أكرم شلغين
الحوار المتمدن-العدد: 8188 - 2024 / 12 / 11 - 23:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سوريا، التي لطالما كانت تُعرَف بثرائها الطبيعي وثرواتها الكامنة، تقف اليوم عند مفترق طرق مهيب. هل أصبحت بلدا بلا سيادة كما يريد البعض أن يُظهِر؟ أم أن هذه الفكرة انعكاس للذي طال السوريين لعقود؟
وفقًا لخبراء اقتصاديين عالميين، تمتلك سوريا موارد تكفي لإطعام أربعة أضعاف سكانها الحاليين، مع توفير حياة بمستوى الدول الإسكندنافية. لكن السؤال المحير: لماذا ومنذ سنوات طويلة يعيش السوريون على حافة الجوع؟ ولماذا أصبحت السيادة كلمة رددتها وسائل الإعلام في حين أن الواقع يقول شيئًا مختلفًا؟
منذ انقلاب حافظ الأسد، انقلبت المعادلة. قيل لنا إن خيرات سوريا تُسخَّر لتحقيق التوازن الاستراتيجي مع العدو، لكن الوقائع الموثقة كشفت عن ثروات تُسرق وودائع تُخبأ في بنوك الخارج. عام 1992، بينما كان الناس ينتظرون بفارغ الصبر زيادة ضئيلة في الرواتب، كانت التقارير الغربية تنشر معلومات عن مليارات الدولارات المودعة باسم الأسد في سويسرا.
أما السيادة، تلك الكلمة التي أصبحت شعارًا رسميًا، فقد تحولت إلى مزحة مُرَّة. إسرائيل لا تكتفي بالاعتداء على الأراضي السورية، بل توغلت عميقًا داخل حدود الوطن. الغريب أن المناطق التي توصف بأنها جزء من سوريا لم تكن في الواقع متاحة للسوريين أنفسهم، إذ كان دخولها يتطلب وساطات ورشاوى.
من جانب آخر، يُقال إن الأسلحة التي دمرتها إسرائيل هي خسارة لسوريا، ولكن هل كانت هذه الأسلحة مُعَدَّة لمواجهة إسرائيل أصلًا؟ أم أنها كانت تُستخدم لإخماد أصوات الشعب المطالبة بالحرية والكرامة؟
وتتجلى المأساة بشكل أكبر في رفض حافظ الأسد عروضًا لتسوية الحدود مع تركيا أو لاستعادة هضبة الجولان، التي كان إسحاق رابين مستعدًا لإعادتها مقابل اتفاق بسيط. هذه القرارات تُثير تساؤلات عن أولويات النظام، الذي يبدو أنه كان يُفضل استدامة الصراع على تحقيق السلام.
أما اليوم، فقد أصبح شباب سوريا موزعون بين من قضى نحبه في المقابر، ومن يبحث عن طعامه في حاويات القمامة، ومن فرّ إلى أصقاع الأرض بحثًا عن حياة كريمة.
سوريا لم تصبح بلا سيادة اليوم؛ إنها تفقد سيادتها منذ عقود طويلة، بيد نظام حول الوطن إلى مزرعة خاصة. الخسارة ليست فقط في الأراضي المحتلة أو الثروات المسروقة، بل في الإنسان السوري الذي فقد الأمل والإيمان بوطن كان من المفترض أن يكون ملاذه الآمن.
#أكرم_شلغين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟