الكابوس .. دولة منفلتة العقال
سعيد مضيه
2024 / 12 / 1 - 14:13
فلسطين أضيق من أحلام الصهاينة
برزت الصهيونية على مسرح التاريخ غير ملتزمة بمنجزاته من اتفاقات او اتفاقيات أو قوانين، حتى ولا بقيم إنسانية؛ وبمنطق دافيد بن غوريون "نحن لا نتناسب مع النمط العام للإنسانية..." .
تعمدت الصهيونية في بدايات أنشطتها إقصاء الشعب الفلسطيني عن فعالياتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية والاجتماعية كافة، وان هذه الفعاليات موجهة للتضييق على وجوده مقدمة لاجتثاثه. بالإرهاب تحقق المبتغى، فالصهيونية ، شان ممثلي الاحتكارات الامبريالية يفرضون خطابهم، لا تحاور ولا تتبع مناهج المنطق ولا تلتزم باتفاقات او اتفاقيات ولا بقوانين ولا حتى بالقيم الإنسانية؛ إنما بالهراوة الغليظة تعالج المشاكل المعترضة ، شانها في الزمن الراهن تخرق الاتفاقات وتعتدي مدعية دور الضحية، وتقدم تبريرات مفضوحة لتصرفاتها. تسدر في أفعالها الشاذة طالما تنجز لها المهمات." تشير وثائق المنظمات الإرهابية نفسها الى ان المذابح التي تقترفها لم تفرق بين مذنب وبريء؛ وقد تصاعد الإرهاب الصهيوني في غياب الإرهاب الفلسطيني، واستهدف كل من يقف عقبة في سبيل تحقيق أهدافه- سواء كان فلسطينيا او بريطانيا او يهوديا"(66) نهج وجدته الصهيونية نافعا فاتبعته.
فجر الإرهابيون الصهاينة فندق سميراميس في 7 يناير اخرجت من تحت الأنقاض امراة تحتضن طفلها وزعمت الإرغون ان الفندق كان قاعدة للعرب، الأمر الذي نفاه البريطانيون.
تابع الإرهاب عملياته ونسف 14 بناية. ادلى اليكسندر كادوغان بشهادته امام الأمم المتحدة في ضوء التطهير العرقي المتنامي بالقول: "القصة اليهودية القائلة ان العرب هم المهاجمون وان اليهود هم المعرضون للهجوم لا يمكن قبولها"(285).
في 2 فبراير وزعت الوكالة اليهودية مذكرة عن الأفعال العربية وطلبت من المجتمع الدولي ان يتدخل الى جانبها ضد العدوان المزعوم. واشارت الى استعدادات وتهديدات تجري في جميع الأقطار العربية ضد إسرائيل.. في نفس الوقت أصدر بن غوريون امرا بطرد العرب من القدس بأسرع وقت ممكن وإسكان اليهود محلهم. (287)
في زمن الانتداب: "منع سكان المستعمرات رجال الشرطة (البريطانية) من إجراء التحقيق في هجوم بالأسلحة الأتوماتيكية وقنابل يدوية على مركز حرس الشاطئ في سيدنا علي؛ صمم رجال الشرطة وتجمع المستعمرون من المناطق المحيطة بواسطة الباصات لمنعهم. اخذت السلطات تتقدم الى ان اكتشفوا رجلا يعاني من جراح وبجانبه175 باوند اموتال(مادة متفجرة تستحضر بخلط مادة تي إن تي بنترات الأمونيوم) ومتفجرات أخرى(135)
جاء الرد بيانا صدر جاء فيه ان "القوات البريطانية دخلت ثلاث مستوطنات زراعية مسالمة يعمل فيها مزارعون، أوسعوا مئات الرجال والنساء ضربا... بلا سبيب...واجبروا الرجاء والنساء على الخنوع". وظهرت مقالات في وسائل إعلام أميركية يدعي كاتبوها بلغة الخلاص الدرامية ان البريطانيين ارتكبوا فظائع بحق "ابناء إسرائيل"...(136)
كان إعلان اي سياسة لا تحابي الصهيونية المتطرفة يقبل بالأعمال الإرهابية. كان اليهود المعارضون للتطرف السياسي معرضين للقتل او للتخويف، ولم يكن لهم اي تأثير سياسي."(123)
"التقى السفيرُ(ألأميركي) رئيس الوزراء (البريطاني)، إتلي ووزير خارجيته في 28 إبريل، أي قبل أسبوعين من أإعلان قيام دولة إسرائيل. لم يختلف المجتمعون على ان الصهاينة هم المعتدون، وأن الفلسطينيين لم يتخذوا إجراءات دفاعية، ومع ذلك فإن سياسة الولايات المتحدة كانت تقضي بعدم السماح لأي قطر عربي مساعدة إخوانهم العرب." (296)
"اطلق وابل من الرصاص على سيارتي إسعاف عليهما صليب أحمر بارز كانتا في طريقهما لنقل الجرحى من المنطقة – وهذا مشهد سيتكرر فيما بعد في الهجمات على لبنان وفلسطين"(297)
كان المشهد في يافا تكرارا لما حدث في حيفا؛ فقد أحاطت القوات الصهيونية الفلسطينيين من ثلاث جهات- والرابعة هي البحر"(297)
في كلتا حالتي حيفا ويافا قامت القوات البريطانية بنقل الفلسطينيين من البر الى سفن تنقلهم الى اللجوء خارج فلسطين.
يوم 29 ديسمبر (1947) نشرت نيويورك تايمز"قنبلة أطلقتها الإرغون الإرهابية اليهودية من سيارة أجرة مسرعة هذا اليوم قتلت 11 عربيا وشرطيين بريطانيين وجرحت ما لا يقل عن 32عربيا "(281)
كانت القنبلة التالية في حيفا وكانت الشرارة قبل الأخيرة ألقيت على قرابة مائة عامل بالمصفاة. هدف الهجوم " استثارة الأعمال الانتقامية بدون مواربة، وهذا ما حدث ضد العمال اليهود بالمصفاة وقتل منهم41 في غمرة الهياج(282). الأن بلغت غايتها جهود الصهاينة لفرض صدام دموي في فلسطين هم المتفوقون فيه لا محالة.
صفقت الصحافة الإسرائيلية للتطهير العرقي لغير اليهود؛ وتنبأ وزير الخارجية الإسرائيلي، شاريت، بان "الانتخاب الطبيعي"(البقاء للأصلح وفق الدارونية الاجتماعية) سيحيل اللاجئين الى " ركام بشري، الى حثالة الأرض". (316)؛ نبوءة عنصرية غير إنسانية، كذبتها الأيام والليالي؛ فمخيمات اللاجئين غدت فارزة للمناضلين من أجل التحرير والعودة.
ذكرت مذكرة داخلية في وزارة خارجية الولايات المتحدة قبل انتهاء الانتداب باثني عشر يوما ان اليهود سيكونون المعتدين الفعليين على العرب؛ لكنهم سيدّعون انهم لا يفعلون شيئا سوى الدفاع عن النفس"(299.) وذكر تقريرمخابراتي بريطاني ان "الآلة الداخلية الإسرائيلية تكاد تكون مكتملة، وتضم موظفين لرقابة الصحف وكل ما يحتاج اليه النظام الشمولي.."(289)
عشر سنين والصهاينة يعتدون على مواقع الفلسطينيين ويقتلون بانتظار ان تستدرج العرب الى عنف مضاد وتزعم انهم يدافعون عن النفس. نجحوا في استفزاز بعض الفلسطينيين الى الصدام المسلح، ومن ثم باتوا يسوغون كل عدوان أقدمت عليه الدولة الصهيونية دفاعا عن النفس.
خلال تشكل المجتمع الصهيوني في كنف الانتداب البريطاني أخفى هدفه الاستراتيجي؛ وما إن كسب موافقة الأمم المتحدة حتى أشهر هدف اجتثاث الفلسطينيين من ديارهم. تنبه لهذه الغاية عصبة التحرر الوطني الفلسطينية وراحت تحذر ان المشكلة لم تعد في خطر التقسيم، بل في خطر تدمير المجتمع الفلسطيني وتهجيره؛ وهذا الخطر يتطلب وقف العمليات التي تنطلق منها المجازر ضد الفلسطينيين ودفعهم الى الرحيل الجماعي.
مرة قال إيهود باراك، وهو يشغل منصب رئيس وزراء إسرائيل: لو كنت فلسطينيا لانضممت الى الإرهاب.
ومعبرا عن دخيلة كل فرد بالدولة الوليد قال بن غوريون عام 1956: "لماذا يجب على العرب أن يصنعوا السلام؟ لو كنت زعيماً عربياً لما عقدت أي اتفاقات مع إسرائيل. وهذا أمر طبيعي: لقد سرقنا بلادهم”.
وفي إحدى خطبه قال موشي دايان: نحن نحرث أراضيهم أمام أعينهم.
طبيعي ان الأقوال لو عبرت عن صحوة ضمير لحدث تراجع عن السرقة وتحول عن نهج الإرهاب؛ إنما تعبر الأقوال عن نهج صممت الصهيونية على اتباعه ويراد له ان يكون محور العلاقات الإثنية بالمنطقة.. ملابسات انطوت على جريمة سوف تمضي مع الزمن وتنسى. "الكبار يموتون والصغار ينسون".
"الله وحده هو الذي كان يستطيع أن يخلق شعباً مميزاً مثل الشعب اليهودي.”، كتب جدعون ليفي مستهجنا غطرسة الشعور بالقوة وفي نفس الوقت يساق كالنعاج الى مسلخ المغامرات الحربية ضد شعوب المنطقة، طبقل لقول ماركس "إن شعبا يضطهد شعبا آخر لايكون حرا". مجتمع يعميه الحقد العنصري، تتحكم به الصهيونية من خلال نظام تربوي يضخ في النفوس والعقول التعصب القومي وكراهية العرب، ونظام إعلامي يخضع للمراقبة والإشراف كما لاحظ تقرير مخابراتي بريطاني. حتى لو ان الصهاينة حقا أعادوا بناء دولة قديمة ، كما يزعمون، فالقانون الدولي يجرّم إلحاق أي ضرر بسكان البلاد المقيمين.
"البريطانيون والأميركيون كانوا واثقين ان خروج بريطانيا من فلسطين سينتج عنه انشاء دولة يهودية ليس وفق قرار التقسيم، بل وفق مساحة الأراضي التي ستتمكن الميليشيا الصهيونية من السيطرة عليها بالقوة. (21 ) أجل كانت الدولتان الامبرياليتان واثقتين ومطلعتين ومتواطئتين معجبتين ب " إقدام " الصهاينة في انتهاك القيم والقوانين والاتفاقيات ، تماما على غرار الامبرياليين في تصرفاتهم تجاه الشعوب المضطَهَدة.
"دقت الصحفية والمراسلة الحربية بجريدة نيويورك تايمز، أن مكورمك، جرس الموت لفكرة الدولتين في مقال نشرته في منتصف يناير 1949، وذلك لأن اسرائيل تخطت خط التقسيم. قالت ان فلسطين لم تعد موجودة..
."يجب أن نستعد للانتقال إلى الهجوم. هدفنا هو تحطيم لبنان وشرق الأردن وسوريا. نقطة الضعف هي لبنان، فالنظام الإسلامي مصطنع ومن السهل علينا تقويضه. سنقيم دولة مسيحية هناك، وبعد ذلك سنسحق الفيلق العربي، ونقضي على شرق الأردن؛ سوريا ستسقط في أيدينا. ثم نقصف ونتقدم ونحتل بورسعيد والإسكندرية وسيناء” -ديفيد بن غوريون مايو 1948
.." تكشف تقارير المخابرات البريطانية التي يعود تاريخها الى منتصف ديسمبر ان البريطانيين أنفسهم اعترفوا بعد وقت قصير من التصويت على التقسيم بان وعد الأمم المتحدة بإنشاء دولة فلسطينية كان من قبيل الخداع. وفي تقرير آخر بعد مرور أسبوعين على قرار التقسيم ورد ان "الدولة الفلسطينية الموعودة لن تظهر الى الوجود وانه " لا يبدو ان دولة عربية فلسطينية سيكون لها كيان"(278)
وبعد إعلان الدولة الصهيونية " اعادت المخابرات المركزية تحذيراتها من ’ تزايد التصلب الإسرائيلي‘ وتنامي الشعور بالاكتفاء الذاتي والثقة بالنفس لدى الإسرائيليين، وهو ما يشي باستعدادهم أخذ زمام الأمور بأيديهم من دون التزام بقوانين الأمم المتحدة‘، لا بل ان الدولة الجديدة بدأت تعد الأمم المتحدة مصدر إزعاج "يمنعها من التوسع". (302)
صدر في إسرائيل عفو افرج عن جميع المعتقلين، بمن فيهم المتهمون باغتيال برنادوت مثالان مبكران على القوة غير العادية التي تكتسبها هذه الدولة. قال شاريت ، وكان عضوا بالكنيست، ان اراضي إسرائيل ستتحدد بما هو في قبضتها"، وليس بقرار التقسيم او أي خط ’آخر. ( قدرت قيمة الأراضي العربية المسروقة ب50 مليون جنيه فلسطيني (يعادل الإسترليني) وما سرق من اموال بين 4و5 ملايين اشترطت، قرنت إسرائيل إرجاعها لأصحابها بتعويضبتع ويض اليهود المهجرين من الأقطار العربية.(329)
علقت الإيكونوميست على اغتيال لورد موين بالقاهرة(نوفمبر 1944) ،" يمثل قتله صلب المشكلة الراهنة التي تتمثل في ان الصهاينة الذين تدعمهم أميركا، يريدون فلسطين كلها، وأن اي شخص يعرض عليهم ما هو أقل من ذلك يعد عدوا لهم."(73)
تعمد الصحيفة البريطانية ذكر الدعم الأميركي دليل امتعاض من أطماع أميركية في مستعمرات بريطانيا، أخذت تتكشف للعلن.
الوقائع عديدة في هذا السياق، بحيث وجد من الضروري لاستعراض البعض منها تخصيص حلقتين لفصل جرائم إسرائيلية اقترفت حيث غابت المساءلة والمحاسبة، تلاعبت إسرائيل بالأمم المتحدة وبالقانون الدولي الإنساني تحت الحماية الأميركية.
ذكر كننغهام (المندوب السامي) في برقية ارسلها في ذلك الشهر ان الهاغانا مسؤولة عن هجمات على القرى العربية نتجت عنها وفيات كثيرة جدا ودمار ممتلكات... بكلمات أحد افراد الفرقة الجوية السادسة "تشن هجمات بالغة الفظاعة على القرويين العرب، ولم تكن تميز بين امرأة وطفل عندما تلوح الفرصة للقتل"(280)
نشرت نيويورك تايمز عن مجزرة قرية الخصاص (18/12/1947) انه سحب من تحت الأنقاض15 جثة منها خمس جثث أطفال. تم طرد بقية السكان في وقت لاحق(279)
استمرت عمليات الطرد من عسقلان وقرى الجنوب وقرى الشمال
بعد ان أصدر بن غوريون امرا بطرد من بقوا احياء بدوا "أشبه باليهود المهجرين وهم يمشون من المانيا " كان الفلسطينيون يقتلون للتسلية لأن مشاهدتهم وهم يجبرون على المشي "مملة" ... كانت هناك بقرة تركض وكان هناك شخص يلاحقها فأطلقت النيران عليهما معا". كان الاغتصاب يرافق التطهير العرقي. وقد وثق المؤرخ بني مورس12 حالة اغتصاب لفتيات من قبل الجيش عام 1948، وكتب بابه ان بن غوريون كان مطلعا على الأمر. كان الجنود يقتلون الفتيات المغتصبات مع اسرهن، ولذلك سجل القليل من الحالات. (292)
أورد بابه في كتابه "التطهير العرقي في فلسطين" حالات من القتل والاغتصاب أثناء العمليات العسكرية للميليشيات في منطقة الجليل. وفي روايته "باب الشمس" تطرق الياس خوري الى حوادث القتل الجماعي في قرى الجليل.
الواجهة الحضارية التي بشر بها هيرتزل جاءت حقا لواجهة الرأسمالية الاحتكارية نصبت نفسها قرصانا متجولا ينشر القتل الجماعي في الهند وإيران وجنوب إفريقيا والجزائر وتشيلي والبرازيل وعشرات البلدان في قارات آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية.
من موبقات الحضارة الوافدة حسب البشارة الصهيونية، جريمة بينت ان الانحطاط الخلقي ليس له قاع . في 22اغسطس 1949 اختطف الجنود الإسرائيليون فتاة بدوية عروها تحت ماسورة مياه وغسلوها بالصابون ثم اغتصبها جنود ثلاثة. بعد وجبة يوم السبت امر قائد المجموعة بقص شعرها وغسلوا ما تبقى منه بالكاز وعرضت عارية امام الجنود تحت ماسورة مياه ثم اغتصبت لمدة ثلاثة ايام فقدت الوعي خلالها ثم امر القائد التناوب على اغتصابها، مجموعة أ في يوم ومجموعة ب في اليوم التالي ومجموعة ج في اليوم الثالث، وهكذا. حفروا قبرها على مرأى منها قبل ان يطلقوا النار عليها.
عادت الجريمة النكراء الى الظهور عام 2003 في الصحف، خطأ يؤسف له من أخطاء الدولة الوليدة!! لكن منظمة البالماخ اشتهرت بحوادث الاغتصاب والقتل الجماعيين استشهد الجنود بكون الضباط المثقفين "شديدي الرغبة بالمشاركة في هذه الجرائم البشعة". (332)
أوصى آلون جنوده البالماخ بموافقة بن غوريون باستعمال الفؤوس بدل البنادق كلما كان ذلك ممكنا "كيلا يسمع" الموجودون في مراكز الشرطة البريطانية. كانت الأوامر تقضي "أن لا يتركوا أثرا"(291)
في15 آب/أغسطس اسرت دورية امرأة فلسطينية تبلغ من العمر 26 عاما اتهمت بقطف فاكهة من بستان على الجانب الإسرائيلي من خط الهدنة، والبستان ملك لعائلتها. اخذت الى مركز الشرطة، حيث اغتصبها أربعة من رجال الشرطة. وعندما أكد الصليب الأحمر ووكالة الغوث التهمة، عمدت إسرائيل الى التزوير واتهمت الصليب الأحمر بنشر أخبار ودعاية مناهضة لإسرائيل ودعت الى طرد ممثل الصليب الأحمر"(333)
اتهمت مذكرة عربية ردا على مذكرة الوكالة الصهاينة ب" إنشاء مختبرات الحرب الجرثومية"، وثبتت صحة التهمة؛ فمختبر بن غوريون العلمي المسمى " الفيلق العلمي التابع للهاغانا" مكن جيوشه من تلويث الأبار ومحطات المياه العربية بجراثيم الزحار والتيفوئيد في عكا وغزة، وهناك القي القبض على الفاعليْن في 27مايو / أيار وسلما الى المصريين(290).
ثم حدثت مجزرة الدوايمة قضاء الخليل في 28 اكتوبر، وتعد مع مجزرة دير ياسين الرمز للوحشية العنصرية. لكن مذبحة الدوايمة من إخراج الكتيبة 89 للجيش، عد إعلان الدوزلة، قتلوا في الشوارع وداخل البيوت وفي الجامع وداخل كهف هرب اليه عدد كبير. صرع مئات القتلى بينهم 175 امرأة وطفل.
وفي 29 أكتوبر جاء دور قرية الصفصاف بالجليل، اول قرية تسوى بالأرض فيما عرف بعملية حيرام، رغم انها بقيت سرية حتى الأنن إلا ان ضابطا افاد ان اهالي القرية رفعوا اعلاما بيضاء. ربط 52 رجلا وقتلوا رميا بالرصاص، وجرى اغتصابات بين النساء قتلن على الفور. (307)
حدثت إبادة جماعية لسكان القريتين، عيلبون والفراضية.بعد ان قتلوا ثلاثين شخصا حملوا الباقين على السير. وفي قرية صالحة حمل السكان الرايات البيضاء لكن قتل منهم 60-70 رجلا.
تحدث ضابط مخابرات إسرائيلي، في منتصف عام 1949 عن "مئات الفلسطينيين حاولوا العودة الى قراهم في الجليل الغربي (منطقة مخصصة لدولة فلسطين) فاعتقلوا و"جرت تصفيتهم بأوامر عسكرية “بعد ربطهم بالأشجار وإطلاق النار على رؤوسهم، وهي إحدى طرق التصفية الموثقة ... وتبين للمؤرخ بني موريس لدى دراسته للأرشيف الصهيوني المفرج عنه أن "الجنود الإسرائيليين اعتادوا ضرب المتسللين المقبوض عليهم وتعذيبهم واغتصابهم أحيانا ثم قتلهم" . ساد الاعتقاد ان "حياة العربي رخيصة"، وبذا لم يتم التحقيق في اي من هذه التصرفات. (331)
فصلت قلقيلية (وهذا مثال) عن بياراتها وبساتينها. يقتل الكثيرون أثناء "تسللهم" لقطف ثمار اراضيهم، أو لنقل مخزون الحبوب الذي تركوه ، وحتى اخذ اموال تركوها على أمل العودة سريعا. كان يطلق عليهم الرصاص بدون استجواب. (319)
في حيفا اقتحم الجنود أحياء سكنية لغير اليهود، وفتشوها بيتا بيتا؛ أخرجوا سكانها منها بالقوة. اضطر الكثيرون للجوء الى الكهوف والأكواخ. حتى وجود المراقبين الدوليين لم يكفل حمايتهم من الاعتقال ووضعهم في مناطق محاطة بالأسلاك الشائكة لنهب بيوتهم (سلب اليهود مشغولاتهم الذهبية ونقودهم وفقا لما جاء في تقرير لشاهد من شهود الأمم المتحدة) قبل إجبارهم على تجاوز خط الهدنة.(320)
يتبع لطفا
ت