خطر الشعبوية على العمل النقابي
الناصر بن رمضان
2024 / 12 / 23 - 00:12
إن قيس سعيد الذي أغدق كل الوعود على العمال بتحسين أجورهم وظروفهم المعيشية لم يتخذ أي إجراء يذكر لتخفيف وطأة الأزمة الإجتماعية الطاحنة التي ناخت بكلكلها على الطبقة العاملة والفئات الشعبية والمتمثلة في إلإلتهاب الجنوني للأسعار وإختفاء المواد الإستهلاكية جراء المضاربة والإحتكار وغياب عديد أصناف الأدوية ،كما لم يساهم في تقليص المديونية المتضاعفة وحلحلة البطالة المستفحلة بل تراجع حتى على الوعود التي أغدقها على الشباب المعطل من أصحاب الشهادات ولم يخلق مواطن الشغل لإمتصاص البطالة المستفحلة بل أغلق باب الإنتدابات في الوظيفة العمومية وعلق المفاوضات الإجتماعية مع الطرف النقابي واستعدى المرأة والإعلام والنخب والنقابات والمنظمات الديمقراطية والأحزاب وكل الأجسام الوسيطة مكرسا بذلك سيادة الدولة الإستيدادية البوليسية المعادية للحرية والديمقراطية والسيادة الشعبية التي فتحت السجون على مصراعيها لمجرد التعبير عن الرأي .
شعبوية
وفي علاقة بالحركة النقابية عمدت السلطة الشعبوية الرجعية إلى قطع الحوار مع المنظمة النقابية وتراجعت على المكتسبات والإتفاقيات القطاعية وجمدت الأجور ودشنت حملات ترذيل وتجريم للعمل النقابي ولفقت التهم لعديد الإطارات النقابية الذين أحيلوا على المحاكم ، وضربت الحق النقابي والتفرغ وتهدد بإلغاء الخصم الآلي للإنخراطات وإتخذت عديد الإجراءات الأحادية مثل مراجعة مجلة الشغل والزيادات الملغومة المرتبطة بالإنتخابات الرئاسية وتحيك المناورات لتحجيم دور الإتحاد على المستوى الوطني، وتبث الرعب بين عموم الشغالين مستغلة الأوضاع أزمة المنظمة النقابية وخلافاتها الداخلية التي يرتبط بعضها بالموقف من الإنقلاب ساعية من وراء كل ذلك إلى تقسيم الحركة النقابية وإضعافها تدريجيا وصولا إلى درجة إنهاكها والإنقضاض عليها في الوقت المناسب الذي يختاره والتخلص من وزنها الإجتماعي والسياسي نهائيا تلبية لإملاءات المؤسسات المالية الدولية المعادية للشغالين والشعب. وتكمن خطورة الشعبوية على الحركة النقابية في تغذية الأزمة وإشعال فتيلها بعنوان مقاومة الفساد دون الظهور في الصورة وتقديمها على أنها أزمة داخلية بين شقوق البيروقراطية النقابية المتصارعة على أسلوب التسيير ، وقد نجح في ما لم ينجح فيه سابقوه من الحكام المعادين للعمل النقابي والحركة العمالية وبدأت النتائج المنتظرة تعطي أكلها بإستفحال خلافات الإخوة الأعداء والوصول إلى نقطة اللاعودة بين شقي المكتب التنفيذي فتعطلت كل مؤسسات الإتحاد العام التونسي للشغل وهياكله التسييرية وفشل مجلسه الوطني وانعكس كل ذلك لا على آداء المركزية البيروقراطية وقدرتها على مواجهة الأوضاع الداخلية المتردية فقط، بل على مجمل حياة عموم الشغالين الذين قبرت ملفاتهم المهنية وتدهورت مقدرتهم الشرائية وساءت أحوالهم في غياب منظمة نقابية مقتدرة تحمي ظهورهم .
في ظل هذه الأوضاع الإجتماعية والسياسية التي تتحمل مسؤوليتها السلطة الشعبوية والبيروقراطية النقابية يتحتم على اليسار النقابي كفصيل من المعارضة النقابية الديمقراطية أن يلعب دوره كاملا في تقديم الحلول البديلة ،الجريئة والديمقراطية للأزمة التي تنخر المنظمة ويلف حولها عموم النقابيين لأخذ مصيرهم بأيديهم من أجل إنقاذ منظمتهم النقابية التي مهما اختلفوا معها فإنهم لا يختلفون عليها والحال أنهم عمدوا تاريخها المجيد بالدماء والتضحيات
إن اليسار النقابي الديمقراطي الذي لم يتخلَ على المنظمة في كل الأزمات السابقة لقادر على تقديم الإضافة في مثل هذه الظروف الصعبة والمعقدة ولعب دوره الطليعي حتى يثبت كفاءته النضالية والقيادية كما يتحتم على مجمل قوى المعارضة النقابية الديمقراطية تصحيح تكتيكاتها النقابية عبر التحكم الجيد في قانون الوحدة والصراع في نضالنا ضد البيروقراطية :وحدة عند تعرض المنظمة النقابية إلى هجمة شرسة من قبل غلاة رأس المال من أعداء العمل النقابي ، وصراع ضد البيروقراطية بهدف التشهير بها وتهرئتها وعزلها عند تخندقها مع الإئتلاف الحاكم أو إنتهاكها للديمقراطية النقابية. /.
22/12/2022