وسام جوهر
الحوار المتمدن-العدد: 1783 - 2007 / 1 / 2 - 07:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حسب المعلومات الواردة من الجهات الرسمية تم اعدام صدام حسين صبيحة فجر اليوم السبت المصادف 30/12/2006 وتزامنا مع اليوم الاول من عيد الاضحى المبارك.
بطبيعة الحال ينتهي مع اعدام صدام حسين و الى الابد مرحلة من نظام حكم شمولي و استبدادي و فردي قلٌما عرف التاريخ له مثيل. لقد كان بطش و قساوة النظام الصدامي لايترك عراقيا دون نصيب بما في ذلك اقرب المقربين اليه و الذين دفعوا به الى قمة الهرم الحزبي و الاداري, بل لم يسلم حتى افراد عائلته من بطشه و قساوته.
أذا كان صدام قد سقط رسميا يوم التاسع من نيسان عام 2003 عند دخول قوات الاحتلال الامريكية ارى انه في الحقيقة سقط قبل ذلك, يوم خان ثقة الشعب العراقي فيه بل سقط اكثر من مرة دون ان يملك الحد الادنى من عزة النفس ولم ينتهز يوما اية فرصة لانقاذ ما تبقى من الذات و احترام النفس. بطبيعة الحال سجله مليء بالقتل و التنكيل لكافة شرائح المجتمع العراقي من العرب و الاكراد و التركمان و الايزيدية و الشبك و المسيحين و غيرهم.
اقحم هذا الرجل العراق في حرب طائشة مع ايران لمدة 8 سنوات راح ضحيتها قرابة المليون من البشر و انتهت الحرب دون تحقيق اي هدف. كان عليه ان يتنحى جانبا او ينتحر ان كان عسكريا حقا!!! بدلا من ذلك ذهب كعادته يفسر الهزيمة بالنصر!! زج العراق على اثر مغامرة الدخول الى الكويت في اتون حرب طاحنة مع الولايات المتحدة الامريكية انتهت بذبح شباب العراق بشكل ينافي كافة الاعراف و القيم الدولية في الحروب حيث راينا كيف ان القوات الامريكية المتفوقة عددا و عدة تلتقط خيرة شبابنا الفارين و المنسحبين من ارض المعركة بشكل يشبه لعبات التسلية على اجهزة اللعب الاليكترونية دون ان يتحرك لقادة الامريكان ضميرا!!
عندها سقط صدام مرة اخرى كسياسي و قائدا عسكريا و فقد تماما ما تبقى له من كرامة عندما لملم جيشه الخاص من الوية الحرس الجمهوري الذي لم يشترك بطبيعة الحال في الحرب بل كان يراقب الجيش العراقي المسكين من المواقع الخلفية لكي لا يترك المعركة, لقمع انتفاضة الشعب العراقي من الجنوب الى الشمال. مرة اخرى تشبث بالسلطة دون ادنى حياء أو خجل ومرة اخرى باتت اجهزته الاعلامية تسوٌقه على انه القائد و الفارس المغوار ليدمر ما تبقى من العراق من خلال عنجهيتة البعيدة عن كل اسس المنطق في تحدياته و مناوراته الصبيانية مع المجتمع الدولي الذي فرض حصارا مدمرا دام 13 سنة ذهب ضحيتها الالاف من الاطفال و النساء و الشيوخ بسبب تفشي امراض سوء التغذية و شحة المستلزمات الطبية بينما استمر الطاغية و زبانيته في عيشهم الرغيد في قصورهم الفخمة و اي سقوط هذا!
ظن و تامل العراقيون خيرا بعد دخول القوات الامريكية و سقوط تمثال الطاغية في ساحة الفردوس و كان امل العراقيين كبيرا في المعارضة السياسية انذاك و التي كانت في جلها تعيش خارج العراق.
في مقال سابق و بعنوان | العراق من الديكتاتورية الى الطائفية | تطرقنا الى ما الت اليه الامور من الانفلات الامني و الفساد الاداري و انتشار الجريمة المنظمة و التي تتمثل احيانا في كيانات سياسية تشترك في العملية السياسية.
الطائفية كالية لبناء العراق الجديد دفعت بالعراق الى الهاوية. تجدهم جميعا يتكلمون عن الوطنية و العراق بلسان مشطور فكل فريق يضع معايره الخاصة في تعريف الوطنية و العراقية!! للاسف الشديد ادت التناحرات السياسية الضيقة الافق و اللاغية للطرف الاخر الى انتشار الفوضى و عدم الاستقرار. قبل ايام حاول الفرقاء الرئيسيوون في العملية السياسية و بشكل هستيري الى عمل شيء ما يرضي الامريكان الذين باتوا لا يخفون غضبهم و عدم ارتياحهم من سير الامور و العملية السياسية في العراق بل شهرت امريكا عصا التاديب و التهديد في وجه قادة العراق الجدد. على اثر ذلك دعوا الى عقد مؤتمر المصالحة الوطنية و على عجالة تفضح للمبتدئ قبل الخبير ان الامر لم يهيء له بشكل مرضي بحيث اعترف المسؤولون بانهم لم يتحققوا من صدق هوية الجهات التي حضرت المؤتمر من طرف ما تسمى بالمقاومة او المعارضة. تسائل الشارع العراقي و بوجه حق مع من يا ترى كانوا يتصالحون؟؟؟ استمرت الانفجارات واستمرت الاختطافات الجماعية و استمرت اعمال الجريمة المنظمة خلال فترة انعقاد مؤتمر المصالحة الذي انعقد تحت التهديدات الامريكية و في ظل غياب ما يقارب 176 عضوا من اعضاء البرلمان العراقي البالغ عددهم 275 عضوا, جلهم بسبب اداء فرائض الحج. غياب هذا الكم الهائل و الغير المنطقي لاعضاء البرلمان أشلٌ البرلمان تماما اذ كان يفتقد النصاب القانوني لانعقاد جلساته في احرج الظروف. هذا هم سادة العراق الجدد الذين دشنوا نظاما سياسيا جديدا مبنيا على الطائفية المقيتة و المحاصصة الغريبة. وفي غمرة الهسترة التي اصابت القيادة السياسية الجديدة في العراق و ادراكها بانها على وشك فقدان زمام الامور وخوفها من الغضب الامريكي القادم وجدت هذه القيادة نفسها تفتش عن اي انجاز مهما كان بسيطا لاضافته الى سجل اعمالها الشحيحة فاذا بها ترتكب خطاْ اخر ليضاف الى سجل اخطائها الكثيرة و الكبيرة حينما اقدمت على تنفيذ حكم الاعدام بحق صدام حسين بسرعة و توقيت زمني غير موفق تماما. لسنا بصدد التشكيك في عقوبة الاعدام وان كنا لا نؤمن بهذه العقوبة من حيث المبدئ لان هذه العقوبة لا تتناغم مع المجتمعات المدنية و المتحضرة. لماذا هذا الاستعجال الى درجة تنفيذه في اول يوم من ايام عيد مقدس؟ كنا حقيقة نتوقع من المسؤولين اظهار قدر من الانسانية و الخشوع لقدسية العيد. يبدوا لي هذه العجالة و هذا التوقيت الغير الموفق قد ادخلت صدام الى التاريخ من باب لم يكن يحلم به فاصبح اسمه مقرونا بهذا العيد و الى زمن طويل ربما الى الابد اضافة الى اثارة التسائلات الكثيرة و التي نرى المسؤولون ملزمين بالاجابة عليها...
هل تم هذا الاعدام و بهذا الاسلوب لجمع النقاط السياسية من خلال محاولة برز العضلات؟ هل فشلت شخصيات قيادية في تهدئة مشاعرها و تغلبت العواطف على العقل؟ هل كان هناك تعمدا في غلق ملفات اخرى جميعاه لاتقل اهمية عن ملف الدجيل ان لم تفقها مع الاحترام الشديد لجميع الضحايا؟ الم يكن هذا نوع من الاهانة و الاستخفاف بملفات حلبجة, الاكراد الفيليون, البارزانيون, الايزيدية, المسيحيون ...ال .. ال ؟؟؟؟ كم من الاسرار دفنت مع الطاغية؟ هل كان حقا تعطش الشعب العراقي الى دم صدام و غريزة الانتقام كبيرة الى هذه الدرجة بحيث خسرنا الكثير من المعلومات و الاستنتاجات التاريخية التي نحن بامس الحاجة في بناء مستقبل افضل. انني على يقين باننا في القريب القادم سنكتشف جسامة الاخطاء التي رافقت سير عملية محاكمة صدام التي لا يختلف عليها المنصفون و العقلاء بانها تعرضت الى ضغوطات سياسية نشم منها رائحة الانتقام و الاسراع في تنفيذ العقوبة المحددة مسبقا. أن الغالبية العظمى منا اردنا بدون شك اقسى انواع العقاب لجرائمه الشنيعة و لكن الاهم من ذلك كنا نتمنى ان تكون محاكمته فرصة و اسلوبا لاخذ العراق الى المستقبل الافضل من خلال القفز على جروح الماضي و من خلال كشف الحقائق و الدوافع و الاطراف المحلية و الدولية التي كانت لها ضلعا في هذه الجرائم . كل ذلك لاستخلاص الدروس و العبر و ربما لكشف المزيد من المجرمين. بنهاية صدام حسين يقلب العراق دون شك صفحة اخرى من صفحات تاريخه الماساوي املين ان يكون قادرا على فتح صفحة مشرقة و ان كانت الظروف و المستلزمات تثير الشكوك و القلق. بقي ان نتسائل ...مات صدام هل سيعيش العراق؟
#وسام_جوهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟