الوعي الأمازيغي في مواجهة الإستلاب الإيديولوجي الإستعماري
كوسلا ابشن
2024 / 11 / 19 - 20:49
الوعي هو معرفة الواقع الموضوعي, معرفة ما هو خارج الذات, و يكون الوعي إنعكاس لهذا الواقع المادي, و ترابط الإثنين في علاقة جدلية.
الوعي الأمازيغي هو إدراك الأمازيغ, أنهم شعب تمازغا ( بلاد الأمازيغ), لهم تاريخ مستقل يمتد الى آلاف السنين قبل الزمن الظرفي للإحتلال العروبي, و لهم الحق الطبيعي و الشرعي في حق تقرير المصير و حكم بلادهم بأنفسهم.
الوعي الأمازيغي هو الإعتزاز بالهوية القومية للأمازيغ في النضال ضد إيديولوجية الإستلاب المتمثلة في العروبة الإستعمارية.
الدفاع عن القضية الأمازيغية, تستوجب إمتلاك الوعي الأمازيغي الصحيح في النضال و الكفاح ضد الوعي المغلوط و الإستلاب الإستعماري.
الوعي الأمازيغي, هو المنظور الصحيح للواقع الموضوعي و الفعل و النشاط الجمعي القائم على أساس إدراك الواقع المأساوي الذي يعيشه الشعب تحت الإحتلال و بلورة التكتيك الصحيح للدفاع عن مصالح الشعب إيمازيغن في بلادهم المحتلة. في ظل الواقع الإستعماري, تشتغل الآلة الإيديولوجية للنظام الكولونيالي لصناعة الوعي المزيف و المغلوط و إخضاع الشعب للإستلاب اليديولوجي و الثقافي, من خلال الزوايا السياسية و الدكاكين الخدماتية التجارية و المؤسسات السوسيو- ثقافوية و أوكار الدناسة. صناعة الوعي البربري المزيف يتم عبر النظم العقائدية سواء كانت "الماركسية" العربية أو الفكر الليبرالي أو الإيديولوجية الإسلامية. هذه العقائد كلها تنشط بفعالية لنشر الوعي المغلوط و إغتراب الذات في أوساط الشعب المحلي, لتمكين شرعنة النظام الكولونيالي و تمتين إيديولوجية العروبة الإستعمارية. من المؤكد ان بعض البربر تحت الإستلاب الإيديولوجي و الثقافي, و في غياب الوعي الأمازيغي و تحت تأثير الوعي المغلوط يعتقدون أن الإشتراكية الإفتراضية أو الدمقراطية الرأسمالية أو الإيمان الإسلامي, و كل طرف منهم يضن أن عقيدته حاملة البديل الصحيح للإصلاح السياسي و الإجتماعي, و طبعا ليس بديلا للإضطهاد القومي و الإجتماعي, الممارسان ضد الشعب الأمازيغي. من المؤسف حتى بعض الأمازيغ لا يميزون بين الوعي الصحيح و الوعي المزيف, بشعورهم الصادق في الدفاع عن حقوق الأمازيغ, لكن من منظور خاطئ بإعتقادهم أن القصر أو الدمقراطية العلوية, ستلغيان إنتهاكات حقوق الأمازيغ الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية و الثقافية و اللغوية و ستحقق العدالة للشعب الأمازيغي. القصر هو قائد النظام الكولونيالي, و تنازلاته الظرفية لا تحرر الشعب الأمازيغي و الدمقراطية الإستعمارية, دمقراطية مزيفة لا تلبي إلا مصالح الإستعمار و بيادقه.
لمواجهة الإيديولوجية الإستعمارية و الوعي المغلوط, على الجماهير الشعبية الامازيغية الإدراك الواعي للأسباب الموضوعية للإضطهاد القومي و الإنتهاكات الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية و الثقافية و اللغوية, ما سيؤدي بالضرورة لمعرفة الجوهر الإستعماري للنظام العلوي, و سيدركون بالوعي الصحيح أن العروبة المروجة في بلادهم, في حد ذاتها هوية إستعمارية, بدون عمق تاريخي و واقعي في بلاد الأمازيغ, بل هي إيديولوجية إستلابية قسرية, منتجة للوعي المزيف و المغلوط, بهدف شرعة الإحتلال بتزييف هوية الشعب و نهب خيرات و ثروات البلاد و الإستغلال الوحشي لليد العاملة و تفقير الكادحين.
وعي الأمازيغ بالإرتباط الجدلي بين واقعهم المأساوي و الوجود الإستعماري, سيوجه نضالهم و أفعالهم و نشاطهم في المسار الصحيح, و إدراك ضرورة أهمية الوعي التحرري الثوري في عملية الثورة التحررية. لقد أستغرق الزمن الكافي في توضيح للعالم أسباب الأوضاع المزرية التي يعيشها الشعب الأمازيغي, فقد آن الأوان الى تغيير هذا الواقع المزري, بالثورة على الإحتلال الإستطاني. قال ماركس:" لم يعمل الفلاسفة لحد الآن إلا على فهم العالم في الوقت الذي كان عليهم العمل على تغييره". إذا كان الوعي كبنية تعمل على التعرف على الواقع ( علاقة الذات بالواقع الموضوعي), فعلى الوعي الأمازيغي بتعرفه على الواقع المأساوي للشعب الأمازيغي, عليه الإدراك علاقته بإنتاج الوسائل الممكنة لتغيير هذا الواقع, ففعل الوعي الأمازيغي هو التحرر و التغيير و ليس مجرد المعرفة و التفسير.
الشباب الأمازيغي المسلح بالواعي الأمازيغي الصحيح سيدرك أن الإضطهاد القومي و الإجتماعي, ناتج عن الطابع الإستعماري للمخزن و أعوانه, و سيكون المحرك الفعلي لعملية الثورة التحررية المضادة للنظام الكولونيالي العروبي الآبارتهايدي المضطهد للشعب الأمازيغي و المحتل لأرضه تمازغا (بلاد الأمازيغ), و الثورة المؤدية الى الإستقلال الحقيقي و بناء الدولة الأمازيغية المستقلة.