اسماعيل شاكر الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 8188 - 2024 / 12 / 11 - 10:01
المحور:
الادب والفن
https://www.google.com/search?q=قناة+العربية+مباشر&rlz=1CDGOYI_enUS1113US1113&oq=ق&gs_lcrp=EgZjaHJvbWUqBggAEEUYOzIGCAAQRRg7MgYIARBFGD0yBggCEEUYPDIGCAMQRRg9MgYIBBBFGDsyBggFEEUYOzIGCAYQRRg8MgYIBxBFGDkyDQgIEAAYgwEYsQMYgAQyDQgJEAAYgwEYsQMYgATSAQg2MzEwajBqOagCALACAeIDBBgCIF8&hl=en-US&sourceid=chrome-mobile&ie=UTF-8#fpstate=ive&vld=cid:695dfb39,vid:jJqcFN-hjGg,st:0 ورحل طاغية آخر
لم يجف نهرا الفرات وبردى حزناً عليه ، ولم يهرع جبل قاسيون خلفه ، ويترك ارض الوطن تميد بساكنيها ، وحين صحا الناس صباحاً على خبر هروب الطاغية : وجدوا الطبيعة كما هي : الضوء يملأ ارجاء المكان ، والغيوم تسقي الزرع وتبلل المشاة ، والأشجار تنتصب مورقة ، وسمعوا اصطفاق اجنحة الطيور المهاجرة ، ومرح أصواتها وهي تغرد ، وترقرق ، وتطلق الهديل ...
ونظر الشعراء وكتاب الأعمدة والمنظرون إلى انفسهم في المرايا : وهم يتحسسون وجودهم : وقد اصابهم العجب من كونهم يستطيعون العيش من غير تهليل وتمجيد وتطبيل …
واكتشف السجانون والجلادون والمخبرون السربون : ان الوطن يمكن ان يظل بخير من غير هراوات وتقارير وسجون.
وفي زحمة تدافع رغباتهم لاكتشاف بعض اسرار الطاغية ، وجد المالكون الجدد لبلاد الشام : مفاتيح أبواب قصور الرئاسات وابواب الوزارات : واكتشفوا بعض الاسرار ، وأذهلتهم الصور والعطور ، وتلمسوا مسحورين ملابس النوم : حتى إنهم لفرط دهشتهم :سمعوا ضحكات الفتيات اللواتي كن يراقصن الطاغية ويشبعن رغباته الجامحة …
في جوف طائراتهم : المهاجرة بهم في درب " الصد ما رد " يحاول الطغاة استعادة بعض ذكرياتهم ، ( لطرد الشعور بسقوطهم في عزلة قاتلة ، ) لكن دون جدوى . يصعب على الطغاة الإحساس بعجزهم عن الإمساك بذكرياتهم ، هم الذين كانوا يحملون بلدانهم بأطراف أصابعهم . فيتصاعد حزنهم واساهم على ما يواجهونه من مصير : فقدوا فيه القدرة على استعادة بعضاً من ذكرياتهم ، فتصطك عظامهم غضباً وهم في جوف طائراتهم التي تمخر بهم عباب الكون في درب " الصد ما رد "
والآن ادركوا السبب الذي حمل مستشاريهم على تقديم النصح لهم بحمل . مفاتيح أبواب السجون الكبيرة معهم . لقد تاكدوا من صحة ما سمعوه من انهم سيشعرون بعزلة قاتلة تنخر عظامهم ، مع اللحظات الأولى التي يبارك لهم الطيار فيها سلامة الاقلاع . ، وأنهم لا يتمكنون من كسر طوق هذه العزلة باستعادة بعض ذكرياتهم : لان ذاكراتهم انفصلت عنهم ما ان اقلعت بهم طائراتهم ارض الوطن …
تعجب آخر طاغية هارب من ان حالة النسيان الشامل التي يعيشها لم تحل دون ان يتذكر صوت. مستشاره المقرب الذي نصحه بتحريك مفاتيح أبواب السجون ، كلما حاصرته العزلة واشتاق لسماع أصوات بشرية …
وهكذا تسللت أصابع بشار الاسد إلى جيب سترته ، ما ان شعر بالعزلة تطوقه ، وهو في جوف طائرة مهاجرة به في " درب الصد ما رد " ، وحين تلمست انامل أصابع كفيه مفاتيح السجون الراقدة في جيوب سترته حتى انفجرت بعاصفة من تشابك أصوات الأنين والشكوى ، فابتسم شاكراً مستشاره الوفي الذي جعله يفك طوق عزلته بعاصفة من الأنين والشكوى البشريتين …
لويزيانا : 8-12 - 2024
#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟