|
القفلات المدهشة وجمالياتها في القصة القصيرة جدًا:-بدون إبداء أسباب- ل -محمد أيوب-..
السيد إبراهيم أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 8187 - 2024 / 12 / 10 - 18:15
المحور:
الادب والفن
استطاعت القصة القصيرة جدًا أن تحجز لها مكانًا ثابتًا لا تتزحزح عنه في عالم السرد العربي، خاصةً وأنها انتشرت انتشارًا سريعًا بين من يقبلون عليها كتابةً، أو تلقيًا وتذوقًا؛ لكونها تواكب الحركة المتدفقة في المجتمعات المعاصرة التي تلازمها السرعة في حركة السير، والانتقال، والمعرفة، وتطورات الأحداث السياسية وانعكاساتها على كافة الأنشطة الحياتية.
كما أنها صارت المتحدث الرسمي عن هموم وحال فئات عديدة من المجتمع، في أوجز عبارة، وانتقاء لحدث أحادي، وشخصيات لا تعرف الازدحام في النص القصير، والبعد عن الوصف، والترادف، والاتكاء على التلميح، وإجبار المتلقي على أن يكون طرفًا مشاركًا في القص، دون أن تتنازل عن الحكي السردي، والتكثيف، والمفارقة، والبنائية، والشعرية والبلاغية في اللفظة الموحية ضمن تراكيب لغوية سهلة، ولو تجاورت مع أجناس أدبية أخرى أو تفرعت عنها أو استمدت وجودها منها؛ فالقصة القصيرة جدًّا "صيغة جديدة في الكتابة لها أوليَّاتها الجوهرية التي يجب أن تُكرَّس كثوابت ومتعاليات". بحسب تعريف الدكتورة سعاد مسكين في كتابها: "القصة القصيرة جدًا في المغرب- تصورات ومقاربات".
غير أن "فن القصة القصيرة جدًا فنٌ صعب لا يجيده إلا الأكْفاء من الكتَّاب القادرين على اقتناء اللحظات العابرة قبل انزلاقها على أسطح الذاكرة، وتثبيتها للتأمل الذي يكشف عن كثافتها الشاعرية بقدر ما يكشف عن دلالاتها المشعة في أكثر من اتجاه". بحسب رأي الدكتور جابر عصفور في مقاله: "أوتار الماء، عمل يستحق التقدير".
ومما لا شك فيه أن القاص محمد أيوب من زمرة الكتًاب الأكفاء؛ فقد صدر له: مجموعتان قصصيتان: "من خلف النظارة السوداء" و"شارع ٢١٧ سابقاً"، ورواية "هزائم متكررة"، ومجموعة من القصص القصيرة جدًا: "ما لا يصح أن يقال"، ومن نفس الجنس الأدبي مجموعة: "بدون إبداء أسباب" الصادرة عن دار زين للنشر والتوزيع، القاهرة، عام 2024م، وتضم (77) قصة، غير الإهداء والتعريف بالكاتب والشكر.
ولابد من تدوين ملاحظة هامشية تتعلق بالعنوان: حيث أدخل الكاتب حرف "الباء" على "دون"، والصواب: أن يكون عنوان المجموعة "دون إبداء أسباب". أي: تُستعمَلُ "دون" مُفْرَدَةً من غيرِ حرفِ جرٍّ، بمعنى "من غَير"، وذلك في ضوء أحكام "دون" ودلالاتها السياقية في لغتنا العربية.
وإذا كان بناء القصة القصيرة جدًا قائمٌ على العنوان والمتن والقفلة وغيرها من الخصائص، إلا أن الدراسة اقتصرت على خصيصة القفلة وجمالياتها، ذلك أنها: "جملة الختم شكلا، ولكنها مناط السرد عملا، فمنها انطلاق التأويل، وإليها يستند التعليل، وعليها يندرج التحليل، فهي ذات أهمية قصوى". بحسب تعريف دكتور مسلك ميمون لها.
كما أنه يضع لها عدد من الخصائص التي يجب أن تلازمها؛ فيجب أن تكون قفلة مفاجئة لا يتوقعها المتلقي، وأن تحُدِث فيه توترًا وانفعالا، وأن تكون باعثة على التأمل والتساؤل، وتفتح آفاق التأويل والتحرر من تخوم النص، غير متصنعة، ولا متكلفة، ولا معقدة، تتسم بالعفوية، وتضفي جمالية دلالية وبلاغية على النص، وأضيفُ من عندي: المباغتة، والدهشة وهي من أهم خصائصها، وينتظرها القارئ من الكاتب، مهما بلغت قصته من التكثيف أو الرمز أو الحذف أو الإضمار، ولا يمكن لنسقية النص والتصوير البلاغي أن تجعل من القفلة استثنائية، مهما غطى كل ما سبق ذكره على دلالتها وتأثيرها، ولن يتحقق هذا إلا في وجود القاص الاستثنائي، والقارئ الاستثنائي الذي لا يعرف سوى انتظار جمالية القفلة المدهشة في نهاية النص، بل ربما أسقط الناقد القصة كلها باعتبارها مخالفة لشروط القصة القصيرة جدًا، لأنه أيضا تعود على النهايات والخواتيم المدهشة، وربما كنا في انتظار ناقد استثنائي أيضا.
ولعل من سيطالع قصص المجموعة سيشهد لكاتبها بمدى وعيه بأهمية القفلة، ومدى احترافيته في صناعتها وصياغتها المدهشة التي تحير المتلقي بإيجازها وإضمارها وتكثيفها، وتفسد تنبؤاته، بوقعها الصادم، مُتمسكًا بوحدة الحبكة، وسيادة المفارقة، والحكي السردي الذي لا يفارقه التكثيف اللغوي، وصولا إلى الانبلاجة أو الانبثاق أو الإعلان النهائي عن تمام الوصول أي "القفلة" المغلقة أو المفتوحة.
لقد غلب على أيوب اللجوء إلى السرد بضمير المتكلم في كل قصص المجموعة، وهو أمر يرى البعض أنه يعود للمبدع الذي يحاول خلق مساحة من الحميمية وتضييق الفجوات بينه وبين المتلقي بُغية التأثير فيه، وهو ما يحسه قارئ المجموعة التي بين أيدينا ونجح في استخدامه الكاتب، باعتبار أن "هذه هي أكثر الوسائل استعدادًا لإبراز الإحساس الذي ينقله القاص دراميًا.. كما أن من شأنها أن تؤدي خدمة بأن تدفع القصة إلى الأمام" كما يرى بيرسي لوبوك في كتابه: "صنعة الرواية". مع ضرورة الوعي التام بأن القاص ليس هو بطل العمل، بل يتمثل بضمير المتكلم ضمير السارد الذي يقدمه في واجهة الحدث ويتوارى هو خلفه.
القفلة الحوارية:
احتلت القصة الحوارية المساحة الأكبر من المجموعة حتى تعدت أكثر من النصف، وقد استخدم أيوب الحوار ببراعة الواعي بتكنيكه، وضرورة الإيجاز والتكثيف فيه، ومراعاة عدد الكلمات ومدى تأثيرها، كما في قصة: "مؤتمر جماهيري":
"طلبتُ من أعز أصدقائي إعداد مؤتمر جماهيري ضخم، قلتُ له: أنني سأعلن أمام كل الناس عيوبي، وما فعلته من خطايا..
صديقي كان مندهشًا.. لكنه فعل كل ما طلبته وبكل دقة، وقبل موعد المؤتمر بلحظات وجدتني أرتعش وأقرر عدم الخروج ومواجهة ما ينتظرني، اعترض صديقي: الأمرُ بات حقيقي، والناس في انتظارك..
قلتُ له: أخرجْ.. وأخبرهم أن بعد انتهاء اعترافي، سيقع الاختيار على عشرة أفراد منهم يعترفون مثلي أمام الجمع أيضًا!
وقبل أن يعود صديقي، تأكدتُ أن الساحة أصبحت فارغة .. لكنني مازلتُ أرتعش!"..
لا تكمن جمالية هذه المقطوعة في خاتمتها أو قفلتها المدهشة، بل تكمن أكثر في الحوار الداخلي (المونولوج)، وفي الحوار الموجز في دهشة الصديق التي لم يذكرها النص إن كانت لفظًا أو بالنظرة أو بلغة الجسد سواء بالإيماء أو بالامتعاض، وأنها تحمل أكثر من دهشة بينية قبل الانتقال إلى النهاية عند الصديق وعند المتلقي بالمفارقة في كون (المرشح) دائمًا ما يستأسد في الإنكار لمن يواجهه بأفعاله، حريصٌ على تعمية الناخبين والمجتمع عن تاريخه، فإذا به يفصح ويُقر معترفا بإرادته، ثم يحس بجرم ما سيقدم عليه، فيحاول التراجع، ثم يفجر القنبلة بضرورة اعتراف الآخرين من المرشحين، وتأتينا الدهشة الباعثة على التأمل والخرجة المفتوحة، والسخرية، بأن أحدًا لن يعترف، وهذا الأحد في مجتمعاتنا العربية.. كلنا .. نحن.. وهذه ليست دهشة القفلة فقط بل فلسفتها النابعة من وعي الكاتب.. والهروب الدائم من المواجهة..
القفلة السردية:
أظهر الكاتب تعاملا واعيا في السرد الحكائي عبر العديد من قصص المجموعة، وقد بدا هذا واضحًا من خلال اختياره العناوين، وخاصة من خلال "العامل المثالي" و"عدالة" التي يجمعهما التضاد الجلي ومفارقة صريحة بين العنوان وبين النص، تؤكد امتلاك أيوب خصائص القاص الذي يتعامل مع هذا الجنس السردي، ومنها أن يكون ساخرًا، ويمتلك نظرة نقدية متعمقة، والقدرة على الإثارة والإدهاش، وقراءة النفس البشرية وتناقضاتها، وإبرازها بطريقة سردية فنية غير مباشرة، وهو ما يكسبها جمالية الطرح، وهو ما سيلاحظه المتلقي في العمود الفقري الدرامي الجامع بين أحداث النصين:
"العامل المثالي":
"تم اختياري العامل المثالي لهذا العام، جاء في القرار أنني قدوة حسنة لباقي العمال، وأنني ذو أخلاق حميدة وأحافظ على المؤسسة وممتلكاتها، فسألتُ نفسي: هل أرد ما اختلسته بالأمس وأكتفي بالجائزة المالية المخصصة لي أم أعتذر عنها؟!
وجدتُ ما اختلسته أكبر فرفضتُ الجائزة وتبرعتُ بها وأصبحتُ أمامهم الأكثر مثالية!". ...............................
"عدالة":
"كانت أول مبارة لي حَكم في قسم الدوري الثالث "المظاليم"، قلتُ لنفسي: هل يجوز أن أتقاضى رشوة من أول مباراة؟! حتى وجدتُ حارس المرمى يقول: أن المبلغ أقل من المتفق عليه، وهذا أغضبني، وقال المدير الفني لفريقه: أن هذه المباراة جاءت في وقتها لأن الديون باتت تحاصره، فذهبتُ لرئيس النادي المنافس وطلبتُ نصيبي!".
استخدم أيوب عنوان "العامل المثالي" لبطل القصة بحسب ما تراه المؤسسة، وهو يرى كيف استخدم "المثالية" بانتهازية ليؤكد مثاليته المزعومة في نفسه، ويؤكد صواب الاختيار من جانب جهة عمله، وتأتي القفلة الأكثر مثالية تمثل أكثر دهشة وغرابة لدى القارئ، بينما يفسر الـ "عدالة" من وجهة نظر الحَكم المستعد لقبول الرشوة لكنه ينتظر المباراة المناسبة في التوقيت، وحارس المرمى والمدير الفني للفريق بل والفريق كلهم مرتشون، إذًا فمن العدالة أن يطلب هو نصيبه! وتصبح هذه المباراة مناسبة تماما لقبول الرشوة، وهنا يصنع أيوب الدهشة في قفلته السردية ليس على الورق ولكن في ذهن المتلقي الذي نجح في إرباكه، وتحيره، وصنع مواقف متباينة من الموافقة والرفض بين جموع القراء.
القفلة المضمرة:
وهي القفلة المرتكزة على الحذف والإضمار، وما تتميز به من دلالات لا تعرف النهايات، وتتعدد فيها التأويلات، غير أن الكاتب أضاف الاعتماد على النية المضمرة عند المتلقي في تفسير تلك القفلة الملغزة الغامضة اعتمادًا على عقله وتأويله الذاتي، غير أن أيوب قد صبغها بمسحة فانتاستيكية ليزيدها غرابة وجنوحا نحو الخيال وارتدادًا نحو الواقع في آن، كما في قصة: "توسل":
"بعد عدة محاولات نجحتُ في التسلل إلى الغابة، ولقاء الأسد في عرينه، قلت له: أتوسلُ إليكَ أن تساعدني في استرداد حقوق كثيرة لي عند الكثير من البشر..
أومأ فقط دون حديث، وأرسل معي أحد زوجاته، وعادت الحقوق!"..
القفلة التناصية الإحالية:
وهي التي تعتمد في الإحالة على نص قديم أو معاصر، بأن تأتي القفلة بآية من القرآن الكريم، أو حديثٍ شريف أو ببيتٍ من الشعر، أو قول أحد مشاهير الأدباء، أو أحيانًا مقطع من أغنيةٍ معروفة، وقد يكون هذا التداخل النصي داخل القص، أو في نهايته، استدراجًا للمتلقي نحو قفلة مفتوحة لا تتوقف على الدهشة فقط، وقد استخدم الكاتب الطريقتين في قصتيَ: "تحدي"، و"الصفعة":
قصة: "تحدي":
"تسلمتُ العمل اليوم، وعلى الفور قمت بحملة على بعض أطفال الشوارع حرصًا مني على مكافحة التسول، والحد من السرقة بالإكراه.
ذهبتُ إلى ميدانٍ ما يتكدس به هؤلاء الصبية، لكني لم أجد به أحدًا باستثناء صبيٍ مُستلقي على ظهره، رافعًا رجل فوق الأخرى، على الرصيف الذي يتوسط الطريقين، وينظر للسماء بوجه مبتسم ويستمع عبر هاتفه أغنية: "ما تسيبنيش أنا وحدي أفضل أحايل فيك، ما تخليش الدنيا تلعب بيا وبيك".
القفلة المفاجئة ـ الفانتاستيكية:
تعتمد هذه القفلة على مفاجئة المتلقي في عوالم بين العجائبية والغرائبية تتصل بجسد النص، وصولاً إلى إلى القفلة الممزوجة بالدهشة، مثلما جاء في قصة: "رؤوس":
"بدأتُ راحتي الأسبوعية بصلاة الفجر في المسجد، ثم ذهبت للشاطئ البعيد عن بيتي باحثًا عن حالة هدوء ولو لدقائق، بعد عدة ساعات انتبهتُ أن الصمت قد طال، قمتُ أستطلع فرأيتُ المارة بلا رؤوس!
فزعتُ وقررتُ العودة، وأثناء السير وجدتُّ مَحِلاً ضخمًا به جسد يجلس أمام مكتب كبير وتلفاز يعرض مباراة كرة قدم مُسجّلة، لكنه بلا رأسٍ أيضًا، رَغم خوفي وقفت واقتربت كي أجد تفسيرًا لما أرى؛ فوجدت آلاف الرؤوس على أرففٍ كأنها بضاعة للبيع، وكانت رأسي بينها!"..
لقد رسم الكاتب لوحة سيريالية ببراعة استخلصها من الواقع، وصب عليها خيالا منبثقًا من حقيقة، يريد منها تبشيع ذلك السجن الجماعي الانفرادي الاستعبادي الإرادي أمام اللاهدف، واللافعل، في مشهد عبثي متكرر في إدمان النظر نحو فعلٍ مستعادٍ خَالٍ من الدهشة والطرافة، ويَلقى نفس الاهتمام، بينما الكاتب وهو، الأغرب، يدينهم ويبشع مسلكهم وهو منهم، في شبه بل هي بالفعل إدانة جماعية باعثة على الدهشة والاستنكار.
القفلة التراجيدية:
هي القفلة المأساوية التي تلحق بشخصية القصة، وما عاناه من آلام، وتكبده من مشاق في واقعه المعيش، مثلما جاء في قصة: "اعتراف":
"سألني القاضي: أنت أشعلت النار في مُدَرِسك؟
قلتُ: نعم.
قال: لماذا فعلتَ ذلك؟
قلتُ: لأنه منذ سنوات أهانني وضربني، جعلني أكره الحياة وأكرهه، فكان لابد أن أحاسبه على كل ذلك".
تكمن قفلة الدهشة في مقطع "منذ سنوات"، وهي ما قد تمر دون الانتباه إلى ما يقصده الكاتب من دق ناقوس الخطر فوق رؤوسنا جميعًا، من العنف الأسري تارة والمدرسي تارة أخرى، وأي نوع من أنواع العنف، وما سيسببه من ألم نفسي سيظل يتراكم داخل النفس البشرية مع الوقت حتي ينجح في أن يصنع من صاحبه قاتلاً مع سبق الإصرار والترصد، وهو ما يعني أن للقصة القصيرة جدًا دورها في صياغة الإنسان والمجتمع، وإعادة تدويرهما تربويا حفاظا على التماسك المجتمعي والكيانات البشرية كذلك.
القفلة الساخرة:
لا يستخدم محمد أيوب في هذه القصص التي تنتهي بمثل هذه القفلة بإطلاق الألفاظ الدالة على السخرية بل يترك المفارقة لتصنع هذا بشكل واضح، كما جاء في قصة: "رد الجميل":
"رفقًا بظروفي المادية الصعبة، أصدقائي قرروا تعليمي السرقة كي أحيا مثلهم في نعيم، وبعدما أصبحتُ محترقًا قررت رد الجميل لهم، وتعليمهم شيئ جديد، سرقتُ كل ممتلكاتهم واختفيت، لابد أن يتعلموا الكفاح وأنه لا يأس مع الحياة!
تكمن السخرية في هذه القفلة التي لامست التناص مع قول الزعيم مصطفى كامل "لا يأس مع الحياة"، كما تقاطعت مع الانزياح في العدول بالقول من معناه الحقيقي إلى معنى ساخر على النقيض منه باعث على التهكم والتفكه، وقد كان من الواجب أن يُعين الأصدقاء صديقهم بالمال ولو على سبيل القرض الحسن، أو يعلمونه مهارة لصنعة تُدِر عليه مالاً أكثر، فإذا بهم يعلمونه السرقة، فكانوا أول ضحاياه، بينما علمهم هو الكفاح من أجل تعويض المال المسروق، وعليهم ألا يفقدوا الأمل!
قفلة القفلات:
مما تم عرضه وبيانه، أستطيع أن أجزم بكثيرٍ من اليقين أننا أمام مبدع متميز يمتلك ناصية القص القصير جدًا بوعيٍ وبفهم، وحب لهذا الجنس الأدبي الصعب، ويمتلك جرأة اقتحام بعض الموضوعات الواقعية ويناقشها عبر العديد من الحبكات السردية الموجزة والملغزة إلى حدٍ ما؛ فهو يصر على أن يشرك قارئه معه في مغامرة اقتحام بعض الموضوعات، وامتطاء صهوات القفلات الجياد المدهشات وجمالياتها الباعثة على التأمل، وتحريك المياه القصصية الراكدة في ذهنه، عبر العديد من القفلات التي ستهز قناعاته سيما وأنه يتميز بالحكي السهل في ظاهره، والزاخر بالمضامين التي تربك المتلقي، وتخلخل قناعاته، أو تحاول تثبيتها في غيرها من الموضوعات بكل انسيابية، سواء في السرد أو التراكيب اللغوية البعيدة عن التعقيد.
جاءت جماليات القفلات المتنوعة عبر المجموعة لتؤكد مدى قدرة محمد أيوب وتمكنه من آليات القص القصير جدًا، وقد ساهم ضيق مساحة الدراسة في إغفال عدد من القفلات التي تناولها، وأخرى لم يتناولها، ربما يكون قد اخترق أجواءها في مجموعته القصصية السابقة والتي لم أطالعها لأقضي بهذا، وربما فاته التناول، وسيلامسه في مجموعات قادمة، خاصةً وأنه أحب هذا الجنس الأدبي وينوي المضي فيه مبدعًا ينحت اسمه على جدار السرد المصري والعربي، وهو ما يوجب عليه الانتظار وقتًا كافيا بين الإصدارات حتى يأتي بالجديد، ولا يقع في خطيئة التكرار، والبحث بتأنٍ عن موضوعات صادقة، وقفلات مدهشة صادمة، وهو غالبًا ما يفعله.
#السيد_إبراهيم_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طهطاويون منسيون: -أَنْطُون زِكْرِي- أنموذجًا..
-
قراءة في ديوان -فوق ختم العودة- للشاعر عادل نافع..
-
استلهام التاريخ وتوظيفه في مسرحية: -يوم الطين- لخالد الجمال.
...
-
الأب: بين النفي الجندري.. وإشكالية الرجل/الأم..
-
تيار الوعي في رواية -الدخان- ل -أبا ذر آدم الطيب-..
-
الروائي السوداني بين التحديات والإنجازات..
-
-الإسراء والمعراج- في الفكر الاستشراقي ....
-
بعض قصائد السنوسي في ضوء -اللحظة الراهنة الممتدة- ...
-
رتوش -هزاع- على وجه الدين والوطن..
-
-الذات-: بين الاسترداد والحسرة الوجودية: قراءة في ديوان -درو
...
-
انهيار الحركة الإنسانية: بين رؤية -بلوك- وسيولة -باومان-..
-
فلسفة المعاني في قصائد وأغاني جلال مصطفى
-
نصف وجه -سوزان هيل-: بين النص والعرض
-
-ليالي الحلمية-: مسلسل بين الريادة والعمادة..
-
قراءة في التجربة الإبداعية للدكتورة عزيزة الصيفي
-
عندما غنت -الست- في السويس: -توثيق فني وتاريخي-..
-
الغربة والاغتراب في شعر فتحي جبر
-
جدلية الشك واليقين.. قراءة في ديوان: -شيراز-..
-
النظام الضريبي في الإسلام ودوره في تحقيق العدالة..
-
أمسيات لا ينقصها الدفء..
المزيد.....
-
مترجمون يثمنون دور جائزة الشيخ حمد للترجمة في حوار الثقافات
...
-
الكاتبة والناشرة التركية بَرن موط: الشباب العربي كنز كبير، و
...
-
-أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة
...
-
الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
-
“من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج
...
-
المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ
...
-
بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف
...
-
عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
-
إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع
...
-
تكريم الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|