شكري شيخاني
الحوار المتمدن-العدد: 8170 - 2024 / 11 / 23 - 15:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قبل قرابة قرن من الآن، كانت كوريا الموحدة وقتئذ قد شهدت مناخات وتحولات داخلية شبيهة بهذه، تضافرت مع ظروف وأشكال تنافس دولية وإقليمية محيطة بها، وأدت في المحصلة إلى انقسام جغرافي وسياسي تاريخي أصاب شبه الجزيرة الكورية. وما استطاعت كل الدعاية وكامل التأريخ الرسمي والخطابي للدولتين الكوريتين، طوال أكثر من قرن كامل، تقديم تفسير ووعي لأسباب ذلك الانقسام الجذري الذي أصاب الشعب الكوري الواحد، دون الرجوع إلى الجذور الأولية والتأسيسية لما جرى. فليس صحيحا كما تدعي كوريا الشمالية منذ عقود، أن شريكتها الجنوبية "مجرد مشروع إمبريالي"، وبعيد عن الدقة قول هذه الأخيرة إن مشكلة الشمال متأتية من "النظام الديكتاتوري" فحسب.
في سياق وتفاصيل شبيهة بـ"الحكاية السورية"، قامت ثورة فلاحية في جنوب مملكة كوريا في أواخر القرن التاسع عشر، مناهضة لآخر أباطرة مملكة جوسون الكورية، التي دام حكمها الاستبدادي أكثر من خمسة قرون، عزلت خلالها كوريا والكوريين عن العالم الخارجي وتحولاته، وأرادت خلال آخر قرنين من عمرها الاستمرار في الحُكم لعبا على توازنات القوى الكبرى المحيطة بها، اليابان والصين وروسيا، وفي مرحلة لاحقة بريطانيا وفرنسا الاستعماريتين.
طلب المنتفضون الجنوبيون الدعم من الصين، وحين تدخلت هذه الأخيرة اصطدمت مع اليابان، التي اعتبرت تدخل الصين مسا بالتوازن الإقليمي، وحدثت حرب طاحنة بين اليابان والصين في صيف العام 1894، بأدوات كورية، قتل الجيشان الياباني والكوري خلالها عشرات الآلاف من سكان الجنوب، ودمرا أغلبية القرى والبيئة الزراعية هناك. انتهت الحرب بعد عام، هيمنت اليابان على كوريا، ووقعت الصين "معاهدة شيمونوسيكي"، والتزمت بعدم دعم المتمردين الكوريين.
#شكري_شيخاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟