ترامب الشقيّ يهدّد بناما و جرينلند و غزّة و المكسيك و كندا : هذه ليست - إنعزاليّة - ... إنّها الإمبرياليّة !


شادي الشماوي
2025 / 1 / 15 - 14:01     

جريدة " الثورة " عدد 888 ، 13 جانفي 2025
www.revcom.us

من التهم الموجّهة إلى ترامب من طرف كامالا هاريس و ليبراليّين آخرين أثناء الحملة الإنتخابيّة كانت تهمة أنّه كان إفتراضيّا " إنعزاليّا " سيلحق الضرر بموقع الولايات المتّحدة عبر العالم و من ثمّة " أمنها القومي " .
في الواقع ، الكلمة التي تصف ترامب ليسن " إنعزالي " بل إمبريالي – إمبريالي مصّاص دماء قاتل لعدد كبير من الناس. أنظروا فقط إلى ندوته الصحفيّة في السابع من جانفي ، حيث ترامب :
- رفض إستبعاد إستخدام القوّة العسكريّة للإستيلاء على قنال البناما لأنّه " حيويّ لبلادنا " . و قد هدّد بإعادة الإستيلاء على قنال البنما بالقوّة إذا لم تستجب حكومة البناما التي تدير القنال لطلباته في التخفيض في نسب أداءات عبور سفن الولايات المتّحدة و القطع مع أيّ دور للصين في القنال .
- صرّح بأنّه سيدفع لمزيد تحكّم الولايات المتّحدة على جرينلند ( رغم إعتراضات الدنمارك وهي عضو في الحلف العسكري للولايات المتّحدة ، حلف الناتو ؛ و جرينلند تراب مستقل له حكم خاص تابع للدنمارك ) ، قائلا إنّ الولايات المتّحدة تحتاجها " لأغراض أمنها القوميّ " . و مثلما ما هو الحال مع قنال البناما ، رفض إستبعاد إستخدام القوّة المسلّحة .
- قال " سيحوّل الشرق الأوسط إلى جهنّم " إذا لم تُطلق حماس الأسرى الإسرائيليّين المحتجزين في غزّة زمن إستلامه الرئاسة . و سيعنى هذا المزيد حتّى من الإرهاب و الدمار بالنسبة للشعب الفلسطيني بعد إبادة جماعيّة إسرائيليّة مدعومة من الولايات المتّحدة طوال 15 شهرا .
- أعلن في ما يتّصل بالمكسيك ، " سنغيّر إسم خليج المكسيك إلى خليج أمريكا وهذا له صدى جميل يغطّى مجالا ترابيّا كبيرا ".
- تحدّث عن جعل الكندا ، وهي كذلك عضو في الناتو ، الولاية 51 لأنّ ذلك سيكون " أفضل بكثير للأمن القومي " .

و حاول ترامب الظهور بمظهر نوع من الشقيّ ذي الدم البارد بتهديد ليس فقط الخصوم و إنّما أيضا " الحلفاء " أو بلدان أساسا تحت هيمنة الولايات المتّحدة . لقد أعلم الجميع أنّ الولايات المتّحدة ستطلب المزيد و المزيد من الخضوع من " حلفائها " ( و من هنا إهانته للكندا و المكسيك و الدانمارك ) . لقد كان بايدن / هاريس يدعمان تماما إسرائيل في إبادتها الجماعيّة للشعب الفلسطيني في غزّة ، بينما كانا يسعيان بنفاق إلى الظهور بمظهر الإنشغال بالأمور " الإنسانيّة " – و قد أوضح ترامب بأنّ الولايات المتّحدة حينما تنفّذ أو تدعم القتل و الفوضى و العنف الوحشيّ ( في غزّة و في غيرها من الأماكن ) ، ستفعل ذلك بشكل أكثر سفورا و بلا رحمة . و بعث برسالة لا يمكن عدم إلتقاطها بأنّ أمريكا الفاشيّة للماغا/ جعل أمريكا عظيمة من جديد لن تدّعي حتّى أنّ÷ا تحترم المعاهدات أو السيادة الوطنيّة ( مثلما هو الحال مع التهديدات تجاه البناما و الدانمارك و المكسيك و الكندا ) . و كان يقدّم مزاعما مفضوحة و متعجرفة للسيطرة الأمريكيّة بلا منازع على كامل نصف الكرة الأرضيّة الغربيّ، من المحيط الأركتيكيّ في الشمال إلى رأس أمريكا الجنوبيّة ، وهذا هو المجال الذى يعتبره إمبرياليّو الولايات المتّحدة قاعدة منزلهم و " حديقته الخلفيّة ".
الصين في خطّ التقاطع – و التهديد بحرب عالميّة :
مقارنة بكلمات ترامب الأولى ، يواجه إمبرياليّو الولايات المتّحدة الآن عالما مخاطره و تحدّياته أكبر حتّى لهيمنتهم العالميّة ، لا سيما من الخصوم الإمبرياليّين في الصين . حتّى مع وجود إنشقاقات في منتهى الحدّة و غير مسبوقة بين الفاشيّين الماغا و الفئات " السائدة " ( أساسا ، الديمقراطيّة ) من الطبقة الحاكمة للولايات المتّحدة ، ظهر توافق ضمن الحكّام ككلّ بأنّ الصين تُمثّل التهديد الأهمّ لهيمنة أمريكا على العالم و أنّ هناك حاجة إلى الرفع في نسق التحضيرات للحرب . و أثناء ولايته الرئاسيّة ، إنحرف بايدن بوضوح عن موقف الرؤساء لعقود قبله بالتصريح مرارا و تكرارا بأنّ الولايات المتّحدة سترسل الجنود الأمريكيّين إلى تيوان متى تحرّكت الصين للإستيلاء على الجزيرة بالقوّة . ( يطالب حكّام الصين بتيوان المحكومة الآن بإستقلال عن الصين ، كجزء من السيادة على أراضيهم و أوضحوا أنّهم ينوون " إعادة توحيد الجزيرة كجزء من الصين ). و تحرّك بايدن أيضا لسدّ الطريق أمام قدرة الصين على شراء بواخر متقدّمة شبه موصلة وهي حيويّة للإقتصاد الحديث ، وليس من شركات الولايات المتّحدة فحسب بل من بلدان أخرى كذلك - خطوة نعتها البعض بأنّها" عمل حربيّ ".
في ندوته الصحفيّة ، أصدر ترامب أيضا تهديدات ضد الصين ، بتهمه بأنّ الصين إفتراضيّا " تدير " قنال البنما و أنّ السفن الصينيّة " جميعها في المكان " حول الجرينلند . و هذا مؤشّر آخر بعدُ على أنّ ترامب يهدف إلى مهاجمة الصين و الإعداد للحرب بشكل عدواني و إستبدادي أكثر سفورا حتّى – مع أمريكا تؤكّد بصفة مباشرة أكثر لمصالحها الإمبرياليّة و لإستخدام السيطرة .
و يعنى صعود فاشيّة ترامب / الماغا 2.0 أنّ العالم يمكن أن يُدفع بطريقة أسرع حتّى نحو قتال شامل بين الإمبرياليّين المسلّحين نوويّا حول من تكون القوّة المهيمنة عالميّا – حرب تنطوى على إمكانيّة حقيقيّة للقضاء على الإنسانيّة . و هذا جنون إجرامي ، تدفع إليه حاجيات و ديناميكيّة النظام الرأسمالي – الإمبريالي -نظام يسير و لا يمكنه إلاّ ان يسير بالإستغلال الخبيث و الإضطهاد المميت للجماهير الشعبيّة عبر العالم ... و بالتقدّم على المنافسين الإمبرياليّين و التحدّيات الإقليميّة ، من خلال حروب قتل جماعي و دمار كبير إن لزم الأمر ، بما في ذلك إستخدام الأسلحة النوويّة .
و على ضوء هذا ، كلمات القائد الثوري بوب أفاكيان لا تزل تدقّ كالنواقيس بصفة إستعجاليّة :
" نحن ، شعوب العالم ، لم يعد بوسعنا السماح لهؤلاء الإمبرياليّين أن يواصلوا الهيمنة على العالم وتحديد مصير الإنسانيّة. هناك حاجة للإطاحة بهم في أقرب وقت ممكن . و إنّه لواقع علميّ أنّه ليس علينا أن نعيش على هذا النحو . "
الديمقراطيّون ليس يمكن التعويل عليهم لقتال فاشيّة ترامب / الماغا – لأنّهم كحزب للطبقة الحاكمة ، تدفعهم ذات حاجيات و ديناميكيّة هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي . و مثلما وضّح هذا المقال ، لا يختلف بايدن مع ترامب في ما إذا يجب على أمريكا أن تمضي بعدوانيّة ضد منافسيها من أجل أن المضطهِد و المستغِل و القاتل الأكبر في العالم - الإختلاف كان ( وهو) حول كيف . و مثلما أشار بوب أفاكيان في رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي ، الثورة عدد 103 ، " لماذا يساعد الديمقراطيّون الفاشيّة و يعبّدون لها الطريق و ما الذى يبيّنه ذلك بشأن هذا النظام ، و ما الذى يحتاج الناس المحترمون لفعله " :
" بالنسبة إلى الديمقراطيّين ، " إستقرار " حكم هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، حتّى في شكل فاشيّ ، أهمّ من إلحاق الهزيمة العمليّة للفاشيّة . "
و :
" مرّة أخرى ، الديمقراطيّون أنفسهم يؤكّدون على النقطة الحيويّة التي شدّدت عليها بصفة متكرّرة ( مثلا ، في مقالى " الفاشيّة و النظام بأكمله " ، متوفّر على موقع أنترنت revcom.us ) : الديمقراطيّون و الفئة " السائدة " من الطبقة الحاكمة التي يمثّلونها ، لا يمكن أن يقاتلوا الفاشيّين بالطريقة اللازمة لقتالهم – و يحتاج هذا القتال أن يُخاض كجزء من قتال هذا النظام بأكمله . "