ماذا يجري بسوريا..؟


امال الحسين
2024 / 12 / 8 - 15:58     

هو آخر أطوار ما يسمى الربيع العربي في تجربة تختلف عن تونس، مصر وليبيا، هو مناهضة الغرب لما يسمى ثورة إيران الإسلامية، قد تعرف سوريا طفرة في مجال الديمقراطية البرجوازية لكن دون التخلص من الأصولية على غرار ما يجري بالعراق.

نحن نعيش أطوار تحول تاريخي في حياة الرأسمالية بعد طفرة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ونانوسيونس مما يتطلب هيكلة أزمتها المزمنة، ذلك ما يتطلب التخلص من مخلفاتها وطفيلياتها، وقد أكد ماركس ذلك في معادلته : الصراع بين القوى المنتجة الثورية وعلاقات الإنتاج الرجعية، لما يختل التوازن بين القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج تحدث ثورات اجتماعية مما يتطلب تغيير علاقات الإنتاج وتنشأ الحروب اللصوصية.

منذ جائجة كوفيد الفيروس الاصطناعي وحجز سكان العالم بمناولهم بدأت عملية إعادة هيكلة الرأسمالية في شروط لم يعرفها العالم من قبل، وبعدها تم إشعال حروب لصوصية جديدة انطلقت من أوروبا لأول مرة بعد الحرب الإمبريالية الثانية : الحرب في أوكرانيا، وصلت حد التهديد بالقنابل النووية، مما تطلب إخماد الحرب بسوريا وليبيا وإشعال حرب السودان بعد إخماد جل حروب إفريقيا، هكذا تتخلص الرأسمالية من مخلفاتها وطفيلياتها.

لكن احتداد الصراع بداخل الإمبريالية استمر بعد احتداد الحرب الروسية الأوكرانية بين الشرق والغرب الإمبريالي ممثل في روسيا وحلفاءها من بينها إيران وأمريكا والناتو، مما جعل سوريا تنعم بشيء من الهدنة بعد انشغال روسيا بالحرب في عقر دارها، وجعل إيران تعتقد أنها فرصتها لتنفيد كل مخططاتها ضد الغرب الإمبريالي : أولا لتسريع الحصول على القنبلة الذرية، ثانيا نشر أيديولوجياتها الدينية أي الثورة الإسلامية عن طريق دعم حماس وحزب الله فيما تسميه مسح الكيان الصهيوني في الخريطة وتحرير القدس.

وكان الدعم المادي والسياسي لحماس من طرف إيران عاملا أساسيا في تنفيذ طوفان الأقصى بدعم من حزب الله الذي فاجأ أمريكا والكيان الصهيوني، وأشعل حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني في سابقة خطيرة في تاريخ الحروب الإمبريالية التي تميزت باستعمال التكنولوجية الجديدة : الذكاء الاصطناعي ونانوسيونس، وذات خصوصية في حروب الكيان الصهيونية بأطول مدة تعرفها في تاريخها، وكانت نتائجها على حزب الله فيما يسمى البيجر وصلت حد اغتيال نصر الله وعلى حماس وإيران في اغتيال إسماعيل هنية تحت ضيافة الحرس الثوري الإيراني.

واستمرت الحرب الإمبريالية الصهيونية على حزب الله وتداعياتها على لبنان أسفرت على اتفاق الهدنة في شروط استعمارية جديدة على لبنان، والقضاء على القوة العسكرية لحزب الله الدعم الأساسي لنظام بشار، وفي ليلة توقيع الاتفاق المشؤوم يهدد الكيان الصهيوني بشار متهما إياه أنه يلعب بالنار مما يوحي بأن دور بشار في الطريق.

الخاسر الأول والأخير هي المقاومة الفلسطينية بل والشعب الفلسطيني الذي ما زال يعاني تحت نير الإبادة الجماعية، ولم يتوقف الكيان الصهيوني عند هذا الحد إنما يبني قواعد عسكرية بغزة بعد تدميرها مما يوحي بعزمه على إعادة احتلالها، وعرفت الحرب الصهيونية على غزة تداعيات خطيرة على المنطقة العربية بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على الكيان الصهيوني، الذي رد بشكل عنيف بدعم من أمريكا اخترق جميع الدفاعات الصاروخية الإيرانية.

وبقي بشار ملتزما الصمت منتظرا وعود إخوانه العرب في الجامعة العربية كمن ينتظر السراب، وانطلق الهجوم على حلب وحماة ثم حمص فتطويق دمشق وهو ما زال ينتظر ما سيسفر عنه ما سمي اجتماع أستانا بالدوحة، وكانت النتيجة هي : عدم قدرة روسيا على حماية نظامه وإيران فقدت عضدها حزب الله وتركيا تدعم الهجوم على دمشق بشكل صريح، فما بقي لبشار إلا أن يغادر إلى موسكو حيث عائلته تقيم هناك.

بعد سوريا التي قال عنها ترمب أنها لا يهمها مصيرها حيث تم بيد أبنائها يأتي دور إيران مع تنصيب ترمب، بخصوص مسألة النووي والديمقراطية وحقوق الإنسان، بعد تحييد روسيا عن قضية سوريا وفتح الحوار مع روسيا حول أوكرانيا، مما يعزل خامنئي الذي سيتعرض لمحاسبة عسيرة حول هجومه الصاروخي على الكيان الصهيوني من طرف ترمب.