أكد الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 8185 - 2024 / 12 / 8 - 10:37
المحور:
الادب والفن
إن الناس، مثل ممثلي مأساة قديمة، يغطون أنفسهم بأردية الأوهام الرقيقة. إنها أقمشة هشة، مطرزة بآمال لا تجرؤ على مواجهة الضوء. وتحت هذه الطبقات، يختبئون من العري الوحشي للحقيقة، وكأن هذا شفرة قادرة على تمزيق الروح.
الوهم هو فعل حماية؛ إنه بناء مأوى من الأوهام ضد رياح الواقع الجليدية. الأوهام، المغرية والمريحة، تقدم دفء السرد المتحكم فيه حيث نكون أبطالًا أو ضحايا لمؤامرة يمكن التنبؤ بها. الحقيقة، الخالية من الزخارف، لا تخضع للرغبات. إنها المرآة التي تعكس بلا رحمة، وغالبًا ما يكشف انعكاسها ليس ما نريد أن نراه، بل ما نخشى الاعتراف به.
الخوف من الحقيقة ليس غير عقلاني؛ إنه إنساني. تحمل الحقيقة معها ثقلًا يتطلب الشجاعة. إنها تطلب، لأنها تدعونا إلى المواجهة: مع من نحن، ومع ما نخلقه ومع ما نتجاهله. إن العري في وجه الحقيقة يسلبنا السيطرة، والسيطرة هي الوهم النهائي الذي نتشبث به.
ولكن هناك مفارقة في خوفنا. إن أردية الوهم، على الرغم من حمايتها، تخنقنا. إنها تجعل الجسم ثقيلاً والروح متعبة. نحن نعيش حاملين خيالات لا تحررنا، بل تقيدنا بالهروب المستمر. الحقيقة، على الرغم من أنها مؤلمة، هي الهواء النقي الذي يعيد لنا أنفاسنا. إنها الضوء الذي يخترق الضباب ويكشف عن مسارات لم نكن لنراها من قبل.
إن الهروب من الحقيقة هو تأجيل لقاء الأصالة. إنه العيش مثل الصدى، الذي يكرر أصوات الآخرين، بينما يضيع صوتنا. من ناحية أخرى، فإن مواجهة الحقيقة هي فعل خلق؛ إنها اللحظة التي نبدأ فيها بالوجود بدلاً من مجرد الظهور.
لذلك، يستمر الناس في ارتداء الأوهام خوفًا من أن تخفيهم الحقيقة. لكن الحقيقة لا تدمر؛ إنها تحول. يتطلب الأمر شجاعة للتخلص من الملابس المزيفة وارتداء البساطة الحقيقية. لأنه في النهاية، في عُري الحقيقة نجد القوة لنكون كاملين، أحرارًا من الظلال التي نخلقها بأنفسنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2024
المكان والتاريخ: طوكيـو ـ 12/08/24
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).
#أكد_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟