أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الأنتصار .














المزيد.....

مقامة الأنتصار .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8176 - 2024 / 11 / 29 - 17:01
المحور: الادب والفن
    


مقامة الأنتصار :

قال الجاحظ : (( ولعمري إنّ العيون لتخطئ , وإنّ الحواسّ لتكذب , وما الحكم القاطع إلاّ للعقل )) , وقد قيل من قديم , إن الحقيقة أولى ضحايا الحروب , ونحن نرى بأم أعيننا ان البلاد تحترق , وجودها يحترق , تاريخها يحترق , والمتظاهرون يهتفون للرماد , ولن ينفع غِنى اللغة العربية في اكتشاف مفردات تُحوِّل الهزيمة مكتملة الأركان إلى انتصار مجيد , وهكذا أصبح الهراء يملأ الأرجاء , والغريب انه في زمن الهزائم , وفي صباح ألأندحار نجد معظم القصائد في الانتصار.

(( كنتُ عن ليلهم أنوي الرحيل/ ولكنَّ الصباحات مذ أبصرتُ/ عمياءُ )) ,منذ 7 كتوبر 2023 وأنا أُتابعُ (يومياً) عشرات البيانات ومحللين وهم يدلون بوجهات نظرهم عن الحرب الحالية , وأقوم فى كل مرة بعمل تحليل لغوي وثقافي لما يقولونه , والخلاصة أن كلامهم جميعاً يقول أن عقليتهم هى خلطة من : الإسلاموية/العروبة/الكراهية والبعد الكامل عن التفكير العلمي , وفي هذا يقول أبو حيان التوحيدي عن ولوع العرب بالكلام : وُلوعهم بالكلام أشدُّ من وُلُوعهم بأي شيء , وكُلّ ولوعٍ لهم بعد الكلام فإنمّا كان بالكلام , وهو ما ذهب اليه المفكر عبد الله القصيمي حين قال: يحسبون أن كلّ ما قالوه فعلوه .

إيران عائدة إلينا من بلاد فارس , حاملة راية فلسطين التي لا نقاش فيها , وإسرائيل تحمل شعارها الأزلي : زرع الموت بحثاً عن الوجود والحياة , وهؤلاء الذين انغمسوا في عالم من صنع خيالهم , ولو تخلّوا عنه فإنهم يتخلّون عن معنى حياتهم التي صُرفت في هذا العالم الافتراضي , تصبح الخرائب والمقاتل والتهجير والسواد والدمار والجوع والخوف , محسوبة في خانة الانتصار, و ﻻ يدري أحد متى يجيء دوره , ليهوى النبوت على رأسه كما جاء في رواية الحرافيش لنجيب محفوظ.

خرجت نظريات كثيرة في القرن الماضي في العلوم والمعرفة , ومازالت تتسابق في قرننا الحالي , فقد وضع الغرب نظريات هامة وأعطوها صفة (نظريات علمية) مثل نظرية التطور التي لانشتريها نحن العرب بفلس , ونظرية التحليل النفسي التي لاتساوي عندنا فرنك , ونظرية الكوانتم في الفيزياء التي أيضاً لاتساوي عندنا ثمن ورقها , أما الإنفجار العظيم فهي لاتضر ولاتنفع , ونستغرب من هؤلاء الناس الذين يضيّعون وقتهم في مسآئل كهذه , أما نحن العرب فقد تركزت نظرياتنا على مسائل بشرية ملحّة وتعالج قضايانا وحياتنا اليومية , فغاليبة نظرياتنا انصبت على مقارعة الإستعمار والإمبريالية والصهيونية والصليبين الأوغاد , وتمددت هذه النظريات التي شملت كيفية الحرب الخاطفة على الكيان الصهيوني وطرده ثم رميه في البحر, (( وخداع نفسك أشد وأقسى..من خداع الآخرين لك)) .

وقل تبت يدا الكراسي المؤدينة بالعجب , وبعيداً عن تفاصيل الأخبار ودقائق الأنباء , في مجالنا العربي , وصعوداً لكليات الأمور ومعاقد الأفكار وجواهر العناوين , سنجد أننا ما زلنا نناقش نفس الذي ناقشه أسلافنا قبل قرن تقريباً , وفي قوانين الحياة عندما تكون قوة المكابح اقوى من قوة الدفع فأننا سنبقى في الزمان ذاته , وأسفي اننا ما نزال لا نجيد فن الدعاية , واسفي اننا نجيد هضم الثقافة لكننا لا نجيد فن التثقيف , واسفي اننا ما زلنا قافلين على ايديولجيات الخمسينات , ولانزال كما ورد في هذا النص ((وهما يتضاحكان على شرّ البليةِ يقول الأعمى لصاحبهِ الأصمّ , دعنا ننتظر ونرى)) .

تكمن خطورة تقديس الكذب أن يصبح الانسان الذى يخفى الحقيقة انسانا لا غبار عليه , طبيعيا تماما متحدثا باسم الفطرة البشرية , ينال كل الترحيب والاستحسان والامتيازات والترويج , لا عيب فيه ولا نقص وهو المناسب تماما للحياة , ويغيب عنا ان اخفاء الحقيقة أو الكذب مثل البحر المالح , كلما شربنا منه , كلما ازددنا عطشا , يقول سيجموند فرويد :(( أعترف بعد الخبرة العميقة والطويلة للنفس البشرية , أننى فشلت فى معرفة كيف يستطيع البشر التعايش مع كل تلك الأكاذيب )) , وأنا أعتقد أن الداء المزمن ليس الكذب , ولكنه يكمن فى تبرير و تمجيد و تقديس الكذب , وتسميته بمسميات تخفيه .

أن خطأ الإصرار على خطيئة النصر المزعوم , وإنكار واقع يقر بوقوع هزيمة نكراء , ولكنه ليس انتصارا حتى وفق المنطق الذي يسقط الاعتبارات الإنسانية , وشرط الانتصار هو أن يكون الكسب فيه أثمن من الخسارة المفجعة التي ألمت بالأهلين , فما هو هذا الكسب؟ حِين نَقرَأ نرى الأعينَ حفراً يملؤها الدمعُ في النصوص , وحِين نَكْتبُ , نخرجُ من ثيابنا محترقينَ رماداً لتَدْوينِ عظائم الأساطير في الخَراب و مُشتَقّاتهِ , يا لَها منْ لُغةٍ مُعَقَّدةٍ , كلُّ جُمْلةٍ بقلبٍ وعقلٍ وقبرٍ وتضاريس لسِّباحَةِ التماسِيح , والإعلام السائد في بلاد العُرب أوطاني والذي لا يشبهه إعلام , يصر على قاعدة كل شيء أو لا شيء, فيفوز باللاشيء.

الإعلام إظلام وإيهام وإجرام , الإعلام سوح وحوش متعاوية , وغاب إحتدام ما بين الضواري السابغة الشرسة , الصائلة على فرائسها بعدوانية سافرة وقسوة ظافرة , هاهي ستارة الختام تهبط عليك لتقول لك مواسيةً أحلامك : هذا وطن حزين , كان حرف العالم العربي, وحرفته , وبهجته , وجماله , وسحره , وغدَا الآن حزننا الذي نخجل منه .

(( دون كيشوت: ألا تظنُ إن المرءَ , متى ما أصبح طيراً سيرتاحُ يا سانشو ؟
سانشو: وكيف يرتاحُ طيرٌ , وكلُّ البنادق مُصوِّبة عليه يا سيدي الدون؟! )) .


صباح الزهيري .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة المرأة .
- مقامة الفراك .
- مقامة الغلطة .
- مقامة خطار .
- مقامة المعروف والمنكر .
- مقامة غمار الأشواق .
- مقامة السلح .
- مقامة الربا في الحب .
- مقامة الزوجات .
- مقامة لا تضيعوه .
- مقامة الغراب .
- مقامة الشتاء .
- مقامة ياحسافة .
- مقامة المكتوب والعنوان .
- مقامة واها .
- مقامة الحساد .
- مقامة رهان الواثقين .
- مقامة وجع بغداد .
- مقامة ذاكرة الخشب .
- مقامة امنيات مظفر الثلاث .


المزيد.....




- دوين جونسون يكشف عن ارتدائه بدلة جسم في فيلم -موانا-
- فلسطين تلهم فنانا ثمانينيا لإقامة معرض يجسد نضال غزة
- السرد المزدوج بين عمر وغابرييل.. رواية جون وايت -غزة: هذه ال ...
- بريطانيا.. القبض على نجمة -نتفلكس- بتهمة تهريب 40 كغ من المخ ...
- المرآة تتصدر قائمة أفضل الكتب مبيعًا في نيويورك تايمز
- فلسطينيون في شمال قطاع غزة: نعيش -فيلم رعب حقيقيا-
- -كُتاب المغرب-يستنكر -التشويش-على عقد مؤتمره الوطني الاستثنا ...
- في اليابان.. الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان يعزز جسور التباد ...
- “سجل الآن“ اعلان توظيف وزارة الثقافة والفنون 2024 بالجزائر و ...
- الحب كحلم بعيد المنال.. رواية -ثلاثية- لأديب نوبل يون فوسه


المزيد.....

- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الأنتصار .