جريدة - النيويورك تايمز - تقبل بجرائم الحرب الإسرائيليّة المدعومة من الولايات المتّحدة و تبيّضها


شادي الشماوي
2024 / 12 / 5 - 21:26     

نقرأ في عنوان كبير في جريدة " النيويورك تايمز " بتاريخ 30 نوفمبر 2024 ، " إسرائيل تتّهم عامل بالمطبخ المركزي العالمي بالمشاركة في هجوم 7 أكتوبر ".
و عمليّا ، إغتالت إسرائيل ثلاثة عاملين بالمطبخ المركزي العالمي (WCK) بينما كانوا يحاولون توزيع الغذاء على أناس
في غزّة جياع بيأس . و قد جاء في تقرير للمطبخ المركزي العالمي أنّ إثنان آخران قُتلا أيضا و هما في سيّارة ، ليكون مجموع من قتلتهم إسرائيل من عاملى المطبخ إيّاه خمسة .
و لم تتّهم إسرائيل إلاّ واحدا منهم بصلة ما مع هجوم حماس يوم 7 أكتوبر 2023 على الناس في إسرائيل . و أكّدت أسرة الرجل المتّهم لقناة " الجزيرة " أنّه لم يكن سوى عامل مساعد و لم يكن عضوا في حماس .
كذّابون و قتلة :
لإسرائيل سجلّ لا نهاية له من إغتيالات العاملين بالصحّة و عمّال وكالات الغوث و المراسلين الصحفيّين . و في المدّة ألأخيرة حظرت قانونيّا أهمّ وكالة إغاثة تابعة للأمم المتّحدة [ الأونروا ] يؤتهن بها الناس في غزّة في ما يتوفّر من المساعدات القليلة . و لإسرائيل سجلّ لا نهاية له من التهم المبالغ فيها و التي لا أساس لها و المفبركة تماما لتبرير هذه الهجمات . (1)
و فقط بعد عدّة أسطر من مقال جريدة " النيويورك تايمز " تتمّ الإشارة حتّى إلى أنّه في أوائل أفريل ، قتلت غارة إسرائيليّة سبعة من عمّال المطبخ المركزي العالمي . و هذه المرّة ، نعتت إسرائيل القتل ب " الخطأ " . كان عمّال الغوث مسافرين على طريق وافق عليها الجيش الإسرائيلي ، ضمن قافلة بارزة بوضوح . و عقب راحة في عملهم ، عاد عمّال المطبخ المركزي العالمي إلى إسرائيل ليقع إستهدافهم و إرتكاب مجزرة في حقّهم . و هذه المرّة ، لا تدّعى إسرائيل أنّ جريمة الحرب هذه " خطأ " .
و فقط في نهاية المقال ، لاحظت جريدة " التايمز " أنّ إسرائيل قد حضرت قانونيّا وكالة غوث و تشغيل اللاجئين ( الأونروا) التابعة للأمم المتّحدة و التي تقوم بمعظم توزيع المساعدات في غزّة لأنّ مجموعة صغيرة من أصل 13 ألف من عمّال الغوث يمكن أن يكونوا شاركوا في 7 أكتوبر .
جريدة " النيويورك تايمز " إلى جانب قسم جولة الولايات المتّحدة ، و كافة المؤسّسات الكبرى التي تخدم هذا النظام ، يبثّون الأكاذيب الإسرائيليّة . و ليس بسبب " لوبي إسرائيلي " أو أنّ قوى أخرى قد " أفسدتهم " ، و إنّما بسبب أنّ إسرائيل فارض أساسي لهيمنة الولايات المتّحدة على عالم الإستغلال و الإضطهاد ، في الشرق الأوسط و أبعد منه .
و في الأثناء إليكم جرائم ضد الإنسانيّة إقترفتها إسرائيل المسلّحة و المموّلة من الولايات المتّحدة حجبتها جريدة " النيويورك تايمز " و قد جدّت في الأسبوع الفارط .
في 30 نوفمبر 2024 وحده : قتلت إسرائيل العشرات من الفلسطينيّين و الفلسطينيّات في غزّة :
في يوم واحد ، القنابل التي تزوّدت بها إسرائيل من الولايات المـّحدة أمطرت الإرهاب و الموت على طول و عرض قطاع غزّة الصغير الحجم . و من ضمن الضحايا :
- غارة جوّية إسرائيليّة في مدينة غزّة في الشمال تسبّبت في قتل 17 إنسانا بمن فيهم أحمد فيصل إسلام القاضي الذى عمل مع جمعيّة الصدقة البريطانية " أنقذوا الأطفال " . و قد ندّدت " أنقذوا الأطفال " بقتله و قالت إنّه " تقاسم حلمه " مع العاملين معه في إعادة بناء منزله الذى وقع تدميره في غارة جوّية إسرائيليّة سابقة . و أنّ " أحمد ...سيقع تذكرّه لتصميمه على مساعدة الآخرين و بفخره بإبنته و بقدرته على بثّ الضياء في أيّام الآخرين . "
- أكثر من 40 فلسطيني و فلسطينيّة قتلوا جرّاء غارة جوّية إسرائيليّة إستهدفت منزلا في مخيّم اللاجئين لجباليّة شمال غزّة. و المنزل الذى قُصف بالقنابل كان على ملكيّة أسر الأعرج في حيّ تلّ الزعتر . و ساكن فلسطيني مذهول، محمّد الزيتونيّة، قال " يتمّ قصف السكّان بالقنابل . و تُرسل على رؤوسهم براميل متفجّرة و على منازلهم و على الأسواق و الشوارع و الملاجئ و المدارس و المعاهد ... ما من مكان آمن . إلى أين على هؤلاء المهجّرين أن يذهبوا ؟ "
- في مخيّم اللاجئين بالنصيرات ، وسط غزّة قتلت الضربات الجوّية الإسرائيليّة ستّة فلسطينيّين مدنيّين و جرحت عديد الآخرين .
- قُتل 12 إنسانا بقنابل إسرائيليّة بينما كانوا يترقّبون المساعدات الغذائيّة في خان يونس وسط غزّة . كانت إسرائيل تمنع تقريبا كلّ الغذاء من الوصول إلى شمال غزّة لأكثر من شهر . و المجاعة اليائسة تنتشر عبر وسط غزّة و شمالها .
" التجويع ...هو الهدف " :
في 30 نوفمبر 2024 ، نور ألاسى ، شاعر و كاتب مقيم في غزّة كتب إلى قناة " الجزيرة " : " التجويع يدمّر أجسادنا و أذهاننا ، و يعطّل قدراتنا . و هذا هو الهدف . "
لأكثر من سنة الآن ، أسرتى و أنا وقع تهجيرنا من شمال غزّة إلى دير البلح وسط قطاع غزّة . و في هذه الأثناء ، نحن ، إلى جانب بقيّة سكّان غزّة ، عشنا كلّ ضروب التعذيب التي يمكن تصوّ{ها و التي لا يمكن تصوّرها . وأحدها هو الجوع .
غزّة الآن مرتهنة كلّيا بالمساعدات الغذائيّة ...( 2 ) منذ السنة الفارطة ، الجيش الإسرائيلي ضمن تحطيم متاجر الغذاء و الأسواق و مخازن الأغذية ، و المزارع و قوارب الصيد . و قد ألغى قوّات الشرطة التي كانت تؤمّن توزيع المساعدات و هكذا ضمان أن يقع نهب المساعدات قبل أن تبلغ الذين يحتاجونها . لفترة الآن ، كنّا نشترى " المساعدات " الغذائيّة ، و لم نكن نحصل عليها مجانا ...
كنّا بالكاد نبقى على قيد الحياة عندما إتّخذ الوضع إنعطافة شديدة نحو الأسوأ في أكتوبر . ما بدأ في ما يسمّى" منطقة الكارثة" في الشمال قد توسّع إلى بقيّة القطاع . إنّ إرهاب إسرائيل الغذائيّ قد أصاب غزّة بأكملها ...التجويع يدمّر أجسادنا و أذهاننا، و يعطّل قدراتنا . و هذا هو الهدف .
29 نوفمبر : إسرائيل تقتل مدير مستشفى كمال عدوان :
قتلت مسيّرة إسرائيليّة الدكتور أحمد الكحلوت ، مدير وحدة العناية المكثّفة في مستشفى كمال عدوان ، وهو يجتاز سور مستشفى محاصر شمال غزّة . ما من إشارة لهذا في جريدة " النيويورك تايمز " ...
هوامش المقال :
1- على سبيل المثال ، تستهدف إسرائيل عدّة مراسلين لقناة الجزيرة في غزّة ، مدّعية أنّهم على صلة بحماس . و ردّت لجنة حماية الصحفيّين ، " قدّ/ت إسرائيل بصفة متكرّرة مزاعم مشابهة لا دليل عليها دون إنتاج أدلّة قابلة للتصديق ".
في 26 أوت ، جاء في تقرير لمنظّمة الهومنرايت ووتش ، " أوقفت القوى الإسرائيليّة إعتباطيّا عمّال الصحّة الفلسطينيّين في غزّة منذ بداية العدوان في أكتوبر 2023، و نقلتهم إلى مؤسّسات سجنيّة في إسرائيل ، و عذّبتهم و أساءت معاملتهم ، قالت هومنرايت ووتش اليوم . و إيقاف عمّال الصحّة في إطار الهجمات العسكريّة الإسرائيليّة المتكرّرة على المستشفيات في غزّة ساهمت في الإنحطاط الكارثيّ لنظام الصحّة في المنطقة المنحصرة . "
2- قبل 7 أكتوبر ، بقي الشعب الفلسطيني في غزّة على قيد الحياة على المساعدات الغذائيّة المحدودة إلى أقصى الحدود الجهود الخلاّقة و الجريئة للزراعة و الصيد و إنتاج الغلال و البيض و اللحم و غيرها من الغذاء . و عادة ما قاموا بذلك تماما في ظلّ النار التي يطلقها الجنود الإسرائيليّون . و بعد 7 أكتوبر ، دمّرت إسرائيل بشكل منهجيّ فلاحة غزّة و صيدها، إلى جانب منع دخول المساعدات الغذائيّة .