اغتيالات قادة حزب الله ، وأزمة الاقتصاد العالمى 2008 .. والفارق فى ردود الأفعال


بشير صقر
2024 / 11 / 19 - 20:52     

تذخر الأدبيات السياسية فى بلدان العالم الفقيرة والنامية خلال القرن المنصرم بمئات الدروس والعبر عن ضرورة انتزاع الطبقات الشعبية لحرياتها السياسية والنقابية لممارسة حياتها بشكل طبيعى ودون منغصات ذات بال، علاوة على استخدام تلك الحريات سلاحا فى الكفاح للحصول علي حقوقها الأساسية.. من غذاء وإسكان وتعليم ورعاية صحية وثقافة ورياضة إلخ.

لذا تعمل الطبقات الحاكمةعلى تضييق الخناق عليها لحرمانها من تلك الأسلحة الحاسمة فى انتزاع الحقوق .

وهو ما يصدق على الطواغيت المحليين للطبقات الحاكمة فى بلدان العالم الثالث ؛ كما ينطبق عموما على المستعمرين وعلى كل أنظمة الإلحاق والتبعية والاستيطان والهيمنة فى قارات الأرض.

ومن هنا كان الصراع بين فقراء العالم و وحكامه ( أثريائه) ضاريا بشأن تلك الأسلحة بنفس المستوى الذى يدور به الصراع على الحقوق الأساسية للحياة.

لقد أثارت عمليات الاغتيال الأخيرة التى استهدفت الرئيس الإيرانى فى طائرته، ورئيس المكتب السياسى لحماس فى مقر ضيافته ، والأمين العام لحزب الله اللبنانى وخليفته وعدد من قادته العسكريين فى مخابئهم وآخرهم الشهيد محمد عفيف، علاوة على الآثار الناجمة عن تفجيرات شحنة الهواتف المحمولة المستوردة من أوربا للجنوب اللبنانى.. أثارت تساؤلات عديدة بشأن اوليات الاحتياطات الأمنية المتبعة فى التنظيمات السرية التى تمارس العمل المسلح ضد أشرس الأعداء وأكثرهم توحشا.

ولأن الكفاح ضد الأعداء لا يقتصر علي النضال السياسى السلمى ويتضمن الكفاح العنيف والمسلح فلا يمكن أن تمر تلك الأحداث علينا مرور الكرام.

بمعنى أن النضال من أجل انتزاع نقابة أو إقرار بحق التنظيم النقابى ، أو رفع أجور فئة من الفقراء عدة جنيهات ،أو الحصول علي إجازة مرضية مدفوعة الأجر يختلف عن مواجهة مستعمر يلحق شعبا بأكمله بهيمنته السياسية والاقتصادية، ويختلف أكثر عن مواجهة عدو يحتل أرض شعب آخر بالقوة بل ويطرده ويهجره منها، ويحل محله مستوطنين أجانب .

ومن ثم تحتاج المقاومة إلى مستوى واستعدادات مختلفة فى كل حالة من تلك الحالات التى عددناها فى الفقرة السابقة.

ونشير هنا إلى أن مسألة السرية فى العمل السياسى السلمى أو فى المقاومة المسلحة لمستعمر أو محتل استيطانى تمثل شرطا من شروط الكفاح سواء ضد الطواغيت المحليين فى ظل مناخ منعدم الحريات السياسية والنقابية أوضد مستعمر أو محتل استيطانى يستخدم العنف المسلح وسيلة لقمع شعب يقاوم.

ودور السرية هنا هو حماية الهيئات الحزبية من هجمات العدو، وإبعادها عن التواجد فى مرمى نيرانها . وهو ما لم يتوفر لمن تم اغتيالهم من السياسيين الإيرانيين والفلسطينيين واللبنانيين مؤخرا.

ولايمكن للعدو أن يتوصل إلى تلك الأسرار ويحصد ذلك النجاح دون القيام بعمليات بحث واستطلاع وتتبع واختراق للهيئات السياسية التى تعاديه.. ولايمكن له أن يتوصل إلى تلك الإنجازات إلا نتيجة إهمال أو تكاسل أوجهل أو تواكل القائمين علي إدارة وحماية تلك الهيئات.

لقد ساهم نجاح تلك الاغتيالات فى تذكيرنا بما جرى عام 2008 من تفجر للأزمة الاقتصادية العالمية والتى تجلت واضحة فى قطاع العقارات بالولايات المتحدة الأمريكية ،بالدرجة التى دفعت كبرى المجلات والصحف الغربية لوضع صورة كارل ماركس على أغلفتها لتدق جرس الخطر الذى أعلن عنه ماركس فى نبوئته التى قالها منذ مايزيد عن مائة عام بشأن انهيار النظام الرأسمالى العالمى بفعل أزمانه الدورية والتى تفجرت إحداها فى سبتمبر 2008.

لكن المفارقة بين الحدثين ( نجاح الاغتيالات وأزمة 2008 الاقتصادية العالمية) تتمثل فى تذكر الإعلام الرأسمالى لنبوءة ماركس ورد فعله السريع بشأنها وربما تصديقه لها ، ومن الجهة اأخرى ..حالة النعاس أو الاسترخاء التى واكبت وأعقبت عمليات الاغتيال.
وشتان الفارق,

19/11/2024 بشير صقر