ماذا يجري بسوريا..؟ - الحلقة الثانية


امال الحسين
2024 / 12 / 11 - 07:41     

لا يمكن حجب الشمس بالغربال بغوغاء الصهيونية والرجعية العربية، لقد هرب الديكتاتر وليكن من أجبره على ذلك من يكون، لقد خرج الشعب من عنق الزجاجة وليكن من أدخله إليها من كان، لقد فتح الشعب سجون الديكتاتور وكشف ما هو أفظع ومخفي في دهاليز المخافر، لقد بين الشعب في خروجه قوته على تحويل المأساة فرحا فبكت الأمهات من قوة المأساة والفرح مأساة أبنائها المستشهدين والمفقودين في الساحات وفي أقبية سجون الديكتاتور.

لقد انتصر الشعب وسقطت الأقنعة وليكن من يكون السبب يبقى سبب المأساة والفرح هو أبو الديكتاتور وعائلته، إنه غدر الزمان والتاريخ لقد شارك أبو الديكتاتور في محاصرة الديكتاتور صدام يوما إلى جانب الصهاينة فيما سمي عاصفة الصحراء الحرب الإمبريالية على الشعب العراقي، شارك للقصاص من غريم حزبه اللابعثي ضد حزب صدام اللابعثي، وهو يرقص على جثث ضحاياه في سوريا ولبنان وفلسطين.

لا شك أن مصير الديكتاتوريين يتشابه إلى حد بعيد وهم كثر في البلدان العربية أو قل كل حكام العرب ديكتاتوريون بدون استثناء، ينعشون الصهيونية بدون شك ويتموقعون في أحضانها بدون شك، لقد سبقهم الى مزبلة التاريخ الدركي الصهيوني شاه إيران وبعده الصهيوني السادات والقدافي، لكن الشعوب تنتصر بين المأساة والفرح وتدرف أمهات الشهداء والمفقودين دموع المأساة والفرح، هنيئا لأمهات سوريا ولتكن دموعهن ماء سلسبيلا يسقي شجرة الثورة تظلل أمهات الشهداء والمفقودين الفلسطينيين وكل مقهورات البلدان العربية المقهورة.

أنا لا أحاكم بشار ولا نظام أبيه إنما أحاكم من تخاذل حتى ساد نظام ديكتاتوري في مثل هذا البلد النظيف بتاريخه العظيم حضارة وثقافة، وهل يحق لنا أن نتنازل بعد كل التنازلات التي أسقطت الثورة العربية كما حددتها منظمة إلى الأمام..؟ السرد التاريخي للهزائم الوارد في النص تعبير صارخ عن نتائج التنازلات التي برر بها السابقون براءتهم، ففي كل تنازل انحدار نحو الهاوية حتى المستنقع كما أصبحنا نعيش اليوم دون جواب شاف للمرحلة التاريخية.

أنا لا يهمني البحث عمن يعوضه لأنه من طبيعة الحال كل تاريخه قاتم يقتل الثورة ومن يعوض الديكتاتور يكون بالطبع أفظع منه لأنه وضع له أسس الفظاعة، من عوض شاه إيران ؟ كنا في السبعينات نشتاق إلى الثورة ونحن إليها وكانت سنة 1979 في تاريخنا محطة هائلة تزامنت مع حركة العميل السادات، وكلاهما حلا بالمغرب الأول بحثا عن ملجأ والثاني قادما من كامب ديفيد بحثا عن سند النظام، وانتفضنا بالجامعات كطلبة لم نعلم آنذاك أن كل شيء محبوك ضد الثورة الفلسطينية، اليوم بعد مرور 45 سنة يتم إعادة نفس اللعبة في شروط مختلفة وفظيعة تمت فيها إبادة الشعب الفلسطيني بغزة، فهل نتنازل للمرة المئة..؟

كما يقول العرب "المرء لا يلدغ في الجحر مرتين"، ومع الأسف الشديد لدغت الشعوب العربية من طرف أنظمتها الرجعية مرارا بفعل تنازلات من يمثلون قوتهم المزعوم "الثوريون"، من يستحق اليوم أن يكون ثوريا..؟ سؤال استنكاري يحرج كل من يتعلق بالثورة العربية وهناك من يعتبرها نمطا معينا مع إضافة بعض التنازلات في كل فترة أو مرحلة، فهل يستحقون أن يكونوا ثوريين..؟

أن نسمي الأمور بمسمياتها لا يعني الفرح بقدر ما يعني الصراخ والقلق والرفض للواقع، والنص يعبر عن قلق يكسر الصمت ويقول :"يكفي من التنازلات"، حتى لا يصبح التنازل جزءا من الهوية الثورية، أكيد أن الحقيقة مرة ولكنها تشفي الغليل وتبعث القوة في الصمود، أما السكوت عنها وغض الطرف عن الوجه القاتم فيما يسمى المقاومة يمكن أن يكون عاملا من عوامل الهزائم المتكرر.

نعم من حقنا أن نفرح ليس بسقوط الديكتاتور إنما استجابة لدرف دموع النساء بشواع دمشق، فرحا بلقاء فلذات أكبادهن شعور لا يمكن أن نمر عليه ونبحث عمن سيصعد غدا لأنا تلك الدموع مأثورة قد تطارد كل انتهازية يسعى للصعود، دموع دمشق اليوم درفت ضدا على دموع السوريات بشواع وممرات المدن المغربية وهن يمددن أيديهنا احتقا من أجل لقمة العيش، لطالما ممرت بهن على متن طاكسي ووجوهن يحمل مأساة دمشق، إن الجانب الإنساني هو الذي يجب أن يحضر في مثل هذه الهزائم لترسيخ الصمود والتضامن والمقاومة، يجب نبد الساسوية قبل نقد موقف الهزيمة.

على كل الأحرار مشاركة أمهات سوريا فرحتهن على طريق صنع الثورات في بلدانهم بدل نبش جروح سوريا المريضة.