خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8185 - 2024 / 12 / 8 - 16:09
المحور:
الادب والفن
غابت حكايتي،
كأنها لم تكن يوماً.
سرتُ أفتش عن ملامحها،
لكن الأرض كانت فراغاً،
والسماء ظلاً يطاردني،
كأنني أمضي في حلمٍ
ينكر نفسه.
لم أجد سوى صمتٍ
يفترش المسافات،
وأشجاراً شاحبة
تنمو من رماد الأيام،
تتحدث بلغاتٍ لا أعرفها،
كأنها تسألني
لماذا بقيت؟
غابت حكايتي،
وتركت لي أقداماً لا تعرف الطريق.
كان الهواء رماداً،
والأفق نافذةً لا تطلّ على شيء.
كان الماضي يتكور في يدي
كطينٍ عجنه النسيان،
وأنا أقلبه،
باحثاً عن شكلٍ لم يولد بعد.
رأيت أطفالاً
يرسمون على الغبار
مدناً من خيال،
لكن الريح
مسحت كل شيء،
وتركتني أنظر
إلى فراغٍ يتسع.
غابت حكايتي،
لكنني حملتها معي،
في ثنايا جسدي المتصدع،
في شقوق روحي التي
تتسرب منها الذكريات،
كالماء من إناءٍ مكسور.
كأننا لم نكن هنا،
كأن الأرض لفظتنا
كما يلفظ البحر
حطام السفن الغارقة.
غابت حكايتي،
وتركَتْني غريباً،
لا وجه لي،
ولا ظلّ.
مجرد أثرٍ باهت
على أطراف الريح.
غابت حكايتي،
لكن ظلالها تسكنني،
كلحنٍ عالقٍ بين أوتار النسيان،
وكلما حاولتُ الهروب،
أجدها تتسلل بين أنفاسي،
كهمسةِ غريبٍ في عتمة الطرقات.
رأيتُ وجوهاً تشبه وجهي،
ملامح تائهة،
تبحث عن زمنٍ ضاع في غبار الرحيل،
وأقداماً تخطو فوق الرماد،
كأنها تحمل أحلاماً
نسجتها الريح ثم بعثرتها.
حكايتي غابت،
لكن صوتها ما زال يُرتل في صدري،
كأنه صلاةٌ للوطن البعيد،
أو نبضٌ لذكرى
لم تكتمل ملامحها،
كوجه قمرٍ غارقٍ في ضباب المساء.
سألتني الغيمات:
هل من عودة؟
فأجبتُ بصمتٍ،
كأن الإجابة تختبئ
في عيون أطفالٍ
لم يقرأوا سوى الحنين،
ولم يحلموا سوى
برائحة الأرض التي ودعتهم.
غابت حكايتي،
لكنني أكتبها الآن،
على جسدي المتصدع،
وفي دمي الذي يسافر
نحو ضوءٍ لا ينطفئ.
#خالد_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟