أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - رسائل الحنين إلى طائر الغياب!














المزيد.....

رسائل الحنين إلى طائر الغياب!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8170 - 2024 / 11 / 23 - 00:32
المحور: الادب والفن
    


يا طائر السنونو،
سلاماً...
أيها الطائرُ الحالمُ فوق سماء العمر، كيف أكتب إليك وأحرفي باتت كسيرةً مثلي؟
كيف أقاومُ موجةَ الشوق التي تجتاحني كلما رأيتُ ظلّ جناحيك يحوم بعيداً عني؟
كيف أخبرك أن روحي ما عادت تعرفُ الفرقَ بين الحياة والموت، بين النور والظلام؟
أأقول لك أنني أصبحتُ أطيافاً متناثرة في مهب الريح، تُركتُ في تقاطع الحنين والخوف؟
أم أنني سأظلّ أسأل نفسي كيف سمحتُ للحياة أن تسرق مني أجمل الأوقات؟

يا طائر السنونو،
لماذا صارَ الحُلمُ عبئاً ثقيلاً، والحقيقةُ كابوساً لا ينتهي؟
كيف لي أن أصبر، وصوتُ الانتظار قد بُحَّ في أعماقي، وأغاني العشق قد صدئت في قلبي؟
ألم ترَ أنني لم أعد سوى أطلالٍ لرجلٍ غرقَ في بحرٍ لا شطآنَ له؟
ألم تشعر بخواء الروح الذي تركه الوداع خلفه؟!

يا طائر السنونو،
كلما رفرفتَ بجناحيك في الأفق، كنتُ أرجو أن تحملَ إليّ رسالةً، خبراً، أو حتى رجاءً بأن القادمَ أجمل.
لكنّك تمرُّ فوقي بصمتٍ موجع، كأنك تسخرُ من أملٍ غبيٍّ يُقاوم انكساراتِ الحياة.
هل تعي كم تعذبني تلك اللحظات التي تمرُّ دون أن تعيرني التفاتة؟ هل فهمتَ كم أصبح قلبي يعاني في صمتك البعيد؟

يا طائرَ السنونو،
هل مللتَ التحليق في سماءٍ باتت خاليةً من النجوم؟ أم أنك أدركتَ أخيراً أن السماء، رغم آلامها، أقلُّ غدراً من أهل الأرض؟
كم كنتُ أظنُّ أن الطيور يمكنها أن تجد سماءً أوسع من هذه، حتى اكتشفتُ أن السماء نفسها قد صارت سجناً لا مفر منه.

يا طائر السنونو،
أين تذهبُ الشمسُ حين تُقرِّرُ الغياب؟
وأين أذهبُ أنا حينَ أفقدُ ظِلَّي؟
أخبرني، كيفَ يحتملُ البحرُ كلَّ هذا الشوقِ وهو يُعانقُ السفنَ التي لن تبقى؟
وكيفَ تحتملُ السماءُ نظراتِ العاشقين وهي تعرفُ أن أمانيهم ستذبلُ على أرصفةِ المستحيل؟

يا طائر السنونو،
كلما نظرتُ إليك، سألتُ نفسي: هل ما زال في العمرِ بقيةٌ لأُعيدَ بناء ما هدّمته يداي؟
هل ما زال في القلبِ نبضٌ كافٍ ليُسامحَ مَن أخطأتُ بحقهم؟
وهل يستحقُّ هذا العالمُ كلَّ هذا الحبّ الذي منحتُه؟
أم أنني أُهدره في دروبٍ لا تحمل سواي؟

يا طائر السنونو،
سلاماً عليك،
أراني أحدّق فيك اليوم كما لم أفعل من قبل، كأنني أبحث عن جوابٍ أضاعه العمر في دروب الذكريات.
أين كنتَ حين ضاق بي العالم، وحين خذلتني الأيام؟
أين كنتَ حين نسيتُ طعم الفرح، وحين صار الحنين ناراً تلتهم قلبي؟

يا طائر السنونو،
أخبرني، كيف تتحمل هذه الأجنحة الصغيرة أن تحمل كل هذا الحنين؟
وكيف تسافر إلى بلادٍ لا تعرفها دون أن تخشى التيه؟
أما أنا، فقد أرهقتني الأيام، وصارت المسافات أعدائي، أهرب منها إلى عزلةٍ تبتلعني كلما همستَ في أذني الرياح.
يا طائر السنونو،
أما زلت تذكر ذلك الضوء الذي كانت الشمس ترسمه في الأفق كل صباح؟
ذلك الضوء الذي كان يوهمنا أن الحياة ما زالت جميلة؟
أما أنا، فقد نسيت ملامح النهار، واعتدت الظلال، كأنني خلقتُ لأعيش في شقوق الليل.

يا طائر السنونو،
ألا يرهقك كل هذا التحليق؟ ألا تغريك الأرض ببعض الراحة؟
أما أنا، فقد قيدتني الأيام بسلاسل من حزن، وما عدتُ أملك جناحين يحررانني من هذه الأرض المثقلة بالألم.
علّمني، كيف تصنع السماء وطناً، وكيف تجد في الهواء أمناً لا يخونك؟

يا طائر السنونو،
لِمَ يبدو الأفق بعيداً إلى هذا الحد؟
هل لأننا لا نملك الشجاعة لنقترب منه، أم لأننا أخطأنا الطريق منذ البداية؟
كيف نجونا من عواصف العمر، وكيف كتب علينا أن نعيش وسط هذا الخراب؟
هل كنا نعلم أن خسائرنا ستكون بهذا العمق؟

يا طائر السنونو،
أغمض عينيك وأخبرني، هل ترى كما أرى؟
أرى أمانيّ معلقةً كقناديلَ انطفأت منذ زمن،
وأرى أحلاماً نائمة في غياهب النسيان.
فهل أخبرتك الرياح عني؟ هل وشت لك النجوم بشوقي الممزق؟

يا طائرَ السنونو،
وهل ما زال في العمرِ بقيةٌ،
لتدركَ أن الأشخاصَ الذينَ يستحقونَ كلَّ الحبّ والاهتمامِ قد هجرتَهم منذُ البداية؟
ألم يكن في قلبكَ مساحةٌ لهم، حين كان قلبهم مليئاً لك؟
ألم يكن في قلبك مكانٌ للكلمات التي لم تُقال، وللأوقات التي لم تُمنَح، وللحُب الذي لم يُعطَ؟
لقد كنتَ تظنُّ أن الأوقاتَ ستبقى، وأن الحُلمَ لا ينتهي،
وأن العتابَ يمكن تأجيله، وأن الحبَّ لا يحتاج وقتاً ليُحفظ.
لكنَّك اليومَ تدركُ أن الوقتَ يمرُّ بلا رحمة، وأن الذين كانوا هنا،
باتوا في الذاكرة فقط، كأحلامٍ ماتت قبل أن تُكتب.
لكن هل يحقُّ لكَ الآن أن تنقضَّ على تلك اللحظات الضائعة،
وأن تعود إلى ما مضى وتطالب بالفرصة؟
أم أن السكوتَ هو الخيارُ الأجدر؟
وفي ظل هذا الصمت، تبقى الأسئلة معلقة:
هل فاتتكَ الحياةُ أم أنكَ من تسرَّبَ منها بيديك؟

يا طائرَ السنونو،
لن تُعاد الأيام التي غادرت، ولن تُسترجع اللحظات التي ابتعدت.
لكنَّ الحياة، رغم قسوتها، تعلمنا أن كل شيء يحمل في طياته درساً.
لقد علمتنا الأيام أن الندم لا يعيد ما فات،
فالقلوب التي فقدناها قد رحلت،
لكن دروسها ستظل حية فينا، تغذي روحنا وتوجه خطواتنا القادمة.
فلنحتفظ بذكراهم كعلامات على الطريق،
ولنستمر في السير،
لأن الأيام لا تعود.

يا طائر السنونو،
سلاماً عليك، وأنت تحلّق في سماء أحلامي التي ما عادت تعرف معنى الحقيقة.
وسلاماً عليّ، وأنا أكتبُ إليك كأنك مرآةٌ ترى في داخلي ما عجزتُ عن البوح به.

يا طائر السنونو،
سلاماً عليكَ وأنت تحملُ حكاياتنا إلى أفقٍ لا نراه،
وسلاماً عليّ أنا،
وأنا أحاولُ أن أكون شجاعاً في وجهِ هذا الخواء الذي يسكنني.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي: سلاح خفي في عالم ال ...
- محمد نايف المحمود (أبو عماد): أيقونة الوفاء والانتماء في تار ...
- الرياضيات في التشفير والاتصالات: درع الأمان للمقاومة الفلسطي ...
- الرياضيات في مواجهة الإعلام المضاد: استراتيجيات فعّالة لمكاف ...
- أهمية تعلم الرياضيات: بناء العقل وتعزيز المهارات الحياتية
- الرياضيات في تصنيع الأسلحة والمعدات: قوة الابتكار لدى المقاو ...
- الذكاء الاصطناعي: ثورة التكنولوجيا وتغيير مستقبل الإنسان
- الذكاء الاصطناعي في خدمة الاغتيالات: استهداف المقاومين في فل ...
- نور الأمل
- مرارة الخيبة والأمل المستحيل !
- مرارة الخيبة وألم الخذلان !
- مرارة الخيبة وطعم الخذلان !
- علي كلّم (أبو لافي)-2/2: مرارة الخيبة وطعم الخذلان!
- علي كلّم (أبو لافي) : مرارة الخيبة وطعم الخذلان !
- علي كلّم( أبو لافي): رمز الصمود الفلسطيني وحكاية نضال لا تنت ...
- الطب الشعبي عند عشيرة عرب السّمنيّة في قضاء عكا
- صقرٌ مِنَ بيريّا !!!
- صقرٌ مِنَ بيريّا
- 42 عاماً على مجزرة صبرا وشاتيلا !
- 42 عاماً على مجزرة صبرا وشاتيلا !!!


المزيد.....




- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود كلّم - رسائل الحنين إلى طائر الغياب!