أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بهجت العبيدي البيبة - حرية العقل وبوصلة الفكر: التعليم في مواجهة الفوضى الكبرى














المزيد.....

حرية العقل وبوصلة الفكر: التعليم في مواجهة الفوضى الكبرى


بهجت العبيدي البيبة

الحوار المتمدن-العدد: 8187 - 2024 / 12 / 10 - 16:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التعليم ليس مجرد وسيلة لنقل المعرفة، بل هو الأداة الأهم لتكوين العقول القادرة على طرح الأسئلة الجوهرية وتحليل الأحداث برؤية نقدية ومنطقية. ومع ذلك، فإن ما شهدناه في عالمنا العربي خلال السنوات الماضية، خاصة في سياق الربيع العربي، يكشف عن غياب مقلق لهذه القدرة النقدية في قراءة المشهد وتفسيره.

لنأخذ الحالة السورية مثالًا حيًا. المشهد الذي بدأ بسقوط مدينة تلو أخرى في يد الفصائل المسلحة، وانتهى بانهيار النظام السوري، كان مليئًا بأسئلة لم تُطرح أو تُناقش بعمق. الجيش السوري، الذي كان يُعد من أكبر الجيوش في المنطقة، والمجهز بالطائرات والأسلحة الثقيلة، والمدعوم من قوى عظمى كروسيا وقوة إقليمية مؤثرة كإيران، تبخر بشكل مفاجئ دون مقاومة تُذكر. كيف استطاعت فصائل مسلحة، أغلبها لا يمتلك تسليحًا متفوقًا، أن تُحرز تقدمًا بهذه السهولة؟ كيف تمكنت من الاستيلاء على المدن الواحدة تلو الأخرى دون أن تجد مقاومة تليق بحجم وقوة هذا الجيش؟ هذه الأسئلة المحورية لم تجد مكانًا في النقاش العام أو الإعلامي، رغم أنها أساسية لفهم ما حدث.

الأمر يصبح أكثر غرابة إذا ما نظرنا إلى عجز هذه الفصائل، التي يُفترض أنها تمتلك قوة كافية لإسقاط نظام مدعوم بقوة دولية وإقليمية، عن مواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلي. كيف لفصائل تدّعي القوة الكافية لإسقاط نظام مدجج بالسلاح أن تقف عاجزة أمام جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي بات على مشارف دمشق؟ لماذا لم تُوجه هذه الفصائل جهودها نحو حماية الوطن من تقدم هذا العدو الخارجي؟ هنا، يبدو الغياب الصارخ للعقل النقدي، الذي لم يتوقف ليسأل هذه الأسئلة، وكأنه جزء من المأساة السورية نفسها.

بدلاً من التركيز على هذه القضايا الجوهرية، وجدنا الإعلام العربي، مثل قناتي الجزيرة والعربية، منشغلًا بتضخيم القضايا الثانوية. تسليط الضوء على صور مبانٍ يُزعم أنها لسجون سُجن فيها معارضو النظام طغى على تحليل أحداث كبرى، مثل تقدم الجيش الإسرائيلي إلى قلب سوريا. هذا الانحراف في التركيز لا يخدم فهم الواقع، بل يُسهم في تضليل الرأي العام وتشتيته بعيدًا عن القضايا المصيرية.

نحن نؤكد رفضنا القاطع لسجن أي مواطن لم يقترف جريمة واضحة، ونؤمن بحرية التعبير كحق أصيل يجب حمايته. لكن حرية التعبير لا تعني الانشغال بتوافه القضايا أو تبني سرديات غير مدعومة بأسئلة وتحليلات نقدية. الحرية الحقيقية ترتبط بالوعي، والوعي لا يتأتى إلا من خلال تعليم يزرع ثقافة السؤال، ويشجع على التفكير المنطقي والرؤية التحليلية.

إن غياب التفكير النقدي يجعل من السهل تضليل العقول، سواء من قبل السلطة الدينية أو الإعلام. هذا الغياب لم يُولد من فراغ، بل هو نتاج نظم تعليمية تلقينية، وإعلام يسعى لتحقيق أجندات معينة بدلاً من تعزيز الوعي العام.

في عالمنا العربي، يبدو أن العقول التي انشغلت بالقشور لم تُدرك أن غياب الأسئلة الحقيقية يعني فقدان البوصلة. الأسئلة مثل: كيف تبخر الجيش السوري؟ ولماذا لم تواجه الفصائل المسلحة الاحتلال الإسرائيلي؟ وكيف تم السماح بانهيار جيش بهذا الحجم؟ هي الأسئلة التي يجب أن تُطرح لتحليل الواقع وتفكيك ألغازه.

التعليم، إذا أُحسن توجيهه، هو السبيل الوحيد لإنقاذ العقل العربي من هذا الضياع. نحن بحاجة إلى تعليم يُعلم الناس كيف يسألون، كيف يفكرون، وكيف يُميزون بين القضايا الجوهرية والهامشية.

إن الأحداث الكبرى، مثل سقوط الأنظمة أو تقدم جيوش الاحتلال، لا يمكن أن تُفهم إلا عبر قراءة نقدية واعية، قادرة على كشف التناقضات وتحليل الوقائع. وبدون هذا الوعي، سنظل ندور في فلك الفوضى الفكرية، عاجزين عن بناء مستقبل مستقر ومتين.

إذا أردنا لعقولنا أن تتحرر، فعلينا أن نُحرر تعليمنا أولًا. تعليمٌ يُعيد للعقل العربي قدرته على التمييز والتحليل، ويزرع فيه شجاعة السؤال الذي يفتح آفاق الوعي الحقيقي.



#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في قرارات القيادة العامة السورية: رؤية شاملة لمستقبل ج ...
- سوريا بعد سقوط الأسد: تحديات ومطامع
- سوريا بعد سقوط النظام: تحديات المرحلة المقبلة بين مطامع الخا ...
- وهم هاتف تسلا الرخيص ومعاناة الفقراء
- اهتمامات الشعوب بين العالم العربي والغرب: قراءة في أولويات ث ...
- في أسر الأسطورة: العقل العربي والإسلامي بين الماضي وتحديات ا ...
- في العالم المتقدم: الحسد خرافة تم تفكيك أسطورتها
- العقول التي صنعت المجد: العلماء والفلاسفة والأدباء قادة الحض ...
- إنترنت الأشياء: عصر جديد من الترابط الذكي في حياتنا اليومية
- ابن خلدون: أعجوبة مازال تأثيرها حاضرا
- المطبعة التي لم تصل: انغلاق رجال الدين يعيق تقدم المجتمع
- في الحب نكتب: سر الحياة وملاذ القلوب
- التعليم في مصر والعالم العربي: يجب نسف أسلوب التلقين
- كهف أفلاطون ومأساة المستنير في كل العصور
- في الحداثة .. مساهمة شرقية قديمة
- لا أوْلويّة تسبق أولوية التعليم والبحث العلمي
- العقل المحرر يرفض الأوهام والخرافات!
- على هامش مباراة السوبر.. من شعب مصر: شكرا دولة الإمارات
- عن منتخب مصر.. الخسارة المحزنة والفوز المفرح.. نظرة تحليلية!
- هل يشهد مطار القاهرة قداس صلاة!؟


المزيد.....




- لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
- “هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...
- “شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال ...
- قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
- بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
- السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
- مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول ...
- المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي ...
- المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
- بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بهجت العبيدي البيبة - حرية العقل وبوصلة الفكر: التعليم في مواجهة الفوضى الكبرى