أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - -دولة الأوبرا- … منارةُ البهاء














المزيد.....

-دولة الأوبرا- … منارةُ البهاء


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 8188 - 2024 / 12 / 11 - 10:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


Facebook: @NaootOfficial
“علّموا أولادَكم الفنون؛ ثم أغلقوا السجون"، عبارةٌ عميقةُ الدلالة قالها "أفلاطون" الفيلسوف الإغريقي في القرن الرابع قبل الميلاد، مخاطبًا أبناء مدينة "أثينا"، بعد زيارته لمصر القديمة، قِبلة الفنون والعلوم منذ إشراقها الأول. قالها تأثرًا بالموسيقى المصرية في عظمة تجلّيها، ودهشته من سحرها الأخاذ وعمق مراميها الروحية، فأيقن أن مثل تلك الموسيقى العبقرية كفيلة ببناء شخصية الإنسان على النحو الأكمل ليغدو مواطنًا صالحًا، غير قابل للسقوط؛ وبالتالي ما الحاجة للسجون؟! الفنون الرفيعة هي الحصانة ضد الجريمة والانهيار الأخلاقي. ولهذا فإن المجتمعات التي تحترم الفنونَ الرفيعة وتُغرق أبناءها في دروبها، قلّما تحتاج إلى السجون، لأن نسبة الجريمة فيها تكاد تنعدم.
تلك العصا النحيلةَ، في يد المايسترو، أخطرُ من سيفٍ وأقوى من رصاصة. فالرصاصةُ تقتلُ الجاحدَ وتُصفّيه جسديًّا، بينما "الموسيقى" التي تطيرُ من طرف العصا، تُذيب قلبَ الجاحد، فيرقُّ ويرهُفُ ويتحوّل إلى رؤوف رحيم.
لهذا نحتشدُ اليومَ لنحتفلَ بعيد ميلاد الجميلة "دولة الأوبرا المصرية" ونطفئ في كعكتها ستًّا وثلاثين شمعةً من عمرها البهيّ. تمتد لتتواصل مع شمعات شقيقتها الكبرى "الأوبرا الخديوية" التي ولدت عام ١٨٦٩، وعاشت ١٠٢ عامًا قبل أن تُغمضَ عينيها احتراقًا عام ١٩٧١. ثم يُعاد افتتاح دار أوبرا جديدة يوم ١٠ أكتوبر ١٩٨٨ تلك التي نقفُ اليومَ على أعتابها كلما رُمنا الجمال. وبهذا فإننا فعليًّا نحتفل بعيد الميلاد رقم ١٣٨ لتلك الدار المصرية العريقة الصادحة بالفنون والجمال كأول دار أوبرا في الشرق الأوسط والعالم العربي، وواحدة من أقدم دور الأوبرا في التاريخ بعد إيطاليا.
وجميل أن يتزامن احتفالُنا بنصر أكتوبر المجيد مع عيد ميلاد الأوبرا، كما قال وزير الثقافة د. "أحمد فؤاد هانو" واصفًا إياها بأنها: "منارة الفنون وقلعة الإبداع”، في كلمته بالأمس في الاحتفال الحاشد الذي أخرجته على نحو فائق الدكتورة "لمياء زايد" رئيسة دار الأوبرا المصرية، لتقدّم لنا ألوانًا من الفنون المصرية كان ختامُها الرائع مع عصا المايسترو "نادر عباسي" وأوركسترا أوبرا القاهرة، ومقتطفات من أوبرا "عايدة" التي ألّفها الموسيقار الإيطالي "فيردي" خصيصًا من أجل افتتاح الأوبرا الخديوية عام ١٨٦٩، ومشهد النصر الشهير الذي كأنما يجمع التاريخ احتفالا: بعيد الأوبرا الأول قبل ١٣٨ عامًا، ونصر أكتوبر المجيد قبل ٥١ عامًا.
أعلم أن الكتابةَ عن الفنون بالكلمات، خطيئةٌ وعبثٌ. فلا شيء يصفُ الجمالَ إلا أن تراه وتسمعه وتنهل من مائه العذب حتى ترتوي. الكتابة عن الفنون تشبه أن تصف لكفيف شكلَ السماء وتلك اللوحات التي ترسمها الغيومُ برقائق الجليد، والطيور التي تقطعُ اللوحة بأجنحتها، أو أن تصفَ لأصمَّ صوتَ زقزقة العصافير وهديل الحمام وهدير الموج! كيف تصف بالكلمات الفقيرة عطرَ وردة لحظة تسقط عليها قطرةُ ندى؟! استحالات! لهذا قيل إن "الصمتَ في حرم الجمال جمالٌ.” ما كان ينبغي أن أكتب عن الفنون وصرحها، لأن اللغة قاصرةٌ عاجزةٌ. كل ما هنالك أنني وددتُ أن أشكر أولئك الذين يغزلون لنا "ثوبَ الجمال" في "دولة الأوبرا"، لنسترد إنسانيتنا التي تتسرّب من بين أصابعنا مع كل دمعة طفل يبكي هلعًا في مرمى رصاص الطغاة، وكل زفرة أم ثكلى تفقد ابنها في لحظة شهادة، وكل غاشم يحتلُّ وطنًا ويغتالُ بنيه. ليس علينا إلا الصمتُ في حرم الجمال، لكي ترتقي إنسانيتُنا ونتهذّب. نصمتُ ونتركُ الهواء ينسابُ مع راقصات الباليه، والنغمَ ينساب من أوتار الآلات الموسيقية، والعذوبة تنسلُّ من حناجر المطربين العظام، والجمال والسحر يتفجّر من حولنا من كل صوب مثل شلالات عذبة من النور.
اليومَ تُتمُّ الجميلةُ الجديدة عامَها السادس والثلاثين. "دار الأوبر المصرية"، التي يروق لي أن أُسميّها "دولة الأوبرا"، لأنها دولةٌ مكتملةُ الأركان، بشعبها ورئيستها وقوانينها وزيّها الرسمي وجنودِ جيشها ودستورها الحاكم. فأشكر كل من وضع طوبة في هذا الحصن التنويري الهائل، حصن الفرح البهيّ، لأنه يمنحني الفرحَ كلما اخترقت قلبي سهامُ الهموم والكدَر. اليومَ حقٌّ عليّ أن أقول: شكرًا "للخديوي إسماعيل"، الذي شيّد لنا دار أوبرا القديمة عام ١٨٦٩. وشكرًا لإمبراطور اليابان الذي أهدانا دار الأوبرا الجديدة بعد احتراق الأولى عام ١٩٧١. وشكرًا لجميع القائمين على هذا الصرح التنويري العظيم، تحت قيادة الباليرينا والصوليصت والمخرجة والمصممة الجميلة د. “لمياء زايد" التي تصلُ الليلَ بالنهار حتى تجعل من "دولة الأوبرا" منارةً إشعاع حضاري فاعلة تنطلق من مصر وتوجه نورَها صوب العالم. شكرًا لأنكم تمنحونا الفرح والحياة والرقي. كل سنة وكل خشبات مسارح دولة الأوبرا مُضاءة بالنور والجمال.


***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحبة التي لا تسقط … في -أروم-
- كتابايَ الجديدان … و حدوتةُ الحاج -مدبولي- (١)
- حدوتةُ الحاج -مدبولي- (٢)
- -غيَّروا وجه التاريخ-… بينهم المصريان: “نجيب ونوال-
- اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني
- الدوجمائيُّ … ومعركةُ التقاويم!!
- -أوديب- … وقد غادر الطائرة
- الثعبانُ والعقربُ … الراهبُ والمؤمن
- ٧ شمعات … يا -كاريزما-
- -كيميت-... تُحيِّي القانونَ في عيده
- رفعت عيني للسما
- رحلةُ العائلة المقدسة … و-الوعي الشعبي-
- -فيروز-… عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم
- المُلحد … الشيطان!!
- قشرة البندق!
- -عيد الحب- … يبحثُ عن شجرة الزيتون!
- “مهرجان آفاق مسرحية-… شمعة عاشرة
- “ميتا- تسافرُ بكنوزنا إلى الماضي في حضرة -المتحف المصري-
- صديقتي … الأطفالُ …. والشغف
- السير/ -مجدي يعقوب- … أوكتاڤُ الحياة1


المزيد.....




- لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
- “هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...
- “شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال ...
- قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
- بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
- السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
- مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول ...
- المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي ...
- المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
- بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - -دولة الأوبرا- … منارةُ البهاء