أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - لا تكن رئيساً دكتاتوراً لئلا يُداس ضريحك!














المزيد.....

لا تكن رئيساً دكتاتوراً لئلا يُداس ضريحك!


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8188 - 2024 / 12 / 11 - 13:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين يُذكر التاريخ، فإنه يذكر الأحداث الكبرى لا بالأرقام فقط، بل بوقعها على الشعوب ومآلاتها. وحين مات حافظ الأسد عام 2000، كان مشهده الأخير يحمل دلالات كثيرة، تنبئ بما سيحدث لاحقاً في سوريا التي حكمها لعقود بقبضة من حديد. قرار نقل جثمانه إلى القرداحة لم يكن محض مصادفة، بل خطوة مدروسة لتجنب أي احتمال أن تصبح عظامه هدفاً للغضب الشعبي، أو أداة يُنتقم بها من إرثه الاستبدادي.
القائد، مهما كان متسلطاً، عليه أن يُدرك أن لحظة السقوط قد تأتي. حافظ الأسد، رغم دهائه السياسي، لم يشهد تلك اللحظة بنفسه، لكنه ورّثها لابنه بشار الذي سار على نهج الكراهية، واضعاً بلاده على مسار كارثي، حتى صارت سوريا أشبه بمزرعة شخصية تُحكم بالحديد والنار.
بين الماضي والحاضر: خطأ التوريث
عندما قرر الأوصياء على إرث الدكتاتورية بعد وفاة حافظ الأسد أن يُورّثوا الحكم لابنه، لجؤوا إلى مجلس الشعب السوري ليكون غطاءً قانونياً للخرق الواضح للدستور، ولا يزال مشهد بعض هؤلاء أمام عيني وهم ضمن لجنة"برلمانية" مختصة يقودون الدوس على القانون. بأمر من أسرته حاشيته، فتم تعديل الدستور خلال دقائق معدودة، ليصبح بشار مؤهلاً دستورياً لتولي الحكم خليفة لأبيه، في خرق للقانون الذي لم يكن يسمح له برئاسة البلد دون ست محددة، أي رغم عدم توافر الشروط القانونية المطلوبة، إضافة إلى عدم توافر الإمكانات والخبرات . ذلك الإجراء لم يكن مجرد تلاعب قانوني، بل كان تكريساً لثقافة الاستبداد والكراهية التي استمرت مع بشار الأسد.
بشار، الذي ورث السلطة دون شرعية شعبية، لم يبذل جهداً في إصلاح ما أفسده والده، بل زاد الطين بلة. وعوضا عن أن يلتفت لمشاريع التنمية والإصلاح، أغرق البلاد في صراعات داخلية، وساهم في تمزيق النسيج الوطني. كانت تلك السياسات بمثابة الزيت الذي صُبّ على نار مشتعلة أصلاً.
القبر كرمز لنهاية الطغاة
في التاريخ، كثيراً ما يرتبط قبر الطاغية بمصير إرثه. فالضريح، الذي يُفترض أن يكون رمزاً للهيبة والاحترام، قد يتحول إلى موضع للسخط والانتقام إذا لم يكن القائد محبوباً من شعبه. حافظ الأسد، الذي اختار القرداحة ملاذاً لجثمانه، كان مدركاً أن دمشق، بكل رموزها التاريخية، قد لا تكون آمنة لجثمانه إذا انقلب عليه الزمن.
لكن الدروس المستفادة من الماضي لم تكن كافية لبشار الأسد. فقد مضى على خطى والده، غير مدرك أن الحكم ليس امتيازاً أبدياً، بل مسؤولية تجاه شعب يستحق الحرية والكرامة. تلك الكراهية التي زرعها النظام في نفوس السوريين تحولت إلى إعصار دمر كل ما تبقى من سوريا.
سقوط الهيبة الوهمية
الطاغية، مهما بالغ في إحكام قبضته، لن يستطيع الهروب من حقيقة أن السلطة لا تدوم. سقوط هيبة الطغاة لا يبدأ في يوم السقوط الأخير، بل يتراكم مع كل قرار خاطئ، وكل ظلم يُمارس على الشعب. وحين يدوس الغاضبون على قبر الطاغية- رغم اعتباري الأمر مشيناً-، فإنهم لا يدوسون عظامه فقط، بل على كل معاني الظلم والاستبداد التي جسدها.
بشار الأسد، الذي يظن أن سوريا مُلكٌ خاص، ينسى أن التاريخ لا يرحم، وأن الشعب، مهما صبر، لن يغفر لمن أهدر كرامته ودمر بلاده. فما يُبنى على القهر والاستبداد مصيره الانهيار.
الرسالة الأهم: لا تكن دكتاتوراً
أي قائد يرغب في ترك إرثٍ خالد، عليه أن يتعلم من أخطاء من سبقوه. الطاغية الذي يعيش حياته مغلقاً أذنيه عن مطالب شعبه، يعيش في عزلة زائفة، قد تُدمَّر في لحظة واحدة. أما القائد الذي يحكم بالعدل، ويضع مصالح أمته فوق مصالحه الشخصية، فإنه يُخلد في ذاكرة شعبه كرمزٍ للنزاهة والحكمة.
الضريح، في نهاية المطاف، ليس مجرد مكان لدفن الجسد، بل عنوان رمزي لإرث صاحبه. وحين يتحول قبر الطاغية إلى موضع للسخط، فإنه يُعلن نهاية حقبة من الظلم، وبداية حقبة جديدة، قد تكون أكثر إشراقاً.
أجل. على القائد أن يتذكر أن الحكم مسؤولية، لا امتياز. ومن لا يحترم شعبه في حياته، لن يحظى باحترامهم حتى بعد مماته؟!



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجريم ب ي د وتكريم فروع القاعدة:ازدواجية المعايير في المشهد ...
- من أوصل بشار الأسد إلى هذا المصير الأسود؟
- مهجرون أم رهائن: لماذا يمنع عودة كرد عفرين المهجرين؟
- شجاعة الكتابة في زمن الفوضى: بين وضوح الرؤية وتحديات المجهول
- سقط الأسد: أي مصير ينتظره؟ أي مصير ينتظر سوريا والسوريين؟
- سقط الأسد: أي مصير ينتظره؟
- مأساة سري كانيي وتل أبيض: الوجه الآخر للتهجير في أوج التجاهل
- إطلاق النار الاستباقي ووسائل التواصل الاجتماعي مقاربة نفسية ...
- الشائعات في زمن الحرب: بين التضليل والتحقق
- أردوغان متذاكياً مجرم محتل في صورة ملاك!
- قوافل العودة إلى عفرين: حين يصبح الحنين إلى- المنزل الأول- م ...
- مصطلح الثورة في ترجمات القتلة وأشباههم!
- الكرد وحق الاستقلال و مواجهة مخططات الإبادة
- سوريا على مفترق طرق.. من أطلق النصرة من قمقمها؟
- عابرون في مهمة عابرة.. في منفذي المخطط
- سوريالية المشهد السوري: بين لعبة المصالح وتفكيك الجغرافيا
- انتفاضة نساء- كاخري-
- ضابط المخابرات منيرالحريري: ستوب...!
- الحرب الإلكترونية الأولى في دهاليز الإنترنت!
- الأدب الكردي المكتوب بالعربية3


المزيد.....




- جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال ...
- الجولاني: نعمل على تأمين مواقع الأسلحة الكيميائية.. وأمريكا ...
- فلسطينيون اختفوا قسريا بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية مناز ...
- سوريا: البشير يتعهد احترام حقوق الجميع وحزب البعث يعلق نشاطه ...
- مصادر عبرية: إصابة 4 إسرائيليين جراء إطلاق نار على حافلة بال ...
- جيش بلا ردع.. إسرائيل تدمر ترسانة سوريا
- قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 57 مقذوفا خلال 24 ساعة
- البنتاغون: نرحب بتصريحات زعيم المعارضة السورية بشأن الأسلحة ...
- مارين لوبان تتصدر استطلاعا للرأي كأبرز مرشحة لرئاسة فرنسا
- -الجولاني- يؤكد أنه سيحل قوات الأمن التابعة لنظام بشار الأسد ...


المزيد.....

- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم اليوسف - لا تكن رئيساً دكتاتوراً لئلا يُداس ضريحك!