ابو محمد الجولاني ، الزعيم الاسلامي الذي اسقط بشار الاسد

فؤاد الصفار

الحوار المتمدن-العدد: 8187 - 2024 / 12 / 10 - 21:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

أعداد: فؤاد الصفار

ابو احمد الجولاني ، الزعيم الاسلامي الذي أسقط بشار الاسد
بعد الانفصال عن تنظيمي القائدة والدولة الاسلامية ، وعد زعيم هيئة تحرير الشام ،بحل تنظيمه ، أننا نريد استبدال بشار الاسد ، ولكن هناك ظلال كثيرة
لحيته فقط لم تتغير ، بل أصبحت قصيرة واكثر تمشيطا ، أما ملابسه ،فإن الرجل يشبه الحرباء ، بمرور السنين ومن فيديو الى فيديو ،نراه مرة يرتدي عمامة بيضاء ، عندما كان يقلد مثله الاعلى اسامة بن لادن ، ثم القبعة الصوفية السميكة ذات اللون الرمادي الداكن والزي الاسود عندما كان يقود جبهة النصرة ، النسخة السورية من تنظيم القاعدة ، ثم رأيناه يرتدي ملابسه من الرأس الى اخمص القدمين بالزي الكاكي عندما احتل قلعة حلب أمام انظار الكاميرات ليظهر امام العالم أنه امير الحرب واخيرا رأيناه ببدلة انيقة عندما يلتقى الصحفيين الغربين ، أما الان فهو يبدو متأثرا بزي الرئيس الاوكراني زيلنسكي ، لابد أنه تعرف اليه عن طريق الشبكات الاجتماعية ،حسب ما ذكر احد الباحثين الفرنسيين يعمل في سوريا .
في الشرق الاوسط يدققون كثيرا في ملابس ، كونها تعكس شخصية الرجل ، فقد ظهر ابو محمد الجولاني رئيس هيئة تحرير الشام في ملابس من الطراز الغربي في مقابلة مع قناة PBS، اثارت جدلا في وسائل الاعلام العربية لمعرفة ما اذا كان هذا التغير يعكس نهاية علاقته بالجهاد والانفتاح على الغرب ، وخاصة بعد التصريحات الغير متوقعة من الجولاني ،قبل عدة ايام ، بأن كافة مقاتلي هيئة تحرير الشام وكذلك المجموعات الاخرى سوف تترك المدن خلال الاسابيع القادمة . " احد الباحثين في مجموعة الازمات الدولية وهي مؤسسة امريكية " ذكر" أن بعد هذا النصر سوف يقوم بالاندماج في المؤسسات العسكرية والمدنية الجديدة التي تعكس المجتمع السوري بأكمله ". هناك علامات عن تغير حقيقي أو انتهازي لزعيم هيئة تحرير الشام ، في 5 ديسمبر/كانون الاول ، ارسل رسالة بسمه الصريح احمد الشرع الى اهالي حماة مهنئا لهم الانتصار على النظام .
" مع ابو بكر البغدادي في معسكر السجناء "
أسمه الحقيقي احمد حسين الشرع ، 42 عاما ، أصله من مدينة درعا جنوب سوريا تعتبر " مهد الثورة السورية " أمضى سنواته السبع في المملكة العربية السعودية ، حيث كان يعمل والده وهو خبير اقتصادي ، يعمل كمهندس في شركة بترول ، بعدها انتقلت عائلته الى دمشق التي استقر فيها جده بعد احتلال الجولان خلال حرب الايام الستة ، أمضى فترة المراهقة في منطقة المزة ، احد ضواحي دمشق الغنية ، وفرت له تعليم جيد بما غي ذلك الدراسات المعمقة في الادب واللغة العربية .
في الانتفاضة الثانية في اسرائيل عام 2000 ،أثرت عليه بشكل كبير ،جعلته يتجه نحو التطرف ، وذكر في مقابلة له على PBS، في 2021، " كان عمري 17 او 18 سنة في ذلك الوقت وبدأت افكر في كيفية الدفاع والقيام بواجبي تجاه شعب مضطهد من قبل المحتلين والغزاة " . وحال الكثير من اقرانه الطامحين الى الجهاد ، كان الغزو الامريكي للعراق عام 2003 ، فرصة له ، توك الجامعة في دمشق وذهب الى بغداد قبل وصول القوات الامريكية الى العاصمة ، وهناك التحق بسريا المجاهدين التي كانت ناشطة في مدينة الموصل ، وهناك بدء استخدام السلاح وبدأت حياته الجهادية والتي بالضرورة قادته الى السجن . أعطى ولائه الى الجهادي ابو مصعب الزرقاوي الذي انشا عام 2004 الفرع العراقي لتنظيم القاعدة والذي اصبح فيما بعد الدولة الاسلامية ، كان قريبا من ابو مصعب الزرقاوي وكان هذا الشخص متعصب ضد الشيعة وكان يقتل ويذبح بدم بارد الرهائن ، والذي قتل بغارة امريكية عام 2006 ، واعتقل الجولاني ، واودع في سجن بوكا الضخم على الحدود العراقية الكويتية .
سجن بوكا كان يضم بين 2003 و 2009 اكثر من 100 الف من الارهابين او المشتبه في ضلوعهم في الارهاب ، وكان هناك عدد كبير من قادة تنظيم الدولة الاسلامية التي انشأت بعد اطلاق سراحهم ، وكان الجولاني قد قدم نفسه على انه عراقي امام ضباط المخابرات الامريكية ، فسجن مع العرقيين وليس الاجانب , سجن بوكا كبير ولا توجد فيه زنزانات بل خيام ، مما سمح للجولاني بالتنقل والتعرف على كثير من قادة الجهاديين ولا سيما مؤسسي الدولة الاسلامية ، وكان يعطي دروس اللغة العربية الفصحى لهم وهكذا تعرف على ابو بكر البغدادي ، وحال اطلاق سراحه ، انظم الى البغدادي الذي انفصل عن تنظيم القاعدة واصبح رئيسا لعمليات داعش في محافظة نينوى .
عندما بدأت الانتفاضة في سوريا ، سارع الجولاني للعودة الى سوريا ، وفعلا في عام 2011 عاد الجولاني مع عدد من الجهادين العراقيين والسوريين مع 60 بندقية لغرض توزيها على الخلايا النائمة في المدن السورية ، وكانت هذا بداية نشاط طويل للجولاني في سوريا ، واصبح شخصية مركزية ومثيرة للجدل كما يذكر الباحثين حمزة المصطفى وحسام جرماني من موقع عيون الشرق الاوسط .
في 23 يناير/كانون الثاني 2012 ، تم تشكيل جبهة النصرة برعاية البغدادي وأصبح الجولاني زعيما لها ، وعندما اراد البغدادي أن يدمج جبهة النصرة مع الدولة الاسلامية ، رفض الجولاني ، وفي 10 ابريل/نيسان 2013 ، أعلن الانفصال وبايع ايمن الظواهري امير تنظيم القاعدة . بعد ذلك انشق عن تنظيم القاعدة بسبب خلافات عن الزعامة وكذلك اختلاف في المواقف ، فجبهة النصرة ليس لها اهداف ضد الدول الغربية عكس اعمال القاعدة ، والجولاني يقدم نفسه كشخص قومي وطني وهدفه النظام السوري ، هذا ما عبر عنه في لقاء على قناة الجزيرة في 28 مايو/ايار 2015 ، الولايات المتحدة الامريكية والامم المتحدة وضعت هيئة تحرير الشام كمنظمة ارهابية ، كما وضعت امريكيا مكافأة على الجولاني مقدرها 10 مليون دولار ، ولكن جبهة النصرة تأمل دائما إلا يتم نبذها والتصالح مع الدول الغربية ، ولكن ايضا مع الجماعات المعارضة الاخرى ،واصبحت هيئة تحرير الشام واصبح الجولاني زعيما عسكريا وسياسيا لها .
بعد سيطرته على جزء كبير من محافظة ادلب ، المتاخمة لتركيا ، حول الجولاني هذا الجزء كمختبر لممارسة السلطة ، فقام بأنشاء أدارة منافسة لنظام الاسد " حكومة انقاذ" مجهزة بجهاز شرطة ومؤسسات مع السيطرة الكاملة على الاقتصاد , وحتى لو كان الوضع لا يمكن مقارنته بالوضع في المناطق التي يسيطر عليها النظام ،فإن المجتمع المدني تعرض لاختبارات قاسية في ظل حكم هيئة تحرير الشام من اعتقالات، خطف وتعذيب ، قمع للتظاهرات وحتى اغتيالات ، مثل حالة رائد فارس من المناضلين ضد نظام الاسد ، قتل في 23 تشرين الثاني 2018 , اما فيما يتعلق بالأقليات الدينية ، أذا كان لهم الحق في الاحتفال بدينهم ، فأنهم مع ذلك يظلون خاضعين للكتمان والسرية ، كما يسمح لهم بالقداس ولكن لا يسمح برفع الصلبان فوق اجراس الكنيسة ,
على الرغم من التهديد المستمر بشن هجوم من قبل القوات الموالية للنظام ، والقصف المتواصل من قبل الطائرات الروسية والوضع الاقتصادي والصحي الحرج ، مع تدفق حوالي ثلاثة ملاين نازح ، فإن الجولاني قام بجعل هذه المنطقة مختبرا لاستعادة سوريا , هكذا قامت هيئة تحرير الشام بتجنيد جميع النازحين الذين لجأؤا الى مقاطعة ادلب ، وعدتهم بالعودة الى قراهم التي طردوا منها ، وتوفير التدريب العسكري لأطفالهم ، كما انشأ ورشات ومستودع اسلحة كامل وبشكل سري بما في ذلك تصنيع طائرات بدون طيار ، مما اثار الرعب في صفوف الموالين للنظام
ماذا سيحدث لوعوده بعد الانتصار ؟
من الواضح أنه يتمتع بمكانة القائد الوطني ، وقد اظهر ذلك من خلال دمج الاشخاص الذين يأتون من كل مكان في منظمته ومعرفة كيفية توحيدهم ، لكن المهم هو أن نعرف اولا ما اذا كان سياسيا كبيرا ، كما يعتقد الدبلوماسي السابق ميشيل دوكلو " اذا كان الامر كذلك فهو يعلم انه سيستعين عليه التعامل مع المجتمع السوري كما هو ، هو مجتمع سني محافظ ، غير مستعد لقبول الجنون الذي ترغب الجماعات الجهادية في فرضة عليه ، ولكن ميشيل دوكلو يشعر بالقلق ايضا بشان المحطين به" لا نعرف عنهم شيئا
أنها احدى حدود حركته ،لكن يمكننا أن نخشى أنهم يردون نصيبهم من الكعكة .
المصدر : ميديا بارت

#فؤاد_الصفار (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات