محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)
الحوار المتمدن-العدد: 8176 - 2024 / 11 / 29 - 09:33
المحور:
الادب والفن
يا طائرَ السنونو، سلاماً !
تغِيبُ عني كثيراً، كأنَّ الغيابَ قدرٌ حتميٌّ بيننا، فأجدُ نفسي أكتبُ إليك.
هل تعلمُ كم هو قاسٍ أن تنتظرَ شيئاً لن يأتي؟
أن تمدَّ يدَك نحوَ السرابِ لتكتشفَ أنه لا يحملُ إلا مرارةَ الخيبةِ وطعمَ الخذلانِ؟
كنتَ ظلي، لكنَّكَ رحلتَ، وتركتني للذارياتِ وحيداً ألملمُ بقايا نفسي، أرتجفُ في مواجهةِ فراغِك، وأتوهُ في سؤالٍ لا إجابةَ له: لماذا؟ لماذا الرحيلُ؟ لماذا الغيابُ دونَ وداعٍ؟
أعترفُ، كنتُ مخطئاً حين راهَنتُ على عودتِك، حين صدَّقتُ أكاذيبَ الأملِ، وأغمضتُ عينيَّ عن حقيقةِ غيابِك. كنتُ أنتظركَ بكلِّ نبضٍ في قلبي، أقتلُ الوقتَ بحكاياتٍ نسجتُها من خيالي، أرسمُ صورتَك في عينيَّ الموجوعَتينِ، وأقنعُ نفسي أنك ستعودُ. لكنَّكَ كنتَ بعيداً !
لا ألومُك، فاللومُ لا يليقُ إلا بمن يحملُ في قلبه بقايا وفاءٍ.
لكن، هل فكَّرتَ يوماً في مشاعرِ من كان ينتظرك؟
يا طائرَ السنونو، تركتني أسيراً لذكراك، لأطيافِك التي تطاردني في كلِّ زاويةٍ. لم يعدْ في قلبي متسعٌ للأملِ، فقد ضاقَ بالألمِ حتى اختنقَ.
لم يعدْ الانتظارُ يُجدي، ولا الأملُ يشفي، ولا الذكرى تخففُ من وطأةِ الغيابِ. ربما آنَ الأوانُ أن أستسلمَ، أن أطلقَ سراحَك، أن أعترفَ بأنك لم تكن لي يوماً، ولن تكون.
يا طائرَ السنونو...
وداعاً أيها الطائرُ الذي خذلني، أيها الحلمُ الذي أجهضتهُ قسوةُ الواقعِ.
وداعاً...
حلقْ بعيداً في سمائك العاليةِ، أما أنا، فسأبقى هنا، مكسوراً، منكسِراً، على أرصفةِ الخذلانِ أنتظرُ شيئاً لن يعودَ أبداً، وأتعلمُ كيف أُصادقُ النسيانَ.
#محمود_كلّم (هاشتاغ)
Mahmoud_Kallam#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟