عن جدال تعيينات الوكالة الوطنية لجودة التعليم العالي بالمغرب


امال الحسين
2025 / 1 / 2 - 19:08     

أعتقد أن الجميع أخطأ الطريق إلى نقد هذا الحدث، ولا أدعي العلم بالنقد وطرقه المتعددة ومساراته المتشعبة، حيث لما نعلم أن الحكومة وضمنها التعليم والتعليم العالي حكومة ولدت بالخطأ، والتعليم من طبيعة الحال على مقاس السياسة التعليمية الطبقية السائدة لعقود، والتي أنتجت جحافل من الجهّل والأميين الكثير منهم يشكل خطرا على أنفسهم وعلى الشعب المعزول، وفي أحسن الأحول ينتج جحافل من المعطلين يموتون الموت البطيء بالمنازل والشوارع.

قبل أن نبحث عن الإطار المناسب للمكان المناسب يجب أن نتساءل هل لدينا أمكنة مناسبة بالإدارات العمومية تليق بالأطر المناسبة للمهمة الموكولة لهم..؟ ومتى كانت لدينا حكومة وطنية تعبر عن حاجيات الشعب حتى لا نقول تلبية هذه الحاجيات التي لا ترقى إلى مستوى حقوق يتم إقرارها وحمايتها بالقانون..؟

وحتى الحاجيات اليومية الضرورية للحياة قد استعصت عن الإشباع مما حجل الشعب يكف عن البحث عن الحق في التعليم، أما الجودة في التعليم فلم يسمع بها يوما حتى الذين يشاركون في ندوات جودة التعليم لم يملكوا إلا الحضور في الصالونات وصالات الفنادق الممتازة أو ندوات التلفاز والإذاعة، أما القرارات فتنزل من السماء على الأرض كالعاصفة أو سحابة صيف تنقشع بعد حين غرة، ووراء كل برنامج تعليمي ملايين الدولارات والأوروهات وأطنان من أوراق التقارير والمأكولات والمشروبات، تقل كمياتها من أعلى إلى أسفل هرم وزارة التربية والتعليم حتى آخر ورقة يتم طرحها بمراحيض المجموعات المدرسية بالجبال المنكوبة.

عن أي جودة تتحدثون أو تدافعون..؟ وعن أي أطر تنصفوف أو تقصون..؟ الكل في سلة واحدة لا البرامج التعليمية موضوعية والمؤسسات العليمية معقولة ولا التكوينات في مستوى الجودة المطلوبة، ليست لدي رؤية سوداوية، إنما انطلقت من تجربة طيلة 33 سنة بالإدارة والقسم والأنشطة الفنية والرياضية والحقوقية وربط المدرسة بالمجال وغير ذلك من أوقاتنا الخاصة، التي صرفناها من أجل جودة التعليم لكن لم نتجاوز النقص الحاصل في البرامج التعليمية الطبقية، من 1984 سنة بداية برامج التخريب إلى 2014 سنة ضرب الحق في التقاعد السنة التي غادرت فيها القسم والمؤسسة، دون أن أودع لا الإدارة ولا الأساتذة ولا التلاميذ قلت كفى وخرجت، تقاعدت ونسيت أنني كنت يوما من أطر التعليم حيث لدي مؤسسات شعبية خارج هذا الإطار ارتبط بها، هي ملادي الذي يجعلني أحيا بعد سجني الطويل بالمؤسسات التعليمية، ولا أبالغ أنني لما غادرة المؤسسة التعليمية التي أشتغل بها في 2014 أحسست أن السماء قد انفتحت في وجهي آنداك علمت أنني كنت سجينا طيلة 33 سنة.

المؤسسة التعليمية التي تحس فيها أن هناك من يراقبك ويتابعك ويعرقلك وهل جذيرة أن تسمى مدرسة فما بالك أن تسميها ذات جودة، في مدارسنا لا وجود للجودة إلا في أفواه من لا يفقه ما معنى الجوة والجودة في التعليم وليس في تعاونية الحليب بتارودانت، أنجزنا أنشطة بين تلاميذ مؤسستنا ومؤسسة المكفوفين وتم استفساري على أنني متغيب وبالتالي يريد البعض محاسبتي من خلفية أخرى خارج المؤسسة، لما شاهد بعض أصدقائي من الدار البيضاء فيديو ذلك النشاط ومدته ثلاث ساعات بلغت ارتساماتهم إلى القول :"وهل تم هذا بتارودانت ونحن كنا نعتقد أن هذا لن يتم إلا بهولندا..؟" إلى هذا الحد يتم عرقلة الأشطة الموازية بالمؤسسات التعليمية وتتحدثون عن الجودة في عصر تحويل المجالس العليا إلى وكالات.

ما معنى الوكالة الوطنية لجودة التعليم العالي..؟ ليس معناها غير مؤسسة لتبضيع ما تبقى في التعليم العالي مما هو وطني، فليعينوا من يريدون من المقربين والفضائل من عائلاتهم وأصدقائهم وطبقاتهم الاجتماعية نحن نعرف أننا في دولة طبقية نمارس حقنا في الوجود في أحضان طبقتنا المناقضة لطبقتهم.