كريمة مكي
الحوار المتمدن-العدد: 8188 - 2024 / 12 / 11 - 15:15
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
لماذا انتقلت بعد الثورة من الرسم إلى الكتابة؟
لأن لوحاتي الكثيرة صارت تذكرني بخيبتي في فن أحببته و لم اجد من يشاركني حبه...
حتى بيّة كانت تتأفف إذا ما و ضعت بعض لوحاتي في غرفتها فوق الخزانة.
تقول لي في تبرّم واضح: ʺو كيف أرتب حقيبتي و أين أضع أغراضي؟؟؟
ما فائدة هذه اللوحات التي يتكدس فوقها الغبار!
بيعيها أو حتى اعطيها لوجه الله!ʺ.
لم تشعر بي بيّة يوما و بأحزاني...
لم تقترب مني...
ربما لأني حاضرة دوما في انتظار تحقيق طلباتها!
هي لا تدري ما تعني لي تلك اللوحات التي رسمتها بدمعي و بدمي!
معذورة...
ربما لأني أخفيت عنها همومي و أوجاعي فصارت تتأفف حتى من أكثر الأشياء التي أحب.
عندها حق... لا هي و لا أبوها يحبون هذا الفن التشكيلي فلماذا أفرض عليهم ما لا يحبون!
ها قد امتلأت الشقة باللوحات : تحت الأسرّة و فوق الخزائن و في منشر الكوجينة حيث جعلت في ركن منه مرسمي، فسي محمود لا يحب أن يراني و أنا ارسم و لا أيضا بية تحب ذلك، لذلك اخترت ذلك المكان الذي لا يدخلوه عادة لأرسم في سريّة و راحة و كلما دخلوا البيت فجأة و سمعت شقشقة المفاتيح اندفعت فورا خلف حوض الغسيل أدّعي تحضير وجبة أو كوب شاي!
كنت أختلي باللوحة و الفرشاة في ذلك الركن الهادي كمن تختلي بحبيب يهوّن عليها أوجاع الحياة.
الآن فرغ البيت و بقيت وحدي...
الآن لن أجعل مرسمي في الصالون و لا في الشرفة و لا حتى في غرفة من الغرف.
الآن لم أعد أحتاج لا للوحة و لا لفرشاة و لا لحقيبة الألوان !
سأعمل بنصيحة بيّة:
سأحاول التخلص منها...
لقد ذبحتني يوما بكلامها حين رأتني أتأمل لوحة قبل أن أنهيها، فقالت لي بشيء من السخرية المرّة: كأنك حين ترسمين تظنين أنه سيأتي يوم و يتحدث الناس عنك كما يتحدثون عن بيكاسو مثلا!
و تركتني و خرجت مسرعة لموعد مع أصحابها.
معها حق بية...
معها حق سارة كما كنت أحب أن أسمّيها.
لكم كنت أحب اسم سارة و تمنيته اسما لها و لكنه أسماها بيّة.
كان يقول ابنتي ستكون بيّة تونس!
و لكن عهد البايات انقضى؟ أقول لحالي، فهل كان مثلا يتمنى عودة حكمهم ليصاهرهم و تصبح ابنتنا بيّة: بيّة زمانها؟؟؟
لا أشك أنه لو كان لبن علي ابنا في عمر بيّة لتمنّى أن يصاهره.
لقد حكى لي عن رجل أعمال ثري كان طامعا في تزويج ابنه لابنة الرئيس فأرسله إلى بلد أوروبي و سجله في نفس الجامعة التي تدرس بها ابنة بن علي لعلّ و عسى : أن تقع البنت في حبّه فيخضع بن علي!!
و كان أن تعرّض ابنه لحادث مروّع بعد سفره بقليل عاد على إثره لتونس لمتابعة العلاج و قد أنفق عليه الأب الطماع أكثر حتى من تلك الأموال التي رصدها لإقامة العرس المأمول على ابنة الرئيس!!
*مقتطف من قصة ʺكنت سأكون زوجة للدكتاتورʺ
#كريمة_مكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟