولي لسوق العمل النسخة الثانية ، الذي عقد في عاصمة المملكة السعودية الرياض أيام الأربعاء والخميس 29-30 كانون الثاني يناير 2025 ، وما رافق هذا المؤتمر من نشر إعلامي واسع ، تذكرت أولاً قصة العامل الهندي "نجيب" في فيلم "حياة الماعز" الذي يعرض للمشاهد قضية إستغلال العمالة الوافدة الى المملكة العربية السعودية من خلال نظام الكفيل، وهنا سألت نفسي كيف للمنظمات الدولية والحكومات أن توافق على انعقاد هذا المؤتمر في دولة تستغل العمال خاصة الوافدين من دول أخرى ؟
وكيف لهذه الدول والمنظمات الدولية ومنها قيادات نقابية عالمية أن تشارك في مؤتمر تمنع فيه الدولة المضيفة والراعية للمؤتمر تشكيل نقابات عمالية؟.
مع ذلك واصلت متابعة أحداث المؤتمر من خلال وسائل الإعلام الذي عقد تحت شعار "مستقبل العمل" في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض ، وشارك فيه عشرات وزراء العمل وممثلين من المنظمات الدولية المهتمة بأسواق العمل مثل منظمة العمل الدولية وبرنامج الامم المتحدة الانمائي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ، والبنك الدولية إضافة إلى أخصائيين ونقابيين وممثلين للقطاع الخاص ، وقدر عدد المشاركين في المؤتمر ما بين 5000 - 10000 مشارك ،كما عقدت اجتماعات حوارية وورشات عمل لمختلف القطاعات للبحث في كيفية تطوير سوق العمل العالمي ومتطلباته لمختلف الشرائح خاصة الشريحة الشبابية.
وقد لفت الانتباه صدور تقرير بعنوان "تسخير أسواق العمل لمنفعة الشباب"، وتم صدوره بالشراكة مع البنك الدولي، والذي قدم تحليلاً شاملاً لواقع الشباب غير النشطين اقتصاديًا في الفئة العمرية 15-24 عامًا.
كما تناول المؤتمر خلال الجلسات الحوارية "قضايا جوهرية مثل تأثير الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة على التوظيف، والتغيرات الديموغرافية في أسواق العمل، وسد الفجوة بين المهارات واحتياجات سوق العمل، واستراتيجيات تحفيز الشباب ودعم الوظائف الخضراء".
وفي إطار البحث والتحليل المستمر، أصدر المؤتمر تقريرًا دوليًا بعنوان "تسخير أسواق العمل لمنفعة الشباب"، بالشراكة مع البنك الدولي، والذي قدم تحليلاً شاملاً لواقع الشباب غير النشطين اقتصاديًا في الفئة العمرية 15-24 عامًا.
وأعلن "المؤتمر الدولي لسوق العمل" ، عن إبرام اتفاقية شراكة جديدة مع البنك الدولي لمدة ثلاث أعوام، بهدف تشكيل أنظمة العمل وصياغة سياسات توائم احتياجات مستقبل سوق العمل وتُعالج تحدياته المتغيرة".
إضافة الى إفتتاح "أكاديمية سوق العمل " التابعة للمؤتمر الدولي لسوق العمل بالتعاون مع البنك الدولي ، والتي من مهامها القيام بتقديم " برنامجاً تطويرياً يتناول كافة جوانب منظومة سوق العمل ويستمر لمدة ثلاث سنوات، حيث يهدف إلى تدريب خبراء سوق العمل العالمي المسؤولين عن إعداد السياسات المستقبلية، وإتاحة منصّة مبتكرة للتعلم المتبادل عبر البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل. وتمثل الأكاديمية فرصة فريدة لصناع السياسات تمكنهم من تعزيز نموّهم على الصعيد الشخصي، وإتاحة الموارد المعلوماتية الغنية وشبكة العلاقات الدولية المهمة التي يوفرها المؤتمر. وقد تم تدشين الأكاديمية في وقت سابق من هذا الأسبوع أثناء أعمال النسخة الثانية من المؤتمر الدولي لسوق العمل".
وجرى تأسيس "مختبر السياسات التابعة للمؤتمر الدولي لسوق العمل والبنك الدولي"، وهي منصّة مخصّصة لإقامة جلسات نقاشية مُثرية تتناول سياسات وأدوات وبرامج معينة، وتُبرز أهميتها في تحسين نتائج سوق العمل وتنمية المهارات".
هذه بعض القرارات الهامة الصادرة عن المؤتمر ، وعلى ما يبدو أن البنك الدولي هو المسيطر على هذا المؤتمر ، ومن أجل إبراز ذلك بشكل "مريح" يجري الحديث عن "الشراكة" بأنها: "تهدف الشراكة بين المؤتمر الدولي لسوق العمل والبنك الدولي إلى ضمان أن جميع الدول، خاصة الناشئة منها، قادرة على الاستفادة من شمولية وتنوع سوق العمل، وذلك من خلال العمل البحثي المشترك وتطوير السياسات المتقدمة".
كلنا أمل بأن تكون القرارا والاهداف فعلاً هدفها تطوير سوق العمل لمصلحة الطبقة العاملة ،وليس خدمة لمصالح الدول التي تمثّل قوى رأس المال ، وتوجيه الضربات للطبقة العاملة والنقابات المناضلة من أجل حقوقها.
مرة أخرى لا يمكن لهذا المؤتمر أن يمحو وصمة العار التي برزت من خلال فيلم "حياة الماعز" لما يحدث في سوق العمل السعودي من استغلال وظُلم للعمالة الوافدة من جهة وللعمالة السعودية من جهة أخرى.